الباحث القرآني

﴿فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ وَٱسۡمَعُوا۟ وَأَطِیعُوا۟ وَأَنفِقُوا۟ خَیۡرࣰا لِّأَنفُسِكُمۡۗ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ۝١٦﴾ - نزول الآية، والنسخ فيها

٧٧١٢٣- عن سعيد بن جُبَير -من طريق عطاء بن دينار- قال: لَمّا نزلت: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ [آل عمران:١٠٢] اشتدّ على القوم العمل، فقاموا حتى ورِمَتْ عراقيبهم وتقرَّحتْ جباههم؛ فأنزل الله تخفيفًا على المسلمين: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾، فنَسخَت الآية الأولى[[أخرجه ابن أبي حاتم ١٣/٧٢٢ (٣٩١١).]]. (١٤/٥٢١)

٧٧١٢٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾، قال: هي رخصة من الله؛ كان قد أنزل في سورة آل عمران [١٠٢]: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾، وحقّ تُقاته أن يطاع فلا يُعصى، ثم خَفّف عن عباده، فأنزل الرخصة، قال: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ واسْمَعُوا وأَطِيعُوا﴾ قال: والسمع والطاعة فيما استطعتَ، يا ابن آدم، عليها بايع النبيُّ ﷺ أصحابَه على السمع والطاعة فيما استطاعوا[[أخرجه ابن جرير ٢٣/١٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٤/٥٢١)

٧٧١٢٥- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ [آل عمران:١٠٢]، قال: نَسَخَتْها: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٩٥، وابن جرير ٢٣/٢٠. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٣٩٩-.]]. (ز)

٧٧١٢٦- عن زيد بن أسلم -من طريق عبد الرحمن بن زيد- قال: في قول الله ﷿: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ [آل عمران:١٠٢]، يقول: مُطيعين. قال: فلم يُدرى ما حقّ تقاته من عِظَم حقّه ﷿، ولو اجتمع أهلُ السموات والأرض على أن يَبلغوا حقّ تُقاته ما بَلغوا. قال: فأراد الله ﷿ أن يُعلِمَ خلْقه قدرته، ثم نسخها وهوّن على خلْقه بقوله -تبارك وتعالى-: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾، فلم يَدع لهم مقالًا، ولو قلت لرجل: اتّق الله حقّ تُقاته. رأى أنك قد كلّفته بغْيًا من أمره، فإذا قلت له: اتّق الله ما استطعتَ. رأى أنّك لم تكلّفه شططًا[[أخرجه أبو إسحاق المالكي في أحكام القرآن ص٢٢٦.]]٦٦٤١. (ز)

٦٦٤١ ذكر ابنُ جرير (٢٣/٢٠) النسخ في الآية، وانتقده مُرَجِّحًا عدم النسخ فيها مستندًا إلى عدم الدليل عليه، فقال: «وليس في قوله: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ دلالة واضحة على أنه لقوله: ﴿اتقوا الله حق تقاته﴾ [آل عمران:١٠٢] ناسخ، إذ كان محتملًا قوله: ﴿اتقوا الله حق تقاته﴾ فيما استطعتم، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله ﷺ، فإذا كان ذلك كذلك فالواجب استعمالهما جميعًا على ما يحتملان من وجوه الصحة». وذكر ابنُ عطية (٨/٣٢٤) القول بعدم النسخ، ووجّهه بقوله: «فهذه على هذا التأويل مُبيّنة لتلك». ثم علّق عقب ذكره القولين، فقال: «وتحتمل هذه الآية أن يكون: فاتقوا الله مدة استطاعتكم التقوى. وتكون ﴿ما﴾ ظرفًا للزمان كلّه، كأنه يقول: حياتكم وما دام العمل ممكنًا». ورجّح ابنُ تيمية (٦/٣١٩) عدم النسخ في الآية، ثم وجّه قول مَن قال من السلف بالنسخ فيها، فقال: «وقال: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ وهي مُفسّرة لتلك، ومَن قال من السلف: ناسخة. فمعناه: رافعة لما يُظنّ أنّ المراد يعجز عنه، فإنّ الله لم يأمر بهذا قطّ، ومن قال: إنّ الله أمر به. فقد غلط، والنّسخ في عُرف السّلف يدخل فيه كل ما فيه نوع رفعٍ لحكم، أو ظاهر، أو ظنّ دلالة، حتى إنهم يُسمّون تخصيص العام نسخًا، ومنهم مَن يُسمّي الاستثناء نسخًا إذا تأخر نزوله، وقد قال تعالى: ﴿فينسخ الله ما يلقي الشيطان﴾ [الحج:٥٢]، فهذا رفعٌ لما ألقاه الشيطان، ولم ينزله الله، لكن غايته أن يُظنّ أنّ الله أنزله».

