وقولُه جل وعز: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾.
وتُقْرأُ "قَسِيَّةً".
والقاسية كما تقول: عَلِيَّةٌ، وعَالِيةٌ، وعَلِيٌّ، وعالٍ، بمعنىً واحدٍ.
والقولُ الآخر: معنى "قَسِيَّة" ليست بخالصة الإِيمان، أي فيها نفاقٌ.
قال أبو جعفر: وهذا قولٌ حسن لأنه يقال: درهمٌ قسِيٌ إذا كان مغشوشاً بنحاسٍ أو غيره.
قال أبو جعفر: وأولى ما فيه أن تكون "قسَّية" بمعنى قاسية، مثل زكيَّة وزاكية، إلاَّ أن فعيلة أبلغ من فاعلة، فالمعنى: جعلنا قلوبهم غليظةً، نابية عن الإِيمان، والتوفيق لطاعتي، لأن القوم لم يوصفوا بشيء من الإِيمان فتكون قلوبهم موصوفة، فإن إيمانها خالطه كفرٌ، كالدراهم القسية التي خالطها غشٌّ.
* ثم قال جل وعز ﴿يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾.
يجوز أن يكون معناه: يبدِّلون حروفه.
ويجوز أن يكون معناه: يتناولونه على غير معناه.
وقولُه جل وعز: ﴿وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ﴾.
فيه قولان:
أحدهما: قاله قتادةُ: قال: على خيانة.
وهذا جائزٌ في اللغة، ويكون مثل قولهم: "قائلة" بمعنى قيلولة.
والقولُ الآخر: قاله ابن أبي نجيح عن مجاهد، وهو أن هذا يُراد به اليهود الذين همُّوا بقتل النبي ﷺ، فيكون التقدير على هذا القول: على فرقةٍ خائنةٍ، ثم أقام مقام الموصوف.
{"ayah":"فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَـٰقَهُمۡ لَعَنَّـٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَـٰسِیَةࣰۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَاۤىِٕنَةࣲ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}