ثم قال جلَّ وعزَّ: ﴿وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾.
قيل: هذا منسوخ وهو مثل قوله ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ نَسَخه ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.
* ثم قال جل وعزَّ ﴿هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ﴾ أي اختاركم، ثم قال ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾.
قال أبو هريرة: الإِصْرُ الذي كان على بني إسرائيل وَضِع عنكم.
رَوَى يونس عن الزُّهري قال: سأل عبدالملك بن مروان عليَّ ابن عبدِاللهِ ابنِ عباس عن قوله تعالى ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ فقال: هو الضِّيقُ، جَعَل لكفاراتِ الأَيْمان مَخْرَجاً، سمعتُ ابن عباسٍ يقول ذلك.
قال أبو جعفر: أصلُ الحَرَجِ في اللغة: أشدُّ الضِّيقِ، وقد قيل: إن المعنى أنه جعل للمسافر الإِفطارَ، وقصر الصلاة، ولمن لم يَقْدر أن يصلي قائماً الصَّلاةَ قاعداً، وإن لم يقدر أوْمَأَ، فلم يُضيِّق جلَّ وعزَّ.
وروى معمرٌ عن قتادة قال: "أُعطيتْ هذه الأَمَّةُ ثلاثاً لم يُعْطها إلاَّ نبيٌّ:
أ- كان يُقال للنبيِّ اذهبْ، فلا حَرَجَ عليك، وقيل لهذه الأمة: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾.
ب- والنبيُّ ﷺ شهيدٌ على أمَّتِهِ، وقيل لهذه الأمة ﴿وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾.
ج- ويُقال للنبي: سلْ تُعْطَه، وقيل لهذه الأمة ﴿وَقَالَ رَبَّكُمُ ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ﴾".
وقال كعبُ الأحبارِ نحوَ هذا.
وقال عكرمة: أحلَّ النَّساء مثنى، وثُلاَث، ورُبَاع.
وروى عن ابن عباس: جعل التَّوْبة مقبولة.
وقوله جلَّ وعزَّ: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾.
أي وُسِّع عليكم، كما وُسِّع عليه ﷺ، وقيل ﴿وَافْعَلُوْا الخَيْرَ﴾ فعل أبيكم إبراهيم.
* ثم قال تعالى: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا﴾.
روى عليُّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يقول: اللهُ جلَّ وعزَّ سمَّاكم.
قال مجاهد: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أي في الكتُبِ والذِّكْرِ.
قال أبو جعفر: ﴿وَفِي هَذَا﴾ يعني القرآن.
* ثم قال جلَّ وعز: ﴿لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ﴾.
قال سفيان: أي بأعمالكم ﴿وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾ بأن الرسل قد بلَّغتهم.
* وقوله جل وعز: ﴿فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ﴾ أي الوليُّ ﴿وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ﴾ أي النَّاصر، كما يقول: قديرٌ، وقادرٌ، ورحيمٌ، وراحمٌ.
{"ayah":"وَجَـٰهِدُوا۟ فِی ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلدِّینِ مِنۡ حَرَجࣲۚ مِّلَّةَ أَبِیكُمۡ إِبۡرَ ٰهِیمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ مِن قَبۡلُ وَفِی هَـٰذَا لِیَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِیدًا عَلَیۡكُمۡ وَتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِیرُ"}