الباحث القرآني
﴿بَرَاۤءَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ١ فَسِیحُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ﴾ - نزول الآيات، وتفسيرها
٣١٥٥٣- عن علي، قال: لَمّا نزَلت عَشْرُ آياتٍ من براءة على النبيِّ ﷺ؛ دعا أبا بكر لِيَقْرَأَها على أهلِ مكة، ثم دعاني، فقال لي: «أدْرِكْ أبا بكر، فحيثما لَقِيتَهُ فخذِ الكتابَ منه، فاقْرأْه على أهل مكة». فلَحِقْتُه، فأخَذتُ الكتابَ منه، ورجَع أبو بكر، فقال: يا رسول الله، نزَل فِيَّ شيءٌ؟ قال: «لا، ولكنَّ جبريلَ جاءني، فقال: لن يُؤدِّيَ عنك إلا أنت، أو رجلٌ منك»[[أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ٢/٤٢٧ (١٢٩٧). قال ابن كثير في تفسيره ٧/١٤١: «هذا إسناد فيه ضعف». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢٩ (١١٠٣٩): «فيه محمد بن جابر السحيمي، وهو ضعيف، وقد وُثّق».]]٢٨٨١. (٧/٢٢٨)
٣١٥٥٤- عن زيد بن يُثَيْع -من طريق أبي إسحاق- قال: نزلت براءةُ، فبعث بها رسولُ الله ﷺ أبا بكر، ثم أرسل عليًّا، فأخذها منه. فلمّا رجع أبو بكر قال: هل نزل فِيَّ شيءٌ؟ قال: «لا، ولكِنِّي أُمِرْتُ أن أُبَلِّغَها أنا، أو رجل من أهل بيتي». فانطلق إلى مكة، فقام فيهم بأربع: أن لا يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوف بالكعبة عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ومَن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مُدَّته[[أخرجه أحمد ١/١٨٣ (٤)، وابن جرير ١١/٣١٤-٣١٥ واللفظ له. قال ابن حجر في أطراف المسند ٦/٨٣ (٧٨٠٠): «وهذا منقطع». وقال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير ١/٢٧٠ (١٢٤): «هذا حديث منكر».]]. (ز)
٣١٥٥٥- عن زيد بن يُثَيْعٍ، قال: سألْنا عليًّا: بأيِّ شيءٍ بُعِثتَ مع أبي بكر في الحجِّ؟ قال: بُعِثْتُ بأربع: لا يَدخُلُ الجنةَ إلا نفسٌ مؤمنة، ولا يَطُوفُ بالبيتِ عُريان، ولا يَجْتمِعُ مؤمنٌ وكافرٌ بالمسجد الحرام بعدَ عامِه هذا، ومَن كان بينَه وبينَ رسول الله ﷺ عهدٌ فعهدُه إلى مُدَّتِه، ومَن لم يكنْ له عهدٌ فأجلُه أربعةُ أشهر[[أخرجه سعيد بن منصور (١٠٠٥ - تفسير)، وابن أبي شيبة ص٣٧٤ (القسم الأول من الجزء الرابع)، وأحمد ٢/٣٢ (٥٩٤)، والترمذي (٨٧١، ٨٧٢، ٣٠٩٢)، وابن جرير ١١/٣١٥، والنحاس ص٤٨٨، والحاكم ٣/٥٢، ٤/١٧٨، والبيهقي في الدلائل ٥/٢٩٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردويه. وصححه الترمذي، والحاكم، والألباني في صحيح سنن الترمذي (٦٩١، ٢٤٦٩).]]. (٧/٢٣٢)
٣١٥٥٦- عن علي بن أبي طالب -من طريق زيد بن يُثَيْعٍ- قال: أمرت بأربع: أن لا يقرب البيتَ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٢٦٥، وابن جرير ١١/٣١٧.]]. (ز)
٣١٥٥٧- قال معمر: قال قتادة مثله أيضًا[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٢٦٥، وابن جرير ١١/٣١٧. وعلَّقه النحاس (ت: اللاحم) ٢/٤١٦ بلفظ: وأن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده. وقال محققه: لم أقف عليه مخرجًا من حديث علي بهذا اللفظ.]]. (ز)
٣١٥٥٨- عن سعد بن أبي وقاص: أنّ رسول الله ﷺ بعث أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة، ثم بعَث عليًّا على أثَرِه، فأخَذها منه، فكأنّ أبا بكر وجَد في نفسِه، فقال النبيُّ ﷺ: «يا أبا بكر، إنّه لا يُؤَدِّي عنِّي إلا أنا، أو رجلٌ مِنِّي»[[أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٥/١٢٩ (٨٤٦٢). وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه. قال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير ١/١٣١: «هذه الروايات كلها مضطربة، مختلفة، منكرة».]]. (٧/٢٢٨)