﴿فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ - تفسير

٧٧١٢٧- عن عُمارة المِعْوَلي، قال: قلت للحسن [البصري]: قوله ﷿: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾؟ قال: تأتي أجْهَد جهدك[[أخرجه أبو إسحاق المالكي في أحكام القرآن ص٢٢٧.]]. (ز)

٧٧١٢٨- عن الربيع بن أنس، ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾، قال: جُهدكم[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٤/٥٢١)

٧٧١٢٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في أمره ونهيه ﴿ما اسْتَطَعْتُمْ﴾ يعني: ما أطعتم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٣٥٣.]]. (ز)

﴿وَٱسۡمَعُوا۟ وَأَطِیعُوا۟ وَأَنفِقُوا۟ خَیۡرࣰا لِّأَنفُسِكُمۡۗ﴾ - تفسير

٧٧١٣٠- قال الحسن البصري: ﴿وأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ إنها النفقة في سبيل الله[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٤٠٠-.]]. (ز)

٧٧١٣١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واسْمَعُوا﴾ له مواعظه، ﴿وأَطِيعُوا﴾ أمره، ﴿وأَنْفِقُوا﴾ من أموالكم في حقّ الله ﴿خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٣٥٣-٣٥٤.]]. (ز)

﴿وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ۝٩﴾ - تفسير

٧٧١٣٢- عن عبد الله بن مسعود -من طريق الأسود بن هلال- في قوله: ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾، قال: أن يَعمد إلى مال غيره، فيأكله[[أخرجه ابن جرير ٢٣/٢١.]]. (ز)

٧٧١٣٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾، يقول: هوى نفسه، حيث يَتبع هواه، ولم يَقبلِ الإيمانَ[[أخرجه ابن جرير ٢٣/٢٠.]]. (ز)

٧٧١٣٤- عن عطاء، ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾، قال: في النفقة[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٤/٥٢٢)

٧٧١٣٥- قال مقاتل بن سليمان: ثم رغّبهم في النّفقة، فقال: ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾، أي: يُعطي حقّ الله من ماله[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٣٥٤.]]. (ز)

﴿وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ۝٩﴾ - آثار متعلقة بالآية

٧٧١٣٦- عن الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفيّ، قال: وفَدنا إلى رسول الله ﷺ، فلبثنا أيامًا شهدنا فيها الجُمعة مع رسول الله ﷺ، فقام متوكّئًا على قوس، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات خفيفات طيّبات مباركات، ثم قال: «أيها الناس، إنكم لن تُطيقوا كلَّ ما أُمرتم به؛ فسدِّدوا، وأَبشروا»[[أخرجه أحمد ٢٩/٣٩٩، ٤٠٠ (١٧٨٥٦، ١٧٨٥٧)، وأبو داود ٢/٣١٨ (١٠٩٦). قال النووي في خلاصة الأحكام ٢/٧٩٧ (٢٨٠٠): «رواه أبو داود وغيره، بأسانيد حسنة». وقال ابن الملقّن في تحفة المحتاج ١/٥٠٨ (٦٣١): «رواه أبو داود، ولم يضعّفه، وفي سنده شهاب بن خراش، وثّقه ابن المبارك وأبو زرعة وغيرهما، وقال ابن حبان: يخطئ كثيرًا. وقال ابن عدي: في بعض روايته ما يُنكر، ولا أعرف للمتقدّمين فيه كلامًا، وأما ابن السّكن فأخرج هذا الحديث في صحاحه». وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ٢/١٥٩ (٦٤٨): «إسناده حسن». وقال الصنعاني في سبل السلام ١/٤١٨: «إسناده حسن». وقال الألباني في صحيح أبي داود ٤/٢٦١ (١٠٠٦): «إسناده حسن».]].(١٤/٥٢٢) (١٤/٥٢٢)

٧٧١٣٧- عن حَبيب بن شهاب العنبريّ أنه سمع أخاه يقول: لقيتُ ابنَ عمر يوم عرفة، فأردتُ أنْ أقتدي من سيرته، وأسمع من قوله، فسمعتُه أكثر ما يقول: اللهم، إني أعوذ بك من الشُّحِّ الفاحش. حتى أفاض، ثم بات بجمْع، فسمعتُه أيضًا يقول ذلك، فلما أردتُ أنْ أفارقه قلتُ: يا عبد الله، إني أردتُ أنْ أقتدي بسيرتك، فسمعتُك أكثر ما تقول أن تعوذ من الشُّح الفاحش! قال: وما أبغي أفضل مِن أنْ أكون من المُفلحين؟! قال الله: ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٤/٥٢٢)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب