وقوله جل وعز ﴿وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً. وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً﴾ [آية ٥٦ و ٥٧].
قيل: إنه سأل مَلَكَ الموتِ أن يُريَهُ النَّارَ، فأراه إيَّاها، ثم سأله أن يُدخله الجنة فأدخله إياها، ثم قال له: اخرج، فقال: كيف أخرج، وقد قال الله ﴿وما هم منها بمخرجين﴾؟!
قال أبو جعفر: فيجوز أن يكون اللهُ أعلَمَ هذا إدريس، ثم نزل القرآن به.
وقيل معناه: في المنـزلة والرتبة.
وأصحُّ من هذين القولين، لعلوِّ إسناده، وصحَّتِه، ما رواه سعيدٌ عن قَتادةَ قال: حدثنا أنسُ بنُ مالكِ بن صَعْصَعة أنَّ النبيَّ ﷺ لمَّا أُسري بهِ، قَال: "رأيتُ إدريسَ في السَّماءِ الرابعة".
ورَوَى سفيانُ عن هارون عن أبي سعيدٍ الخدريِّ ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً﴾ قال: السماء الرابعة.
وروى الأعمشُ عن شمرِ بنِ عطية عن هلالِ بنِ إِسَاف، قال: كنَّا عند كعب الأحبار إذْ أقبلَ عبدالله بن عباس، فقال: هذا ابنُ عم نبيكم، فَوسَّعنا له فقال: يا كعبُ ما معنى ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً﴾؟ فقال كعب: إن إدريس ﷺ، كان له صديقٌ من الملائكة، وأوحى اللهُ إليه: إني أرفعُ لكَ كلَّ يوم مثل عملِ أهل الأرض، فقال إدريس للمَلَكِ: كلِّمْ لي مَلَك الموتِ حتى يؤخِّرَ قبض روحي. فحمله المَلَكُ تحت طرف جناحه، فلمَّا بلغ السماء الرابعة، لقى ملك الموت فكلَّمه، فقال: أين هو؟ فقال: ها هو ذا، فقال: من العجب إني أُمْرتُ أن أقبض روحه في السماء الرابعة، فقبضها هناك.
{"ayah":"وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِدۡرِیسَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیࣰّا"}