٣١٥٥٩- عن سعد بن أبي وقاص: أنّ رسول الله ﷺ بعَث عليًّا بأربع: لا يَطُوفَنَّ بالبيت عُريان، ولا يَجْتَمِعُ المسلمون والمشركون بعدَ عامِهم، ومَن كان بينَه وبينَ رسول الله ﷺ عهدٌ فهو إلى عهدِه، وأنّ اللهَ ورسولَه بريءٌ من المشركين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٧٤٩ (٩٢٣٣). إسناده ضعيف؛ فيه علي بن عابس الأسدي الكوفي، وشيخه مسلم بن كيسان الملائي، كلاهما ضعيف كما في التقريب (٤٧٥٧، ٦٦٤١).]]. (٧/٢٢٩)
٣١٥٦٠- عن أبي هريرة -من طريق ابنه المحرر- قال: كنتُ مع علي حين بعثه رسول الله ﷺ ببراءة إلى أهل مكة، فكنتُ أنادي حتى صَحِلَ[[صَحِلَ صوته: بَحَّ، والبُحَّة -بالضم-: غِلْظة في الصوت. النهاية واللسان (صحل) و(بحح).]] صوتي. فقلتُ: بأيِّ شيءٍ كنت تنادي؟ قال: أمرنا أن ننادي: أنّه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومَن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ فأجله إلى أربعة أشهر، فإذا حلَّ الأجلُ فإنّ الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يطُفْ بالبيت عُريان، ولا يحُجَّ بعد العام مشرك[[أخرجه أحمد ١٣/٣٥٦ (٧٩٧٧)، والنسائي ٥/٢٣٤ (٢٩٥٨)، والحاكم ٤/١٩٨ (٧٣٥٥)، والدارمي ١/٣٩٣ (١٤٣٠)، ٢/٣٠٩ (٢٥٠٦)، وابن جرير ١١/٣١٣-٣١٤. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الإرواء ٤/٣٠١.]]٢٨٨٢. (٧/٢٢٩)
٣١٥٦١- عن أبي هريرة: أنّ أبا بكر أمَره أن يُؤَذِّنَ ببراءة في حِجَّة أبي بكر بمكة. قال أبو هريرة: ثم أتْبَعَنا النَّبِيُّ ﷺ عليًّا، أمَره أن يُؤَذِّنَ ببراءة، وأبو بكرٍ على الموسم كما هو. أو قال: على هيئتِه[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/١٣١ (١٠٣٧، ١٠٣٨)، ومن طريقه ابن أبي حاتم ٦/١٧٤٥ (٩٩٤٨). إسناده صحيح على شرط الشيخين.]]. (٧/٢٢٩)
٣١٥٦٢- عن أبي هريرة، قال: بعَثَني أبو بكرٍ في تلك الحِجة في مؤذِّنِين بعَثهم يومَ النحر، يُؤَذِّنون بمنًى: ألّا يَحُجَّ بعدَ هذا العامِ مشرك، ولا يَطُوفَ بالبيتِ عُريان. ثم أرْدَف النَّبِيُّ ﷺ بعليِّ بن أبي طالب، فأمَره أن يُؤَذِّنَ ببراءة، فأذَّن معنا عليٌّ في أهل مِنًى يومَ النحر ببراءة: ألّا يَحُجَّ بعدَ العامِ مشرك، ولا يَطُوفَ بالبيتِ عُريان[[أخرجه البخاري ١/٨٢-٨٣ (٣٦٩)، ٢/١٥٣ (١٦٢٢)، ٤/١٠٢ (٣١٧٧)، ٥/١٦٧ (٤٣٦٣)، ٦/٦٤ (٤٦٥٥، ٤٦٥٦، ٤٦٥٧) واللفظ له، ومسلم ٢/٩٨٢ (١٣٤٧)، وابن جرير ١١/٣٣١. وأورده الثعلبي ٥/١٠.]]. (٧/٢٣١)
٣١٥٦٣- عن أبي سعيد الخدري، قال: بعَث رسولُ الله ﷺ أبا بكر يُؤدِّي عنه براءة، فلمّا أرسَله بعَث إلى عليٍّ، فقال: «يا عليُّ، إنّه لا يُؤَدِّي عنِّي إلا أنا أو أنت». فحمَله على ناقتِه العَضْباء، فسار حتى لَحِق أبا بكر، فأخَذ منه براءة، فأتى أبو بكر النبيَّ ﷺ وقد دخَله مِن ذلك؛ مخافةَ أن يكونَ قد أُنزِل فيه شيء، فلمّا أتاه قال: ما لي، يا رسول الله؟ قال: «خيرٌ، أنت أخي وصاحبي في الغار، وأنت معي على الحوض، غيرَ أنه لا يُبَلِّغُ عنِّي غيري، أو رجلٌ مِنِّي»[[أخرجه ابن حبان ١٥/١٦-١٧ (٦٦٤٤). وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه. إسناده ضعيف؛ فيه أبو ربيعة، وهو زيد بن عوف، قال الدارقطني: «ضعيف». وكتب عنه أبو حاتم، وقال: «تعرف، وتنكر». وقال الفلاس: «متروك». وذكره أبو زرعة واتَّهمه بسرقة حديثين. ينظر: ميزان الاعتدال ٢/٥٠٩ (٢٠٤١).]]. (٧/٢٣٠)
٣١٥٦٤- عن عبد الله بن عباس: أنّ النبي ﷺ بَعَث أبا بكر بسورةِ التوبة، وبعَث عليًّا على أثَرِه، فقال أبو بكر: يا عليُّ، لعلَّ اللهَ ونبيَّه سَخِطا عَلَيَّ؟ فقال عليٌّ: لا، ولكنَّ نبيَّ الله ﷺ قال: «لا يَنبَغِي أن يُبَلِّغَ عنِّي إلا رجلٌ مِنِّي»[[أخرجه أحمد ٥/١٧٨-١٨١ (٣٠٦١)، والطبراني في الكبير ١٢/٩٧ (١٢٥٩٣) في حديث طويل، ومن طريقه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ١٣/٢٨ (٣٤). قال ابن تيمية في منهاج السنة ٥/٣٤-٣٦: «فيه ألفاظٌ هي كَذِبٌ على رسول الله ﷺ، كقوله: «أما ترضى أن تكون مِنِّي بمنزلة هارون من موسى غير أنك لست بنبِيٍّ، لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي». فإنّ النبي ﷺ ذهب غير مرَّة وخليفته على المدينة غير علي، كما اعتمر عمرة الحديبية وعلي معه وخليفته غيره، وغزا بعد ذلك خيبر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة الفتح وعلي معه وخليفته في المدينة غيره، وغزا حنينًا والطائفَ وعليٌّ معه وخليفته بالمدينة غيره، وحجَّ حجة الوداع وعلي معه وخليفته بالمدينة غيره، وغزا غزوة بدر ومعه علي وخليفته بالمدينة غيره، وكل هذا معلوم بالأسانيد الصحيحة، وباتفاق أهل العلم بالحديث، وكان علي معه في غالب الغزوات وإن لم يكن فيها قتال ... وكذلك قوله: «وسد الأبواب كلها إلا باب علي». فإن هذا مما وضعته الشيعة على طريق المقابلة، فإنّ الذي في الصحيح عن أبي سعيد عن النبي ﷺ أنّه قال في مرضه الذي مات فيه: «إنّ أمَنَّ الناسِ عَلَيَّ في مالِه وصُحْبَتِه أبو بكر، ولو كنتُ مُتَّخِذًا خليلًا غيرَ ربي لاتَّخَذْتُ أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يَبْقَيَنَّ في المسجد خَوْخَةٌ إلا سُدَّتْ إلا خَوْخَة أبي بكر» ... ومثل قوله: «أنت ولِيِّي في كُلِّ مؤمن بعدي». فإن هذا موضوع باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث».]]. (٧/٢٣٠)
٣١٥٦٥- عن عبد الله بن عباس: أنّ رسول الله ﷺ بعَث أبا بكرٍ، وأمَره أن يُنادِيَ بهؤلاء الكلماتِ، ثم أتْبَعَه عليًّا، وأمَره أن ينادِيَ بهولاء الكلمات، فانطَلَقا، فحَجّا، فقام عليٌّ في أيام التشريق، فنادى: إنّ الله بريءٌ من المشركين ورسولُه، فسِيحوا في الأرض أربعةَ أشهر، ولا يَحُجَّن بعدَ العامِ مشرك، ولا يَطُوفَنَّ بالبيتِ عُريان، ولا يَدْخُلُ الجنة إلا مؤمن. فكان عليٌّ ينادي، فإذا أعْيا قام أبو بكر فنادى بها[[أخرجه الترمذي ٥/٣٢٣-٣٢٤ (٣٣٤٥)، والحاكم ٣/٥٣ (٤٣٧٥)، وابن أبي حاتم ٦/١٧٤٥ (٩٢١٥). قال الترمذي: «حديث حسن غريب من هذا الوجه، عن ابن عباس». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي. وقال الألباني في الإرواء عن إسناد الترمذي ٤/٣٠٣: «ورجاله كلهم ثقات، رجال البخاري، فهو صحيح الإسناد».]]. (٧/٢٣١)
٣١٥٦٦- عن ابن عباس: أنّ رسول الله ﷺ بعث أبا بكر ببراءة، ثم أتبعه عليًّا، فأخذها منه، فقال أبو بكر ﵁: يا رسول الله، حدث فِيَّ شيءٌ؟ قال: «لا، أنت صاحبي في الغار وعلى الحوض، ولا يُؤَدِّي عَنِّي إلا أنا أو عليٌّ». وكان الذي بعث به عليًّا أربعًا: «لا يدخل الجنةَ إلا نفسٌ مُسْلِمة، ولا يحج بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عُريان، ومَن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عَهْدٌ فهو إلى مُدَّته»[[أخرجه البزار -كما في كشف الأستار ٣/١٦٣-١٦٤ (٢٤٨٥)-، والطبراني في الكبير ١١/٤٠٠ (١٢١٢٧)، وابن جرير ١١/٣١٥-٣١٦. وفيه سليمان بن قرم. قال ابن عدي في الكامل ٤/٢٣٩ (٧٣٥) ترجمة سليمان بن قرم الضبي: «وهذه الأحاديث عن الأعمش وغيرها مما لم أذكرها أحاديثُ لا يتابع سليمان عليها». وقال الهيثمي في المجمع ٩/٥٠ (١٤٣٣٨): «رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح». وقال الألباني في الضعيفة ٦/٥٣١: «الحديث ضعيف».]]. (ز)
٣١٥٦٧- عن عبد الله بن عباس: ﴿براءة من الله ورسوله﴾، قال: بَرِئ إليهم رسولُ الله ﷺ مِن عهودِهم، كما ذكَر الله ﷿[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٣٤)
٣١٥٦٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿براءة من الله ورسوله﴾ الآية، قال: حدَّ اللهُ للذين عاهَدوا رسولَ الله ﷺ أربعةَ أشهرٍ يَسِيحُون فيها حيث شاءوا، وحَدَّ أجَلَ مَن ليس له عهدٌ انسلاخَ الأربعةِ الأشهرِ الحُرم؛ مِن يوم النحر إلى انسلاخ المُحَرَّمِ خمسين ليلة، فإذا انسَلَخ الأشهرُ الحُرُمُ أمَره أن يَضَعَ السيفَ في مَن عاهدَ إن لم يَدْخُلوا في الإسلام، ونقَض ما سَمّى لهم مِن العهد والميثاق، وأَذْهَبَ الميثاق، وأَذْهَب الشرطَ الأوَّل، ﴿إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام﴾ يعني: أهل مكة[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠٦، وابن أبي حاتم ٦/١٧٤٦، ١٧٥١، ١٧٥٢، ١٧٥٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٧/٢٣٣)
