الباحث القرآني
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَیۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠﴾ - نزول الآية، والنسخ فيها
٢٣٤٧٩- عن عمر بن الخطاب -من طريق أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل- أنّه قال: اللَّهُمَّ، بَيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا؛ فإنّها تَذْهَبُ بالمال والعقل. فنزَلت: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ التي في سورة البقرة [٢١٩]. فدُعِيَ عمر، فَقُرِئَتْ عليه، فقال: اللَّهُمَّ، بَيِّن لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا. فنزَلت الآيةُ التي في سورة النساء [٤٣]: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾. فكان مُنادِي رسول الله ﷺ إذا أقام الصلاة نادى أن: لا يَقْرَبَنَّ الصلاةَ سَكْرانُ. فدُعِي عمر، فقُرِئَت عليه، فقال: اللَّهُمَّ، بَيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة، فدُعِي عمر، فقُرِئَت عليه، فلمّا بلَغَ: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. قال عمر: انتَهَيْنا انتَهَيْنا[[أخرجه أحمد ١/٤٤٢-٤٤٣ (٣٧٨)، وأبو داود ٥/٥١٤ (٣٦٧٠)، والترمذي ٥/٢٩٢-٢٩٤ (٣٣٠١، ٣٣٠٢)، والنسائي ٨/٢٨٦ (٥٥٤٠)، والحاكم ٢/٣٠٥ (٣١٠١)، ٤/١٥٩ (٧٢٢٣)، وابن جرير ٨/٦٥٧-٦٥٨، وابن المنذر ٢/٧١٨ (١٧٩٦)، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٨-٣٨٩ (٢٠٤٤)، ٣/٩٥٨ (٥٣٥١)، ٤/١٢٠٠ (٦٧٦٩). وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩]. قال الترمذي في الموضع الأول: «وقد روي عن إسرائيل هذا الحديث مرسلًا». وقال في الموضع الثاني: «وهذا أصحُّ من حديث محمد بن يوسف». وقال الحاكم في الموضع الأول: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وقال في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال ابن كثير في مسند الفاروق ٢/٥٦٧: «وهكذا رواه علي بن المديني، عن عبيد الله بن موسى وإسحاق بن منصور، كلاهما عن إسرائيل به. وعن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق به، وقال: هذا حديث كوفي صالح الإسناد». وقال الزَّيْلَعِيُّ في تخريج أحاديث الكشاف ١/١٣١-١٣٢: «غريب بهذا اللفظ، وذكره الثعلبي هكذا من غير سند». وقال ابن حجر في فتح الباري ٨/٢٧٩، والعيني في عمدة القاري ٢١/١٦٣: «صحّح هذا الحديث علي بن المديني».]]. (٢/٥٤٤)
٢٣٤٨٠- عن عبد الله بن مسعود، قال: كانوا يشرَبون الخمر بعدَما أُنزِلت التي في البقرة، وبعد التي في سورة النساء، فلما نزَلت التي في سورة المائدة ترَكوه[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٥/٤٦٣)
٢٣٤٨١- عن أبي طلحة زوجِ أمِّ أنس، قال: لَمّا نزَل تحريم الخمر بعَث رسول الله ﷺ هاتِفًا يَهتِفُ: «ألا إنّ الخمر قد حُرِّمَت، فلا تَبيعوها، ولا تَبتاعُوها، فمَن كان عندَه منه شيءٌ فليُهرِقه». قال أبو طلحة: يا غلام، حُلَّ عَزلاءَ تلك المَزادَة[[العزلاء: مصب الماء من القرية في أسفلها حيث يستفرغ ما فيها من الماء. والمزادة: هي الظرف الذي يحمل فيه الماء كالراوية والقربة والسطيحة. اللسان (عزل، زاد).]]. ففَتَحها، فأَهْراقها، وخمرنا يومئذٍ البُسرُ والتمر، فأهراق الناسُ حتى انتَبعَت فِجاجُ المدينة[[أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ٣/١١٥٠ (٢٨٨٩)، والطبراني في الأوسط ٤/٢٨٠ (٤٢٠٠). قال الهيثمي في المجمع ٤/٩٠ (٦٤١٤): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الوليد بن محمد الموقري، وهو ضعيف».]]. (٥/٤٦٢)
٢٣٤٨٢- عن سعد بن أبي وقاص، قال: فِيَّ نزَل تحريمُ الخمر؛ صنع رجلٌ من الأنصار طعامًا، فدعانا، فأتاه ناسٌ، فأكَلوا، وشَرِبوا حتى انتَشَوْا من الخمر، وذلك قبلَ أن تُحرَّمَ الخمر، فتفاخروا، فقالت الأنصار: الأنصار خير. وقالت قريش: قريش خير. فأهوى رجلٌ بلَحْيَيْ جَزُور فضرَب على أنفِي، ففَزَره[[شقه. النهاية ٣/٤٤٣.]]. فكان سعدٌ مَفزُورَ الأنف، قال: فأتيتُ النبي ﷺ، فذكرتُ ذلك له؛ فنَزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ إلى آخر الآية[[أخرجه الطيالسي في مسنده ١/١٦٨ (٢٠٥)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص١٥٠، وابن جرير ٨/٦٥٩ واللفظ له، وابن أبي حاتم ٤/١٢٠٠ (٦٧٦٧). الحديث صحيح، فقد أخرجه مسلم ٤/١٨٧٧ (١٧٤٨) بنحو معناه ومخرَجِه، بسياق أطول من هذا.]]. (٥/٤٥٥)
٢٣٤٨٣- عن سعد بن أبي وقاص -من طريق مصعب بن سعد- قال: نزَلت فِيَّ ثلاثُ آياتٍ من كتاب الله: نزَل تحريمُ الخمر؛ نادمتُ رجلًا، فعارضتُه وعارضَني، فعربَدتُ[[العربدة: سوء الخلق، ورجل معربد: يؤذى نديمه في سكره. اللسان (عربد).]] عليه، فشجَجْتُه؛ فأنزل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. ونزلت فِيَّ: ﴿ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها﴾ إلى آخر الآية [الأحقاف:١٥]. ونزلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة﴾ [المجادلة:١٢]، فقدَّمتُ شعيرةً، فقال رسول الله ﷺ: «إنّك لَزهيد». فنَزلت الآيةُ الأُخرى: ﴿أأشفقتم أن تقدموا﴾ الآية [المجادلة:١٣][[أخرجه الطبراني في الكبير ١/١٤٧ (٣٣١). قال الهيثمي في المجمع ٧/١٢٢ (١١٤٠٦): «رواه الطبراني في حديث طويل في حديث الصحيح: نزل في ثلاث آيات، وفيه سلمة بن الفضل الأبرش، وثقه ابن معين وغيره، وضعّفه البخاري وغيره».]]. (٥/٤٥٦)
٢٣٤٨٤- عن أبي هريرة، قال: قام رسول الله ﷺ، فقال: «يا أهل المدينة، إنّ الله يُعرِّضُ عن الخمر تعريضًا، لا أدري لعلَّه سينزِلُ فيها أمرٌ». ثم قام، فقال: «يا أهل المدينة، إنّ الله قد أنزَل إلَيَّ تحريم الخمر، فمَن كتَب منكم هذه الآية وعندَه منها شيءٌ فلا يشرَبْها»[[أخرجه الحاكم ٢/٣٠٦ (٣١٠٢)، والبيهقي في الشعب ٧/٣٩٣-٣٩٤ (٥١٨٠) واللفظ له. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». والحديث في صحيح مسلم بنحوه من حديث أبي سعيد الخدري، انظر ما سيأتي في حديث (٤٠).]]. (٥/٤٥٧)
٢٣٤٨٥- عن أبي هريرة، قال: حُرِّمت الخمرُ ثلاثَ مراتٍ؛ قَدِم رسول الله ﷺ وهم يشربون الخمرَ ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله ﷺ عنهما؛ فأنزل الله: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ الآية [البقرة:٢١٩]. فقال الناس: ما حُرِّم علينا، إنما قال: ﴿إثم كبير﴾. وكانوا يشربون الخمر، حتى كان يومٌ من الأيام صلّى رجلٌ مِن المهاجرين، أمَّ أصحابَه في المغرب، خلَط في قراءتِه؛ فأنزل الله أغلظَ منها: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾ [النساء:٤٣]. وكان الناس يشربون حتى يأتيَ أحدُهم الصلاةَ وهو مُفيق، ثم نزَلتْ آيةٌ أغلظُ من ذلك: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. قالوا: انتهينا، ربَّنا. فقال الناس: يا رسول الله، ناسٌ قُتِلوا في سبيل الله وماتوا على فُرُشِهم؛ كانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، وقد جعله الله رِجْسًا من عمل الشيطان. فأنزَل الله: ﴿ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح﴾ إلى آخر الآية. وقال النبي ﷺ: «لو حُرِّم عليهم لترَكوه كما ترَكْتم»[[أحمد ١٤/٢٦٧-٢٦٩ (٨٦٢٠). قال الهيثمي في المجمع ٥/٥١ (٨٠٧٥): «رواه أحمد، وأبو وهب مولى أبي هريرة لم يجرحه أحد ولم يوثقه، وأبو نجيح ضعيف لسوء حفظه، وقد وثقه غير واحد، وسريج ثقة». وقال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب ١/٥٤٥: «وفي رجاله أبو المعشر المدني، وهو ضعيف». وقال المناوي في الفتح السماوي ٢/٥٨٦: «قال الحافظ ابن حجر: وإسناده ضعيف». وقال العظيم أبادي في عون المعبود ١٠/٨٠: «قال المنذري: والحديث في إسناده علي بن الحسين بن واقد، وفيه مقال». وقال الألباني في الصحيحة ٧/١٤٢١: «إسناد ضعيف».]]. (٥/٤٥٣)
٢٣٤٨٦- عن بُريدة [بن الحصيب]، قال: بينَما نحنُ قعودٌ على شرابٍ لنا، ونحنُ نشرب الخمر حِلًّا، إذ قمتُ حتى آتيَ رسول الله ﷺ فأُسلِّمَ عليه، وقد نزَل تحريمُ الخمر: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. فجئتُ إلى أصحابي، فقرأتُها عليهم، قال: وبعضُ القوم شَرْبَتُه في يده، قد شَرِب بعضًا وبَقِيَ بعضٌ في الإناء، فقال بالإناء تحتَ شفتِه العُليا كما يفعلُ الحجّام، ثم صَبُّوا ما في باطِيَتِهم[[الباطية: إناء من الزجاج عظيم، تملأ من الشراب وتوضع بين الشُّرّاب، يغرفون منها ويشربون. اللسان (بطا).]]، فقالوا: انتهَينا، ربَّنا[[أخرجه الخلعي في الفوائد المنتقاة الحسان ص٢٤٨-٢٤٩ (٦١٩)، وابن جرير ٨/٦٦١-٦٦٢ واللفظ له، من طريق سعيد بن محمد الجرمي، عن أبي تميلة، عن سلام مولى حفص [أبي القاسم]، عن ابن بريدة، عن أبيه به. في إسناده سلام مولى حفص، أبو القاسم الليثي، لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقد ذكره ابن حبان في الثقات ٦/٤١٦.]]. (٥/٤٥٦)
٢٣٤٨٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: إنّما نزَل تحريمُ الخمر في قبيلَتين من قبائل الأنصار، وشَرِبوا، فلمّا أن ثَمِل القومُ عَبِث بعضُهم ببعض، فلما أن صَحَوا جعَل يَرى الرجلُ منهم الأثرَ بوجهه وبرأسه ولحيته، فيقول: صنَع بي هذا أخي فلان -وكانوا إخوةً ليس في قلوبهم ضغائن-، واللهِ، لو كان بي رَءوفًا رحيمًا ما صنَع بي هذا. حتى وقَعتِ الضغائنُ في قلوبهم؛ فأنزل الله هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. فقال ناسٌ مِن المُتَكَلِّفين: هي رِجسٌ، وهي في بطنِ فلانٍ قُتِل يومَ بدر، وفلان قُتِل يوم أُحُد! فأنزَل الله هذه الآية: ﴿ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا﴾ الآية[[أخرجه الحاكم ٤/١٥٨ (٧٢١٩)، وابن جرير ٨/٦٦٠-٦٦١. قال الذهبي في التلخيص: «على شرط مسلم». وقال الهيثمي في المجمع ٧/١٨ (١٠٩٨٥): «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح». وقال ابن حجر في الفتح ١٠/٣١: «وأخرج النسائي، والبيهقي، بسند صحيح». وأورده الألباني في الصحيحة ٧/١٤٢١-١٤٢٢.]]. (٥/٤٥٦)
٢٣٤٨٨- عن عبد الله بن عمر -من طريق أبي توبة المصري- قال: نزَل في الخمر ثلاثُ آياتٍ؛ فأولُ شيءٍ نزَل: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ الآية. فقيل: حُرِّمتِ الخمرُ. فقالوا: يا رسول الله، دَعْنا ننتفِعُ بها كما قال الله ﷿. فسكَتَ عنهم، ثم نزلت هذه الآية: ﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾. فقيل: حرِّمتِ الخمر. فقالوا: يا رسول الله، لا نشربُها قُرْبَ الصلاة. فسكت عنهم، ثم نزَلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ الآية. فقال رسول الله ﷺ: «حُرِّمتِ الخمرُ»[[أخرجه الطيالسي ٣/٤٦٢-٤٦٣ (٢٠٦٩)، والبيهقي في الشعب ٧/٣٩٤ (٥١٨١) عن أبي توبة، وابن جرير ٣/٦٨١، وابن أبي حاتم ٢/٣٨٩ (٢٠٤٦)، ٤/١١٩٩ (٦٧٦٢). قال ابن أبي حاتم في العلل ٤/٤٨٢ (١٥٨٣): «قال أبي -في أبي توبة-: هذا خطأ؛ إنما هو أبو طعمة قارئ مصر، عن ابن عمر». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٤/٣٤٦ (٣٧٢٠): «هذا إسناد ضعيف». وقال ابن عساكر في تاريخه ٦٦/٨٢ (٨٤١٢) في ترجمة أبي توبة المصري: «وأبو توبة هذا لم أجد له ذِكْرًا في كتاب من الكتب المشهورة، ومحمد بن أبي حميد سيء الحفظ». وقال الشيخ أحمد شاكر في تحقيق تفسير ابن جرير ٤/٣٣١: «أبو توبة المصري: لا يوجد راوٍ بهذا الاسم، وإنما هو من تخليط محمد بن أبي حميد. وصحّته: أبو طعمة الأموي».]]. (٥/٤٥٤)
٢٣٤٨٩- عن أبي سعيد الخدري، قال: خطَبَنا رسول الله ﷺ، فقال: «يا أيُّها الناس، إنّ الله يُعَرِّضُ بالخمر؛ فمَن كان عندَه منها شيءٌ فَليَبِعْ، وليَنتَفِعْ به». فلم يَلبَث إلا يسيرًا، ثم قال: «إنّ الله قد حرَّم الخمر؛ فمَن أدرَكَتْه هذه الآية وعندَه منها شيء فلا يَبِعْ، ولا يَشْرَب». قال: فاسْتَقْبَلَ الناسُ بما كان عندَهم منها، فسَفَكُوها في طُرُق المدينة[[أخرجه مسلم ٣/١٢٠٥ (١٥٧٨).]]. (٥/٤٦٣)
٢٣٤٩٠- عن أبي سعيد الخدري، قال: كان عندنا خمرٌ ليتيم، فلمّا نزلت الآية التي في المائدة سألنا رسول الله ﷺ، فقلنا: ليتيم. فقال: «أهرِيقوها»[[أخرجه أحمد ١٧/٣٠٠ (١١٢٠٥)، والترمذي ٣/١١٥-١١٦ (١٣٠٩)، من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الودّاك عن أبي سعيد به. قال الترمذي: «حديث حسن»، قال ابن عبدالهادي في تنقيح التحقيق ١/٨٤: «مجالد ضعفه غير واحد، وقال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: صالح، وقال مرة: لا يحتج به، وقال الدارقطني: ضعيف»، وقال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح ١/٣٩٠: «مجالد ضعّفه جماعة ووصفوه بالغلط والخطأ، وإنما وصفه بالحسن لمجيئه من غير وجه عن النبي ﷺ من حديث أنس وغيره رضي الله تعالى عنهم».]]. (٥/٤٦٥)
٢٣٤٩١- عن وهب بن كَيْسانَ، قال: قلتُ لجابر بن عبد الله: متى حُرِّمَتِ الخمر؟ قال: بعد أُحُدٍ، صَبَّحنا الخمرَ يوم أُحُد حينَ خَرَجنا إلى القتال[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. ولم أقف عليه مسندًا بهذا اللفظ. وفي معناه ما أخرجه البخاري ٦/٦٧ (٤٦١٨) عن جابر، قال: «صبّح أناسٌ غداة أحد الخمر، فقُتِلوا من يومهم جميعًا شهداء، وذلك قبل تحريمها».]]. (٥/٤٦٣)
٢٣٤٩٢- عن جابر، قال: كان رجلٌ عندَه مالُ أيتام، فكان يَشتري لهم ويَبيعُ، فاشتَرى خمرًا، فجعَلَه في خَوابِيَ[[الخوابى: جمع الخابية، وهي وعاء الماء الذي يحفظ فيه. الوسيط (خبأ).]]، وإنّ الله أنزَل تحريمَ الخمر، فأتى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، إنّه ليس لهم مالٌ غيرُه. فقال: «أهرِقْه». فأهْراقَه[[أخرجه البيهقي قي السنن الكبرى ٦/٣٧، من طريق يزيد بن هارون، أنبأ أبو جناب، عن أبي الزبير، عن جابر. وقد عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. إسناده ضعيفٌ؛ فيه أبوجناب، هو يحيى بن أبي حيّة الكلبي، قال عنه ابن حجر في التقريب (٧٥٣٧): «ضعّفوه لكثرة تدليسه». وفيه أبو الزبير، وهو محمد بن مسلم، مشهور بالتدليس، دلّس عن جابر بعض ما لم يسمعه منه، وقد عنعن هنا، قال العلائي في جامع التحصيل ص١١٠: «توقّف جماعة من الأئمّة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن أبي الزبير عن جابر». قلت: وهذه الرواية ليست من طريق الليث.]]. (٥/٤٦٤)
٢٣٤٩٣- عن أنس بن مالك، قال: كنا نأكُلُ مِن طعام لنا، ونشربُ عليه مِن هذا الشراب، فأتانا فلانٌ من عند نبي الله ﷺ، فقال: إنّكم تشرَبون الخمر وقد أُنزِل فيها! قلنا: ما تقولُ؟ قال: نعم، سمِعتُه مِن النبي ﷺ الساعةَ، ومِن عندِه أتيتُكم. فقُمنا، فأكفينا ما كان في الإناء من شيء[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. ولم أقف عليه مسندًا بهذا اللفظ.]]. (٥/٤٦٢)
٢٣٤٩٤- عن أنس بن مالك -من طريق بكر بن عبد الله- قال: نزَل تحريمُ الخمر، فدخَلتُ على ناسٍ مِن أصحابي، وهي بين أيديهم، فضَرَبتُها برجلي، ثم قلتُ: انطَلِقُوا إلى رسول الله ﷺ، فقد نزَل تحريمُ الخمر. وشَرابُهم يومئذٍ البُسرُ والتمر[[أخرجه أبو يعلى ٧/١٧٩ (٤١٥٧)، من طريق محمد بن منصور الطوسي، حدثنا روح، حدثنا سعيد بن عبيد الجبيري، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني، عن أنس بن مالك به. قال الهيثمي في المجمع ٥/٥٢ (٨٠٧٨): «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح، خلا محمد بن منصور الطوسي، وهو ثقة». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٤/٣٤٩ (٣٧٢٥): «هذا إسناد رجاله ثقات». وقد أخرجه البخاري ٧/١٣٧ (٥٥٨٤) بلفظ مقارب، من طريق سعيد بن عبيد الجبيري، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني، عن أنس حدَّثهم: أن الخمر حرّمت والخمرُ يومئذ البسر والتمر.]]. (٥/٤٦٢)
٢٣٤٩٥- عن سعيد بن جبير -من طريق سالم- قال: لَمّا نزلت: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ الآيةَ؛ كَرِهها قومٌ لقوله: ﴿فيهما إثم كبير﴾، وشَرِبها قومٌ لقوله: ﴿ومنافع للناس﴾، حتى نزَلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾. فكانوا يدَعُونَها في حينِ الصلاة، ويَشرَبونَها في غيرِ حينِ الصلاة، حتى نزَلت: ﴿إنما الخمر والميسر﴾ الآية. فقال عمر: ضَيعةً لكِ! اليومَ قُرِنتِ بالمَيْسِر[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٨٠-٦٨١. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٦٦)
٢٣٤٩٦- عن سعيد بن جبير، قال: لَمّا نزَلت في البقرة [٢١٩]: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس﴾ شَرِبها قومٌ لقوله: ﴿ومنافع للناس﴾، وتركها قوم لقوله: ﴿إثم كبير﴾، منهم عثمان بن مظعون، حتى نزَلتِ الآية التي في النساء [٤٣]: ﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾. فترَكها قومٌ، وشَرِبها قومٌ، يترُكونها بالنهار حين الصلاة، ويَشربونَها بالليل، حتى نزَلتِ الآية التي في المائدة: ﴿إنما الخمر والميسر﴾ الآية. قال عمر: أقُرِنتِ بالميسِر والأنصاب والأزلام؟! بُعدًا لكِ وسُحقًا. فترَكها الناس، ووقَع في صدور أُناسٍ مِن الناس منها، فجعَل قومٌ يُمرُّ بالراوية من الخمر فتُخرَقُ، فيمُرُّ بها أصحابُها فيقولون: قد كنا نُكرِمُك عن هذا المصرع. وقالوا: ما حُرِّم علينا شيءٌ أشدُّ من الخمر. حتى جعَل الرجلُ يَلقى صاحبَه فيقول: إنّ في نفسي شيئًا. فيقولُ له صاحبُه: لعلك تذكُرُ الخمر؟ فيقول: نعم. فيقول: إنّ في نفسي مثلَ ما في نفسِك. حتى ذكَر ذلك قومٌ، واجتَمعوا فيه، فقالوا: كيف نتكلمُ ورسول الله ﷺ شاهدٌ؟ وخافوا أن يَنزِل فيهم، فأتَوْا رسول الله ﷺ وقد أعدُّوا له حُجَّةً، فقالوا: أرأيتَ حمزةَ بن عبد المطلب، ومصعبَ بن عمير، وعبدَ الله بن جحش، أليسوا في الجنة؟ قال: «بلى». قالوا: أليسوا قد مَضَوا وهم يشربون الخمر؟ فحُرِّم علينا شيءٌ دخَلوا الجنة وهم يشربونه؟ فقال: «قد سمِع الله ما قلتُم، فإن شاء أجابَكم». فأنزل الله: ﴿إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون﴾. قالوا: انتَهينا. ونزَل في الذين ذكَروا حمزة وأصحابَه: ﴿ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا﴾ الآية[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر مرسلًا.]]. (٥/٤٥٨)
٢٣٤٩٧- عن عامر الشعبي -من طريق سماك- قال: نزَلت في الخمر أربعُ آيات: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ الآية [البقرة:٢١٩ ]، فتركوها، ثم نزَلت: ﴿تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا﴾ [النحل:٦٧]، فشَرِبوها، ثم نزَلتِ الآيتان في المائدة: ﴿إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٨٣. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٦٦)
٢٣٤٩٨- عن سالم بن عبد الله -من طريق ابن شهاب- قال: إنّ أوَّلَ ما حُرِّمت الخمر أنّ سعد بن أبي وقاص وأصحابًا له شَرِبوا، فاقْتَتَلوا، فكسَروا أنف سعد؛ فأنزل الله: ﴿إنما الخمر والميسر﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٦٠.]]. (٥/٤٥٥)
٢٣٤٩٩- عن عطاء [بن أبي رباح]، قال: أول ما نزَل تحريمُ الخمر: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ الآية؛ قال بعض الناس: نشرَبُها لمنافعِها التي فيها. وقال آخرون: لا خيرَ في شيءٍ فيه إثم. ثم نزَلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾ الآية، فقال بعض الناس: نَشرَبُها ونجلسُ في بيوتِنا. وقال آخرون: لا خيرَ في شيءٍ يحُولُ بيننا وبين الصلاة مع المسلمين. فنزلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ الآيةَ ﴿فانتهوا﴾، فنهاهم فانتهَوْا[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٦٠)
٢٣٥٠٠- عن محمد بن كعب القُرَظِي، قال: نزَل أربعُ آياتٍ في تحريم الخمر؛ أولُهن التي في البقرة، ثم نزَلت الثانية: ﴿ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا﴾. ثم أُنزِلت التي في النساء، بَيْنا رسول الله ﷺ يُصلِّي بعضَ الصلواتِ إذ غَنّى سكرانُ خلفَه، فأنزل الله: ﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾ الآية، فشَرِبها طائفةٌ من الناس، وترَكها طائفة، ثم نزَلت الرابعةُ التي في المائدة، فقال عمر بن الخطاب: انتهَينا، يا رَبَّنا[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٦٧)
٢٣٥٠١- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قال: نزَل تحريمُ الخمر في سورة المائدة بعد غزوة الأحزاب، وليس للعربِ يومئذٍ عيشٌ أعجبَ إليهم منها[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٨٥ مطولًا. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٤٦٧)
٢٣٥٠٢- عن قتادة بن دِعامة، في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾، قال: كان القومُ يَشرَبونها حتى إذا حضَرت الصلاة أمسكوا عنها. قال: وذُكِر لنا: أنّ نبي الله ﷺ قال حين أُنزِلت هذه الآية: «قد تَقرَّبَ اللهُ في تحريم الخمر». ثم حَرَّمَها بعد ذلك في سورة المائدة بعد غزوة الأحزاب، وعَلِم أنها تُسَفِّهُ الأحلام، وتُجْهِدُ الأموال، وتَشغَلُ عن ذكر الله وعن الصلاة[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد مرسلًا.]]. (٥/٤٦٠)
٢٣٥٠٣- عن قتادة بن دِعامة، ﴿فهل أنتم منتهون﴾، قال: فانتهى القومُ عن الخمر، وأمسَكوا عنها. قال: وذُكِر لنا: أنّ هذه الآية لَمّا أُنزِلت قال رسول الله ﷺ: «يا أيُّها الناس، إنّ الله قد حرَّم الخمر، فمَن كان عندَه شيءٌ فلا يَطْعَمه، ولا تَبِيعوها». فلَبِث المسلمون زمانًا يَجِدون ريحَها مِن طُرُق المدينة لكثرة ما أهرقوا منها[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد مرسلًا.]]. (٥/٤٦٠)
٢٣٥٠٤- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ قال: الميسِر هو القمار كلُّه، ﴿قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس﴾ قال: فذَمَّهما، ولم يُحَرِّمهما، وهي لهم حلالٌ يومئذ، ثم أنزَل هذه الآية في شأن الخمر، وهي أشدُّ منها، فقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾. فكان السُّكرُ منها حرامًا، ثم أنزل الآية التي في المائدة: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. فجاء تحريمُها في هذه الآية؛ قليلِها وكثيرِها، ما أسْكَرَ منها وما لم يُسْكِر[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٨٥. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٥٩)
٢٣٥٠٥- عن عبد الرحمن بن سابط -من طريق عمر بن سعيد- قال: زعَموا أنّ عثمان بن مظعون حرَّم الخمرَ في الجاهلية، وقال: لا أشربُ شيئًا يُذهِبُ عقلي، ويُضحِكُ بي مَن هو أدنى مِني، ويَحمِلُني على أن أُنكِحَ كريمتي مَن لا أريد. فنزَلت هذه الآيةُ في سورة المائدة في الخمر، فمرَّ عليه رجلٌ، فقال: حُرِّمتِ الخمر. وتلا عليه الآية، فقال: تبًّا لها، قد كان بَصرِي فيها ثابتًا[[أخرجه ابن سعد ٣/٣٩٣-٣٩٤.]]. (٥/٤٥٨)
٢٣٥٠٦- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: نزَلت هذه الآية: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر﴾ الآية، فلم يزالوا بذلك يشرَبونها، حتى صنَع عبدُ الرحمن بن عوف طعامًا، فدَعا ناسًا فيهم عليُّ بن أبي طالب، فقرأ: ﴿قل يا أيها الكافرون﴾، فلم يَفهَمها، فأنزَل اللهُ يشدِّدُ في الخمر: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون﴾. فكانت حلالًا، يشرَبونها من صلاة الغداة حتى يرتفعَ النهار، فيقومون إلى صلاة الظهر وهم مُصْحُون، ثم لا يشربونها حتى يصلُّوا العَتَمة، ثم يقومون إلى صلاة الفجر وقد صَحَوا، فلم يزالُوا بذلك يشرَبونها، حتى صنَع سعدُ بن أبي وقاص طعامًا، فدعا ناسًا فيهم رجلٌ من الأنصار، فشوى لهم رأسَ بعير، ثم دعاهم عليه، فلما أكَلوا وشرِبوا من الخمر سكِروا، وأخذوا في الحديث، فتكلم سعدٌ بشيءٍ، فغَضِب الأنصاريُّ، فرفَع لَحْيَ[[اللحى: مفرد اللَّحْيين، وهما حائطا الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم من كل ذي لحى، يكون للإنسان والدابة. اللسان (لحي).]] البعير، فكسَر أنفَ سعد؛ فأنزَل الله نسخَ الخمر وتحريمها: ﴿إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٨٣-٦٨٤. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٦٦)
٢٣٥٠٧- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: لَمّا نزَلت آيةُ البقرة قال رسول الله ﷺ: «إن ربَّكم يُقَدِّمُ في تحريم الخمر». ثم نزَلت آيةُ النساء، فقال النبي ﷺ: «إنّ ربَّكم يُقَرِّبُ في تحريم الخمر». ثم نزلَت آيةُ المائدة، فحُرِّمَتِ الخمر عندَ ذلك[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٨٥-٦٨٦ مرسلًا.]]. (٥/٤٦٧)
٢٣٥٠٨- عن محمد بن قيس -من طريق أبي معشر المدني- قال: لَمّا قَدِم رسول الله ﷺ المدينةَ أتاه الناس، وقد كانوا يشرَبون الخمر ويأكلون الميسِر، فسألوه عن ذلك؛ فأنزل الله: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما﴾. فقالوا: هذا شيءٌ قد جاء فيه رُخصةٌ؛ نأكُلُ الميسر، ونشربُ الخمر، ونستغفر من ذلك. حتى أتى رجلٌ صلاة المغرب، فجعَل يقرأ: ﴿قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾. فجعَل لا يَجُوزُ ذلك، ولا يدري ما يقرأ؛ فأنزَل الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾. فكان الناسُ يشرَبون الخمر حتى يجيءَ وقتُ الصلاة، فيَدَعُون شُربَها، فيأتون الصلاة وهم يعلمون ما يقولون، فلم يَزالوا كذلك حتى أنزل الله: ﴿إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾. فقالوا: انتهينا، يا ربِّ[[أخرجه ابن جرير ٣/٦٥٨ مرسلًا.]]. (٥/٤٦٨)
٢٣٥٠٩- عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال: قال في سورة النساء [٤٣]: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾، وقال في سورة البقرة [٢١٩]: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما﴾، فنُسخت في المائدة، فقال: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٣/٧٠ (١٥٧).]]. (ز)
٢٣٥١٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾، نزلت في سعد بن أبي وقاص ﵁، وفي رجل من الأنصار يُقال له: عتبان بن مالك الأنصاري، وذلك أنّ الأنصاري صنع طعامًا، وشوى رأس بعيرٍ، ودعا سعد بن أبي وقاص إلى الطعام -وهذا قبل التحريم-، فأكلوا، وشرِبُوا حتى انتشوا، وقالوا الشِّعْر، فقام الأنصاريُّ إلى سعد، فأخذ إحدى لَحْيَيْ البعير فضرب به وجهه، فشَجَّه، فانطلق سعد مستعديًا إلى رسول الله ﷺ، فنزل تحريم الخمر، فقال سبحانه: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ﴾، يعني به: القمار كله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠١.]]٢١٦٣. (ز)
﴿إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ﴾ - تفسير
٢٣٥١١- عن مريم بنت طارق، قالت: كنتُ في نسوةٍ مِن المهاجراتِ حجَجْنا، فَدخَلنا على عائشة، فجعَل نساءٌ يَسألْنَها عن الظُّروف[[الظروف: جمع الظَّرْف، وهو الوعاء. اللسان (ظرف).]]، فقالت: إنّكم لَتَذكُرنَ ظروفًا ما كان كثيرٌ منها على عهد رسول الله ﷺ، فاتَّقِينَ اللهَ، واجْتَنِبْنَ ما يُسكِرُكُنَّ، فإنّ رسول الله ﷺ قال: «كلُّ مُسكِرٍ حرام». وإن أسْكَرَها ماءُ حُبِّها[[الحُبُ: الجرة صغيرة كانت أو كبيرة. التاج (حبب).]] فلْتَجْتَنِبْه[[أخرجه الحاكم ٤/١٦٤ (٧٢٣٨). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه».]]. (٥/٤٧٢)
٢٣٥١٢- عن أبي هريرة: سمِعتُ رسول الله ﷺ يقول: «الخمرُ مِن هاتَين الشجرتَين: النخلةِ، والعِنبةِ»[[أخرجه مسلم ٣/١٥٧٣ (١٩٨٥). وأورده يحيى بن سلام في تفسيره ١/٧٣، والثعلبي ٢/١٤٤.]]. (٥/٤٧٢)
٢٣٥١٣- عن عبد الله بن عمرو، أنّ رسول الله ﷺ قال: «إنّ اللهَ حرَّم الخمر، والميسِر، والكُوبَةَ[[الكوبة: النرد. وقيل: الطبل. النهاية (كوب).]]، والغُبَيراءَ[[الغبيراء: شراب تتخذه الحبش من الذرة، يُسكر. مختار الصحاح (غبر).]]، وكلُّ مُسكِر حرام»[[أخرجه أحمد ١١/١٦١ (٦٥٩١) واللفظ له، وأبو داود ٥/٥٢٧ (٣٦٨٥). قال الألباني في الصحيحة ٥/٥٥٢: «إسناده صحيح».]]. (٥/٤٦٩)
٢٣٥١٤- عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ مِن الحِنطةِ خمرًا، ومِن الشعير خمرًا، ومن الزبيبِ خمرًا، ومِن التمر خمرًا، ومن العسل خمرًا، وأنا أنهاكم عن كلِّ مُسكِر»[[أخرجه أحمد ٣٠/٢٩٣ (١٨٣٥٠)، ٣٠/٣٥٧ (١٨٤٠٧)، وأبو داود ٥/٥١٩ (٣٦٧٦)، والترمذي ٤/١٣-١٤ (١٩٨٠)، وابن ماجه ٤/٤٦٧ (٣٣٧٩)، والحاكم ٤/١٦٤ (٧٢٣٩). قال الترمذي: «هذا حديث غريب». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «السري تركوه». وقال المناوي في فيض القدير ٦/٧ (٨٢١٤): «قال الصدر المناوي: سنده صحيح». وحسّنه الألباني بمجموع طرقه في الصحيحة ٤/١٢٤ (١٥٩٣).]]. (٥/٤٧٢)
٢٣٥١٥- عن ابن عمر، عن رسول الله ﷺ، قال: «حَرَّم الله الخمرَ، وكلُّ مسكِرٍ حرامٌ»[[أخرجه النسائي ٨/٣٢٤ (٥٧٠٠). قال الألباني في الصحيحة ٤/٤٢٩ (١٨١٤): «وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، غير شبيب بن عبد الله، وهو ثقة».]]. (٥/٤٦٤)
٢٣٥١٦- عن ابن عمر: سمعتُ النبي ﷺ يقول: «مِن التمر خمر، ومِن العسل خمر، ومِن الزبيب خمر، ومِن العنب خمر، ومن الحِنطةِ خمر، وأنهاكم عن كلِّ مُسْكِر»[[أخرجه أحمد ١٠/١٩٧ (٥٩٩٢) بنحوه، من طريق ابن لهيعة، عن أبي النضر، ثنا سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه به. إسناده ضعيف؛ فيه عبد الله بن لهيعة، قال عنه ابن حجر في التقريب (٣٥٦٣): «صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه». وقد أخرجه البخاري (٥٥٨٩) موقوفًا على عمر من قوله، بلفظ: الخمر يصنع من خمسة: من الزبيب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل.]]. (٥/٤٦٦)
٢٣٥١٧- عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، قال: «كلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ»[[أخرجه مسلم ٣/١٥٨٨ (٢٠٠٣).]]. (٥/٤٧١)
٢٣٥١٨- عن جابر، عن النبي ﷺ، قال: «الزبيبُ والتمرُ هو الخمر». يعني: إذا انتُبِذا جميعًا[[أخرجه الحاكم ٤/١٥٧ (٧٢١٨). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وأورده الألباني في الصحيحة ٤/٤٩٥ (١٨٧٥).]]. (٥/٤٧١)
٢٣٥١٩- عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن عمر- أنّه قام على المنبر، فقال: أمّا بعدُ، فإنّ الخمرَ نزَل تحريمُها يومَ نزَل وهي من خمسة: مِن العِنَبِ، والتمر، والبُرِّ، والشعير، والعسل. والخمرُ: ما خامَر العقل[[أخرجه ابن أبي شيبة ٧/٤٦٤، ٨/١٠٦، والبخاري (٤٦١٩، ٥٥٨١، ٥٥٨٨، ٥٥٨٩)، ومسلم (٣٠٣٢)، وأبو داود (٣٦٦٩)، والترمذي (١٨٧٤)، والنسائي (٥٥٩٤)، وأبو عوانة (٥٣٥٠)، والطحاوي في معاني الآثار ٤/٢١٣، وابن أبي حاتم ٤/١١٩٦، وابن حبان (٥٣٥٣، ٥٣٥٨)، والدارقطني ٤/٢٤٨، ٢٥٢، والبيهقي في شعب الإيمان (٥٥٧٧). وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٧١)
٢٣٥٢٠- عن عمر بن الخطاب -من طريق أبي بردة- قال: إنّ هذه الأَنبذةَ تُنبَذُ مِن خمسةِ أشياءَ: مِن التمر، والزبيب، والعسل، والبُرِّ، والشعير، فما خَمَرتَه منها ثم عَتَّقْتَه فهو خَمر[[أخرجه ابن أبي شيبة ٧/٤٦٣. وتقدم ذكره عند قوله تعالى: ﴿يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير﴾ [البقرة:٢١٩].]]. (٥/٤٧١)
٢٣٥٢١- عن عبد الله بن عباس، قال: حُرِّمت الخمر بعَينِها؛ قليلِها وكثيرِها، والمسكِرُ مِن كلِّ شراب[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٥/٤٦٣)
٢٣٥٢٢- عن البراء بن عازب، قال: نزَل تحريمُ الخمر وما في أسقِيتِنا إلا الزبيبُ والتمر، فأكْفَأْناهما[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٥/٤٦٥)
٢٣٥٢٣- عن عبد الله بن عمر، قال: حُرِّمَت الخمرُ وما بالمدينة منها شيءٌ، وما خَمرُهم يومئذٍ إلا الفَضِيخُ[[الفضيخ: شراب يتخذ من اليسر المفضوخ، أي: المشدوخ. النهاية (فضخ).]][[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه، ولم أقف عليه مسندًا بهذا اللفظ. وقد أخرجه بلفظ مقارب الإمام أحمد في الأشربة ص٦٥، ٨١، والطبراني في الكبير ١٢/٤٠٤، من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر: أنه سأله رجل عن الفضيخ. قال: وما الفضيخ؟ قال: نفضخ البسر، ثم نجعل معه التمر، ثم نذره ونشربه. قال: ذلك الفضوخ، ولقد حرّمت الخمر وإنّ عامة شرابهم الذي تذكر. إسناده ضعيفٌ؛ ففيه يزيد بن أبي زياد، وهو الهاشمي، قال عنه ابن حجر في التقريب (٧٧١٧): «ضعيف، كبر فتغيّر، وصار يتلقّن».]]. (٥/٤٦٤)
٢٣٥٢٤- عن عبد الله بن عمر، قال: لقد أنزَل الله تحريمَ الخمر وما بالمدينة زبيبةٌ واحدةٌ[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه، ولم أقف عليه مسندًا بهذا اللفظ.]]. (٥/٤٦٥)
٢٣٥٢٥- عن عبد الله بن عمر -من طريق نافع- قال: نزَل تحريمُ الخمر وإنّ بالمدينة يومئذٍ لَخَمْسةَ أشربةٍ، ما فيها شرابُ العِنَب[[أخرجه البخاري ٦/٥٣ (٤٦١٦).]]. (٥/٤٦٩)
٢٣٥٢٦- عن جابر بن عبد الله قال: حُرِّمَت الخمرُ يومَ حُرِّمت وما كان شرابُ الناس إلا التمرَ والزبيبَ[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٥/٤٦٣)
٢٣٥٢٧- عن أنس بن مالك: أنّ الآية التي حَرَّم الله فيها الخمر نزَلت وليس في المدينة شرابٌ يُشرَبُ إلا من تمر[[أخرجه مسلم ٣/١٥٧٢ (١٩٨٢) من حديث أنس بلفظ: لقد أنزل الله الآيةَ التى حرّم الله فيها الخمر وما بالمدينة شراب يُشْرَب إلّا من تمر.]]. (٥/٤٦٢)
٢٣٥٢٨- عن أنس بن مالك، قال: حُرِّمَت الخمرُ يومَ حُرِّمت وما لنا بالمدينة خمرٌ إلا الفَضِيخُ[[أخرجه البخاري ٦/٦٧ (٤٦١٧)، ومسلم ٣/١٥٧١ (١٩٨٠) عن أنس بلفظ: ما كان لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ؛ فإني لَقائم أسقي أبا طلحة وفلانًا وفلانًا إذ جاء رجل، فقال: وهل بلغكم الخبر؟ فقالوا: وما ذاك؟ قال: حرمت الخمر ... الحديث.]]. (٥/٤٦٤)
٢٣٥٢٩- عن أنس بن مالك، قال: حُرِّمت الخمر وهي تُخمَّرُ في الجِرار[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه، ولم أقف عليه مسندًا.]]. (٥/٤٦٥)
٢٣٥٣٠- قال سعيد بن المسيب -من طريق قتادة-: إنّما سُمِّيَت: الخمر؛ لأنها تُركت حتى صفا صفوُها، ورَسَبَ كَدَرُها[[أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) ٤/١٥٨٦ (٨١٣). وابن أبي حاتم ٢/٣٩٠ بنحوه.]]. (٢/٥٤٥)
﴿وَٱلۡمَیۡسِرُ﴾ - تفسير
٢٣٥٣١- عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله ﷺ: «إيّاكم وهاتَين الكعبتَين الموسُومتَين اللَّتَين تُزجَران زَجرًا؛ فإنهما مَيسِرُ العَجَم»[[أخرجه أحمد ٧/٢٩٨ (٤٢٦٣). وأورده الثعلبي ٢/١٥١. قال الدار قطني في العلل ٥/٣١٥ (٩٠٦): «والصحيح موقوف». وقال الهيثمي في المجمع ٨/١١٣ (١٣٢٦٠): «رواه أحمد، والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٤/٣٧٥ (٣٧٧٤): «هذا إسناد ضعيف».]]. (٥/٤٧٣)
