الباحث القرآني
﴿كَمَاۤ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَیۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لَكَـٰرِهُونَ ٥﴾ - نزول الآيات
٣٠١٦٩- عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال لنا رسول الله ﷺ ونحن بالمدينة، وبلَغَه أنّ عِير أبي سفيان قد أقْبَلتْ، فقال: «ما تَرَوْن فيها؟ لعلَّ الله يُغْنِمُناها ويُسَلِّمُنا». فخرجنا، فلما سِرْنا يومًا أو يومين أمَرَنا رسول الله ﷺ أن نَتَعادَّ، ففعَلنا، فإذا نحن ثلاثُمائة وثلاثةَ عشر رجلًا، فأخبَرْنا النبي ﷺ بعِدَّتنا، فسُرَّ بذلك، وحمِد الله، وقال: «عِدَّةُ أصحاب طالوت». فقال: «ما تَرَون في القوم، فإنهم قد أُخبِرُوا بمَخْرَجكم؟». فقُلنا: يا رسول الله، لا واللهِ ما لنا طاقةٌ بقتال القوم، إنما خَرَجْنا للعير. ثم قال: «ما تَرَوْن في قتال القوم؟». فقلنا مثلَ ذلك، فقال المقداد: لا تقولوا كما قال قوم موسى لموسى: اذهبْ أنت وربُّك فقاتِلا إنا هاهنا قاعدون. فأنزل الله: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾ إلى قوله: ﴿وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم﴾. فلما وعَدَنا الله إحدى الطائفتين؛ إما القومَ وإما العِيرَ، طابتْ أنفسُنا، ثم إنّا اجْتَمَعْنا مع القوم فصَفَفْنا، فقال رسول الله ﷺ: «اللهم إني أنشُدُك وعدَك». فقال ابن رَواحة: يا رسول الله، إني أريدُ أن أُشيرَ عليك، ورسول الله أفضلُ ممن يُشِيرُ عليه؛ إن الله -أجلُّ وأعظمُ- من أن تَنْشُدَه وعدَه. فقال: «يا ابن رواحة، لأَنشُدنَّ الله وعدَه، فإنّ الله لا يُخلِفُ الميعاد». فأخَذَ قبضةً من التراب، فرمى بها رسول الله ﷺ في وجوه القوم، فانهزَمُوا، فأنزَل الله: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾ [الأنفال:١٧]. فقَتَلْنا وأسَرْنا، فقال عمر: يا رسول الله، ما أرى أن يكون لك أسْرى، فإنما نحن داعُون مُؤَلِّفُون. فقلنا معشر الأنصار: إنما يَحمِلُ عمرَ على ما قال حسدٌ لنا. فنام رسول الله ﷺ، ثم استَيقَظ، ثم قال: «ادعُوا لي عمر». فدُعِيَ له، فقال له: «إن الله قد أنزَل عليَّ: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى﴾» الآية [الأنفال:٦٧][[أخرجه الطبراني في الكبير مطوَّلًا ٤/١٧٤-١٧٥ (٤٠٥٦)، وأخرجه مختصرًا البيهقي في الدلائل ٣/٣٧، وابن جرير ١١/٤٧، وابن أبي حاتم ٥/١٦٥٩ (٨٨٠٥)، ٥/١٦٦٠-١٦٦١ (٨٨١٤). قال الهيثمي في المجمع ٦/٧٤ (٩٩٥٠): «وإسناده حسن». وقال الألباني في الصحيحة ٧/١٠٢٠: «وأما ما رواه الطبراني في الكبير ... فلا يثبت إسناده، وإن حسنه الهيثمي؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، هذا إن سلم من شيخ الطبراني بكر بن سهل؛ فقد ضَعَّفه النسائي».]]. (٧/٢٥)
٣٠١٧٠- عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، عن أبيه، عن جدِّه، قال: خرج رسول الله ﷺ إلى بدر، حتى إذا كان بالرَّوْحاءِ خطَب الناس، فقال: «كيف تَرَوْن؟». فقال أبو بكر: يا رسول الله، بلَغَنا أنهم كذا وكذا. ثم خطب الناس، فقال: «كيف تَرَوْن؟». فقال عمر مثلَ قول أبي بكر، ثم خطَب الناس، فقال: «كيف ترون؟». فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، إيّانا تريد؟ فوالذي أكْرَمَك وأَنزَل عليك الكتاب، ما سَلَكْتُها قطُّ ولا لي بها علم، ولئن سِرتَ حتى تأتي بَرْكَ الغِمادِ[[بَرْكَ الغِمادِ -بفتح الباء وكسرها، وضم الغين وكسرها-: وهو اسم موضع باليمن. وقيل: هو موضع وراء مكة بخمس ليال. النهاية (برك).]] من ذي يَمَنٍ لَنَسِيرَنَّ معك، ولا نَكُونَنَّ كالذين قالوا لموسى: اذهبْ أنت وربُّك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون. ولكن اذهبْ أنت وربُّك فقاتِلا إنا معكم مُتَّبِعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر، وأحدَثَ الله إليك غيرَه، فانظُر الذي أحدَث الله إليك فامضِ له، فصِلْ حبالَ مَن شِئتَ، واقطعْ حبالَ مَن شئتَ، وعادِ مَن شئتَ، وسالِم مَن شئت، وخُذْ مِن أموالِنا ما شئتَ. فنزل القرآن على قول سعد: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ إلى قوله: ﴿ويقطع دابر الكافرين﴾. وإنما خرج رسول الله ﷺ يريد غنيمةً مع أبي سفيان، فأحدَثَ الله إليه القتال[[أخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ٣٥٣ (٣٦٦٦٠)، وابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير ٤/١٥-. قال ابن حجر في الفتح ٧/٢٨٨: «وعند ابن أبي شيبة من مرسل علقمة بن وقاص». وقال الألباني في الصحيحة ٧/١٠٢٠: «وسنده حسن».]]. (٧/٢٧)
٣٠١٧١- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي-، قال: لَمّا شاوَر النبي ﷺ في لقاء العدو، وقال له سعد بن عُبادة ما قال، وذلك يوم بدر، أمَر الناس فتَعَبَّوْا للقتال، وأمَرهم بالشَّوْكَة، فكَرِه ذلك أهلُ الإيمان، فأنزل الله: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ إلى قوله: ﴿وهم ينظرون﴾[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧ من طريق محمد بن سعد، عن أبيه، قال: حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده عطية العوفي، عن ابن عباس به. إسناده ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٧/٢٨)
٣٠١٧٢- عن محمد ابن شهاب الزهري -من طريق موسى بن عُقْبَة-= (ز)
٣٠١٧٣- وموسى بن عقبة -من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة- قالا: ... نزل القرآن يُعَرِّفُهم الله نِعْمَتَه فيما كَرِهوا من خروج رسول الله ﷺ إلى بدر، فقال: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾، هذه الآية وثلاثَ آيات معها[[أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/١٠١-١١٩. وسيأتي بتمامه مطولًا في سياق قصة غزوة بدر مرسلًا.]]. (٧/٢٩)
٣٠١٧٤- قال مقاتل بن سليمان: قوله: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ﴾ وذلك أن عِير كفار قريش جاءت من الشام تريد مكة، فيها أبو سفيان بن حرب، وعمرو بن العاص، وعمرو بن هشام، ومَخْرَمَةُ بن نَوْفَل الزُّهْرِي في العِير، فبلغهم أنّ رسول الله ﷺ يريدهم، فبعثوا عمرو بن ضَمْضَم الغِفارِيّ إلى مكة مُسْتَغِيثًا، فخرجت قريش، وبعث النبي ﷺ عَدِيَّ بن أبي الزَّغْباءِ عينًا على العِير ليعلم أمرهم، ونزل جبريل ﵇، فأخبر النبي ﷺ بعير أهل مكة، فقال النبي ﷺ لأصحابه: «إن الله يعدكم إحدى الطائفتين: إما العير، وإما النصر والغنيمة، فما ترون؟» فأشاروا عليه: بل نسير إلى العِير. وكرهوا القتال، وقالوا: إنا لم نأخذ أُهْبَةَ[[الأُهْبَة -بالضم-: العُدَّة. القاموس (أهبة).]] القتال، وإنَّما نَفَرْنا إلى العير. ثم أعاد النبي ﷺ المشورة: فأشاروا عليه بالعير. فقال سعد بن عبادة الأنصاري: يا رسول الله، انظر أمرك فامْضِ له، فو الله لو سِرْت بنا إلى عَدَنٍ ما تخلف عنك رجل من الأنصار. ففرح النبي ﷺ، حتى عُرِف السرور في وجهه. فقال المِقْداد بن الأسود الكِندِيّ: إنا معك. فضحك النبي ﷺ، وقال لهم معروفًا. فأنزل الله ﷿: ﴿كَما أخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وإنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ للقتال، فلذلك ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ في أمر الغنيمة، فيها تقديم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٠٠-١٠١.]]. (ز)
٣٠١٧٥- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: ثم ذكر القوم -يعني: أصحاب رسول الله ﷺ- ومسيرهم مع رسول الله ﷺ، حين عرف القوم أن قريشًا قد سارت إليهم، وأنهم إنما خرجوا يريدون العير طمعًا في الغنيمة، فقال: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ إلى قوله: ﴿لكارهون﴾[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧ مرسلًا.]]. (ز)
﴿كَمَاۤ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَیۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ﴾ - تفسير
٣٠١٧٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾، قال: كذلك أخرجك ربُّك، إلى قوله: ﴿يجادلونك في الحق﴾، قال: القتال[[تفسير مجاهد (ص٣٥١)، وأخرجه ابن جرير ١١/٣٥، وابن أبي حاتم ٥/١٦٥٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وفي تفسير البغوي ٣/٣٢٧ قال مجاهد: معناه: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق على كُرْه فريق منهم، كذلك يكرهون القتال ويجادلون فيه.]]. ٢٧٤٣ (٧/٢٨)