٣١٥٦٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- قال: لَمّا نزلت ﴿براءة من الله﴾ إلى ﴿وأن الله مخزي الكافرين﴾، يقول: براءة من المشركين الذين كان لهم عهد يومَ نزلت براءة، فجعل مُدَّةَ مَن كان له عهدٌ قبل أن تنزل براءة أربعةَ أشهر، وأمرهم أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر، وجعل مُدَّة المشركين الذين لم يكن لهم عهد قبل أن تنزل براءة انسلاخ الأشهر الحرم، وانسلاخ الأشهر الحرم من يوم أذَّن ببراءة إلى انسلاخ المُحَرَّم، وهي خمسون ليلة: عشرون من ذي الحجة، وثلاثون من المحرم. ﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم﴾ إلى قوله: ﴿واقعدوا لهم كل مرصد﴾، يقول: لم يبقَ لأحدٍ من المشركين عهدٌ ولا ذِمَّةٌ منذ نزلت براءة وانسلخ الأشهر الحرم، ومُدَّةُ مَن كان له عهدٌ من المشركين قبل أن تنزل براءة أربعةَ أشهر مِن يوم أذَّن ببراءة إلى عشر من أول ربيع الآخر، فذلك أربعة أشهر[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠٦.]]. (ز)
٣١٥٧٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضَّحّاك- قال: كان لقومٍ عهودٌ، فأمَر الله النبيَّ ﷺ أن يُؤَجِّلَهم أربعةَ أشهرٍ يَسِيحون فيها، ولا عهدَ لهم بعدَها، وأبطَل ما بعدَها، وكان قومٌ لا عُهُودَ لهم، فأجَّلَهم خمسين يومًا؛ عشرين مِن ذي الحجَّة، والمحرَّمَ كلَّه، فذلك قوله: ﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾. قال: ولم يعاهِدْ رسولُ الله ﷺ بعدَ هذه الآية أحدًا[[أخرجه النحاس في ناسخه ص٤٨٦.]]. (٧/٢٣٤)
٣١٥٧١- عن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله ﷺ استَعمَل أبا بكر على الحج، ثم أرسَل عليًّا ببراءة على أثَرِه، ثم حَجَّ النبيُّ ﷺ العام المقبل، ثم خرَج فتُوُفِّي، فوَلِي أبو بكر، فاستَعمَل عمرَ على الحج، ثم حجَّ أبو بكر قابِلَ، ثم مات، ثم ولِي عمر فاستَعمَل عبد الرحمن بن عوف على الحج، ثم كان يَحُجُّ بعدَ ذلك هو حتى مات، ثم ولِي عثمان فاستَعمَل عبد الرحمن بن عوف على الحجِّ، ثم كان يَحُجُّ هو حتى قُتِل[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٣٠)
٣١٥٧٢- عن جابر: أنّ النبيَّ ﷺ بعَث أبا بكرٍ على الحج، ثم أرسلَ عليًّا ببراءة، فقرَأها على الناسِ في مواقفِ الحجِّ، حتى ختَمها[[أخرجه النسائي ٥/٢٤٧ (٢٩٩٣) مُطَوَّلًا، وابن خزيمة ٤/٥٣٨ (٢٩٧٤)، وابن حبان ١٥/١٩ (٦٦٤٥). قال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير ١/٢٧٥ (١٢٩): «هذا حديث حسن».]]. (٧/٢٣٢)
٣١٥٧٣- عن أنس، قال: بعَث النبيُّ ﷺ ببراءة مع أبي بكر، ثم دعاه، فقال: «لا يَنبِغي لأحدٍ أن يُبَلِّغَ هذا إلا رجلٌ من أهلي». فدعا عليًّا، فأعطاه إيّاه[[أخرجه أحمد ٢٠/٤٣٤ (١٣٢١٤)، ٢١/٤٢٠ (١٤٠١٩)، والترمذي ٥/٣٢٣ (٣٣٤٤) واللفظ له. قال الترمذي: «حديث حسن غريب، من حديث أنس بن مالك». وقال ابن حجر في الفتح ٨/٣٢٠: «أخرجه أحمد بسند حسن».]]. (٧/٢٢٨)
٣١٥٧٤- عن أبي رافع، قال: بعَث رسولُ الله ﷺ أبا بكر ببراءة إلى المَوْسِم، فأتى جبريلُ، فقال له: إنّه لن يُؤَدِّيَها عنك إلا أنت، أو رجلٌ منك. فبَعث عليًّا في أثَرِه، حتى لَحِقَه بينَ مكةَ والمدينة، فأخَذَها، فقَرَأها على الناسِ في الموْسِم[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٣١)
٣١٥٧٥- عن سعيد بن المسيب -من طريق الزهري- في قوله تعالى: ﴿براءة من الله ورسوله﴾، قال: لَمّا قَفَلَ النبيُّ ﷺ زمان حُنَيْنٍ اعْتَمَرَ مِن الجعرانة، وأمَّر أبا بكر على تلك الحجة[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٦٥.]]٢٨٨٣. (ز)
