الباحث القرآني
﴿إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةࣱ ٢٣﴾ - تفسير
٨٠١٨٦- عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ في قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: «يَنظرون إلى ربهم بلا كَيفيّة، ولا حدٍّ محدود، ولا صفة معلومة»[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٥/١١١)
٨٠١٨٧- عن أنس، أنّ النبيَّ ﷺ أقرأه هذه الآية: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: «واللهِ، ما نَسَخها منذ أنزلها، يزُورون ربّهم -تبارك وتعالى-، فيُطْعَمون، ويُسقَون، ويُطَيَّبون، ويُحَلَّون، ويُرفع الحجاب بينه وبينهم، فيَنظرون إليه، ويَنظر إليهم، وذلك قوله ﷿: ﴿ولَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾» [مريم:٦٢][[أخرجه الدارقطني في كتاب رؤية الله ص١٦٩-١٧٠ (٥٥)، والخطيب في تاريخ بغداد ٤/٣٢٧ (١٠٠٩). قال ابن الجوزي في الموضوعات ٣/٢٦٠: «هذا حديث لا يصحّ، وفيه ميمون بن سِياه. قال ابن حبان: يَتفرّد بالمناكير عن المشاهير، لا يُحتجّ به إذا انفرد. وفيه صالح المري، قال النسائي: متروك الحديث». وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٦/٤٢٥-٤٢٦ مُعقبًا على ابن الجوزي: «قلتُ: أمّا ميمون بن سياه فقد أخرج له البخاري والنسائي، وقال فيه أبو حاتم الرازي: ثقة. وحسبك بهذه الأمور الثلاثة، وعن ابن معين قال فيه: ضعيف. لكن هذا الكلام يقوله ابن معين في غير واحد من الثقات، وأمّا كلام ابن حبان ففيه ابتداع في الجرح». وأورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة ٢/٣٨٢، وابن عراق الكناني في تنزيه الشريعة ٢/٣٨٤ (٢٦).]]. (١٥/١٢١)
٨٠١٨٨- عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ أدنى أهل الجنة مَنزلًا لَمَن ينظر إلى جِنانه وأزواجه ونعيمه وخَدمه وسُرُره مسيرة ألف سنة، وأَكْرمهم على الله مَن يَنظر إلى وجهه غُدوة وعَشيّة». ثم قرأ رسول الله ﷺ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ قال: «البياض والصفاء». ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ قال: «تَنظر كلّ يوم في وجه الله»[[أخرجه أحمد ٨/٢٤٠ (٤٦٢٣)، ٩/٢٢٩ (٥٣١٧)، والترمذي ٤/٥١٧ (٢٧٢٩)، ٥/٥٢٣ (٣٦١٩)، وابن جرير ٢٣/٥١٠، والحاكم ٢/٥٥٣ (٣٨٨٠)، وابن مردويه -كما في فتح الباري ١٣/٤٢٤-، والثعلبي ١٠/٨٨. قال الترمذي: «هذا حديث غريب». وقال الحاكم: «هذا حديث مُفسّر في الرد على المبتدعة، وثُوير بن أبي فاختة وإن لم يخرجاه فلم يُنقم عليه غير التشيع». وقال الذهبي في التلخيص: «بل هو واهي الحديث» يعني: ثُوير بن أبي فاختة. وأورده الدارقطني في العلل ١٢/٤١٩ (٢٨٥١). وقال ابن رجب في فتح الباري ٤/٣٢٤: «خرّجه الإمام أحمد والترمذي ...، وثُوير فيه ضعف». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٤٠١ (١٨٦٦٩): «رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، وفي أسانيدهم ثُوير بن أبي فاختة، وهو مُجمَع على ضعفه». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٨/٢٤٢ (٧٨٧٩): «رواه أبو يعلى، وأحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور بسند واحد فيه ثُوير بن أبي فاختة، وهو ضعيف». وقال ابن حجر في الفتح ٢/٣٤ عن رواية الترمذي: «في سنده ضعف». وقال المناوي في التيسير ١/٣١٠: «إسناد ضعيف». وقال الألباني في الضعيفة ٤/٤٥٠ (١٩٨٥): «ضعيف».]]. (١٥/١١٢)
