وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ﴾.
حدثنا بكرُ بنُ سهل قال: حدثنا أبو صالح عن معاويةَ بنِ
صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ﴾ يقول: جاء بـ "لا إلهَ إلاَّ الله" ﴿وَصَدَّق بِهِ﴾
يعني برسول الله ﷺ ﴿أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ﴾ يقول: اتقوا الشرك.
ورَوَى ابنُ عُيَيْنةَ، عن منصورٍ قال: قلتُ لمجاهد: يا أبا
الحَجَّاج، ما معنى قوله تعالى ﴿وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾؟ [آية ٣٣].
قال: الذي جاء بالقرآنِ، وصدَّقَ به.
قال أبو جعفر: وهذا يشبهُ القولَ الأوَّلَ، وهو قولُ أكثرِ أهلَ اللغة.
ويدلُّ على صحَّته، أن عبدالله بن مسعود قرأ ﴿والَّذينَ
جاءوا بالصِّدقِ وصَدَّقُوا به، أولئك هم المتَّقُونَ﴾.
فـ ﴿الَّذِي﴾ ههنا، و ﴿الَّذِينَ﴾ واحدٌ.
وقال الحسن: هو المؤمنُ، جاء بالصدق يوم القيامة، وصدَّق
به في الدنيا.
وبعضُ أهل اللغة يقول: حُذف من ﴿الَّذِينَ﴾ النُّونُ، لطولِ الاسم.
وبعضهم يقول: ﴿الَّذِي﴾ بمعنى: الَّذينَ.
وبعضهم يقول: ﴿الَّذِي﴾ واحدٌ يؤدِّي عن معنى الجماعة.
قال أبو جعفر: وهذا القولُ أصحُّها، يكون ﴿الَّذِي﴾ مِثلَ
"مَنْ" لأنه لا يُقصد قصْدُه، وحقيقتُه أن المعنى: والقبيلُ الذي جاء
بالصِّدقِ، وصدَّقَ به.
وقد قيل في الآية غيرُ هذا.
قال قتادة وأبو العالية: الذي جاء بالصِّدقِ النبيُّ ﷺ وأبو
بكر رضي الله عنه.
وقيل: النبيُّ ﷺ، وعليٌّ عليه السلام.
حدثنا عليُّ بن سعيد، قال: حدثنا الحسينُ بنُ نَصْرٍ، حدَّثني أبي، قال: حدثنا عمر بن سعيد، عن ليثٍ، عن مجاهد
﴿وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ﴾ محمد ﷺ ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ عليُّ بن أبي طالب عليه السلام.
ونظيرُ الَّذي جاء بالصِّدقِ، في أنه واحدٌ يؤدي عن جماعة، قوله.
وإنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ * هُمُ القَوْمُ كُلُّ القَوْمِ يَا أُمَّ خَالِد
وحَذَفَ النونَ، وقولُه:
أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَيَّ اللَّذَا * قَتَلا المُلُوكَ وفَكَّكا الأَغْلاَلاَ
{"ayah":"وَٱلَّذِی جَاۤءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ"}