٣٠١٧٧- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق داود- ﴿فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين﴾ ... ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ الآية، أي: إنّ هذا خير لكم، كما كان إخراجك من بيتك بالحق خيرًا لك[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٣.]]. (ز)
٣٠١٧٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾، قال: خروج النبي ﷺ إلى بدر[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٤، وابن أبي حاتم ٥/١٦٥٩. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. ٢٧٤٤ (٧/٢٨)
﴿مِنۢ بَیۡتِكَ﴾ - تفسير
٣٠١٧٩- عن محمد بن عَبّاد بن جعفر -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾، قال: من المدينة إلى بدر[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٦.]]. (ز)
٣٠١٨٠- عن القاسم بن أبي بَزَّة -من طريق شِبْل-: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك﴾ المدينة إلى بدر[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٦.]]. (ز)
﴿وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لَكَـٰرِهُونَ ٥﴾ - تفسير
٣٠١٨١- عن عبد الرحمن بن عوف -من طريق أبي سلمة- قال: نزَلَ الإسلام بالكُرْه والشِّدَّة، فوجَدْنا خيرَ الخير في الكُره؛ خرجنا مع النبي ﷺ من مكة، فأَسْكَنَنا سَبَخَةً[[السَّبخَة: هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تُنبت إلا بعض الشجر. النهاية (سبخ).]] بينَ ظَهْرانَي حَرَّةٍ[[الحَرَّة: أرض ذات حجارة سود نخرات كأنها أحرقت بالنار. اللسان (حرر).]]، فجَعَل الله لنا في ذلك العُلا والظَّفَر، وخرجنا مع رسول الله ﷺ إلى بدر على الحال التي ذكر الله: ﴿وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾ إلى قوله: ﴿وهم ينظرون﴾، فجعل الله لنا في ذلك العُلا والظَّفر، فوجَدْنا خيرَ الخير في الكُرْه[[أخرجه البزار ٣/٢٤٨-٢٤٩ (١٠٣٨) واللفظ له، وابن عساكر في تاريخه ٣٦/٣٢٢. قال الهيثمي في المجمع ٧/٢٧ (١١٠٢٦): «وفيه عبد العزيز بن عمران، وهو ضعيف».]]. (٧/٢٨)
٣٠١٨٢- عن عبد الله بن عباس= (ز)
٣٠١٨٣- وعروة بن الزبير-من طريق الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، ويزيد بن رومان- قالوا: لما سمع رسول الله ﷺ بأبي سفيان مقبلًا من الشام، ندب إليهم المسلمين، وقال: هذه عِير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها، لعلَّ الله أن يُنَفِّلَكُمُوها. فانتدب الناس، فخَفَّ بعضهم، وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ يلقى حربًا[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/٦٠٦- ٦٠٧-، ومن طريقه ابن جرير ١١/٤١ من طريق الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر، ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا، عن ابن عباس به. إسناده حسن.]]. (٧/٤٦)
٣٠١٨٤- عن محمد بن شهاب الزهري -من طريق موسى بن عُقْبَة-= (ز)
٣٠١٨٥- وموسى بن عُقْبَة -من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة- قالا: ... نزَل القرآن يُعَرِّفهم الله نعمتَه فيما كرِهوا من خروج رسول الله ﷺ إلى بدر، فقال: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾...[[أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/١٠١-١١٩، وسيأتي بتمامه مطولًا في سياق قصة غزوة بدر.]]. (٧/٢٩)
٣٠١٨٦- عن إسماعيل السُّدِّيّ – من طريق أسباط- في قوله: ﴿وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾، قال: لطلب المشركين[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧، وابن أبي حاتم ٥/١٦٦٠. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٨)
٣٠١٨٧- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: ﴿لكارهون﴾، أي: كراهية للقاء القوم، وإنكارًا لمسير قريش حين ذُكِروا لهم[[أخرجه ابن جرير ١١/٣٧ مرسلًا.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.