٢٣٥٣٢- عن أبي موسى الأشعري، عن النبي ﷺ، قال: «اجْتَنِبوا هذه الكِعابَ الموسومةَ التي يُزْجَرُ بها زَجْرًا؛ فإنها مِن الميسِر»[[أخرجه الآجري في كتاب تحريم النرد ص١١٧ (١٤)، وابن أبي حاتم ٢/٣٩٠ (٢٠٥٢)، ٤/١١٩٦ (٦٧٤٥). قال ابن أبي حاتم في العلل ٦/١٥٠ (٢٤٠٣): «قال أبي: هذا حديث باطل؛ وهو من علي بن يزيد، وعثمان لا بأس به». وقال الهيثمي في المجمع ٨/١١٣ (١٣٢٦٥): «رواه الطبراني، فيه علي بن يزيد، وهو متروك».]]. (٥/٤٧٣)
٢٣٥٣٣- عن سَمُرَةَ بن جُندُب، قال: قال رسول الله ﷺ: «إيّاكم وهذه الكِعابَ الموسومة التي تُزْجَرُ زَجْرًا؛ فإنها مِن الميسر»[[أخرجه البيهقي في الشعب ٨/٤٦١-٤٦٢ (٦٠٨٣)، والآجري في كتاب تحريم النرد ص١٢٥ (١٧).]]. (٥/٤٧٣)
٢٣٥٣٤- عن يزيد بن شريح، أنّ النبي ﷺ قال: «ثلاثٌ مِن الميسِر: الصَّفِيرُ بالحمام، والقِمار، والضَّربُ بالكِعاب»[[أخرجه أبو داود في المراسيل ص٣٥٠ (٥١٨)، وابن أبي حاتم ٢/٣٩١ (٢٠٥٨). قال السيوطي في الفتح الكبير ٢/٤٣ (٥٥٥٤): «مرسلًا». وقال الألباني في الضعيفة ٧/٤٤٦ (٣٤٤١): «ضعيف». وصحّحه مرسلًا.]]. (٥/٤٧٧)
٢٣٥٣٥- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي الأحوص- قال: إيّاكم وهذه الكِعابَ الموسومة التي تُزْجَرُ زَجْرًا؛ فإنها مَيسِرُ العَجَم[[أخرجه عبد الرزاق ١/٨٨، وفي مصنفه (١٩٧٢٧)، وابن أبي شيبة ٨/٥٤٩، وابن أبي الدنيا (٧٨، ٧٩)، وابن جرير ٣/٦٧١، وابن أبي حاتم ٤/١١٩٦، والطبراني -كما في المجمع ٨/١١٣-. وعزاه السيوطي إلى وكيع، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٤)
٢٣٥٣٦- عن علي بن أبي طالب -من طريق محمد- قال: النَّردُ والشِّطرَنجُ مِن الميسِر[[أخرجه ابن أبي شيبة ٨/٥٤٨، وابن أبي حاتم ٤/١٩٩٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٤٧٤)
٢٣٥٣٧- عن علي بن أبي طالب، قال: الشِّطرنجُ مَيسرُ الأعاجم[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٧٤)
٢٣٥٣٨- عن عبد الله بن عباس، قال: كلُّ القِمارِ من الميسِر، حتى لَعِبُ الصِّبيانِ بالجَوْزِ، والكِعاب[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٤٧٤)
٢٣٥٣٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قوله: ﴿والميسر﴾، قال: القمار، كانوا يتقامرون في الجاهلية إلى مجيء الإسلام، فنهاهم الله عن هذه الأخلاق القبيحة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٧.]]. (ز)
٢٣٥٤٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- أنّه كان يُقالُ: أين أيسارُ الجزور؟ فيجتمِعُ العَشرةُ، فيشتُرون الجَزورَ بعَشرةِ فُصلانٍ إلى الفِصالِ، فيُجِيلون السِّهامَ، فتصيرُ بتسعة، حتى تصيرَ إلى واحد، ويَغرَمُ الآخرون فَصيلًا فصيلًا إلى الفِصال، فهو الميسِر[[أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١٢٥٩).]]. (٥/٤٧٩)
٢٣٥٤١- عن ربيعةَ بن كُلثوم، عن أبيه، قال: خَطَبَنا ابن الزبير، فقال: يا أهل مكة، بلَغَني عن رجالٍ يلعَبون بلُعبَةٍ يُقال لها: النَّرْدَشِيرُ، وإنّ الله يقول في كتابه: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر﴾ إلى قوله: ﴿فهل أنتم منتهون﴾، وإني أحلِفُ بالله لا أُوتى بأحدٍ لَعِب بها إلا عاقَبتُه في شَعَرِه وبَشَرِه، وأعطَيتُ سَلَبَه مَن أتاني به[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (٨٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٦٥١١). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٥)
٢٣٥٤٢- عن نافع، أنّ ابنَ عمرَ كان يقولُ: الميسرُ: القِمارُ[[أخرجه البيهقي في سننه ١٠/٢١٣.]]. (٥/٤٧٣)
٢٣٥٤٣- عن سعيد بن المسيب -من طريق داود بن حصين- قال: كان مِن مَيسِر أهل الجاهلية بيعُ اللَّحم بالشاة والشاتين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٣٩١.]]. (٥/٤٧٨)
٢٣٥٤٤- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: الميسِرُ: كِعابُ فارسَ، وقِداحُ العرب، وهو القِمارُ كلُّه[[تفسير مجاهد ص٣١٤، وأخرجه البيهقي في سننه ١٠/٢١٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٧٣)
٢٣٥٤٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- قال: الميسرُ: القِمارُ كلُّه، حتى الجَوْزُ الذي يَلعَبُ به الصِّبْيان[[أخرجه البيهقي ١٠/٢١٣.]]. (٥/٤٧٣)
٢٣٥٤٦- عن مجاهد بن جبر= (ز)
٢٣٥٤٧- وطاووس بن كيسان= (ز)
٢٣٥٤٨- وعطاء [بن أبي رباح] -من طريق ليث- قالوا: كلُّ شيءٍ فيه قِمار فهو من الميسِر، حتى لَعِبُ الصبيان بالكِعاب والجَوْز[[أخرجه ابن أبي شيبة ٨/٥٥٣، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (١١٥)، وابن أبي حاتم ٤/١١٩٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٧)
٢٣٥٤٩- عن القاسم بن محمد -من طريق عبيد الله بن عمر- أنّه سُئِل عن النَّرد، أهي مِن الميسِر؟ قال: كلُّ ما ألْهى عن ذكرِ الله وعن الصلاةِ فهو ميسِر[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٧.]]. (٥/٤٧٤)
٢٣٥٥٠- عن القاسم بن محمد -من طريق عبيد الله بن عمر- أنّه قيل له: هذه النَّردُ تكرَهونها، فما بالُ الشِّطرَنجُ؟ قال: كلُّ ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو مِن الميسِر[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (٩٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٦٥١٩). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٥/٤٧٤)
٢٣٥٥١- عن الحسن البصري -من طريق الفضل بن دلهم- قال: النَّرْدُ مَيسِرُ العَجَم[[أخرجه ابن أبي الدنيا (٨٨).]]. (٥/٤٧٦)
٢٣٥٥٢- عن الحسن البصري -من طريق الفضل بن دلهم- قال: الميسِرُ: القِمارُ[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (١١٦).]]. (٥/٤٧٢)
٢٣٥٥٣- عن محمد بن سيرين -من طريق حماد بن نجيح- أنّه رأى غِلمانًا يتقامرون يومَ عيد، فقال: لا تُقامِروا؛ فإنّ القِمارَ من الميسِر[[أخرجه ابن أبي شيبة (٥٣٣)، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (١١٤). وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٧)
٢٣٥٥٤- عن محمد بن سيرين -من طريق عاصم- قال: ما كان مِن لَعِبٍ فيه قمار، أو قيام، أو صياح، أو شرٌّ، فهو مِن الميسِر[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (١١٧). وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٧)
٢٣٥٥٥- عن أبي جعفر [محمد الباقر] -من طريق إسماعيل- أنّه سُئل عن الشِّطْرنج. فقال: تلك المجوسية، لا تَلْعَبوا بها[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (٩٤، ٩٦، ١٠٣).]]. (٥/٤٧٦)
٢٣٥٥٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: الميسِرُ: القِمار. كان الرجلُ في الجاهلية يُقامِرُ على أهله وماله، فيَقعُدُ حزينًا سليبًا، ينظُرُ إلى مالِه في يد غيره[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (١١٣)، وابن جرير ٨/٦٦٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٧)
٢٣٥٥٧- عن محمد بن كعب القرظي، في الميسِر، قال: كانوا يشترون الجزُور، فيَجعلونها أجزاءً، ثم يأخذون القِداحَ فيُلْقونها، ويُنادِى: يا ياسر الجزور[[الياسر: الذي يلي قسمة الجزور. اللسان (يسر).]]، يا ياسر الجزور. فمن خرَج قِدْحُه أخَذ جُزْءًا بغيرِ شيءٍ، ومَن لم يَخرُجْ قِدحُه غَرِم ولم يأخُذ شيئًا[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٤٧٨)
