الباحث القرآني
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَیۡهِ ٱلَّیۡلُ رَءَا كَوۡكَبࣰاۖ﴾ - تفسير
٢٥٣٤٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿فلما جن عليه الليل رأى كوكبا﴾، ذُكِر لنا: أنّ الكوكب الذي رَآه الزُّهَرة، طلَعت عِشاءً[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٧، ١٣٢٩، ١٣٣٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حُمَيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/١٠٩)
٢٥٣٤٥- عن زيد بن علي بن الحسين -من طريق الصباح بن يحيى- في قوله: ﴿رأى كوكبا﴾، قال: الزُّهرة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/١١٣)
٢٥٣٤٦- عن إسماعيل السُّدِّيّ - من طريق علي بن عابس- في قوله: ﴿رأى كوكبا﴾، قال: هو المُشْتَرِي، وهو الذي يطلُعُ نحوَ القبلة عندَ المغرب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٨، وأبو الشيخ في العظمة (٦٨٨).]]. (٦/١١٢)
٢٥٣٤٧- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- يعني: قوله: ﴿فلما جن عليه الليل رأى كوكبا﴾، قال: وكان خروجه حين خرج من السَّرَبِ بعد غروب الشمس[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٨.]]. (ز)
٢٥٣٤٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: كان من شأن إبراهيم ﵇ أنّ أولَ مَلِكٍ مَلَك في الأرض شرقَها وغربَها نمرود بن كنعان بن كوشِ بن سام بن نوح، وكانت الملوك الذين مَلكُوا الأرضَ كلَّها أربعة؛ نمرود، وسليمان بن داود، وذو القرنين، وبختُنَصَّر، مُسْلِمَيْن وكافِرَيْن، وإنّه اطَّلع كوكبٌ على نمرودَ ذهَب بضوء الشمس والقمر، ففزِع من ذلك، فدعا السحرةَ والكهنة والقافَةَ والحازَةَ[[التَّحَزِّي: التكهن ... والحازِي: الذي ينظر في الأَعضاء وفي خِيلانِ الوجه يتكهن. لسان العرب (حزا).]]، فسأَلهم عن ذلك، فقالوا: يَخرُجُ من مُلْكِكَ رجلٌ يكون على وجْهِهِ هلاكُكَ، وهلاكُ مُلْكِكَ. وكان مَسْكَنُه ببابِل الكوفة، فخرج من قريته إلى قرية أخرى، وأخرَج الرجال، وترك النساء، وأمرَ ألا يولَدَ مولود ذَكَر إلا ذبَحَه، فذَبَّح أولادَهم، ثم إنّه بدَت له حاجةٌ في المدينة لم يأْمَن عليها إلا آزرَ أبا إبراهيم، فدعاه، فأرسلَه، فقال له: انظُر، لا تُواقِعْ أهلَك. فقال له آزر: أنا أضَنُّ بدِيني من ذلك. فلمّا دخَل القرية نظَر إلى أهله، فلم يملِكْ نفسَه أن وقَع عليها، ففَرَّ بها إلى قرية بين الكوفة والبصرة يُقال لها: أُورٌ. فجعَلها في سَرَبٍ، فكان يتعاهدُها بالطعام وما يُصلِحُها، وإنّ الملِكَ لَمّا طال عليه الأمر قال: قولُ سحرةٍ كذّابين، ارجِعوا إلى بلدكم. فرجَعُوا، ووُلِد إبراهيم، فكان في كلِّ يومٍ يَمرُّ به كأنه جُمُعة، والجمعةُ كالشهر من سُرعة شبابه، ونسِي الملِك ذلك، وكبِر إبراهيم ولا يرى أنّ أحدًا من الخلق غيرُه وغيرُ أبيه وأمِّه، فقال أبو إبراهيم لأصحابه: إنّ لي ابنًا وقد خبَّأتُه فتخافون عليه الملِك إن أنا جئتُ به؟ قالوا: لا، فأتِ به. فانطلق، فأَخرَجه، فلما خرَج الغلام من السَّرَب نظَر إلى الدواب والبهائم والخلق، فجعَل يسأل أباه، فيقول: ما هذا؟ فيُخبره عن البعير أنّه بعير، وعن البقرة أنّها بقرة، وعن الفرَس أنّها فرس، وعن الشاة أنّها شاة، فقال: ما لهؤلاء الخلق بُدٌّ مِن أن يكون لهم رَبٌّ. وكان خروجُه حينَ خرج من السَّرَب بعد غروب الشمس، فرفع رأسه إلى السماء، فإذا هو بالكوكب، وهو المشتري، فقال: هذا ربي. فلم يلبَثْ أن غاب، قال: لا أُحبُّ ربًّا يغيب.= (ز)