٨٠١٨٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية- في قوله: ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: نَظَرَتْ إلى الخالق[[أخرجه الآجري في الشريعة (٥٨٤)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٧٩٩)، والبيهقي في الرؤية ص١٣٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٥/١١٠)
٨٠١٩٠- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: تَنظر إلى وجه ربّها[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٥/١١١)
٨٠١٩١- عن مجاهد بن جبر -من طريق منصور- في قوله: ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: تَنتظر منه الثواب[[أخرجه ابن جرير ٢٣/٥٠٨، وفي لفظ عنده: لا يراه من خَلْقه شيء.]]. (١٥/١٣٣)
٨٠١٩٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق الأعمش- في قوله: ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: تَنتظر رِزْقَه وفضله[[أخرجه ابن جرير ٢٣/٥٠٨.]]. (ز)
٨٠١٩٣- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم، ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: ناظرة إلى وجه الله[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٥/١١٠)
٨٠١٩٤- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد النحوي- ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: تَنظر إلى الله نظرًا[[أخرجه ابن جرير ٢٣/٥٠٧ بنحوه، والآجري (٥٨٦)، واللالكائي (٨٠٣). وعلَّقه البيهقي في الاعتقاد ص١٣٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٥/١١٠)
٨٠١٩٥- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحكم بن أبان- في قوله: ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: انظر ماذا أعطى الله عبده مِن النور في عينيه، أن لو جَعل نور أعيُن جميع خَلْق الله؛ من الإنس والجنّ والدوابّ وكلّ شيء خَلَق الله، فجَعل نور أعينهم في عيني عبد من عباده، ثم كَشف عن الشمس سِتْرًا واحدًا، ودونها سبعون سِترًا، ما قَدر على أن يَنظر إلى الشمس، والشمس جزء من سبعين جزءًا من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءًا من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزءًا من نور السّتر. قال عكرمة: انظروا ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه؛ أن نَظر إلى وجه ربّه الكريم عِيانًا[[أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٨٠٣). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٥/١١١)
٨٠١٩٦- عن الحسن البصري -من طريق المبارك- ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: تَنظر إلى الخالق[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٦٨٧-، وابن جرير ٢٣/٥٠٧.]]. (١٥/١١١)
٨٠١٩٧- عن أبي صالح باذام -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- في قوله: ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: تَنتظر الثواب من ربّها[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/٥٤٤، وابن جرير ٢٣/٥٠٩ بنحوه.]]. (١٥/١٣٣)
