الباحث القرآني

﴿وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ﴾ - تفسير

٢١٨٧٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿واذكروا نعمة الله عليكم﴾، قال: النِّعَم: آلاءُ الله[[تفسير مجاهد (ص٣٠٢)، وأخرجه ابن جرير ٨/٢١٩. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر.]]. (٥/٢١٩)

﴿وَمِیثَـٰقَهُ ٱلَّذِی وَاثَقَكُم بِهِۦۤ إِذۡ قُلۡتُمۡ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ۝٧﴾ - تفسير

٢١٨٧٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا﴾، يعني: حين بعث اللهُ النبي ﷺ، وأنزل عليه الكتاب، قالوا: آمنا بالنبي، والكتاب، وأقررنا بما في التوراة. فذكَّرهم الله ميثاقَه الذي أقرُّوا به على أنفسهم، وأمرهم بالوفاء به[[أخرجه ابن جرير ٨/٢٢٠، والطبراني (١٣٠٣١).]]. (٥/٢١٨)

٢١٨٧٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿وميثاقه الذي واثقكم به﴾، قال: الذي واثَقَ به بني آدم في ظَهْر آدم ﵇[[تفسير مجاهد (ص٣٠٢)، وأخرجه ابن جرير ٨/٢٢٠. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر.]]. (٥/٢١٩)

٢١٨٧٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا﴾؛ فإنّه أخذ ميثاقنا. فقلنا: سمعنا وأطعنا على الإيمان، والإقرار به، وبرسوله[[أخرجه ابن جرير ٨/٢٢٠.]]. (ز)

٢١٨٧٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ومِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ﴾، يعني: بالإسلام، يوم أخذ ميثاقكم على المعرفة بالله ﷿ والربوبية، إذ قلتم: سمعنا وأطعنا. ذلك أنّ الله ﷿ أخذ الميثاق الأول على العباد حين خلقهم من صُلْبِ آدم ﵇، فذلك قوله ﷿: ﴿وإذْ أخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا﴾ [الأعراف:١٧٢] على أنفسنا، فمن بَلَغ منهم العمل، وأقر لله ﷿ بالإيمان به، وبآياته، وكتبه، ورسله، والكتاب، والملائكة، والجنة، والنار، والحلال، والحرام، والأمر، والنهي، أن يعمل بما أمر، وينتهي عما نهى، فإذا أوفى لله تعالى بهذا أوفى الله له بالجنة. فهذان ميثاقان: ميثاق بالإيمان بالله، وميثاق بالعمل. فذلك قوله سبحانه في البقرة: ﴿سَمِعْنا وأَطَعْنا﴾ [٢٨٥]، سمعنا بالقرآن الذي جاء من عند الله، وأطعنا الله ﷿ فيه، وذلك قوله سبحانه في التغابن: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ واسْمَعُوا وأَطِيعُوا﴾ [١٦]، يقول: اسمعوا القرآن الذي جاء به محمد ﷺ من عند الله ﷿، وأطيعوا الله فيما أمركم، فمن بلغ الحُلُم والعمل، ولم يؤمن بالله ﷿، ولا بالرسول، والكتاب؛ فقد نقض الميثاق الأول بالإيمان بالله ﷿، وبما أخذ الله تعالى عليه حين خلقه، وصار من الكافرين. ومن أخذ اللهُ ﷿ عليه الميثاق الأول، ولم يبلغ الحُلُم، فإن الله ﷿ أعلم به ...، ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ ولا تنقضوا ذلك الميثاق، ﴿إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ يعني: بما في قلوبهم من الإيمان والشك[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٥٦-٤٥٧.]]٢٠٠١. (ز)

٢٠٠١ أفادت الآثار اختلاف أهل التأويل في الميثاق المذكور في هذه الآية على قولين: الأول: ما وقع للنبي ﷺ في بيعة العقبة، وبيعة الرضوان، وكل موطن قال الناس فيه: سمعنا وأطعنا. وهذا قول ابن عباس، والسُّدِّيّ، وجماعة من المفسرين. والثاني: هو الميثاق المأخوذ على النَّسَم حين اسْتُخْرِجُوا من ظهر آدم. وهذا قول مجاهد. ورجَّحَ ابنُ جرير (٨/١٢١-١٢٢)، وابنُ عطية (٣/١٢٣) القولَ الأول، استنادًا إلى السياق، قال ابن جرير: «وإنما قلنا: ذلك أوْلى بالصواب مِن قولِ مَن قال: عنى به: الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم -صلوات الله عليه-؛ لأن الله -جَلَّ ثناؤه- ذَكرَ بعَقِب تذكرة المؤمنين ميثاقَه الذي واثقهم به، ميثاقَه الذي واثق به أهل التوراة بعد ما أنزل كتابه على نبيه موسى ﷺ فيما أمرهم به ونهاهم فيها، فقال: ﴿ولَقَدْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ الآيات بعدها [المائدة:١٢-١٣]، مُنبِّهًا بذلك أصحاب رسول الله ﷺ محمد على مواضع حظوظهم من الوفاء لله بما عاهدهم عليه، ومعرِّفَهم سوءَ عاقبة أهل الكتاب في تضييعهم ما ضيعوا من ميثاقه الذي واثقهم به في أمره ونهيه، وتعزير أنبيائه ورسله، زاجرًا لهم عن نكث عهودهم، فيُحِلّ بهم ما أحلَّ بالناكثين عهوده من أهل الكتاب قبلهم. فكان -إذْ كان الذي ذكرهم فوعظهم به ونهاهم عن أن يركبوا من الفعل مثلَه، ميثاقَ قوم أخذ ميثاقهم بعد إرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب عليهم- واجبًا أن يكون الحال التي أخذ فيها الميثاق والموعوظين، نظيرَ حال الذين وعظوا بهم. وإذا كان ذلك كذلك كان بَيِّنًا صحة ما قلنا في ذلك، وفسادُ خلافه». وقال ابن عطية: «والقول الأول أرجح، وأليقُ بنمط الكلام». ويفهم أيضًا من كلام ابن تيمية (١/٤٥٥)، وابن كثير (٥/١٢٦) ميلهما إليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب