الباحث القرآني
﴿أَجَعَلۡتُمۡ سِقَایَةَ ٱلۡحَاۤجِّ وَعِمَارَةَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ كَمَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَجَـٰهَدَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ لَا یَسۡتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ١٩﴾ - قراءات
٣١٩١٤- عن أبي وجْزَةَ السَّعدي أنّه قرَأ: ›أجَعَلْتُمْ سُقاةَ الحَآجِّ وعَمَرَةَ المَسْجِدِ الحَرامِ‹[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ. وهي قراءة متواترة، قرأ بها ابن وردان على خلاف عنه، وقرأ بقية العشرة: ﴿سِقايَةَ..وعِمارَةَ﴾. انظر: النشر ٢/٢٧٨، والإتحاف ص٣٠٢.]]. (٧/٢٧٢)
﴿أَجَعَلۡتُمۡ سِقَایَةَ ٱلۡحَاۤجِّ وَعِمَارَةَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ كَمَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَجَـٰهَدَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ لَا یَسۡتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ١٩﴾ - نزول الآية
٣١٩١٥- عن النعمان بن بشير، قال: كنتُ عند مِنبَرِ رسول الله ﷺ في نفرٍ من أصحابه، فقال رجلٌ منهم: ما أُبالِي ألّا أعملَ لله عملًا بعدَ الإسلام إلا أن أسقيَ الحاجَّ. وقال آخر: بل عمارةُ المسجد الحرام. وقال آخر: بل الجهادُ في سبيل الله خيرٌ مما قلتم. فزجَرهم عمرُ، وقال: لا ترفَعوا أصواتَكم عند مِنبَرِ رسول الله ﷺ -وذلك يوم الجمُعة-، ولكن إذا صلَّيتُ الجُمُعة دخلتُ على رسول الله ﷺ، فاستفتَيتُه فيما اختلَفتم فيه. فأنزل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ إلى قوله: ﴿والله لا يهدي القوم الظالمين﴾[[أخرجه مسلم ٣/١٤٩٩ (١٨٧٩)، وعبد الرزاق ٢/١٣٨ (١٠٦٠)، وابن جرير ١١/٣٧٧-٣٧٨، ٣٧٩، وابن أبي حاتم ٦/١٧٦٧ (١٠٠٦٣). وأورده الثعلبي ٥/١٩.]]. (٧/٢٦٨)
٣١٩١٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ الآية: وذلك أنّ المشركين قالوا: عمارةُ بيتِ الله وقيامٌ على السقاية خيرٌ مِمَّن آمَن وجاهد. فكانوا يفخَرون بالحَرَم، ويستكبرون به، من أجلِ أنهم أهلُه وعُمّارُه، فذكَر الله استِكْبارَهم وإعراضَهم، فقال لأهل الحرمِ من المشركين: ﴿قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون:٦٦-٦٧]، يعني: أنهم كانوا يستكبرون بالحرم، وقال: ﴿به سامرا﴾ كانوا به يَسْمُرُون، ويهجُرون القرآن والنبي ﷺ. فخيَّر الإيمان بالله والجهاد مع نبي الله ﷺ على عُمرانِ المشركين البيت، وقيامِهم على السِّقاية، ولم يكن ينفعُهم عند الله تعالى مع الشرك به، وإن كانوا يعمُرون بيتَه ويخدِمونه؛ قال الله: ﴿لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين﴾. يعني: الذين زعَموا أنهم أهلُ العمارة، فسمّاهم الله ظالمين بشركِهم، فلم تُغنِ عنهم العمارةُ شيئًا[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧٨-٣٧٩، وابن أبي حاتم ٦/١٧٦٧ (١٠٠٦٢) مختصرًا، من طريق محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه عطية العوفي، عن ابن عباس به. الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٧/٢٦٩)
