﴿بِأَییِّكُمُ ٱلۡمَفۡتُونُ ٦﴾ - تفسير
٧٨٠٥٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: ﴿فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، يقول: بأيّكم الجنون(١). (١٤/٦٢٥)
٧٨٠٥١- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: الشيطان، كانوا يقولون: إنه شيطان، إنه مجنون(٢). (١٤/٦٢٥)
٧٨٠٥٣- وسعيد بن جُبَير: ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قالا: المجنون(٣). (١٤/٦٢٥)
٧٨٠٥٤- عن أبي الجَوْزاء، ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: المجنون(٤). (١٤/٦٢٦)
٧٨٠٥٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق خُصَيف- ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: بأيّكم المجنون(٥). (١٤/٦٢٦)
٧٨٠٥٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: الشيطان(٦). (١٤/٦٢٦)
٧٨٠٥٧- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد- في قوله: ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾: يعني: الجنون(٧). (ز)
٧٨٠٥٨- عن الحسن البصري، ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: المجنون(٨). (١٤/٦٢٦)
ابنُ جرير (٢٣/١٥٣) هذا القول الذي قاله سعيد بن جُبَير، وأبي الجَوْزاء، ومجاهد، والحسن، ومقاتل بأنه وُجّه فيه معنى الباء في قوله: ﴿بأيكم﴾ إلى معنى: في، ثم قال : «وإذا وُجّهت الباء إلى معنى»في«كان تأويل الكلام: ويُبْصِرون في أي الفريقين المجنون؛ في فريقك -يا محمد- أو فريقهم، ويكون»المجنون«اسمًا مرفوعًا بالباء».
و عليه ابنُ عطية (٨/٣٦٧) بقوله: «وهذا قول حسن قليل التَّكلّف، ولا نقول: إنّ حرفًا بمعنى حرف، بل نقول: إن هذا المعنى يُتوصّل إليه بـ»في«وبالباء أيضًا، وقرأ ابن عبلة: (فِي أيِّكُمُ المَفْتُونُ)».
٧٨٠٥٩- عن الحسن البصري، ﴿فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: أيّكم أولى بالشيطان. فكانوا أولى بالشيطان منه(٩). (١٤/٦٢٦)
٧٨٠٦٠- قال الحسن البصري: ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، يعني: أيّكم الضُّلّال(١٠). (ز)
٧٨٠٦١- عن يحيى بن سلّام: تفسير الحسن [البصري]: ﴿بأيكم المفتون﴾ يعني: بأيّكم الضّال، والباء صلة(١١). (ز)
٧٨٠٦٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾، قال: أيّكم أولى بالشيطان(١٢). (١٤/٦٢٦)
ابنُ جرير (٢٣/١٤٥) أنه على هذا القول الذي قاله قتادة، والحسن، فالباء في قوله: ﴿بأيكم﴾ زائدة.
و قال ابنُ عطية (٨/٣٦٧).
٧٨٠٦٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ﴾ يعني: المجنون، فهذا وعيد، العذاب ببدر، القتْل، وضرْب الملائكة الوجوه والأدبار(١٣). (ز)
اختُلف في المراد بـ﴿المفتون﴾ على أقوال: الأول: أنه المجنون. الثاني: الضّال. الثالث: أولى بالشيطان. الرابع: الجنون.
و ابنُ جرير (٢٣/١٥٣) القول الأخير الذي قاله ابن عباس من طريق العَوفيّ، والضَّحّاك، بأنه وُجّه فيه المفتون إلى معنى الفتنة أو الفتون، كما قيل: ليس له معقول ولا معقود، أي: بمعنى: ليس له عقل ولا عقد رأي.
و قال ابنُ عطية (٨/٣٦٧).
و ابنُ جرير (٢٣/١٥٥) مستندًا إلى اللغة، فقال: «لأنّ ذلك أظهر معاني الكلام، إذا لم ينو إسقاط الباء، وجَعلنا لدخولها وجهًا مفهومًا. وقد بَيّنا أنه غير جائز أن يكون في القرآن شيءٌ لا معنى له».
و ابنُ تيمية (٦/٣٧٧) مستندًا للغة، فقال: «وكون المفتون بمعنى الفتنة لا أصل له في اللغة ألبتة، وجَعْل المصدر على زنة»مفعول«لو صحّ لم يكن قياسًا. بل مقصورًا على السماع».
و ابنُ القيم (٣/١٨٥) هذه الأقوال، و أنّ الباء إنما دَخَلتْ لتدلّ على تضمين الفعل «تبصر» معنى «تَشعر وتَعلم»- مستندًا إلى النظائر-، فقال: «وهذه الأقوال كلّها تَكلُّف ظاهر لا حاجة إلى شيء منه، و»سَتُبصِر«مُضمّن معنى»تَشعر وتَعلم«، فعدي بالباء كما تقول: سَتشعر بكذا وتَعلم به، قال تعالى: ﴿ألَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى﴾ [العلق:١٤]. وإذا دعاك اللفظ إلى المعنى من مكان قريب فلا تُجب مَن دعاك إليه من مكان بعيد».
و ابنُ كثير (١٤/٨٨) القول الثاني الذي قاله الحسن مستندًا إلى اللغة، فقال: «ومعنى ﴿المفتون﴾ ظاهر، أي: الذي قد افتُتن عن الحق وضَلّ عنه، وإنما دَخَلت الباء في قوله: ﴿بأييكم المفتون﴾ لتدلّ على تَضمين الفعل في قوله: ﴿فستبصر ويبصرون﴾، وتقديره: فسَتعلم ويَعلمون، أو: فسَتُخبر ويُخبرون بأيكم المفتون».
و ابنُ تيمية (٦/٣٧٥) -مستندًا إلى القراءات، وأقوال السلف- القول الثالث الذي قاله مجاهد، والحسن، وقتادة، فقال: «قوله تعالى: ﴿بأيكم المفتون﴾ حار فيها كثير من الناس، والصواب فيها التفسير المأثور عن السلف». ثم على قول الحسن بقوله: «فبَيّن الحسن المعنى المراد وإن لم يَتكلّم على اللفظ، كعادة السلف في اختصار الكلام مع البلاغة وفهم المعنى». ثم قال: «ويدلّ أيضًا على هذا المعنى في الآية أنّ في قراءة أُبيّ بن كعب، والجَوْنيّ، وابن عبلة: (فِي أيِّيكُمُ المَفْتُونُ) والشيطان مفتون بلا ريب». و (٦/٣٧٥-٣٧٦) أنّ القول الثاني الوارد عن الحسن أيضًا موافق لما ذُكر؛ فإنّ الضّال به المفتون الذي هو شيطان، ثم قال: «وإنما ذَكر الحسن لفظ الضّال؛ لأنهم لم يريدوا بالمجنون الذي يَخرق ثيابه، ويَقذف بالحجارة، ويَتكلّم بالهذَيان».
(١) أخرجه ابن جرير ٢٣/١٥٤.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(٣) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢٣/١٥٣، ومن طريق ليث أيضًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٦) أخرجه ابن جرير ٢٣/١٥٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٧) أخرجه ابن جرير ٢٣/١٥٣-١٥٤.
(٨) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٩) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(١٠) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٥/١٩-.
(١١) أخرجه أبو عمرو الداني في المكتفى ص٢٢٠ (٤١).
(١٢) أخرجه عبد الرزاق ٢/٣٠٨، وابن جرير ٢٣/١٥٤، وبنحوه من طريق سعيد. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(١٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٤٠٣.