٣١٥٧٦- عن عُروة بن الزبير -من طريق أبي الأسود- قال: بعَث رسولُ الله ﷺ أبا بكرٍ أميرًا على الناسِ سنةَ تسعٍ، وكتَب له سُنَنَ الحجِّ، وبعَث معه عليَّ بنَ أبي طالب بآياتٍ من براءة، فأمَره أن يُؤَذِّنَ بمكة، وبمِنًى، وبعرفة، وبالمشاعر كلِّها بأنّه بَرِئت ذمَّةُ لله وذِمَّةُ رسولِه مِن كلِّ مشركٍ حَجَّ بعدَ العام، أو طاف بالبيتِ عُريان، وأجَّل مَن كان بينَه وبينَ رسول الله ﷺ عهدٌ أربعةَ أشهر. وسار عليٌّ على راحلتِه في الناسِ كلِّهم يَقْرَأُ عليهم القرآن: ﴿براءة من الله ورسوله﴾. وقرأ عليهم: ﴿يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد﴾ الآية [الأعراف:٣١][[أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/٢٩٨ من مرسل عروة.]]. (٧/٢٣٣)
٣١٥٧٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾: إلى أهل العهد؛ خُزاعة، ومُدْلِجٍ، ومَن كان له عهدٌ، وغيرِهم، أقبَل رسول الله ﷺ مِن تبوك حينَ فرَغ منها، فأراد الحج، ثم قال: «إنّه يَحْضُرُ البيتَ مشركون يَطُوفون عُراةً، فلا أُحِبُّ أن أحُجَّ حتى لا يكونَ ذلك». فأرسَل أبا بكرٍ وعليًّا، فطافا في الناس بذي المجاز، وبأمكنتِهم التي كانوا يَبِيعون بها، وبالموْسِم كلِّه، فآذَنوا أصحابَ العهد أن يَأمَنوا أربعةَ أشهرٍ، وهي الأشهرُ الحرُمُ المُنسَلِخاتُ المُتَوالِياتُ؛ عشرون من آخِر ذي الحجة إلى عَشْرٍ تَخْلُو من ربيعٍ الآخِر، ثم لا عهدَ لهم، وآذَن الناسَ كلَّهم بالقتال إلى أن يَمُوتوا[[أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال ص٢١٢-٢١٣ (٤٤٩)، وابن زنجويه في كتاب الأموال ص٤٠٣ (٦٦٣)، ومجاهد في تفسيره ص٣٦٣-٣٦٤، وابن جرير ١١/٣٠٩-٣١٠، وابن أبي حاتم ٦/١٧٤٦ (٩٢١٧، ٩٢٢٠). وعلَّقه النحاس ٢/٤١٠ بلفظ: وأول هذه الأشهر التي هي أشهر السياحة يوم الحج الأكبر إلى عشرٍ يخلون من شهر ربيع الآخر.]]. (٧/٢٢٧)
٣١٥٧٨- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- قال في قوله: ﴿براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾: قبل أن تنزل براءةُ عاهد ناسًا من المشركين من أهل مكة وغيرهم، فنزلت براءةٌ مِن الله إلى كل أحد مِمَّن كان عاهدك من المشركين، فإنِّي أنقض العهد الذي بينك وبينهم، فأؤجلهم أربعة أشهر يسيحون حيث شاءوا من الأرض آمنين. وأجَّل مَن لم يكن بينه وبين النبي ﷺ عهدٌ انسلاخَ الأشهر الحُرُمِ مِن يوم أذَّن ببراءة، وأذَّن بها يومَ النحر، فكان عشرين من ذي الحجة، والمحرم ثلاثين، فذلك خمسون ليلة. فأمر اللهُ نبيَّه إذا انسلخ المحرم أن يضع السيفَ فيمن لم يكن بينه وبين نبيِّ الله ﷺ عهدٌ يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام، وأمر بمن كان له عهد إذا انسلخ أربعة من يوم النحر أن يضع فيهم السيف أيضًا يقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام. فكانت مُدَّةُ مَن لا عهد بينه وبين رسول الله ﷺ خمسين ليلة من يوم النحر، ومُدَّةُ مَن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ أربعةُ أشهر مِن يوم النحر إلى عشرٍ يخلون من شهر ربيع الآخر[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠٧. وعلق ابن أبي حاتم ٦/١٧٤٦ نحوه مختصرًا.]]. (ز)
٣١٥٧٩- عن عامر الشعبي -من طريق ابن أبي خالد- قال: بعث النبيُّ ﷺ عليًّا ﵁، فنادى: ألا لا يَحُجَّنَّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ولا يدخلُ الجنةَ إلا نفسٌ مسلمة، ومَن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ فأجلُه إلى مُدَّته، واللهُ بريءٌ من المشركين ورسوله[[أخرجه ابن جرير ١١/٣١٦ من مرسل الشعبي.]]. (ز)
٣١٥٨٠- قال الحسن البصري: كان النبيُّ قد أمَرَ أبا بكر أن يُؤَذِّن الناس بالبراءة، فلمّا مضى دعاه، فقال: «إنّه لا يُبَلِّغ عَنِّي في هذا الأمرِ إلا مَن هو مِن أهل بيتي»[[أورده ابن أبي زمنين في تفسيره ٢/١٩٣ من مرسل الحسن.]]. (ز)
٣١٥٨١- قال الحسن البصري: أمر الله ﷿ رسولَه ﷺ بقتالِ مَن قاتله مِن المشركين، فقال: ﴿وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم﴾ [البقرة:١٩٠]. فكان لا يُقاتِل إلا مَن قاتله، ثُمَّ أمره بقتال المشركين والبراءة منهم، وأجَّلهم أربعةَ أشهر، فلم يكن لأحدٍ منهم أجلٌ أكثرَ من أربعة أشهر، لا مَن كان له عهدٌ قبل البراءة، ولا مَن لم يكن له عهد، فكان الأجلُ لجميعهم أربعةَ أشهر، وأحلَّ دماء جميعهم من أهل العهد وغيرهم بعد انقضاء الأجل[[تفسير الثعلبي ٥/٧ قريبًا منه، وتفسير البغوي ٤/٩ وهذا لفظه.]]. (ز)
٣١٥٨٢- عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي -من طريق حكيم بن حكيم- قال: لَمّا نزلت براءة على رسول الله ﷺ -وقد كان بعث أبا بكر الصديق ﵁ ليقيم الحج للناس- قيل له: يا رسول الله، لو بعثت إلى أبي بكر. فقال: «لا يُؤَدِّي عَنِّي إلا رجلٌ مِن أهل بيتي». ثُمَّ دعا عليَّ بن أبي طالب ﵁، فقال: «اخرج بهذه القصة مِن صدر براءة، وأذِّن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى: أنّه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عند رسول الله ﷺ عهدٌ فهو إلى مُدَّته». فخرج عليُّ بن أبي طالب ﵁ على ناقة رسول الله ﷺ العَضْباء، حتى أدرك أبا بكر الصديق بالطريق، فلمّا رآه أبو بكر قال: أميرٌ، أو مأمور؟ قال: مأمور. ثم مضيا ﵄، فأقام أبو بكر للناس الحجَّ، والعربُ إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم مِن الحج التي كانوا عليها في الجاهلية، حتى إذا كان يوم النحر قام عليُّ بن أبي طالب ﵁، فأذَّن في الناس بالذي أمره رسول الله ﷺ، فقال: يا أيها الناس، لا يدخل الجنةَ إلا نفسٌ مسلمة، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومَن كان له عهد عند رسول الله ﷺ فهو له إلى مُدَّته. فلم يَحُجَّ بعد ذلك العامَ مشركٌ، ولم يَطُفْ بالبيت عُرْيان. ثم قدما على رسول الله ﷺ، وكان هذا مِن براءة فيمَن كان مِن أهل الشرك مِن أهل العهد العامِّ وأهلِ المُدَّة إلى الأجل المُسَمّى[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ٢/٥٤٥-٥٤٦-، وابن جرير ١١/٣١٦-٣١٧ واللفظ له. قال ابن كثير في البداية ٧/٢٢٤: «وهذا مرسلٌ مِن هذا الوجه». وقال ابن حجر في الفتح ٨/٨٣: «وقد ذكر ابن إسحاق بإسناد مرسل». وقال الألباني في الإرواء ٤/٣٠٤:«أخرجه ابن إسحاق في السيرة بسند حسن مرسل».]]. (ز)
٣١٥٨٣- عن محمد بن كعب القرظي، وغيره -من طريق أبي معشر- قالوا: بعث رسولُ الله ﷺ أبا بكر أميرًا على الموسم سنة تسع، وبعث عليَّ بن أبي طالب ﵁ بثلاثين أو أربعين آيةً مِن براءة، فقرأها على الناسِ، يُؤَجِّلُ المشركين أربعةَ أشهر يسيحون في الأرض، فقرأ عليهم براءة يوم عرفة، أجَّل المشركين عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرًا من ربيع الآخر، وقرأها عليهم في منازلهم، وقال: لا يَحُجَّنَّ بعد عامنا هذا مشركٌ، ولا يَطُوفَنَّ بالبيت عريان[[أخرجه ابن جرير في تاريخه ٣/١٢٣، وفي تفسيره ١١/٣٠٩ مرسلًا.]]٢٨٨٤. (ز)
٣١٥٨٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿براءة من الله ورسوله﴾ إلى قوله: ﴿وبشر الذين كفروا بعذاب أليم﴾، قال: ذُكِر لنا: أنّ عليًّا نادى بالأذان، وأُمِّر على الحاجِّ أبو بكر، وكان العام الذي حج فيه المسلمون والمشركون، ولم يحج المشركون بعد ذلك العام[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠٧. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/١٩٢- بلفظ: إنّ أبا بكر أُمِّرَ على الحاجِّ يومئذ، ونادى عليٌّ فيه بالأذان، وكان عامًا حجَّ فيه المسلمون والمشركون.]]. (ز)
٣١٥٨٥- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- ﴿فسيحوا في الأرض أربعة أشهر﴾: عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر، كان ذلك عهدهم الذي بينهم[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٦٥-٢٦٦، وابن جرير ١١/٣٠٩.]]. (ز)