٣١٩١٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: قال العباسُ حينَ أُسِر يومَ بدر: إن كنتم سبَقتمُونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمُرُ المسجدَ الحرام، ونَسقي الحاج، ونفُكُّ العاني. فأنزَل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ الآية. يعني: أنّ ذلك كان في الشرك، فلا أقبلُ ما كان في الشرك[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧٨، وابن أبي حاتم ٦/١٧٦٨ (١٠٠٦٦). وعلّقه الواحدي في أسباب النزول ص٢٤٤، من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبى طلحة، عن ابن عباس به. إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٧/٢٦٩)
٣١٩١٨- عن عبد الله بن عباس، ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام﴾ الآية، قال: نزَلت في علي بن أبي طالب، والعبّاس[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٧٠)
٣١٩١٩- عن أنس بن مالك، قال: قعَد العباس وشيبةُ صاحبُ البيت يفتخِران، فقال له العباس: أنا أشرفُ منك؛ أنا عمُّ رسول الله ﷺ، ووَصِيُّ أبيه، وساقي الحجيج. فقال شيبة: أنا أشرفُ منك؛ أنا أمينُ الله على بيتِه، وخازنُه، أفلا ائْتمَنَك كما ائْتمَنَني! فاطَّلع عليهما عليٌّ، فأخبَراه بما قالا، فقال عليٌّ: أنا أشرفُ منكما؛ أنا أوَّلُ مَن آمَن وهاجَر وجاهد. فانطلَقوا ثلاثتُهم إلى النبيِّ ﷺ، فأخبَروه، فما أجابهم بشيءٍ، فانصرَفوا، فنزَل عليه الوحي بعدَ أيام، فأرسَل إليهم، فقرَأ عليهم: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ إلى آخر العَشْر[[أخرجه ابن شاهين في شرح مذاهب أهل السنة ص١٨٥-١٨٦ (١٣١)، وأبو نعيم في فضائل الخلفاء ص٨١-٨٢ (٧٣) واللفظ له. قال ابن كثير في البداية والنهاية ١١/٩٤ على ما نزل في علي من الآيات: «لا يصح شيء منها».]]. (٧/٢٧٢)
٣١٩٢٠- قال مجاهد بن جبر: أُمِروا بالهجرة، فقال عباس بن عبد المطلب: أنا أسقي الحاجَّ. وقال طلحة أخو بني عبد الدار: أنا حاجب الكعبة؛ فلا نُهاجِر. فنزلت هذه الآية إلى قوله: ﴿إن الله عنده أجر عظيم﴾، وكان هذا قبل فتح مكة[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/١٩٨-. وهو في تفسير مجاهد ص٣٦٥ في سبب نزول قوله تعالى: ﴿لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان﴾ [التوبة:٢٣]، وكذا أخرجه ابن جرير ١١/٣٨٤، وابن أبي حاتم ٦/١٧٧٠، وسيأتي.]]. (ز)
٣١٩٢١- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد- قال: أقبَل المسلمون على العباس وأصحابِه الذين أُسِروا يومَ بدر، يُعَيِّرونهم بالشرك، فقال العباس: أما -واللهِ- لقد كُنّا نعمُرُ المسجد الحرام، ونفُكُّ العانيَ، ونَحْجُبُ البيت، ونَسقِي الحاج. فأنزَل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٨١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٧١)
