الباحث القرآني
﴿قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنِّی ٱصۡطَفَیۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَـٰلَـٰتِی وَبِكَلَـٰمِی﴾ - تفسير
٢٨٨٥٩- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ موسى لَمّا نزلت عليه التوراةُ وقرأها فوجد فيها ذِكْرُ هذه الأُمَّة، قال: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً هم الآخرون السابقون، فاجعلها أُمَّتي. قال: تلك أُمَّةُ أحمد. قال: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً هم المستجيبون والمستجابُ لهم، فاجعلها أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً أناجيلهم في صدورهم، يقرأونه ظاهرًا، فاجعلها أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً يأكلون الفيءَ، فاجعلها أُمَّتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّة يجعلون الصَّدَقة في بطونهم يُؤْجَرون عليها، فاجعلها أُمَّتِي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّة إذا هَمَّ أحدهم بحسنة فلم يعملها كُتِبَت له حسنةً، وإن عملها كُتِبَت له عشر حسناتٍ، فاجعلها أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: يا ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً يُؤْتَون العلم الأول، والعلم الآخر، فيقتلون قرون الضلالة، والمسيح الدجال، فاجعلها أُمَّتِي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: يا ربِّ، فاجعلني مِن أُمَّةِ أحمد. فأُعطِي عند ذلك خصلتين: ﴿يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين﴾. قال: قد رضيتُ، يا ربِّ»[[أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة ص٦٨ (٣١)، وفي جزء من أحاديثه عن أبي علي الصواف ص٢٨ (١). قال أبو نعيم: «تفرد به الربيع بن النعمان ...، عن سهيل، وفيه لين».]]. (٦/٥٨٠)
٢٨٨٦٠- عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَمّا أعطى اللهُ تعالى موسى الألواحَ، فنظر فيه؛ قال: يا ربِّ، لقد أكرمتني بكرامة لم تكرمها أحدًا قبلي. ﴿قالَ يا مُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ بِجِدٍّ، ومحافظةٍ، وموتٍ على حُبِّ محمد ﷺ. قال موسى: يا ربِّ، ومَن محمد؟ قال: أحمد النبي، الذي أثْبَتُّ اسمَه على عرشي مِن قبل أن أخلق السماوات بألفي عام، إنّه نبيي، وصَفِيِّي، وحبيبي، وخيرتي من خلقي، وهو أحبُّ إلَيَّ مِن جميع خلقي، وجميع ملائكتي. قال موسى: يا ربِّ، إن كان محمدٌ أحبَّ إليك من جميع خلقك؛ فهل خلقتَ أُمَّتَه أكرمَ عليك مِن أُمَّتِي؟ قال: يا موسى، إنّ فضل أمة محمد على سائر الخلق كفضلي على جميع خلقي. قال: يا ربِّ، ليتني رأيتهم. قال: يا موسى، إنّك لن تراهم، لو أردتَ أن تسمع كلامهم أسمعتك. قال: يا ربِّ، فإنِّي أريد أن أسمع كلامهم. قال الله تعالى: يا أُمَّة أحمد. فأجبنا كلُّنا مِن أصلاب آبائنا وأرحام أمهاتنا: لَبَّيك اللهم لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك. قال الله تعالى: يا أُمَّة أحمد، إنّ رحمتي سبقت غضبي، وعفوي سبق حسابي، قد أعطيتُكم مِن قبل أن تسألوني، وقد أجبتكم من قبل أن تدعوني، وقد غفرت لكم قبل أن تعصوني، من جاءني يوم القيامة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبدي ورسولي دخل الجنة، ولو كانت ذنوبُه أكثرَ مِن زَبَد البحر. وهذا قوله ﷿: ﴿وما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ نادَيْنا﴾ [القصص:٤٦][[أخرجه الثعلبي ٤/٢٨٠-٢٨١.]]. (ز)
٢٨٨٦١- عن عبد الله بن عباس -من طريق عَبايَةَ الأسَدي- قال: إنّ الله يقول في كتابه لموسى: ﴿إني اصطفيتك على الناس﴾، ﴿وكتبنا له في الألواح من كل شيء﴾. قال: فكان يُرى أنّ جميع الأشياء قد أُثبتت له، كما ترون أنتم علماءكم قد أثبتوا لكم، فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالِم، فاستنطقه، فأقرَّ له بفضل علمه، ولم يحسده ... الحديث[[أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/٥٧٣-٥٧٤.]]. (٦/٥٦٧)
٢٨٨٦٢- عن عبد الرحمن المغافريِّ، عن أبيه: أنّ كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي، فقال له: ما يُبكيك؟ قال: ذكرتُ بعض الأمر. فقال له كعبٌ: أنشدك بالله، لَئِن أخبرتُك ما أبكاك لَتُصَدِّقَنِّي؟ قال: نعم. قال: أنشدك بالله، هل تجد في كتاب الله المنزَّل أنّ موسى نظر في التوراة، فقال: ربِّ، إنِّي أجد أُمَّةً في التوراة خيرَ أُمَّةٍ أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالكتاب الأوَّل، والكتاب الآخر، ويُقاتِلون أهلَ الضلالة حتى يُقاتِلوا الأعور الدجال. فقال موسى: ربِّ، اجعلهم أمتي. قال: هُمْ أُمَّةُ أحمد؟ قال الحَبرُ: نعم. قال كعبٌ: فأنشدك بالله، هل تجد في كتاب الله المُنَزَّل أنّ موسى نظر في التوراة، فقال: ربِّ، إنِّي أجِدُ أُمَّةً هم الحمّادون، رعاة الشَّمس، المحكَّمون، إذا أرادوا أمرًا قال: أفعلُه إن شاء الله. فاجعلهم أُمَّتي. قال: هُم أُمَّة أحمد؟ قال الحبرُ: نعم. قال كعبٌ: أنشدك بالله، هل تجد في كتاب الله المنزل أنّ موسى نظر في التوراة، فقال: يا ربِّ، إني أجد أُمَّةً إذا أشرف أحدهم على شَرَفٍ[[الشَّرَفُ: العلو والمكان العالي. لسان العرب (شرف).]] كَبَّر الله، وإذا هَبَط واديًا حمِد الله، الصعيدُ لهم طهورٌ، والأرض لهم مسجدٌ، حيثما كانوا يَتَطَهَّرون من الجنابة، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء، غُرٌّ مُحَجَّلون من آثار الوضوء، فاجعلهم أُمَّتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبرُ: نعم. قال كعبٌ: أنشدك بالله، هل تجد في كتاب الله المُنَزَّل أنّ موسى نظر في التوراة، فقال: ربِّ، إني أجد أُمَّةً مرحومة ضعفاء، يرثون الكتاب، واصطفيتهم؛ فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصدٌ، ومنهم سابقٌ بالخيرات، ولا أجد أحدًا منهم إلّا مرحومًا، فاجعلهم أمتي. قال: هم أُمَّة أحمد؟ قال الحبرُ: نعم. قال كعبٌ: أنشدك بالله، هل تجد في كتاب الله المنزَّل أنّ موسى نظر في التوراة، فقال: يا ربِّ، إني أجد في التوراة أمَّةً مصاحفُهم في صدورهم، يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة، يَصُفُّون في صلاتهم كصفوف الملائكة، أصواتهم في مساجدهم كدَوِيِّ النحل، لا يدخل النار منهم أحدٌ إلا مَن برِئَ من الحسنات مثل ما برِئَ الحجر مِن ورَق الشجر، فاجعلهم أمَّتي. قال: هم أُمَّةُ أحمد؟ قال الحبرُ: نعم. فلمّا عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمدًا وأمَّته قال: يا ليتني مِن أمَّة أحمدَ. فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهنَّ: ﴿يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي﴾ الآية. فرضي موسى كُلَّ الرِّضا[[أخرجه أبو نعيم في الحلية ٥/٣٨٤-٣٨٦.]]. (٦/٥٨١)
٢٨٨٦٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- قال: قال موسى: يا ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً هم الآخرون السابقون يوم القيامة؛ الآخرون في الخَلْق، والسابقون في دخول الجنة، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً خيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، فاجعلهم أمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمدَ. قال: ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً يؤمنون بالكتاب الأول، والكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّةُ أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً أناجيلهم في قلوبهم يقرءونها -قال قتادة: وكان من قبلكم إنّما يقرءون كتابهم نظرًا، فإذا رفعوها لم يحفظوا منه شيئًا- ولم يعُوه، وإنّ الله أعطاكم -أيتُها الأمةُ- من الحفظ شيئًا لم يُعْطِه أحدًا من الأمم قبلكم، خاصةٌ خصَّكم بها، وكرامةٌ أكرمكم بها-. قال: فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّةُ أحمدَ. قال: ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويُؤْجَرُون عليها -قال قتادة: وكان مَن قبلَكم إذا تصدَّق بصدقة فقُبِلَتْ منه بَعَثَ الله عليها نارًا فأكلتها، وإن رُدَّت تُرِكَت فأكلتها السِّباع والطيرُ، وإنّ الله أخذ صدقاتكم مِن غنيِّكم لفقيركم؛ رحمةً رحمكم بها، وتخفيفًا خَفَّف به عنكم-، فاجعلهم أُمَّتِي. قال: تلك أُمَّةُ أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجدُ في الألواح أُمَّةً إذا همَّ أحدُهم بحسنةٍ ثم لم يعملها كُتبت له حسنةً، فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً إذا همَّ أحدُهم بسيئةٍ لم تكتب عليه حتى يعملها، فإن عملها كتبت سيئة واحدةً، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال: ربِّ، إنِّي أجد في الألواح أُمَّةً هم المستجيبون والمُسْتَجابُ لهم، فاجعلهم أُمَّتي. قال: تلك أُمَّة أحمد. قال قتادة: فذُكِر لنا: أنّ نبيَّ الله موسى نَبَذ الألواح٢٦٢٨، وقال: اللهمَّ، إذًا فاجعلني مِن أُمَّة أحمد. قال: فأعطي اثنتين لم يُعطهما أحدٌ: ﴿قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي﴾. قال: فرضي نبيُّ الله، ثم أُعْطِي الثانية: ﴿ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون﴾ [الأعراف:١٥٩]. قال: فرضِيَ نبيُّ الله موسى كلَّ الرِّضا[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٣٧، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٤، ١٥٦٥. وهو بتمامه عند ابن جرير ١٠/٤٥٢-٤٥٤ من طريقي معمر وسعيد. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٦/٥٧٢)
٢٨٨٦٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قالَ﴾ له ربُّه: ﴿يا مُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ بِرِسالاتِي وبِكَلامِي﴾. يقول: اخترتك من بني إسرائيل بالرسالة وبالكلام من غير وحيٍ[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦٢.]]. (ز)
﴿فَخُذۡ مَاۤ ءَاتَیۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِینَ ١٤٤﴾ - تفسير
٢٨٨٦٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فَخُذْ ما آتَيْتُكَ﴾ بقوة يقول: ما أعطيتك من التوراة بالجد، والمواظبة عليه ﴿وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ لله في هذه النعم يعني الرسالة، والكلام من غير وحي [[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦٢.]].(ز) (ز)
﴿فَخُذۡ مَاۤ ءَاتَیۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِینَ ١٤٤﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٨٨٦٦- عن كعب الأحبار -من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن- قال: قال موسى: يا ربِّ، دُلَّني على عمل إذا عملتُه كان شكرًا لك فيما اصطنعتَ إلَيَّ. قال: يا موسى، قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قديرٌ. قال: فكان موسى أراد مِن العمل ما هو أنْهَكُ لجسمه مِمّا أُمِرَ به، فقال له: يا موسى، لو أنّ السموات السبع والأرضين السبع وُضِعت في كفَّة، ووضعت لا إله إلا الله في كفَّة؛ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٠/٣٠٤.]]. (٦/٥٦٤)
٢٨٨٦٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: اتَّخذ اللهُ إبراهيم خليلًا، وكلَّم موسى تكليمًا، وجعل عيسى كمَثَل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كن. فيكون، وهو عبد الله ورسوله من كلمة الله وروحه، وآتى سليمانَ ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وآتى داود زبورًا، وغَفَر لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ﷺ وعليهم أجمعين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦٢.]]. (ز)
٢٨٨٦٨- عن العلاء بن كثير، قال: إنّ الله تعالى قال: يا موسى، أتدري لِمَ كلَّمتُك؟ قال: لا، يا ربِّ. قال: لأنِّي لم أخْلُقْ خَلْقًا تَواضَعَ لي تَواضُعَك[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٦/٥٥٤)
٢٨٨٦٩- عن ابن شوذب، قال: أوحى الله إلى موسى: أتدْري لِمَ اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي؟ قال: لا، يا ربِّ. قال: إنّه لم يتواضعْ لي تواضعَك أحدٌ[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٤)
٢٨٨٧٠- عن أبي سليمان [الداراني] -من طريق أحمد بن أبي الحَوارِيِّ- قال: إنّ الله اطَّلَع في قلوب الآدمِيِّين، فلم يَجِدْ قلبًا أشدَّ تَواضُعًا مِن قلب موسى ﵇، فخصَّه بالكلام لتواضُعِه. قال: وقال غيرُ أبي سليمان: أوحى الله إلى الجبال: إنِّي مُكَلِّمٌ عليكِ عبدًا من عبيدي. فتطاوَلتِ الجبال لِيُكلِّمَه عليها، وتواضعَ الطُّور، قال: إن قُدِّر شيءٌ كان. قال: فكلَّمه عليه لتواضُعِه[[أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٨٢١٩).]]. (٦/٥٥٣)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.