الباحث القرآني

﴿قُلۡ أَنَدۡعُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُنَا وَلَا یَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰۤ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِی ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّیَـٰطِینُ فِی ٱلۡأَرۡضِ حَیۡرَانَ لَهُۥۤ أَصۡحَـٰبࣱ یَدۡعُونَهُۥۤ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ۝٧١﴾ - قراءات

٢٥٢٤٥- عن أبي إسحاق، قال: في قراءة عبد الله بن مسعود: (كالَّذِي اسْتَهْواهُ الشَّيْطانُ)[[أخرجه أبو داود في المصاحف ص٦١. وعزاه السيوطي إلى ابن الأنباري في المصاحف. وهي قراءة شاذة، تروى أيضًا عن الأعمش. انظر: مختصر ابن خالويه ص٤٤.]]. (٦/٩٥)

٢٥٢٤٦- عن أبي إسحاق، قال: في قراءة عبد الله بن مسعود: (يَدْعُونَهُ إلى الهُدى بَيِّنًا)[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٣٢. وعزاه السيوطي إلى ابن الأنباري. وهي قراءة شاذة. انظر: مختصر ابن خالويه ص٤٤.]]. (٦/٩٥)

٢٥٢٤٧- عن مجاهد، قال: في قراءة عبد الله بن مسعود: (يَدْعُونَهُ إلى الهُدى بَيِّنًا). قال: الهدى: الطريق إنه بَيِّنٌ[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٣٢. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٢٣٠٧. (٦/٩٦)

٢٣٠٧ علَّق ابنُ جرير (٩/٣٣٢-٣٣٣)على هذه القراءة بقوله: «وإذا قرئ ذلك كذلك كان البيِّن من صفة الهدى، ويكون نصب البيِّن على القطع من الهدى، كأنه قيل: يدعونه إلى الهدى البيِّن، ثم نصب البيِّن لما حذفت الألف واللام، وصار نكرة من صفة المعرفة». ثم قال: «وهذه القراءة تؤيد قول مَن قال: الهدى في هذا الموضع: هو الهدى على الحقيقة». وبنحوه علَّق ابنُ عطية (٣/٣٩١-٣٩٢).

﴿قُلۡ أَنَدۡعُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُنَا وَلَا یَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰۤ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِی ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّیَـٰطِینُ فِی ٱلۡأَرۡضِ حَیۡرَانَ لَهُۥۤ أَصۡحَـٰبࣱ یَدۡعُونَهُۥۤ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ۝٧١﴾ - تفسير الآية

٢٥٢٤٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- ﴿قل أندعوا من دون الله﴾ قال: هذا مَثلٌ ضربه الله للآلهة وللدعاة الذين يَدْعُون إلى الله، كمثل رجل ضلَّ عن الطريق تائهًا ضالًّا، إذ ناداه منادٍ: فلان بن فلان، هلمَّ إلى الطريق. وله أصحاب يدعونه: يا فلان، يا فلان، هلمَّ إلى الطريق. فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يُلقيَه في هلكة، وإن أجاب مَن يَدعو إلى الهدى اهتدى إلى الطريق، وهذه الداعية التي تدعو في البرِّيَّة الغِيلان. يقول: مَثلُ مَن يعبد هذه الآلهة من دون الله فإنّه يرى أنّه في شيء، حتى يأتيه الموت، فيستقبل الهَلَكة والندامة. وقوله: ﴿كالذي استهوته الشياطين في الأرض﴾ يقول: أضلَّتْه، وهم الغِيلان، يَدعونه باسمه واسم أبيه وجدِّه، فيتَّبِعُها، ويَرى أنه في شيء، فيُصبِحُ وقد ألقَتْه في هلكة، وربما أكلَتْه، أو تُلْقِيه في مَضِلَّة من الأرض يهلِكُ فيها عطشًا، فهذا مَثَلُ مَن أجاب الآلهة التي تُعبَدُ من دون الله[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٢٩-٣٣٠، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢١-١٣٢٢. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٩٣)