٣١٩٢٢- عن عامر الشعبي -من طريق زكريا- قال: تفاخَر عليٌّ والعباسُ وشيبةُ في السِّقاية والحِجابة؛ فأنزَل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام﴾ الآية[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٧٦٧. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٧٠)
٣١٩٢٣- عن عامر الشعبي -من طريق إسماعيل- قال: نزَلت هذه الآية: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ في عباسٍ وعليٍّ، تكلَّما في ذلك[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٦٩، وابن أبي شيبة ١٢/٨١، وابن جرير ١١/٣٨٠، وابن أبي حاتم ٦/١٧٦٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٧/٢٧٠)
٣١٩٢٤- عن عامر الشعبي، قال: كانت بينَ عليٍّ والعباس مُنازعةٌ، فقال العباسُ لعليٍّ: أنا عمُّ النبيِّ، وأنت ابنُ عمِّه، وإلَيَّ سِقايةُ الحاجِّ وعِمارةُ المسجد الحرام. فأنزَل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ الآية[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٧٠)
٣١٩٢٥- عن الحسن البصري -من طريق عمرو- قال: نزَلت في عليٍّ، وعباسٍ، وعثمان، وشيبة، تكلَّموا في ذلك[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٦٩.]]. (٧/٢٧٠)
٣١٩٢٦- عن محمد بن سيرين -من طريق أشعث بن سوّار- قال: قدِم عليُّ بن أبي طالب مكةَ، فقال للعباس: أيْ عمِّ، ألا تُهاجِرُ! ألا تلحَقُ برسول الله ﷺ! فقال: أعمُرُ المسجدَ الحرام، وأحجُبُ البيت. فأنزل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام﴾ الآية. وقال لقوم قد سمّاهم: ألا تهاجرون! ألا تَلحَقون برسول الله ﷺ! فقالوا: نقيمُ مع إخوانِنا، وعشائرِنا، ومساكنِنا. فأنزل الله تعالى: ﴿قل إن كان آباؤكم﴾ الآية كلها [التوبة:٢٤][[أخرجه ابن بشكوال في غوامض الأسماء ٢/٧٤٥. وأورده الثعلبي ٥/٢٠. وعزاه السيوطي إلى الفريابي.]]. (٧/٢٧٠)
٣١٩٢٧- عن محمد بن كعب القُرَظي -من طريق أبي صخر- قال: افتخَر طلحةُ بن شيبة، والعباس، وعلي بن أبي طالب، فقال طلحة: أنا صاحبُ البيت، معي مِفتاحُه. وقال العباس: أنا صاحبُ السِّقايةِ، والقائمُ عليها. فقال عليٌّ: ما أدري ما تقولون، لقد صلَّيتُ إلى القبلة قبلَ الناس، وأنا صاحبُ الجهاد. فأنزَل الله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ الآية كلها[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٨٠.]]. (٧/٢٧١)
﴿أَجَعَلۡتُمۡ سِقَایَةَ ٱلۡحَاۤجِّ وَعِمَارَةَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ﴾ - تفسير
٣١٩٢٨- عن الحسن البصري، في قوله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾، قال: أرادوا أن يَدَعُوا السقاية والحجابة، فقال رسول الله ﷺ: «لا تَدَعُوها؛ فإنّ لكم فيها خيرًا»[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٧٢)
٣١٩٢٩- عن عطاء -من طريق حجاج- في قوله: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾، قال: زمزم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١١/١٧٦٧. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٧٥)