٣١٥٨٦- عن محمد ابن شهاب الزهري -من طريق معمر- ﴿فسيحوا في الأرض أربعة أشهر﴾، قال: نزَلتْ في شوال، فهي الأربعةُ أشهر؛ شوالٌ، وذو القَعْدة، وذو الحِجة، والمحرَّم[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٦٥، وابن جرير ١١/٣١١، وابن أبي حاتم ٦/١٧٤٧، والنحاس ص٤٨٧.]]. (٧/٢٣٤)
٣١٥٨٧- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- ﴿براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾ قال: لَمّا نزلت هذه الآيةُ بَرِئ مِن عهدِ كُلِّ مشرك، ولم يُعاهِد بعدها إلا مَن كان عاهد، وأجرى لكُلٍّ مُدَّتَهم، ﴿فسيحوا في الأرض أربعة أشهر﴾ لِمَن دخل عهدُه فيها مِن عشر ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠٨، وابن أبي حاتم ٦/١٧٤٦. وعلَّقه النحاس ٢/٤١٦.]]. (ز)
٣١٥٨٨- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: لَمّا نزلت هذه الآياتُ إلى رأس أربعين آيةً؛ بَعَثَ بِهِنَّ رسولُ الله ﷺ مع أبي بكر، وأمَّرَه على الحج، فلمّا سار فبلغ الشجرةَ من ذي الحُلَيْفَةِ أتْبَعَه بعليٍّ، فأخذها منه، فرجع أبو بكر إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أُنزِل في شأني شيء؟ قال: «لا، ولكن لا يُبَلِّغ عنِّي غيري، أو رجل مِنِّي. أما ترضى -يا أبا بكر- أنّك كنتَ معي في الغار، وأنّك صاحبي على الحوض؟». قال: بلى، يا رسول الله. فسار أبو بكر على الحاجِّ، وعليٌّ يُؤَذِّن ببراءة، فقام يوم الأضحى، فقال: لا يَقْرَبَنَّ المسجدَ الحرامَ مشركٌ بعد عامه هذا، ولا يطوفنَّ بالبيت عُريان، ومَن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فله عهده إلى مُدَّته، وإنّ هذه أيام أكل وشرب، وإنّ الله لا يُدخل الجنةَ إلا مَن كان مسلمًا. فقالوا: نحن نبرأُ مِن عهدك وعهدِ ابنِ عمك إلّا مِن الطعن والضرب. فرجع المشركون، فلام بعضهم بعضًا، وقالوا: ما تصنعون وقد أسْلَمَتْ قريش؟ فأسلموا[[أخرجه ابن جرير في تاريخه ٣/١٢٢-١٢٣، وفي تفسيره ١١/٣١٧ مرسلًا.]]. (ز)
٣١٥٨٩- قال محمد بن السائب الكلبي -من طريق معمر-: إنّما كانت الأربعةُ الأشهرُ لِمَن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهدٌ دون الأربعة الأشهر، فأتمَّ له الأربعة. ومَن كان له عهدٌ أكثرَ مِن أربعة أشهر فهو الذي أُمِر أن يُتِمَّ له عهده، وقال: ﴿أتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم﴾[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٦٦، وابن جرير ١١/٣١١.]]. (ز)
٣١٥٩٠- قال مقاتل بن سليمان: لَمّا نزلت براءةُ بَعَثَ النبيُّ ﷺ أبا بكر الصديق على حَجِّ الناس، وبعث معه ببراءة مِن أول السورة إلى تسع آيات. فنزل جبريل، فقال: يا محمد، إنّه لا يُؤَدِّي عنك إلا رجل منك. ثم أتبعه عليَّ بن أبي طالب، فأدركه بذي الحُلَيْفَة على ناقة رسول الله ﷺ، فأخذها منه، ثم رجع أبو بكر إلى النبي ﷺ، فقال له: بأبي أنت وأمي، هل أنزل الله فِيَّ مِن شيء؟ قال: «لا، ولكن لا يُبَلِّغ عني إلّا رجلٌ مِنِّي، أما ترضى -يا أبا بكر- أنّك صاحبي في الغار، وأنّك أخي في الإسلام، وأنّك تَرِدُ عَلَيَّ الحوض يوم القيامة؟». قال: بلى، يا رسول الله. فمضى أبو بكر على الناس، ومضى عليٌّ ببراءة من أول السورة إلى تسع آيات، فقام عليٌّ يومَ النحر بمنًى فقرأها على الناس. ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ من العهد غير أربعة أشهر، ﴿إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ نزلت في ثلاثة أحياء من العرب، منهم: خزاعة، ومنهم هلال بن عويمر، وفي مدلج منهم سراقة بن مالك بن [جُشْعُم] الكناني، وفي بني خزيمة[[كذا في المطبوع، ولعلها تصحَّفَت من: بني جَذِيمةَ.]] بن عامر، وهما حيّان من كنانة، كان النبي ﷺ عاهدهم بالحديبية سنتين، صالح عليهم المخش بن خويلد بن عمارة بن المخش، فجعل الله ﷿ للذين كانوا في العهد أجلهم أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر من ربيع الآخر، ﴿فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ﴾ يقول: سيروا في الأرض ﴿أرْبَعَةَ أشْهُرٍ﴾ آمِنين حيثُ شِئتُم، ... ثم جعل مَن لا عهد له أجلُه خمسين يومًا من يوم النحر إلى انسلاخ الـمُحَرَّم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٥٦.]]. (ز)