٢٥٢٤٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- في قوله: ﴿كالذي استهوته الشياطين﴾ الآية، قال: هو الرجل الذي لا يستجِيبُ لهدى الله، وهو رجل أطاع الشيطان، وعَمِل في الأرض بالمعصية، وجارَ عن الحق، وضلَّ عنه، وله أصحابٌ يدعونه إلى الهدى، ويزعُمون أن الذي يأمرونه به هُدى الله، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس، يقول: إنّ الهدى هدى الله، والضلالة ما يدعو إليه الجِنُّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٣٣١، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢٢.]]. (٦/٩٥)

٢٥٢٥٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا﴾ قال: الأوثان. وفي قوله: ﴿كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران﴾ قال: رجلٌ حيرانُ يدعُوه أصحابه إلى الطريق، فذلك مثلُ مَن يَضِلُّ بعد إذ هُدِي[[تفسير مجاهد ص٣٢٤، وأخرجه ابن جرير ٩/٣٣٠، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢٠-١٣٢١. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٣٠٨. (٦/٩٤)

٢٣٠٨ اختُلف في قوله: ﴿وله أصحاب﴾ هل هم من المؤمنين، أم من الضالين. وعلَّق ابنُ جرير (٩/٣٣١) على القول الثاني الذي قاله ابن عباس من طريق العوفي بقوله: «فكأنّ ابن عباس على هذه الرواية يرى أنّ أصحاب هذا الحيران الذين يدعونه إنما يدعونه إلى الضلال، ويزعمون أن ذلك هدى، وأن الله أكذبهم بقوله: ﴿قل إن هدى الله هو الهدى﴾، لا ما يدعوه إليه أصحابه». وبنحوه علَّق ابنُ عطية (٣/٣٩٢). ثم رجَّح ابنُ جرير (٩/٣٣٢) القول الأول، وانتَقَد الثاني مستندًا إلى ظاهر الآية بما مفاده أنه يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى ضلال ويزعمون أنه هدى. وهذا خلاف ظاهر الآية؛ فإنّ الله أخبر أنهم يدعونه إلى هُدًى، فغير جائز أن يكون ضلالًا، وقد أخبر الله أنه هدى. وكذا انتَقَد ابنُ كثير (٦/٨١) قول ابن عباس مستندًا إلى السياق، فقال: «فإنّ السياق يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران، وهو منصوب على الحال، أي: في حال حيرته، وضلاله، وجهلِه وجهَ المحجة، وله أصحاب على المحجة سائرون، فجعلوا يدعونه إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى. وتقدير الكلام: فيأبى عليهم ولا يلتفت إليهم، ولو شاء الله لهداه، ولرد به إلى الطريق؛ ولهذا قال: ﴿قل إن هدى الله هو الهدى﴾ كما قال: ﴿ومن يهد الله فما له من مضل﴾ [الزمر:٣٧]، وقال: ﴿إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين﴾ [النحل:٣٧]». وذكر ابنُ عطية (٣/٣٩١) أنّ قول ابن عباس قول تحتمله الآية.

٢٥٢٥١- عن أبي مالك غزوان الغفاري -من طريق السدي- قوله: ﴿الشياطين﴾، يعني: إبليس، وذريته[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٣٢١.]]. (ز)

٢٥٢٥٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: خصومة عَلَّمها اللهُ محمدًا ﷺ وأصحابَه، يُخاصِمون بها أهلَ الضلالة[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٣١، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/٩٥)

٢٥٢٥٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله تعالى: ﴿استهوته الشياطين﴾، قال: أضلَّتْه الشياطين ﴿في الأرض حيران﴾[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢١٢، وابن جرير ٩/٣٣٠.]]. (ز)

٢٥٢٥٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿قل أندعوا من دون الله﴾ الآية، قال: قال المشركون للمؤمنين: اتَّبِعوا سبيلنا، واتركوا دين محمد. فقال الله: ﴿قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا﴾ فهذه الآلهة، ﴿ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله﴾ فيكون مَثَلُنا كمَثَل الذي ﴿استهوته الشياطين في الأرض﴾. يقول: مثلُكم إن كفرتم بعد الإيمان كمَثَل رجل كان مع قوم على الطريق، فَضَلَّ الطريق، فحيَّرته الشياطين، واستهوته في الأرض، وأصحابُه على الطريق، فجعلوا يَدعُونه إليهم، يقولون: ائتِنا فإنّا على الطريق. فأبى أن يأتيهم، فذلك مثلُ مَن يتَّبِعُكم بعد المعرفة لمحمد ﷺ، ومحمد ﷺ الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الإسلام[[أخرجه ابن جرير ٩/٣٢٨-٣٢٩، وابن أبي حاتم ٤/١٣٢٠، ١٣٢٢. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٢٣٠٩. (٦/٩٤)

٢٣٠٩ على هذا القول فـ«الأصحاب» هم على الطريق المدعو إليها، والمؤمنين الداعين للمرتدين شبهوا بهم، والهدى هو هدى على حقيقته. وذكر ابنُ عطية (٣/٣٩٢) أنّ قوله: ﴿قُلْ إنَّ هُدى اللَّهِ﴾ يجيء على هذا القول بمعنى: أن دعاء الأصحاب وإن كان إلى هدى فليس بنفس دعائهم تقع الهداية، وإنما يهتدي بذلك الدعاء مَن هداه الله تعالى بهداه.

٢٥٢٥٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا﴾ وذلك أنّ كُفّار مكة عذَّبوا نفرًا من المسلمين على الإسلام، وأرادوهم على الكفر، يقول الله لنبيه ﷺ: قل أتعبدون من دون الله من آلهة -يعني: الأوثان- ما لا يملك لكم ضرًّا ولا نفعًا في الآخرة، ولا يملك لنا ضرًّا في الدنيا، ﴿ونرد على أعقابنا﴾ يعني: ونرجع إلى الشرك ﴿بعد إذ هدانا الله﴾ إلى دينه الإسلام، فهذا قول المسلمين للكفار حين قالوا لهم: اتركوا دين محمد ﷺ، واتَّبعوا ديننا. يقول الله للمؤمنين: رُدُّوا عليهم: فإنّ مَثَلَنا إن اتبعناكم وتركنا ديننا كان مَثَلُنا ﴿كالذي استهوته الشياطين﴾، وأصحابه على الطريق ﴿يدعونه إلى الهدى﴾ أن ﴿ائتنا﴾، فإنّا على الطريق. فأبى ذلك الرجل أن يأتيهم، فذلك مثلنا إن تركنا دين محمد ﷺ ونحن على طريق الإسلام، وأما الذي ﴿استهوته الشياطين﴾ يعني: أضلته ﴿في الأرض حيران﴾ لا يدري أين يتوجه؛ فإنّه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أضلَّته الشياطين عن الهدى، فهو حيران، ﴿له أصحاب﴾ مهتدون ﴿يدعونه إلى الهدى﴾ يعني: أبويه، قالا له: ائتنا؛ فإنّا على الهدى. وفيه نزلت: ﴿والذي قال لوالديه أف لكما﴾ [الأحقاف:١٧]. فذلك قوله: ﴿قل إن هدى الله هو الهدى﴾ يعني: الإسلام هو الهدى، والضلال الذي تدعونا الشياطين إليه هو الذي أنتم عليه، قل لهم: ﴿وأمرنا لنسلم﴾ يعني: لنخلص ﴿لرب العالمين﴾ فقد فعلنا[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٦٨-٥٦٩.]]٢٣١٠. (ز)

٢٣١٠ على هذا القول فالمراد بـ﴿كالذي﴾ عبد الرحمن بن أبي بكر، وبالأصحاب أبوه وأمه، وهو ما انتَقَده ابنُ عطية (٣/٣٩٢) مستندًا إلى أقوال السلف، فقال: «وهذا ضعيف؛ لأنّ في الصحيح أنّ عائشة لما سمعت قول القائل: إنّ قوله تعالى: ﴿والذي قال لوالديه أف لكما﴾ [الأحقاف:١٧] نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قالت: كذبوا، ما نزل فينا من القرآن شيء إلا براءتي». وذكر ابنُ عطية (٣/٣٩٠) أنّ ابن جرير قال بأنّ الرد على العقب يستعمل فيمن أمّل أمرًا فخاب أمله. وانتقده بقوله: «وهذا قول قلق».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب