وقوله جل وعز: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ﴾.
والمعنى: ويقولون: أَمْرُنَاْ طاعَةٌ، ومنَّا طاعةٌ.
وفي الكلام حَذْفٌ، والمعنى: ويقولون إذا كانوا عندك طاعةٌ.
ودَلَّ على هذا قولُهُ تعالى ﴿فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ﴾.
معنى (بَيَّتَ) عند أهل اللغة: أَحْكَمَ الأَمْرَ بِلَيْلٍ، وَفَكَّرَ فِيْهِ.
أي أظهر المعصية في بيته، والعَرَبُ تقول: أَمْرٌ بُيِّتَ بِلَيْلٍ، إذا أُحْكِمَ. وإنما خُصَّ الليلُ بذلك لأنه وقتٌ يُتَفَرَّغُ فِيهِ.
قال الشاعر:
أَجْمَعُوْا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا * أَصْبَحُوْا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ
ومن هذا: بَيَّتَّ الصيَامَ.
وقال أبو رُزين: معنى (بَيَّتَ) أَلَّفَ.
وليس هذا بخارجٍ عن قول أهل اللغة، لأنه يجوز أن يكون التأليفُ بالليل.
وقيل: معنى (بَيَّتَ) بَدَّلَ.
ولا يصحُّ هذا.
* ثم قال جل وعز: ﴿وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ﴾.
يَحْتَمِلُ معنيَيْنِ:
أحدهما: أنه يُنْزِلُهُ في كتابه ويُخْبِرُ بِهِ.
وفي ذلك أعظمُ الآيات للنبيِّ ﷺ، لأنه يُخبر بما يُسِرُّوْنَهُ.
ويحتمل أن يكون المعنى: والله يَعْلَمُ وَيُحْصِي ما يُبَيِّتُوْنَ.
* ثم قال جل وعز: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً﴾.
قال الضحاك: يُعنَى بهِ المنافقون.
والمعنى لا تُخْبِرْ بأسمائهم.
{"ayah":"وَیَقُولُونَ طَاعَةࣱ فَإِذَا بَرَزُوا۟ مِنۡ عِندِكَ بَیَّتَ طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ غَیۡرَ ٱلَّذِی تَقُولُۖ وَٱللَّهُ یَكۡتُبُ مَا یُبَیِّتُونَۖ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلًا"}