٢٥٣٤٩- قال عبد الله بن عباس: وخرج في آخر الشهر، فلذلك لم يرَ القمر قبلَ الكوكب، فلمّا كان آخر الليل رأى القمر، ﴿فلما رأى القمر بازغا﴾ قد اطَّلع قال: ﴿هذا ربي فلما أفل﴾ يقول: غاب، قال: ﴿لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين﴾. فلمّا أصبح رأى الشمس بازغة، قال: ﴿هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت﴾: فلمّا غابتْ ﴿قال يا قوم إني بريء مما تشركون﴾. قال الله له: ﴿أسلم قال أسلمت لرب العالمين﴾ [البقرة:١٣١]. قال: فجعل إبراهيم يدعُو قومه، وينذرهم، وكان أبوه يصنع الأصنام فيعطِيها ولدَه فيبيعونها، وكان يُعطِيه فينادِي: من يشتري ما يضرُّه ولا ينفعُه؟ فيرجِعُ إخوتُه وقد باعُوا أصنامهم، ويرجعُ إبراهيم بأصنامه كما هي، ثم دعا أباه، فقال: ﴿يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا﴾؟! [مريم:٤٢]، ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة، فإذا هُنَّ في بَهوٍ عظيم، مُسْتَقْبِلٌ بابَ البهو صنمٌ عظيم، إلى جنبِه أصغر منه، بعضُها إلى جنب بعض، كل صنم يليه أصغر منه، حتى بلَغوا باب البَهو، وإذا هم قد جعلوا طعامًا بين يدي الآلهة، وقالوا: إذا كان حينُ نَرجِعُ رجعْنا، وقد برِحَتِ الآلهة من طعامنا فأكَلْنا. فلمّا نظر إليهم إبراهيم وإلى ما بين أيديهم من الطعام، قال: ألا تأكلون! فلمّا لم تُجِبْه قال: ﴿ما لكم لا تنطقون﴾ [الصافات:٩٢]. ثم إنّ إبراهيم أتى قومَه، فدَعاهم، فجعل يدعُو قومَه، وينذرُهم، فحبَسُوه في بيت، وجَمَعوا له الحطب، حتى إنّ المرأة لَتمرَضُ فتقول: لَئِن عافاني الله لأجمعنَّ لإبراهيم حطبًا. فلما جمعُوا له وأكثروا من الحطب حتى إن كان الطير ليَمُرُّ بها فيحترِقُ مِن شدة وهجِها وحرِّها، فعَمَدوا إليه، فرفَعوه إلى رأس البنيان، فرفَع إبراهيم رأسه إلى السماء، فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة: ربَّنا، إبراهيم يُحرَقُ فيك! قال: أنا أعلمُ به، فإن دعاكم فأغِيثُوه. وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السماء: اللَّهُمَّ، أنت الواحد في السماء، وأنا الواحد في الأرض، ليس أحدٌ يعبُدُك غيري، حسبيَ الله ونِعْمَ الوكيل. فقذَفوه في النار، فناداها، فقال: ﴿يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم﴾ [الأنبياء:٦٩]. وكان جبريل هو الذي ناداها، فقال عبد الله بن عباس: لو لم يُتْبِعْ بردَها سلامًا لمات إبراهيم من بردها، ولم يَبْقَ يومئذ في الأرض نار إلا طفِئت، ظَنَّت أنها هي تُعنى، فلما طفِئت النار نظروا إلى إبراهيم فإذا هو ورجل آخر معه، ورأس إبراهيم في حِجْرِه يمسحُ عن وجهه العرق، وذُكِر: أنّ ذلك الرجلَ ملَكُ الظِّلِّ، فأنزل الله نارًا، فانتفع بها بنو آدم، وأخرَجوا إبراهيم، فأدخَلوه على الملِك، ولم يكن قبل ذلك دخَل عليه، فكلَّمَه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٣٠٤٧-٣٠٤٨.]]. (٦/١٠٩)
٢٥٣٥٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فلما جن عليه الليل﴾ دنا من باب السَّرَ،ب وذلك في آخر الشهر، فرأى الزهرة أول الليل من خلال السَّرَب ومن وراء الصخرة، والزُّهرة من أحسن الكواكب[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٧١.]]. (ز)
٢٥٣٥١- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة بن الفضل- فيما ذُكِر لنا -والله أعلم-: أنّ آزر كان رجلًا من أهل كُوثى من قرية بالسواد سوادِ الكوفة، وكان إذ ذاك مُلْك المشرق لنمرود بن كنعان، فلمّا أراد الله أن يبعث إبراهيم حُجَّة على قومه، ورسولا إلى عباده، ولم يكن فيما بين نوح وإبراهيم نبي إلا هود وصالح، فلمّا تقارب زمانُ إبراهيم الذي أراد الله ما أراد أتى أصحابُ النجوم نمرودَ، فقالوا له: تَعْلَم أنّا نجد في عِلْمِنا أنّ غلامًا يُولَد في قريتك هذه يُقال له: إبراهيم، يُفارق دينكم، ويكسر أوثانكم في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا. فلمّا دخلت السنة التي وصف أصحاب النجوم لنمرود بعث نمرود إلى كل امرأة حُبْلى بقريته، فحبسها عنده، إلا ما كان من أُمِّ إبراهيم امرأة آزر، فإنّه لم يعلم بحَبَلها، وذلك أنها كانت امرأة حَدَثَةً[[حَداثةُ السن: كناية عن الشباب وأول العمر. لسان العرب (حدث).]] فيما يُذكر، لم يُعْرَف الحَبَل في بطنها. ولَمّا أراد الله أن يبلغ بولدها، يريد أن يقتل كل غلام ولد في ذلك الشهر من تلك السنة حذرًا على مُلْكِه، فجعل لا تلد امرأةٌ غلامًا في ذلك الشهر من تلك السنة إلا أُمِر به فذُبِح، فلمّا وجدت أمُّ إبراهيم الطَّلْق خرجت ليلًا إلى مغارة كانت قريبًا منها، فولدت فيها إبراهيم، وأصلحت من شأنه ما يصنع مع المولود، ثم سدَّت عليه المغارة، ثم رجعت إلى بيتها، ثم كانت تطالعه في المغارة، فتنظر ما فعل، فتجده حيًّا يَمُصُّ إبهامه، يزعمون -والله أعلم- أنّ الله جعل رزق إبراهيم فيها، وما يجيئه من مَصِّه. وكان آزر فيما يزعمون سأل أم إبراهيم عن حملها: ما فعل؟ فقالت: ولدت غلامًا، فمات. فصدَّقها، فسكت عنها. وكان اليوم فيما يذكرون على إبراهيم في الشباب كالشهر، والشهر كالسنة، فلم يلبث إبراهيم في المغارة إلا خمسة عشر شهرًا حتى قال لأُمِّه: أخرجيني أنظر. فأخرجته عشاء، فنظر وتفَكَّر في خلق السموات والأرض، وقال: إنّ الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لَرَبِّي، ما لي إله غيره. ثم نظر في السماء فرأى كوكبًا، قال: ﴿هذا ربي﴾. ثم أتبعه ينظر إليه ببصره حتى غاب، ﴿فلما أفل قال: لا أحب الآفلين﴾. ثم طلع القمر، فرآه بازغًا، قال: ﴿هذا ربي﴾. ثم أتبعه بصره حتى غاب، ﴿فلما أفل قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين﴾. فلما دخل عليه النهار وطلعت الشمسُ أعْظَم الشمسَ، ورأى شيئًا هو أعظم نورًا من كل شيء رآه قبلَ ذلك، فقال: ﴿هذا ربي، هذا أكبر﴾. فلمّا أفَلَتْ قال: ﴿يا قوم، إني بريء مما تشركون، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين﴾. ثم رجع إبراهيم إلى أبيه آزر وقد استقامت وِجْهَتُه، وعرف ربَّه، وبرئ من دين قومه، إلا أنّه لم يبادِرْهم بذلك. وأخبر أنّه ابنه، وأخبرته أمُّ إبراهيم أنه ابنه، وأخبرته بما كانت صنعت من شأنه، فسُرَّ بذلك آزر، وفرح فرحًا شديدًا. وكان آزر يصنع أصنام قومه التي يعبدونها، ثم يعطيها إبراهيم يبيعها، فيذهب بها إبراهيم -فيما يذكرون-، فيقول: مَن يشتري ما يضره ولا ينفعه؟ فلا يشتريها منه أحد، وإذا بارت عليه ذهب بها إلى نهر فصوَّب فيه رءوسها، وقال: اشربي. استهزاءً بقومه وما هم عليه من الضلالة، حتى فشا عيبُه إيّاها واستهزاؤه بها في قومه وأهل قريته، من غير أن يكون ذلك بلغ نمرود الملك[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥٦ – ٣٥٩، وابن أبي حاتم ٨/٢٧٧٧ مختصرًا.]]٢٣٢٦. (ز)
﴿فَلَمَّاۤ أَفَلَ﴾ - تفسير
٢٥٣٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قوله: ﴿فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي﴾ فعبده حتى غاب، فلمّا غاب قال: ﴿لا أحب الآفلين﴾[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥٦، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢٨.]]٢٣٢٧. (ز)
٢٥٣٥٣- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قوله: ﴿فلما أفل﴾، قال: ذهب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٨.]]. (٦/١١٣)
٢٥٣٥٤- قال مقاتل بن سليمان، في قوله: ﴿فلما أفل﴾: يعني: غاب[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٧١.]]٢٣٢٨. (ز)
٢٥٣٥٥- قال محمد بن إسحاق -من طريق سلمة بن الفضل-: الأفول: الذهاب[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٦١.]]. (ز)
٢٥٣٥٦- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة بن الفضل- فيما ذُكِر لنا -والله أعلم-: نظر في السماء، فرأى كوكبًا، قال: ﴿هذا ربي﴾. ثم أتبعه ينظر إليه ببصره حتى غاب، ﴿فلما أفل قال لا أحب الآفلين﴾[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥٦ مختصرًا، تقدم قريبًا بطوله.]]. (ز)
﴿قَالَ لَاۤ أُحِبُّ ٱلۡـَٔافِلِینَ ٧٦﴾ - تفسير
٢٥٣٥٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿لا أحب الآفلين﴾، قال: الزائلين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٩.]]. (٦/١١٣)
٢٥٣٥٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين﴾: علم أنّ ربه دائم لا يزول[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٥٦، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حُمَيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/١٠٩)
٢٥٣٥٩- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قوله: ﴿قال لا أحب الآفلين﴾، قال: لا أحب ربًّا يغيب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢٨.]]. (ز)
٢٥٣٦٠- قال مقاتل بن سليمان: قال إبراهيم: ﴿لا أحب الآفلين﴾. يعني: الغائبين الذاهبين، وربي لا يذهب ولا يغيب[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٧١.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.