٨٠١٩٨- عن عطية بن سعد العَوفيّ -من طريق أبي عَرْفَجة- في قوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾، قال: هم يَنظرون إلى الله، لا تُحيط أبصارُهم به مِن عَظمته، وبصره مُحيط بهم، فذلك قوله: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ﴾ [الأنعام:١٠٣][[أخرجه ابن جرير ٢٣/٥٠٧.]]. (ز)
٨٠١٩٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ يعني: يَنظرون إلى الله تعالى مُعاينة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٥١٣.]]. (ز)
٨٠٢٠٠- عن معمر بن راشد -من طريق عبد الرزاق- في قول الله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾، قال: تَنظرُ في وجه الرحمن ﷿[[أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ٨/٥٧٧.]]. (ز)
٨٠٢٠١- عن أبي حفص، يقول: سمعتُ مالك بن أنس يقول: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾: قوم يقولون: إلى ثوابه. قال مالك: كَذبوا، فأين هم عن قول الله تعالى: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾ [المطففين:١٥][[أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٦/٣٢٦.]]٦٩١٥. (ز)
﴿إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةࣱ ٢٣﴾ - آثار متعلقة بالآية
٨٠٢٠٢- عن أبي هريرة، قال: قال الناس: يا رسول الله، هل نَرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: «هل تُضارُّون في الشمس ليس دونها سحاب؟». قالوا: لا، يا رسول الله. قال: «فإنكم ترَونه يوم القيامة كذلك، يَجمع الله الناس فيقول: مَن كان يعبد شيئًا فليَتْبعه. فيتْبَع مَن كان يَعبد الشمس الشمس، ويَتبع مَن كان يَعبد القمر القمر، ويَتبع مَن كان يَعبد الطواغيت الطواغيت، وتَبقى هذه الأُمّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يَعرفون، فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتيَنا ربُّنا، فإذا أتانا ربُّنا عَرفناه. فيأتيهم الله في الصورة التي يَعرفون، فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: أنت ربُّنا. فيَتبعونه، ويُضرب جسر جهنم». قال رسول الله ﷺ: «فأكون أول مَن يُجيز، ودعاء الرُّسُل يومئذ: اللهم، سَلِّم سَلِّم. وفيه كلاليب مثل شَوك السَّعْدان، غير أنه لا يَعلم قدْر عِظَمها إلا الله، فتَخطف الناس بأعمالهم، منهم المُوبَق بعمله، ومنهم المُخَردَل ثم ينجو، حتى إذا فَرغ الله من القضاء بين عباده، وأراد أن يُخرِج من النار مَن أراد أن يُخرِجه ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمَر الملائكة أن يُخرجوهم، فيَعرفونهم بآثار السّجود، وحَرّم الله على النار أن تَأكل من ابن آدم أثَر السّجود، فيُخرجونهم قد امتُحِشُوا[[امتُحِشُوا: احترقوا، والمحش: احتراق الجلد وظهور العظم. النهاية (محش).]]، فيُصبّ عليهم ماء يقال له: ماء الحياة، فيَنبُتُون نبات الحبّة في حَمِيل السّيْل[[الحِبة بالكسر: بذور البقول وحب الرِّياحين، وقيل: هو نبت ينبت في الحشيش. وحَميل السّيْل: هو ما يجيء به السّيْل من طين أو غثاء وغيره، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السّيّل فإنها تنبت في يوم وليلة. النهاية١/٣٢٦، ٤٤٢.]]