٣١٥٩١- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: بعث رسولُ الله ﷺ أبا بكر الصديق ﵁ أميرًا على الحاجِّ من سنة تسع ليقيم للناس حجَّهم، والناسُ مِن أهل الشرك على منازلهم مِن حجِّهم. فخرج أبو بكر ومَن معه من المسلمين، ونزلت سورة براءةَ في نَقْضِ ما بين رسول الله ﷺ وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم: أن لا يُصَدَّ عن البيت أحدٌ جاءَه، وأن لا يُخاف أحدٌ في الشهر الحرام. وكان ذلك عهدًا عامًّا بينه وبين الناس مِن أهل الشرك، وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله ﷺ وبين قبائل مِن العرب خصائص إلى أجل مُسَمًّى، فنزلت فيه وفيمن تخلَّف عنه من المنافقين في تبوك، وفي قول مَن قال منهم، فكشف الله فيها سرائرَ أقوامٍ كانوا يَسْتَخْفُون بغير ما يُظهِرون، منهم مَن سُمِّي لنا، ومنهم مَن لم يُسَمَّ لنا، فقال: ﴿براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين﴾ أي: لأهل العهد العامِّ مِن أهل الشرك من العرب، ﴿فسيحوا في الأرض أربعة أشهر﴾ إلى قوله: ﴿أن الله بريء من المشركين ورسوله﴾ أي: بعد هذه الحجة[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٠٤-٣٠٥ عن ابن إسحاق معضلًا. وعنه في تفسير الثعلبي ٥/٦: هم صنفان من المشركين: أحدهما: كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر، فأُمْهِل تمام أربعة أشهر. والآخر: كانت مدة عهده بغير أجل محدود، فقصر به على أربعة أشهر؛ ليرتاد لنفسه ...]]. (ز)
٣١٥٩٢- قال سفيان الثوري، في قوله: ﴿أربعة أشهر﴾: عشرين من ذي الحجة، والمحرم، وصفرًا، وشهر ربيع الأول، وعشرًا من ربيع الآخر[[تفسير سفيان الثوري ص١٢٣.]]٢٨٨٥. (ز)
٣١٥٩٣- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: نَقَضَ كلَّ عهد كان أكثر من أربعة أشهر، فردَّه إلى الأربعة[[تفسير الثعلبي ٥/٧.]]٢٨٨٦. (ز)
﴿وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِی ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخۡزِی ٱلۡكَـٰفِرِینَ ٢﴾ - تفسير
٣١٥٩٤- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ خوّفهم، فقال: ﴿واعْلَمُوا أنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الكافِرِينَ﴾، فلَم يعاهد النبيُّ ﷺ بعد هذه الآيةِ أحدًا من الناس[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٥٦.]]. (ز)
٣١٥٩٥- عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قال: بَلَغَنا -واللهُ أعلم- في قوله: ﴿واعلموا أنكم غير معجزي الله﴾ يقول: أنّكم غير سابقي اللهِ في الأرض، ﴿وأنّ الله مخزي الكافرين﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٧٤٧.]]. (ز)
﴿وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِی ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخۡزِی ٱلۡكَـٰفِرِینَ ٢﴾ - آثار متعلقة بالآية
٣١٥٩٦- عن علي بن أبي طالب، قال: بعَثني رسول الله ﷺ إلى اليمن ببراءة، فقلتُ: يا رسولَ الله، تَبْعَثُني وأنا غلامٌ حديثُ السِّنِّ، وأُسألُ عن القضاءِ ولا أدْرِي ما أُجِيبُ؟! قال: «ما بُدٌّ مِن أن تَذْهَبَ بها، أو أذهبَ بها». قلتُ: إن كان لا بُدَّ فأنا أذهبُ. قال: «انطَلِقْ، فإنّ الله يُثبِّتُ لسانَك، ويَهْدِي قلبَك». ثم قال: «انطَلِقْ، فاقرَأْها على الناس»[[أخرجه ابن حبان ١١/٤٥١ (٥٠٦٥)، من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي به. وهذا إسناد ضعيف؛ سماك في روايته عن عكرمة اضطراب. ينظر: تهذيب الكمال (١٢/١٢٠).]]. (٧/٢٣٣)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.