وقوله عز وجل: ﴿إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ﴾.
قال مجاهد: صاروا إلى "هلالِ بنِ عُوَيْمِرٍ" وكان بينه وبين النبي حِلفٌ.
وقال غيره: كان قومٌ يُوَادِعُوْنَ النبيَّ ﷺ ولا يُقَاتِلُوْنَهُ، فَأُمِرَ المسلمون أن لا يُقاتلوا من صار إليهم، وَاتَّصَلَ بهم، وَوَادَعَ كما وَادَعُوْا.
قال أبو عبيدة: معنى ﴿يَصِلُونَ﴾ يَنْتَسِبُوْنَ.
وهذا خطأُ لأن النبي ﷺ قَاتَلَ قُرَيْشَاً وهو أَنْسِبَاءُ المهاجرين الأولين.
* ثم قال جل وعز: ﴿أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾.
أي أو يَصِلُوْنَ إلى قوم جاؤوكم حصرت صدورهم.
قال الكسائي: معنى (حَصِرَتْ) ضاقت.
قال مجاهد: وهو "هِلاَلُ بنُ عُوَيْمِرٍ" الذي حَصِرَ أن يقاتل المسلمين أو يقاتل قومه فدَفَعَ عنهم.
قال أبو العباس محمد بن يزيد: المعنى على الدعاء، أي أحصر الله صدورَهُمْ.
وقال أبو إسحق: يجوز أن يكون خبراً بعد خبر، فالمعنى ﴿أَوْ جَآءُوكُمْ﴾، ثم خَبَّرَ بَعْدُ فقال: ﴿حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾، كما قال جل وعز: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾.
وقيل: المعنى: أو جاؤوكم قد حصرت صدورهم، ثم حذف قد.
وقد قرأ الحسن: ﴿حَصِرَةً صُدُورُهُمْ﴾.
وروي عن أُبيِّ بنِ كعبِ أنه قرأ: ﴿إلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ﴾ [بيْنَكُمْ وبينهم ميثاق وحصرتْ صدورهم] فالمعنى على هذه القراءة ﴿إلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وحَصِرتْ صُدُورهُمْ﴾.
أي قومٍ حَصِرَةٍ صدورُهم، أي ضيِّقةٍ.
وقولُه جل وعز: ﴿فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ﴾.
أي كَفُّوا عن قتالكم.
﴿وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ﴾.
أي الانقياد.
﴿فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾.
قال قتادة: هذه الآية مَنْسُوْخَةٌ، نَسَخَهَا: ﴿فَاقْتُلُوْا الْمُشْرِكِيْنَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوْهُمْ﴾ في براءة.
{"ayah":"إِلَّا ٱلَّذِینَ یَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَـٰقٌ أَوۡ جَاۤءُوكُمۡ حَصِرَتۡ صُدُورُهُمۡ أَن یُقَـٰتِلُوكُمۡ أَوۡ یُقَـٰتِلُوا۟ قَوۡمَهُمۡۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمۡ عَلَیۡكُمۡ فَلَقَـٰتَلُوكُمۡۚ فَإِنِ ٱعۡتَزَلُوكُمۡ فَلَمۡ یُقَـٰتِلُوكُمۡ وَأَلۡقَوۡا۟ إِلَیۡكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ عَلَیۡهِمۡ سَبِیلࣰا"}