قوله عزّ وجلّ: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ﴾.
ويُقْرأ: "تَصْعَدون" بفتح التاء، فمَن ضمَّها فهو عنده من أَصْعَد، إذا ابتدأَ السَّيْرَ، ومَن فتحها فهو عنده من صَعِدَ الجبلَ وما أشبهه.
ومعنى ﴿تَلْوُونَ﴾: تُعرِّجون.
ثم قال عز وجل: ﴿وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَاكُمْ﴾.
قال أبو عُبيدة: معناه: في آخِركم.
وقوله عزّ وجلّ: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمّاًً بِغَمٍّ﴾.
في هذا قولان:
أحدهما: أنّ مجاهداً قال: الغَمُّ الأوّل القتلُ والجراحُ، والغمُّ الثاني أنه صاح صائحٌ: قُتِلَ محمَّدٌ، فأنساهم الغمُّ الآخرُ الغمَّ الأوّلَ.
والقول الآخر: أنّهم غَمّوا النّبيَّ ـ ﷺ ـ في مخالفتهم إيَّاه؛ لأنّه أمرهم أنْ يثبتُوا فخالفوا أمره، فأثابهم اللهُ بذلك الغمّ غَمَّهُم بالنبّي ـ ﷺ.
ومعنى ﴿فَأثَابَهم﴾ أي فأنزل بهم ما يقوم مقام الثواب، كما قال تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أي: الذي يقوم لهم مقام البشارة عذابٌ أليم، وأنشد سيبويه:
تُرَادُ عَلَى دِمْنِ الحِيَاضِ فإنْ تَعَفْ * فَإنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرَكُوْبُ
أي الذي يقوم مقام التندية: الرِّحْلةُ والركوبُ.
* وقوله تعالى: ﴿لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ﴾.
والمعنى ﴿لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ أنهم طلبوا الغنيمة [﴿وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ﴾ في أنفسكم من القتل والجراحات].
{"ayah":"۞ إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ وَٱلرَّسُولُ یَدۡعُوكُمۡ فِیۤ أُخۡرَىٰكُمۡ فَأَثَـٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمࣲّ لِّكَیۡلَا تَحۡزَنُوا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَاۤ أَصَـٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ"}