٣١٩٣٠- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال يعنيهم: ﴿أجعلتم سقاية الحاج﴾ يعني: العباس، ﴿وعمارة المسجد الحرام﴾ يعني: شيبة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٦٣.]]. (ز)
﴿كَمَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَجَـٰهَدَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ لَا یَسۡتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ١٩﴾ - تفسير
٣١٩٣١- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: فخيَّر الإيمانَ بالله والجهادَ مع نبي الله ﷺ على عُمرانِ المشركين البيتَ، وقيامِهم على السِّقاية، ولم يكن ينفعُهم عند الله تعالى مع الشرك به، وإن كانوا يعمُرون بيتَه ويخدِمونه، قال الله: ﴿لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين﴾. يعني: الذين زعَموا أنهم أهلُ العمارة، فسمّاهم الله ظالمين بشركِهم، فلم تُغنِ عنهم العمارةُ شيئًا[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧٨، وابن أبي حاتم ٦/١٧٦٨ مختصرًا.]]. (٧/٢٦٩)
٣١٩٣٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿كمن آمن بالله واليوم الآخر﴾ يعني: صدّق بتوحيد الله واليوم الآخر، وصدّق بالبعث الذى فيه جزاء الأعمال، يعني: عليًّا ومَن معه، ﴿وجاهد﴾ العدوَّ ﴿في سبيل الله لا يستوون عند الله﴾ فى الفضلِ، هؤلاء أفضل، ﴿والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ يعني: المشركين إلى الحُجَّة، فما لهم حُجَّة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٦٣.]]. (ز)
﴿كَمَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَجَـٰهَدَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ لَا یَسۡتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ١٩﴾ - آثار متعلقة بالآية
٣١٩٣٣- عن عبد الله بن عباس: أنّ رسول الله ﷺ جاء إلى السِّقاية، فاستَسْقى، فقال العباس: يا فضلُ، اذهَبْ إلى أُمِّك، فائتِ رسولَ الله ﷺ بشرابٍ من عندِها. فقال: «اسْقِني». فقال: يا رسول الله، إنهم يجعَلون أيديَهم فيه. فقال: «اسقِني». فشَرِب منه، ثم أتى زمزمَ وهم يَسقُون ويعمَلون فيها، فقال: «اعمَلوا؛ فإنّكم على عمل صالح، لولا أن تُغلَبوا لنَزَلتُ حتى أضعَ الحبلَ على هذه». وأشار إلى عاتِقِه[[أخرجه البخاري ٢/١٥٦ (١٦٣٥).]]. (٧/٢٧٣)
٣١٩٣٤- عن جعفر بن تمّام، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عباس، فقال: أرأَيتَ ما تَسقُون الناسَ مِن نبيذِ هذا الزبيب؛ أسُنَّةٌ تتَّبِعُونها، أم تجدون هذا أهونَ عليكم مِن اللَّبَن والعسل؟ قال ابن عباس: إنّ رسول الله ﷺ أتى العباس وهو يسقِي الناس، فقال: «اسقِني». فدعا العباسُ بعِساسٍ[[العساس: الأقداح. التاج (عسس).]] مِن نبيذٍ، فتناوَل رسول الله ﷺ عُسًّا منها، فشرِب، ثم قال: «أحسَنتم، هكذا فاصنَعوا». قال ابن عباس: فما يَسُرُّني أنّ سِقايتَها جرَت عَلَيَّ لبنًا وعسلًا مكانَ قولِ رسول الله ﷺ: «أحسَنتم، هكذا فافعلوا»[[أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤/١٨، من طريق مِندل بن علي، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، قال: حدثني جعفر بن تمام به. إسناده ضعيف؛ فيه مندل بن علي، قال عنه ابن حجر في التقريب (٦٨٨٣): «ضعيف». وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، قال عنه ابن حجر في التقريب (١٣٢٦): «ضعيف». وقد أخرجه أحمد ٥/١٠٣ (٢٩٤٤)، ٥/٢٢٤ (٣١١٤)، من طريق ابن جريج، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس وداود بن علي بن عبد الله بن عباس: أنّ رجلا نادى ابن عباس، فذكر بنحوه. إسناده ضعيف؛ حسين تقدم ضعفه، وداود بن علي لم يسمع من ابن عباس. ينظر: تهذيب الكمال ٨/ ٤٢٣.]]. (٧/٢٧٤)
٣١٩٣٥- عن أبي مَحذورة، قال: جعَل رسول الله ﷺ الأذانَ لنا ولموالينا، والسقايةَ لبني هاشم، والحجابةَ لبني عبد الدار[[أخرجه أحمد ٤٥/٢٢٥ (٢٧٢٥٣). قال محققوه: «إسناده ضعيف».]]. (٧/٢٧٣)
٣١٩٣٦- عن عبد الله بن عمر، قال: استأذَن العباسُ النبيَّ ﷺ أن يبيتَ لياليَ مِنًى بمكةَ؛ من أجلِ سِقايَتِه، فأَذِن له[[أخرجه البخاري ٢/١٥٥ (١٦٣٤)، ٢/١٧٧ (١٧٤٥)، ومسلم ٢/٩٥٣ (١٣١٥).]]. (٧/٢٧٤)
٣١٩٣٧- عن علي بن أبي طالب -من طريق عبد الله بن زُرَيْر- قال: قال عبد المطلب: إنِّي لَنائم في الحِجْرِ إذ أتاني آتٍ، فقال: احفِرْ طَيبَةَ. قلتُ: وما طَيبةُ؟ فذهب عنِّي، فلمّا كان مِن الغد رجعتُ إلى مَضجَعي، فنِمتُ فيه، فجاءني، فقال: احفِرْ زمزم. فقلتُ: وما زمزم؟ قال: لا تنزِفُ ولا تُذَمُّ، تَسْقى الحجيج الأعظم، عند قرية النمل. قال: فلمّا أبان له شأنَها، ودُّلَّ على موضعها، وعرف أن قد صُدِق؛ غدا بِمعْوَلِه ومعه ابنُه الحارث، ليس له يومئذ غيره، فحفر، فلما بدا لعبد المطلب الطيُّ[[الطَيّ: البئر. تاج العروس (طوى).]] كبرَّ، فعرفت قريش أنّه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه، فقالوا: يا عبدَ المطلب، إنّها بئر إسماعيل، وإنّ لنا فيها حقًّا، فأشْرِكْنا معك فيها. فقال: ما أنا بفاعِل، إنّ هذا الأمرَ خُصِصْتُ به دونكم، وأُعطِيتُه من بينِكم. قالوا: فأنصِفْنا، فإنّا غيرُ تاركيك حتى نحاكمك. قال: فاجعلوا بيني وبينكم مَن شئتم أُحاكمكم. قالوا: كاهنة بني سعْدِ هُذَيْم؟ قال: نعم. وكانت بأشراف الشام، فركب عبد المطلب ومعه نفر مِن بني عبد مناف، وركِب مِن كل قبيلة مِن قريش نفر، والأرض إذ ذاك مَفاوِز، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوِز بين الحجاز والشام فَنِيَ ماءُ عبد المطلب وأصحابِه، فظَمِئوا، حتى أيقنوا بالهَلَكَة، فاستَسْقوا مِمَّن معهم مِن قبائل قريش، فأبَوْا عليهم، وقالوا: إنّا في مَفازَةٍ نخشى فيها على أنفسنا مثلَ ما أصابكم. فلمّا رأى عبدُ المطلب ما صنع القومُ، وما يَتَخَوَّفُ على نفسه وأصحابه؛ قال: ماذا ترَون؟ قالوا: ما رأيُنا إلا تبَعٌ لرأيِك، فمُرْنا بما شئتَ. قال: فإنِّي أرى أن يحفِرَ كلُ رجل منكم لنفسه؛ لِما بكم الآن من القوة، كُلَّما مات رجلٌ دَفَعه أصحابه في حفرته، ثم وارَوْه، حتى يكون آخركم رجلًا، فضَيْعَة رجل واحدٍ أيسرُ مِن ضيعة رَكْبٍ جميعًا. قالوا: سمِعنا ما أرَدت. فقام كلُّ رجل منهم يحفِرُ حفرتَه، ثم قعدوا ينتظرون الموتَ عطشًا، ثم إنّ عبد المطلب قال لأصحابه: واللهِ، إنّ إلقاءَنا بأيدينا لَعْجَزٌ، ما نبتغي لأنفسنا حيلة؟! عسى الله أن يرزقَنا ماءً ببعض البلاد، ارْتحِلُوا. فارتحَلوا حتى فَرَغُوا، ومَن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون، فقام عبد المطلب إلى راحلته فركِبها، فلمّا انبعَثَت انفجَرت مِن تحت خُفِّها عينٌ مِن ماءٍ عَذْبٍ، فكبَّر عبدُ المطلب، وكبَّر أصحابُه، ثم نزَل فشرِب وشربوا، واستَقَوا حتى مَلَئُوا أسْقِيَتَهم، ثم دعا القبائلَ التي معه من قريش فقال: هلمَّ الماءَ، قد سقانا الله تعالى، فاشربوا، واسْتَقُوا. فقالت القبائلُ التي نازَعَته: قد -واللهِ- قضى اللهُ لك علينا، يا عبد المطلب، واللهِ، لا نُخاصِمُك في زمزم أبدًا، فارجع إلى سقايتك راشِدًا. فرجع، ورجعوا معه، ولم يَمْضُوا إلى الكاهنة، وخلَّوا بينه وبين زمزم[[أخرجه الأزرقي ٢/٤٢-٤٦، والبيهقي في الدلائل ١/٩٣-٩٥.]]. (٧/٢٧٨)
٣١٩٣٨- عن محمد ابن شهاب الزهري -من طريق معمر بن راشد- قال: أولُ ما ذُكِر من عبد المطلب جدِّ رسول الله ﷺ أنّ قريشًا خرَجت مِن الحرم فارَّةً مِن أصحاب الفيلِ وهو غلامٌ شابٌّ، فقال: واللهِ، لا أخرُجُ مِن حَرَم الله أبتغِي العزَّ في غيرِه. فجلَس عندَ البيت، وأَجْلَتْ عنه قريش، فقال: لاهُمَّ إنّ المرء يمـ ـنعُ رَحْلَه فامنَعْ رِحالَكْ لا يَغلِبَنَّ صليبُهُمْ وضلالُهم عدْوًا مِحالَكْ فلم يزَلْ ثابتًا في الحرمِ حتى أهلَك اللهُ الفيلَ وأصحابَه، فرجَعت قريشٌ وقد عظُم فيها لصبرِه وتعظيمِه محارَمَ الله، فبينما هو في ذلك وقد وُلِد له أكبرُ بَنيه فأدرَك، وهو الحارثُ بن عبد المطلب، فأُتِيَ عبدُ المطلب في المنام، فقيل له: احفِرْ زمزمَ، خَبيئةَ الشيخ الأعظم. فاستيقَظَ، فقال: اللَّهُمَّ، بيِّن لي. فأُتِيَ في المنامِ مَرَّةً أخرى، فقيل له: احفِرْ تُكْتَمَ[[تُكتَم: اسم بئر زمزم، سميت به؛ لأنها كانت قد اندفنت بعد جرهم وصارت مكتومة، حتى أظهرها عبد المطلب. النهاية (كتم).]] بينَ الفرثِ والدم، في مَبحثِ الغراب، في قريةِ النمل، مُستقبلَ الأنصابِ الحُمْرِ. فقام عبدُ المطلب، فمشى حتى جلَس في المسجد الحرام ينتظرُ ما سُمِّيَ له من الآيات، فنُحِرَت بقرةٌ بالحَزْوَرةِ[[الحزورة: كانت سوق مكة، وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه. معجم البلدان ٢/٣٦٢.]]، فانفَلَتَتْ من جازرِها بحُشاشةِ[[الحشاشة: روح القلب ورمق حياة النفس، وكل بقية حُشاشة، والحشاشة بقية الروح في المريض. اللسان (حشش).]] نفسِها، حتى غلَبها الموتُ في المسجد في موضع زمزم، فجُزِرت تلك البقرةُ من مكانِها حتى احتُمِل لحمُها، فأقبَل غرابٌ يهوِي حتى وقَع في الفرث، فبحَث عن قرية النمل، فقام عبدُ المطلب فحفَر هنالك، فجاءته قريشٌ، فقالت لعبد المطلب: ما هذا الصنيع؟ إنّا لم نكنْ نَزُنُّك[[زنَّه بكذا وأزنَّه: اتّهمه به وظنّه فيه. النهاية (زنن).]] بالجهل، لِمَ تحفِرُ في مسجدِنا؟ فقال عبد المطلب: إنِّي لَحافرٌ هذا البئر، ومجاهِدٌ مَن صَدَّني عنها. فطَفِق هو وولدُه الحارث، وليس له ولدٌ يومئذٍ غيرُه، فسَفِه عليهما يومئذٍ ناسٌ من قريشٍ، فنازَعوهما، وقاتَلوهما، وتناهى عنه ناسٌ مِن قريش لِما يعلمون من عِتْقِ نسبه، وصدقه، واجتهاده في دينهم، حتى إذا أمكَن الحفرُ، واشتَدَّ عليه الأذى؛ نَذَر إن وفى له عشرةٌ من الولد أن ينحر أحدهم، ثُمَّ حفر حتى أدرك سيوفًا دُفِنت في زمزم حين دُفنت، فلمّا رأت قريشٌ أنّه قد أدرك السيوف قالوا: يا عبد المطلب، أجْدِنا[[أجْدِنا: أعطنا. النهاية (جدا).]] مما وجَدت. فقال عبد المطلب: هذه السيوفُ لبيت الله. فحفر حتى أنبَطَ[[النَّبَط: الماء الذي يَنْبُطُ من قعر البئر إذا حُفرت، وكل ما أُنبِطَ: فقد أُظهِرَ. اللسان (نبط).]] الماء في التراب، وبَحَرَها[[بحرها: أي: شقَّها ووسعها. اللسان (بحر).]] حتى لا تنزِف، وبنى عليها حوضًا، فطفِق هو وابنُه ينزِعان فيملآن ذلك الحوض، فيشرب منه الحاجُّ، فيكسِرُه أناسٌ حَسَدةٌ مِن قريش بالليل، فيُصلِحُه عبدُ المطلب حين يصبح، فلمّا أكثروا فسادَه دعا عبدُ المطلب ربَّه، فأُرِيَ في المنام، فقيل له: قل: اللَّهُمَّ، لا أُحِلُّها لِمُغْتَسِل، ولكن هي للشارب حِلٌّ وبِلٌّ[[البل: المباح. وقيل: الشفاء. مِن قولهم: بَلّ من مرضه وأبَلّ. النهاية (بلل).]]، ثم كُفيتَهم. فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد، فنادى بالذي أُرِيَ، ثم انصرف، فلم يكن يُفسِد حوضَه ذلك عليه أحدٌ من قريش إلا رُمِيَ في جسده بداء، حتى تركوا حوضَه وسقايته. ثم تزوج عبدُ المطلب النساء، فوُلِد له عشرةُ رَهْط، فقال: اللَّهُمَّ، إنِّي كنتُ نذَرتُ لك نحرَ أحدهم، وإنِّي أُقرِعُ بينهم، فأصِبْ بذلك مَن شئت. فأقرَعَ بينهم، فطارت القرعةُ على عبد الله، وكان أحبَّ ولده إليه، فقال عبد المطلب: اللَّهُمَّ، هو أحبُّ إليك أم مائة من الإبل؟ ثم أقرع بينه وبين المائة من الإبل، فطارت القرعة على المائة من الإبل، فنحرها عبد المطلب[[أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٥/٣١٣-٣١٧، والأزرقي في تاريخ مكة ٢/٤٢-٤٤، والبيهقي في الدلائل ١/٨٥-٨٧.]]. (٧/٢٧٥)
٣١٩٣٩- عن عبد الله بن السائب -من طريق السائب- قال: اشرَبْ مِن سقاية العبّاس؛ فإنّها مِن السُّنَّة وفي لفظ ابن أبي شيبة: فإنّها مِن تَمامِ الحجِّ[[أخرجه ابن أبي شيبة ص١٧٠ (القسم الأول من الجزء الرابع). وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٧٣)
٣١٩٤٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق الحكم- قال: اشرَبْ مِن سقايةِ آلِ العباس؛ فإنّها مِن السُّنَّة[[أخرجه ابن سعد ٤/٢٦. وقد أورد السيوطي آثارًا كثيرةً ٧/٢٨٠-٢٩٢ عن ماء زمزم وفضله.]]. (٧/٢٧٥)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.