وقولُه جلَّ وعز ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾.
يعني البنات.
* ثم قال تعالى: ﴿وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ﴾.
قال مجاهد: هو قولهم: لنا البنون.
وقال غيرُه: الحسنى: الجنة.
* ثم قال جلَّ وعز ﴿لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ﴾.
وقيل: "لا" ردٌّ لكلامهم، وجَرَمَ بمعنى: وَجَبَ، وحقَّ.
قال أبو جعفر: وقد استقصينا القول فيه.
* ثم قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ﴾.
كذا قرأ الحسنُ، ومجاهد، وسعيدُ بن جبير، بفتح الراء والتخفيف.
واختلفوا في تفسيره: فقال الحسنُ: ﴿مُفْرَطُونَ﴾ مُعَجَّلون إلى النَّار.
وقال هُشيم: أخبرنا أبو بِشِرْ، وحُصَينٌ، عن سعيدِ ابنِ جُبيرٍ ﴿وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ﴾ قال: متروكُون منسِيُّون.
وَرَوَى ابن جريح عن مجاهد قال:﴿مفرطون﴾: منسيُّون.
قال أبو جعفر: وقولُ الحسَنِ أشهرُ في اللغةِ وأعرفُ.
وحكَى أهلُ اللغة وهو فَارِطٌ وفَرَطٌ، وفي حديث النبي ﷺ: "أنا فَرَطكُم على الحَوْضِ" أي متقدِّمكُمْ إليه حتى تَرِدُوا علىَّ، وأفرطته: إذا قدَّمته، وأنشد جماعةٌ من أهل اللغة:
فَاسْتَعْجَلُونا وكانُوا من صَحَابتِنَا * كَمَا تعجَّل فُرَّاطٌ لِوُرَّادِ
وقال بقولِ سعيد بن جبيرٍ ومجاهد "أبو عبيدة، والكسائيُّ، والفرَّاءُ".
قال أبو جعفر: فعلى قول الحسن: معجَّلُونُ مقدَّمون إلى النَّار، وعلى قول سعيد بن جبير ومجاهد متروكُون النَّار.
وقرأ عبدالله بن مسعود وابن عباس ﴿وَأنَّهُمْ مُفْرِطُون﴾ مبالغون في الإِساءة، كما يُقال: فَرَطَ فلانٌ على فلانٍ إذا أربى عليه، وقال له أكثرَ ممَّا قال من الشَّرِّ.
وقرأ أبو جعفر والسُّدّي ﴿وأنَّهُم مُفَرِّطُونَ﴾ ومعناه مضيِّعون، أي كانوا مضيِّعين في الدنيا.
{"ayah":"وَیَجۡعَلُونَ لِلَّهِ مَا یَكۡرَهُونَۚ وَتَصِفُ أَلۡسِنَتُهُمُ ٱلۡكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفۡرَطُونَ"}