٢٣٥٥٨- عن الأعرج[[لعل المراد: أبو حازم سلمة بن دينار، وقد يروي عنه ابن شهاب الزهري مع أنه أكبر منه. ينظر: تهذيب التهذيب ٤/١٤٣.]] -من طريق ابن شهاب- قال: الميسِر: الضَّرْب بالقِدْح على الأموال والثمار[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٧.]]. (ز)
٢٣٥٥٩- قال مقاتل بن سليمان: ... وأما الميسِر: فهو القمار. وذلك أنّ الرجل في الجاهلية كان يقول: أين أصحاب الجزور؟ فيقوم نفرٌ، فيشترون بينهم جزورًا، فيجعلون لكلِّ رجل منهم سهم، ثم يُقْرِعون، فمَن خرج سهمه بَرِئَ مِن الثمن، وله نصيب في اللحم، حتى يبقى آخرُهم، فيكون عليه الثمن كله، وليس له نصيب فِي اللحم، وتُقْسَم الجزور بين البَقِيَّة بالسَّوِيَّة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠١-٥٠٢.]]. (ز)
٢٣٥٦٠- عن مالك بن أنس -من طريق معن بن عيسى- قال: الشِّطْرنجُ من النَّرْد. بلَغَنا عن ابن عباس أنّه ولِي مال يتيمٍ فأحرَقَها[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (١٠١).]]. (٥/٤٧٦)
﴿وَٱلۡمَیۡسِرُ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٣٥٦١- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -من طريق أبي أيوب- قال: اللّاعِبُ بالنَّردِ قِمارًا كآكِلِ لحم الخنزير، واللّاعِبُ بها مِن غيرِ قمارٍ كالمدَّهِنِ بِوَدَكِ الخنزير[[أخرجه ابن أبي شيبة ٨/٤٥٩، وابن أبي الدنيا (٨١، ٨٢).]]. (٥/٤٧٥)
٢٣٥٦٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- قال: اللاعِبُ بالنَّرْد قِمارًا مِن الميسِر، واللاعبُ بها سِفاحًا كالصابغِ يدَه في دم الخنزير، والجالسُ عندَها كالجالسِ عندَ مَسالِخِه، وإنه يُؤمَرُ بالوضوء منها والكعبين والشِّطْرنج، سواء[[أخرجه ابن أبي الدنيا (٨٩).]]. (٥/٤٧٥)
٢٣٥٦٣- عن عبد الملك بن عمير، قال: رأى رجلٌ مِن أهل الشام أنّه يُغفَرُ لكلِّ مؤمنٍ في كلِّ يومٍ اثنتا عشرةَ مرةً، إلا أصحابَ الشاه. يعني: الشِّطرَنج[[أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (٩٩).]]. (٥/٤٧٦)
﴿وَٱلۡأَنصَابُ﴾ - تفسير
٢٣٥٦٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- قال: الأنصابُ: حجارةٌ كانوا يَذْبحون لها[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (٥/٤٧٩)
٢٣٥٦٥- عن سعيد بن جبير= (ز)
٢٣٥٦٦- ومجاهد بن جبر= (ز)
٢٣٥٦٧- والضحاك بن مزاحم= (ز)
٢٣٥٦٨- والحسن البصري= (ز)
٢٣٥٦٩- وعطاء= (ز)
٢٣٥٧٠- والربيع بن أنس= (ز)
٢٣٥٧١- ومقاتل بن حيان، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨. وقد تقدمت آثار السلف في معنى الأنصاب والأزلام في أول السورة عند قوله تعالى: ﴿وما ذُبِحَ عَلى النُّصُبِ وأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ﴾ [المائدة:٣]، وأحال إليها ابنُ جرير، ويظهر أنّ ابن أبي حاتم أعادها هنا، وأول السورة غير موجود في المطبوع منه، وكأنه مفقود.]]. (ز)
٢٣٥٧٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿والأَنْصابُ﴾ ... وأما الأنصاب: فهي الحجارة التي كانوا ينصبونها حول الكعبة، وكانوا يذبحون لها[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠١-٥٠٢.]]. (ز)
﴿وَٱلۡأَزۡلَـٰمُ﴾ - تفسير
٢٣٥٧٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- قال: الأزلامُ: قِداحٌ كانوا يَقْتَسِمون بها الأمور[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (٥/٤٧٩)
٢٣٥٧٤- عن مجاهد بن جبر= (ز)
٢٣٥٧٥- والحسن البصري= (ز)
٢٣٥٧٦- وإبراهيم النخعي= (ز)
٢٣٥٧٧- وعطاء= (ز)
٢٣٥٧٨- ومقاتل بن حيان، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (ز)
٢٣٥٧٩- عن سعيد بن جبير -من طريق أبي حصين- قال: كانت لهم حَصَياتٌ، إذا أراد أحدُهم أن يغزوَ أو يجلِسَ استقْسَم بها[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (٥/٤٧٩)
٢٣٥٨٠- عن سفيان الثوري، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (ز)
٢٣٥٨١- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- قوله: ﴿والأزلام﴾، يعني: القِدْحَيْن اللَّذَيْنِ كانا يستقسم بها أهل الجاهلية في أمورهم، أحدهما مكتوب عليه: أمرني ربي. والآخر: نهاني ربي. فإذا أرادوا أمرًا يربون[[كذا في مطبوعة المصدر، ولعلها: يرمون.]] بها، فإذا خرج الذي عليه مكتوب: أمرني ربي؛ ركبوا الأمر الذي هَمُّوا به، فإن خرج الذي مكتوب عليه: نهاني ربي؛ تركوا الأمر الذي أرادوا يركبونه، فهذه الأزلام[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (ز)
٢٣٥٨٢- عن مجاهد بن جبر، في قوله: ﴿والأزلام﴾، قال: هي كِعابُ فارسَ التي يَقْتَمِرون بها، وسِهامُ العرب[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٤٧٩)
٢٣٥٨٣- عن سلمة بن وهْرام، قال: سألتُ طاووسًا عن الأزلام. فقال: كانوا في الجاهلية لهم قِداحٌ يَضْربون بها، بها قِدْحٌ مُعَلَّمٌ يَتَطَيَّرون منه، فإذا ضَربوا بها حينَ يريدُ أحدُهم الحاجةَ فخرَج ذلك القِدْحُ لم يخرُجْ لحاجتِه، فإن خرَج غيرُه خرَج لحاجتِه، وكانت المرأةُ إذا أرادت حاجةً لها لم تَضْرِبْ بتلك القِداحِ، فذلك قولُ الشاعر: إذا جَدَّدَتْ أنثى لأمرٍ خمارَها أتَتْه ولم تَضْرِبْ له بالمقاسم[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٩)
٢٣٥٨٤- قال قتادة بن دِعامة: كان الرجل إذا أراد سَفَرًا أخذ قِدْحَيْن، فقال: هذا يأمره بالخروج، وهو مصيب في سفره خيرًا. ويأخذ قدحًا آخر، فيقول: هذا يأمره بالمُكوث، وليس بمصيب في سفره خيرًا. مكتوب عليهما هذا، والمَنيح[[المنيح: أحد سهام الميسر الثلاثة التي لا غُنْم لها ولا غُرْم عليها. النهاية (منح).]] بينهما، فأيُّهما خرج عَمَل به، فنهى عن ذلك[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٤٤-.]]. (ز)
٢٣٥٨٥- قال مقاتل بن سليمان: ... وأما الأزلام: فهي القِداح التي كانوا يَقْتَسِمُون الأمور بها، قِدْحَيْن؛ مكتوب على أحدهما: أمرني ربي. وعلى الآخر: نهاني ربي. فإذا أرادوا أمرًا أتوا بيت الأصنام، فغطَّوْا عليه ثوبًا، ثم ضربوا بالقِداح، فإن خرج أمرني ربي مضى على وجهه الذي يريد، وإن خرج نهاني ربي لم يخرج في سفره، وكذلك كانوا يفعلون إذا شَكُّوا في نِسْبَةِ رَجُل[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠٢.]]. (ز)
﴿رِجۡسࣱ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ﴾ - تفسير
٢٣٥٨٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿رجس﴾، قال: سَخَط[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٥٦، وابن أبي حاتم ٤/١١٩٨.]]. (٥/٤٨٠)
٢٣٥٨٧- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قوله: ﴿رجس﴾ قال: إثم، ﴿من عمل الشيطان﴾ يعني: مِن تَزْيِين الشيطان[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٩٩-١٢٠١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٤٨٠)
٢٣٥٨٨- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قال: الميسرُ: القِمار. كان الرجلُ في الجاهلية يُقامِرُ على أهله وماله، فيَقعُدُ حزينًا سليبًا، ينظُرُ إلى مالِه في يد غيره، وكانت تُورِثُ بينهم العداوة والبغضاء، فنَهى الله عن ذلك، وتقدَّم فيه، وأخبَر أنما هو: ﴿رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون﴾[[أخرجه ابن أبي الدنيا (١١٣)، وابن جرير ٨/٦٦٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٤٧٧)
٢٣٥٨٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿رِجْسٌ﴾ يعني: إثم ﴿مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ﴾ يعني: مِن تزيين الشيطان. ومثله في القصص [١٥]: ﴿قالَ هَذا مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠١.]]. (ز)
٢٣٥٩٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿رجس من عمل الشيطان﴾، قال: الرِّجس: الشَّرُّ[[أخرجه ابن جرير ٨/٦٥٦، وابن أبي حاتم ٤/١١٩٩ من طريق أصبغ بن الفرج.]]٢١٦٤. (ز)
﴿فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠﴾ - تفسير
٢٣٥٩١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فاجْتَنِبُوهُ﴾ فهذا النهي للتحريم، كما قال سبحانه: ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ﴾ [الحج:٣٠] فإنّه حرام، كذلك فاجتنبوا الخمر فإنّها حرام، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ يعني: لكي[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٥٠١.]]. (ز)
٢٣٥٩٢- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- ﴿لعلكم تفلحون﴾، أي: لعلكم أن تنجوا مِمّا حذَّركم الله به من عذابه، وتُدْرِكون ما وعدكم فيه مِن ثوابه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٠٠.]]. (ز)
﴿فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠﴾ - من أحكام الآية
٢٣٥٩٣- عن عبد الله بن عباس، قال: قدِم رجلٌ مِن دَوْسٍ على النبي ﷺ براويةٍ مِن خمر أهداها له، فقال النبي ﷺ: «هل عَلِمتَ أنّ اللهَ حرَّمها بعدَك؟». فأقبَل الدَّوْسِيُّ على رجلٍ كان معه، فأمَره ببيعِها، فقال له النبي ﷺ: «هل علِمتَ أن الذي حرَّم شُربَها حَرَّم بَيعَها، وأكلَ ثمنِها؟». وأمَر بالمزادِ، فأُهرِيقَتْ حتى لم يَبْقَ فيها قطرة[[أخرجه مسلم ٣/١٢٠٦ (١٥٧٩)، وأحمد ٣/٤٨٠-٤٨١ (٢٠٤١)، ٤/٧٣ (٢١٩٠)، ٥/١٢٦ (٢٩٧٨)، ٥/٣٦٨ (٣٣٧٣) بلفظ مقارب، وسعيد بن منصور في تفسيره ٤/١٦٠٤ (٨٢١) واللفظ له.]]. (٥/٤٧٠)
٢٣٥٩٤- عن أبي هريرة: أنّ رجلًا أهدى إلى النبي ﷺ راوِيَةَ خَمْرٍ، وكان يهديها إليه، فقال: «إنّ الله حَرَّمها بعدك». فقال: أفلا أبيعُها؟ فقال: «إنّ الذي حَرَّم علينا شُربَها حَرَّم علينا بيعَها». فقال: أفلا أُكارِم بها اليهودَ؟ فذكر أنّه أخبره: «أنّ الذي حَرَّم شربها حَرَّم عليهم أن يُكارِموا اليهود بها». قال: ما أصنع؟ قال: صُبَّها في البطحاء[[أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) ٤/١٦٠٨ (٨٢٢). قال محققه (٤/ ١٦٠٩): سنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة، وهو صحيح لغيره يشهد له الحديث السابق [أي حديث ابن عباس].]]. (ز)
٢٣٥٩٥- عن تميم الداري: أنّه كان يُهْدِي لرسول الله ﷺ كلَّ عام راوِيةً مِن خمر، فلمّا كان عامُ حُرِّمَت الخمرُ جاء براوِيةٍ، فلمّا نظَر إليها ضَحِك، وقال: «هل شَعَرْتَ أنها قد حُرِّمَت؟». فقال: يا رسول الله، أفلا نبيعُها فنَنَتفِعَ بثمنها؟ فقال رسول الله ﷺ: «لَعَن اللهُ اليهود؛ انطَلَقوا إلى ما حرَّم اللهُ عليهم مِن شحوم البقر والغنم، فأذابُوه إهالةً، فباعُوا منه ما يأكُلون، والخمرُ حرامٌ ثمنُها، حرامٌ بَيعُها»[[أخرجه أحمد ٢٩/٥١٨-٥١٩ (١٧٩٩٥). قال الهيثمي في المجمع ٤/٨٨ (٦٤٠٢): «رواه أحمد هكذا عن ابن غنم: أنّ الداري، وفيه شهر، وحديثه حسن، وفيه كلام».]]. (٥/٤٧٠)
٢٣٥٩٦- عن جابر بن عبد الله، أنّ رسول الله ﷺ قال عامَ الفتح: «إنّ الله حرَّم بَيْعَ الخمر، والأنصاب، والميتة، والخنزير». فقال بعضُ الناس: كيف تَرى في شحومِ الميتة يُدْهَنُ بها السفنُ والجلود، ويَستَصبِحُ بها الناس؟ فقال: «لا، هي حرام». ثم قال عند ذلك: «قاتَلَ اللهُ اليهودَ؛ إنّ الله لَمّا حرَّم عليهم الشحومَ جَمَلوه[[جملت الشحم وأجملته: إذا أذبت واستخرجت دهنه. النهاية ١/٢٩٨]]، فباعُوه، وأكَلوا ثمنَه»[[أخرجه البخاري ٣/٨٤ (٢٢٣٦)، ومسلم ٣/١٢٠٧ (١٥٨١).]]. (٥/٤٦٩)
٢٣٥٩٧- قال عمر بن الخطاب -من طريق ابن عمر-: لعن الله فلانًا؛ فإنّه أولُ مَن أذِن في بيع الخمر، وإنّ التجارة لا تحل إلا فيما يَحِلُّ أكلُه أو شربُه[[أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) ٤/١٥٩٩ (٨١٩).]]. (ز)
﴿فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٣٥٩٨- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -من طريق عطاء بن يسار- قال: إنّ هذه الآية التي في القرآن: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون﴾ هي في التوراة: إنّ الله أنزَل الحقَّ ليُذهِبَ به الباطل، ويُبطِلَ به اللَّعِبَ، والزَّفنَ[[الزفن: الرقص، وأصل الزفن: اللعب والدفع. النهاية (زفن).]]، والمزاميرَ، والكِباراتِ[[كذا عند الطبراني، وفي تفسير ابن كثير ٣/١٧٨ -ونقله عن ابن أبي حاتم-، وفي مطبوعة ابن أبي حاتم: «الكنانات» ولعله تصحيف، وعند البيهقي: «الكنارات». قال ابن الأثير وقد ذكر «الكنارات» قال: هي بالفتح والكسر: العيدان. وقيل: البرابط. وقيل: الطنبور. وقال الحربي: كان ينبغي أن يقال: الكرانات. فقدمت النون على الراء. قال: وأظن الكران فارسيًّا معربًّا. وسمعت أبا نصر: يقول: الكرينة: الضاربة بالعود، سميت به لضربها بالكران. وقال أبو سعيد الضرير: أحسبها بالباء، جمع كِبار، وكبار جمع كَبَر، وهو الطبل، كجمل وجمال وجمالات. النهاية (كنر).]] -يعني: البَرابِطَ[[البربط: مَلْهاة تشبه العود، وهو فارسي معرب، وأصله بربت، لأن الضارب يضعه على صدره، واسم الصدر بالفارسية: بَر. النهاية (بربط).]]-، والزَّمّاراتِ -يعني: الدُّفّ-، والطَّنابير، والشِّعرَ، والخمرَ مرةً لمَن طَعِمها، وأقسَم ربِّي بيمينه وعزَّة حَيْلِه[[الحَيْل: القوة. النهاية (حيل).]] لا يَشرَبُها عبدٌ بعدَما حَرَّمتُها عليه إلا عَطَّشتُه يوم القيامة، ولا يَدَعُها بعدَما حَرَّمتُها إلا سَقَيتُه إيّاها مِن حَظيرة القدس[[أخرجه الطبراني في الكبير (بإشراف: سعد الحميد، وخالد الجريسي) ١٣/٦٥٦-٦٥٨ (١٤٥٨٣)، والآجري في كتاب تحريم النرد ص١٩٨ (٦٢)، والبيهقي في سننه (١٠/٢٢٢)، وابن أبي حاتم ٤/١١٩٦ (٦٧٤٤). قال ابن كثير في تفسيره ٣/١٨٧: «وهذا إسناد صحيح». وقال الهيثمي في المجمع ٧/١٨-١٩ (١٠٩٨٧): «رواه الطبراني في آخر حديث صحيح في قوله تعالى: ﴿إنا أرسلناك شاهدا﴾، ورجاله رجال الصحيح».]]. (٥/٤٦٤)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.