، ويبقى رجل مُقبِل بوجهه على النار، فيقول: يا ربّ، قد قَشَبني ريحها[[قشبني ريحه: آذاني، كقشَّبني تقشيبًا، كأنه قال: سمني ريحه. التاج (قشب).]]، وأَحرَقني ذَكاؤها[[الذَّكاء: شدة وهج النار. اللسان (ذكو).]]، فاصرف وجهي عن النار. فلا يَزال يدعو الله، فيقول: لَعَلّي إنْ أعطيتُك ذلك تسألني غيره. فيقول: لا وعزّتك، لا أسألك غيره. فيَصرف وجهه عن النار، ثم يقول بعد ذلك: يا ربّ، قَرِّبني إلى باب الجنة. فيقول: أليس قد زعمتَ أنك لا تسألني غيره؟ ويلك، يا ابن آدم، ما أغدرك! فلا يَزال يدعو، فيقول: لَعَلّي إنْ أعطيتُك ذلك تسألني غيره. فيقول: لا وعزّتك، لا أسألك غيره. فيُعطي الله مِن عهود ومواثيق ألا يَسأله غيره، فيُقرِّبه إلى باب الجنة، فإذا رأى ما فيها سكَتَ ما شاء الله أن يسكت، فيقول: ربِّ، أدخِلني الجنة. فيقول: أليس قد زعمتَ ألا تسألني غيره؟ ويلك، يا ابن آدم، ما أغدرك! فيقول: ربّ، لا تَجعلني أشقى خَلْقك. فلا يزال يدعو حتى يَضحك الله ﷿، فإذا ضحك منه أذِن له بالدخول فيها، فإذا دَخل فيها قيل له: تَمَنَّ مِن كذا. فيتَمنّى، ثم يقال له: تمَنَّ مِن كذا. فيتَمنّى، حتى تَنقطع به الأماني، فيقول: هذا لك ومثله معه». قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولًا الجنة. قال[[القائل هو عطاء بن يزيد الليثي، الراوي عن أبي هريرة.]]: وأبو سعيد الخُدري جالس مع أبي هريرة لا يُغيّر عليه شيئًا من حديثه حتى انتهى إلى قوله: «هذا لك ومثله معه». قال أبو سعيد: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «هذا لك وعشرة أمثاله». قال أبو هريرة: حَفظتُ: «ومثله معه»[[أخرجه البخاري ١/١٦٠-١٦١ (٨٠٦)، ٨/١١٧-١١٩ (٦٥٧٣، ٦٥٧٤)، ٩/١٢٨-١٢٩ (٧٤٣٧، ٧٤٣٨)، ومسلم ١/١٦٣-١٦٧ (١٨٢).]]. (١٥/١١٢)
٨٠٢٠٣- عن أبي سعيد الخُدري، قال: قلنا: يا رسول الله، هل نَرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: «هل تُضارُّون في رؤية الشمس بالظهيرة صَحْوًا ليس فيها سحاب؟». قلنا: لا، يا رسول الله. قال: «هل تُضارُّون في رؤية القمر ليلة البدر صحوًا ليس فيه سحاب؟». قالوا: لا، يا رسول الله. قال: «ما تُضارُّون في رؤيته يوم القيامة إلا كما تُضارُّون في رؤية أحدهما»[[أخرجه البخاري ٦/٤٤-٤٥ (٤٥٨١)، ٩/١٢٩-١٣١ (٧٤٣٩)، ومسلم ١/١٦٧-١٧١ (١٨٣).]]. (١٥/١١٨)
٨٠٢٠٤- عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: «يَجمع الله الأممَ يوم القيامة بصعيدٍ واحد، فإذا أراد الله ﷿ أن يَصدَع[[يصدَعَ: يفصل بين الحق والباطل. اللسان (صدع).]] بين خَلْقه مَثَّل لكلّ قوم ما كانوا يعبدون، فيَتَّبعونهم حتى يُقحمونهم النار، ثم يأتينا ربُّنا ﷿، ونحن على مكان رفيع، فيقول: مَن أنتم؟ فيقولون: نحن المسلمون. فيقول: ما تَنتظرون؟ فيقولون: نَنتظر ربّنا ﷿. فيقول: وهل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون: نعم. فيقول: كيف تَعرفونه ولم تَروه؟ فيقولون: نَعرفه إنه لا عِدل له. فيَتجلّى لنا ضاحكًا، ثم يقول: أبشِروا، يا معشر المسلمين، فإنه ليس منكم أحد إلا قد جَعلتُ له مكانه في النار يهوديًّا أو نصرانيًّا»[[أخرجه أحمد ٣٢/٤٢٢-٤٢٥ (١٩٦٥٤، ١٩٦٥٥). قال الألباني في الصحيحة ٢/٣٨٣-٣٨٤ (٧٥٥): «وهذا إسناد ضعيف ...، لكن الحديث صحيح في الجملة؛ فإنّ له شاهدًا من حديث جابر بن عبد الله».]]. (١٥/١١٨)
٨٠٢٠٥- عن أنس، قال: بينما نحن حول رسول ﷺ إذ قال: «أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنّكتة السوداء، قلتُ: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا يوم الجُمُعة، يَعرضه عليك ربُّك ليكون لك عيدًا، ولأُمّتك من بعدك. قلتُ: يا جبريل، فما هذه النّكتة السوداء؟ قال: هذه الساعة، وهي تقوم يوم الجُمُعة، وهو سيّد أيام الدنيا، ونحن ندعوه في الجنة يوم المَزيد. قلتُ: يا جبريل، ولِمَ تَدْعُونه يوم المَزيد؟ قال: لأنّ الله ﷿ اتخذ في الجنة واديًا أفيحَ مِن مِسكٍ أبيض، فإذا كان يوم الجُمُعة نزل ربُّنا على كرسيّه إلى ذلك الوادي، وقد حُفَّ العرش بمنابر من ذهب مُكلَّلة بالجوهر، وقد حُفَّتْ تلك المنابر بكراسي من نور، ثم يُؤْذَن لأهل الغُرفات، فيُقبِلون يَخوضون كَثيب المِسك إلى الرُّكَب، عليهم أسورة الذّهب والفِضّة، وثياب السُّندس والحرير، حتى يَنتهوا إلى ذلك الوادي، فإذا اطمأنوا فيه جُلوسًا بَعث الله ﷿ عليهم ريحًا يُقال لها: المُثِيرة. فثارتْ يَنابيع المِسك الأبيض في وجوههم، وثيابهم، وهم يومئذ جُردٌ مُرْدٌ مُكَحَّلون، أبناء ثلاث وثلاثين، يَضرب جِمامُهم[[الجُمة من شعر الرأس: ما سقط على المنكبين. النهاية (جمم).]] إلى سُرَرِهم، على صورة آدم يوم خَلَقه الله ﷿، فيُنادي ربّ العزّة -تبارك وتعالى- رضوان، وهو خازن الجنة، فيقول: يا رضوان، ارفع الحُجُب بيني وبين عبادي وزُوّاري. فإذا رَفع الحُجُب بينه وبينهم فرَأوا بهاءه ونوره هبّوا له سُجودًا، فيُناديهم ﷿ بصوته: ارفعوا رؤوسكم، فإنما كانت العبادة في الدنيا، وأنتم اليوم في دار الجزاء، سَلُوني ما شئتم، فأنا ربّكم الذي صدَقتُكم وعدي، وأَتممتُ عليكم نعمتي، فهذا محلّ كرامتي، فسَلُوني ما شئتم. فيقولون: ربّنا، وأيَّ خيرٍ لَمْ تفعله بنا؟! ألستَ الذي أعنتَنا على سكرات الموت، وآنستْ منا الوَحْشة في ظُلمة القبور، وآمَنتَ روْعتنا عند النفخة في الصُّور؟! ألستَ أقلتَنا عَثراتنا، وسَترتْ علينا القبيح من فِعْلنا، وثبَّتَ على جسر جهنم أقدامنا؟! ألستَ الذي أدنيتَنا من جوارك، وأَسْمعتَنا من لَذاذة مَنطقك، وتَجلّيتَ لنا بنورك؟! فأي خيرٍ لمْ تفعله بنا؟! فيعود ﷿ فيُناديهم بصوته، فيقول: أنا ربّكم الذي صدَقتُكم وعدي، وأَتممتُ عليكم نعمتي، فسَلُوني. فيقولون: نسألك رِضاك. فيقول: برضاي عنكم أقلتُكم عَثراتكم، وسَترتُ عليكم القبيح من أموركم، وأَدنيتُ مني جواركم، وأَسمعتُكم لذاذة مَنطقي، وتَجلّيتُ لكم بنوري، فهذا محلّ كرامتي، فسَلُوني. فيسألونه حتى تنتهي مسألتهم، ثم يقول ﷿: سَلُوني. فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، ثم يقول ﷿: سَلُوني. فيقولون: رضينا ربّنا وسلّمنا. فيزيدهم من مزيد فضله وكرامته، ويزيد زهرة الجنة ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خَطر على قلب بشر، ويكون كذلك حتى مقدار متفرقهم من الجُمُعة». قال أنس: فقلتُ: بأبي وأمي يا رسول الله، وما مِقدار تفرُّقهم؟ قال: «كقدْر الجُمُعة إلى الجُمُعة». قال: «ثم يَحمل عرشَ ربّنا العِلِّيون، معهم الملائكة والنّبيّون، ثم يُؤْذَن لأهل الغُرفات فيعودون إلى غُرفهم، وهم غرفتان زُمرُّدتان خَضراوان، وليسوا إلى شيء أشوق منهم إلى يوم الجُمُعة، ليَنظروا إلى ربّهم، وليَزيدهم من مزيد فضله وكرامته». قال أنس: سمعتُه من رسول الله ﷺ وليس بيني وبينه أحد[[أخرجه الطبراني في الأوسط ٢/٣١٤-٣١٥ (٢٠٨٤)، والدارقطني في رؤية الله ص١٧٢-١٨٣ (٥٩-٦٥)، وابن جرير ٢١/٤٥٧-٤٥٩، والثعلبي ٩/٣١٥-٣١٦. وقال المنذري في الترغيب والترهيب ٤/٣١٠-٣١١ (٥٧٤٧): «رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني في الأوسط بإسنادين، أحدهما جيد قوي، وأبو يعلى مختصرًا، ورواته رواة الصحيح، والبزار، واللفظ له». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٤٢١-٤٢٢ (١٨٧٧١): «رواه البزار، والطبراني في الأوسط بنحوه، وأبو يعلى باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثّقه غير واحد، وضعّفه غيرهم، وإسناد البزار فيه خلاف». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٢/٢٥٩-٢٦٠ (١٤٦٨): «رواه أبو بكر بن أبي شيبة، والحارث، وأبو يعلى، والطبراني مختصرًا بسند جيد».]]. (١٥/١٢١)
٨٠٢٠٦- عن أبي رَزِين، قال: قلتُ: يا رسول الله، أكُلُّنا يَرى ربَّه يوم القيامة مُخْلِيًا به؟ قال: «نعم». قلتُ: وما آية ذلك؟ قال: «أليس كلّكم يَرى القمر ليلة البدر مَخليًا به؟». قلت: بلى. قال: «فالله أعظم»[[أخرجه أحمد ٢٦/١٠٥ (١٦١٨٦)، ٢٦/١١١-١١٢ (١٦١٩٢)، ٢٦/١١٦-١١٧ (١٦١٩٨)، وأبو داود ٧/١١٣ (٤٧٣١)، وابن ماجه ١/١٢٤-١٢٥ (١٨٠)، والحاكم ٤/٦٠٥ (٨٦٨٢). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي في التلخيص.]]. (١٥/١٣٠)
٨٠٢٠٧- عن عمّار بن ياسر، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يدعو بهؤلاء الدعوات: «اللهم، بعِلْمِك الغيب، وقُدرتك على الخَلْق، أحيني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتَوفّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، اللهم، أسألك خَشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحُكم[[الحُكم: العلم، والفقه، والقضاء بالعدل. النهاية (حكم).]] في الغضب والرضا، وأسألك القَصْد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا يَبيد، وقُرّة عينٍ لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك بَرْد العَيْش بعد الموت، وأسألك لذّة النّظر إلى وجهك، والشّوق إلى لقائك في غير ضراء مُضِرّة، ولا فتنةٍ مُضِلّة، اللهم، زَيِّنّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداة مُهتدين»[[أخرجه أحمد ٣٠/٢٦٤-٣٦٥ (١٨٣٢٥)، والنسائي ٣/٥٤ (١٣٠٥)، ٣/٥٥ (١٣٠٦)، وابن حبان ٥/٣٠٤-٣٠٥ (١٩٧١)، والحاكم ١/٧٠٥ (١٩٢٣) واللفظ له. وأورده الثعلبي ١٠/٨٨ مختصرًا. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/١٧٧ (١٧٣٨٧): «رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات، إلا أنّ عطاء بن السّائِب اختلط».]]. (١٥/١٣١)
٨٠٢٠٨- عن زيد بن ثابت: أنّ رسول الله ﷺ علّمه دعاء، وأَمَره أن يَتعاهده، ويَتعاهد به أهله كلّ يوم، قال: «قُلْ حين تُصبح: لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك وسَعْدَيْك، والخير في يديك، ومنك وبك وإليك، اللهم، ما قلتُ من قول أو حَلفتُ من حَلِف أو نَذرتُ من نَذْر فمشيئتك بين يدي ذلك، ما شئتَ كان وما لم تشأ لم يكن، لا حَوْل ولا قوة إلا بك، إنك على كل شيء قدير، اللهم، ما صلَّيتُ من صلاة فعلى مَن صَلَّيتَ، وما لعنتُ من لعْنٍ فعلى مَن لَعنتَ، أنت وليّي في الدنيا والآخرة، تَوفّني مُسلمًا وأَلْحقني بالصالحين، أسألك -اللهم- الرضا بعد القضاء، وبَرْد العَيْش بعد الموت، ولذّة النّظر إلى وجهك، وشَوقًا إلى لقائك، من غير ضراءَ مُضِرّة، ولا فتنةٍ مُضِلّة، أعوذ بك أنْ أظلِم أو أُظلَم، أو أعتدي أو يُعتدى عليَّ، أو أكسِب خطيئة أو ذنبًا لا تَغفره، اللهم، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ذا الجلال والإكرام، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا، وأُشهدك -وكفى بك شهيدًا- أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك المُلك ولك الحمد، وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أنّ محمدًا عبدك ورسولك، وأشهد أنّ وعدك حقٌّ، ولقاءك حقٌّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنتَ تَبعث مَن في القبور، وأشهد أنك إن تَكِلني إلى نفسي تَكِلني إلى وهنٍ وعوْرة وذنبٍ وخطيئة، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاغفر لي ذنبي كلّه، إنه لا يَغفر الذّنوب إلا أنت، وتُب عليّ إنك أنت التواب الرحيم»[[أخرجه أحمد ٣٥/٥٢٠-٥٢٢ (٢١٦٦٦، ٢١٦٦٧)، والحاكم ١/٦٩٧ (١٩٠٠). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/١١٣ (١٦٩٨٨): «رواه أحمد، والطبراني، وأحد إسنادي الطبراني رجاله وثِّقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف».]]. (١٥/١٣٢)
٨٠٢٠٩- عن عبد الله بن عمر، عن النبيِّ ﷺ، قال: «يوم القيامة أوَّلُ يومٍ نظَرتْ فيه عَيْنٌ إلى اللهَ ﷿»[[أخرجه الدارقطني في رؤية الله ص٢٧٤ (١٧٥)، وابن النحاس في رؤية الله ص٢١ (١١)، وفي إسنادهما: كوثر بن حكيم. قال الذهبي في ميزان الاعتدال ٣/٤١٦ (٦٩٨٣) في ترجمة كوثر بن حكيم: «قال أبو زُرعة: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه بواطيل، ليس بشيء. وقال الدارقطني وغيره: متروك». ثم ذكر الحديث.]]. (١٥/١٢٠)
٨٠٢١٠- عن عبد الله بن عمر -من طريق مجاهد- قال: إنّ أدنى أهل الجنة منزلة لَمَن يَنظر إلى مُلكه وسُرُره وخَدمه مسيرة ألف سنة، يَرى أقصاه كما يَرى أدناه، وإنّ أرفع أهل الجنة منزلة لمن يَنظر إلى وجه الله بُكرة وعَشيّة[[أخرجه ابن جرير ٢٣/٥٠٩.]]. (ز)
٨٠٢١١- عن أبي الزُّبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يُسأل عن الورود. فقال: نحن يوم القيامة على كَوم فوق الناس، فتُدعى الأمم بأوثانها وما كانت تَعبد؛ الأول فالأول، ثم يأتينا ربُّنا بعد ذلك، فيقول: ما تَنتظرون؟ فيقولون: نَنتظر ربنّا. فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: حتى نَنظر إليك. فيتَجلّى لهم يَضحك، فيَنطلِق بهم، ويَتّبعونه، ويُعطى كلّ إنسان منهم نورًا[[أخرجه أحمد ٢٣/٦٣ (١٤٧٢١)، ومسلم (١٩١). وعزاه السيوطي إلى الدارقطني.]]. (١٥/١٢٠)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.











