الباحث القرآني
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟ۚ وَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ٤١﴾ - نزول الآيات
٢٢٤٤٧- عن أبي هريرة: أنّ أحبار يهود اجتمعوا في بيت المِدْراس حين َقدِم رسول الله ﷺ المدينة، وقد زنى رجل بعد إحصانه بامرأةٍ من يهود وقد أُحْصِنت، فقالوا: ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد، فاسألوه كيف الحكمُ فيهما، وولُّوه الحكم فيهما، فإن عَمِل فيهما بعملكم من التَّجْبِيهِ –والتَّجْبِيهُ: الجلد بحبل من لِيف مَطْلِيٍّ بقارٍ، ثم تُسوَّدُ وُجوهُهما، ثم يُحمَلان على حمارَيْن، وُجوهُهما من قِبَل أدْبار الحمار- فاتَّبِعوه؛ فإنما هو ملِكٌ سَيِّدُ قومٍ، وإن حكَم فيهما بالرَّجْم فإنّه نبي، فاحذروه على ما في أيديكم أن يَسْلُبَكم. فأتَوْه، فقالوا: يا محمد، هذا رجلٌ قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت، فاحكم فيهما، فقد ولَّيناك الحكمَ فيهما. فمشى رسول الله ﷺ حتى أتى أحبارهم في بيت المِدْراس، فقال: «يا معشر يهود، أخرِجوا إلَيَّ علماءكم». فأخرجوا إليه عبد الله بن صُورِيا، وأبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يَهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤُنا. فسألهم رسول الله ﷺ، ثم حصَّل أمرَهم[[حصَّلت الأمر: حققته وأثبته. النهاية (حصل).]]، إلى أن قالوا لعبد الله بن صُوريا: هذا أعلمُ مَن بَقِيَ بالتوراة. فخلا به رسول الله ﷺ، وكان غلامًا شابًّا مِن أحدثِهم سِنًّا، فألَظَّ[[يقال: ألَظَّ بالشيء يُلِظُّ إلْظاظًا، إذا لَزمه وثابر عليه. النهاية (لظظ).]] به رسول الله ﷺ المسألة، يقول: «يا ابن صُورِيا، أنشُدُك اللهَ وأُذَكِّرُك أيّامَه عند بني إسرائيل، هل تعلم أنّ الله حكم في مَن زنى بعد إحصانه بالرَّجم في التوراة؟». فقال: اللَّهُمَّ نعم، أما واللهِ، يا أبا القاسم، إنّهم لَيعرِفون أنّك نبي مُرْسَل، ولكنهم يحسدونك. فخرج رسول الله ﷺ، فأمرَ بهما، فرُجِما عند باب مسجده، ثم كفر بعد ذلك ابن صُورِيا، وجحد نُبُوَّةَ رسول الله ﷺ؛ فأنزل الله: ﴿يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾ الآية[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/٥٦٤-٥٦٥-، والبيهقي في الكبرى ٨/٤٣٠-٤٣١ (١٧١١٩)، وابن جرير ٨/٤١٤-٤١٥، من طريق الزهري، عن رجل من مزينة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به. في إسناده رجلٌ مبهم، وهو الرجل من مزينة، ولكن في رواية أبي داود قال الزهري عن الرجل المزني: «ممّن يتبع العلم ويعيه»، وسيأتي التصريح بذلك، ويأتي ثبوت الحديث بألفاظ مقاربة.]]. (٥/٣٠٠)
٢٢٤٤٨- عن أبي هريرة، قال: أولُ مَرْجوم رجَمه رسول الله ﷺ من اليهود؛ زنى رجلٌ منهم وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي؛ فإنّه نبي بُعِث بتخفيف، فإن أفتانا بفُتيا دونَ الرَّجْم قَبِلناها، واحتَججْنا بها عند الله، وقلنا: فُتيا نبي مِن أنبيائك. قال: فأتَوُا النبي ﷺ وهو جالس في المسجد وأصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما تَرى في رجل وامرأة منهم زنَيا؟ فلم يُكلِّمْهم كلمةً حتى أتى بيت مِدْراسِهم، فقام على الباب، فقال: «أنشُدُكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما تَجِدون في التوراة على مَن زنى إذا أحْصَن؟». قالوا: يُحَمَّمُ، ويُجَبَّهُ، ويُجْلَدُ. -والتَّجْبِيهُ: أن يُحْمَلَ الزانيان على حمار، ويُقابلَ أقفيتُهما، ويطافَ بهما-، وسكت شابٌّ منهم، فلمّا رآه النبي ﷺ سكَت ألَظَّ به النِّشْدَةَ، فقال: اللَّهُمَّ إذ نَشَدْتَنا، فإنّا نَجِدُ في التوراة الرجم. فقال النبي ﷺ: «فما أول ما ارتخَصْتُم أمرَ الله؟». قال: زنى رجلٌ ذو قرابة مِن ملك من ملوكنا، فأخَّر عنه الرجم، ثم زنى رجلٌ في أُسْرَةٍ[[الأسرة: عشيرة الرجل وأهل بيته؛ لأنه يتقوى بهم. النهاية (أسر).]] من الناس، فأراد رجمه فحال قومُه دونَه، وقالوا: واللهِ، لا يُرْجَمُ صاحبُنا حتى تجيء بصاحبِك فتَرْجمَه. فاصَّلحوا هذه العقوبة بينهم. قال النبي ﷺ: «فإني أحكُمُ بما في التوراة». فأمَر بهما فَرُجِما. قال الزهري: فبلَغَنا: أنّ هذه الآية نزلت فيهم: ﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا﴾ [المائدة:٤٤]. فكان النبي ﷺ منهم[[أخرجه أبو داود ٦/٤٩٨-٥٠١ (٤٤٥٠)، وعبد الرزاق في المصنف ٧/٣١٦-٣١٨ (١٣٣٣٠) واللفظ له، وفي تفسيره ٢/١٧-١٨ (٧٠٦)، وابن جرير ٨/٤٥٠-٤٥١، من طريق الزهري، عن رجل من مزينة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به. وتقدم الكلام على الإسناد في الحديث السابق، وأما سبب نزول الآية فهو غير مسندٍ؛ حيث قال الزهري: فبلغنا أنّ هذه الآية نزلت فيهم.]]. (٥/٣٠١)
٢٢٤٤٩- عن الزهري، قال: كنتُ جالسًا عند سعيد بن المسيب، وعند سعيد رجل يوقره، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية، وكان من أصحاب أبي هريرة، قال: قال أبو هريرة: كنت جالسًا عند رسول الله ﷺ...، إذ جاءه رجل من اليهود، وكانوا قد أشاروا في صاحب لهم زَنى بعد ما أُحْصِن، فقال بعضهم لبعض: إنّ هذا النبي قد بُعِث، وقد علمتم أن قد فُرِض عليكم الرجم في التوراة فكتمتموه، واصَّلَحْتُم بينكم على عقوبة دونه، فانطلقوا فنسأل هذا النبي، فإن أفتانا بما فُرِض علينا في التوراة من الرجم تركنا ذلك، فقد تركنا ذلك في التوراة، فهي أحق أن تُطاع وتُصَدَّق. فأتوا رسول الله ﷺ، فقالوا: يا أبا القاسم، إنّه زنى صاحبٌ لنا قد أُحْصِن، فما ترى عليه من العقوبة؟ قال أبو هريرة: فلم يرجع إليهم رسول الله ﷺ حتى قام وقمنا معه، فانطلق يَؤُمُّ مِدْراس اليهود، حتى أتاهم، فوجدهم يتدارسون التوراة في بيت المِدْراس، فقال لهم: «يا معشر اليهود، أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ماذا تجدون في التوراة مِن العقوبة على مَن زنى وقد أُحْصِن؟». قالوا: إنا نجده يُحَمَّم، ويُجْلَد. وسكت حَبْرُهم في جانب البيت، فلمّا رأى رسول الله ﷺ صمتَه ألَظَّ يَنشُدُه، فقال حبرهم: اللهم إذ نَشَدْتَنا، فإنّا نجد عليهم الرجم. فقال له رسول الله ﷺ: «فماذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله؟». قال: زنى ابنُ عَمِّ ملكٍ فلم يرجمه، ثم زنى رجل آخر في أُسْرَة من الناس، فأراد ذلك الملك رجمه، فقام دونه قومُه، فقالوا: واللهِ، لا ترجمْه حتى ترجم فلانًا؛ ابنَ عَمِّ الملك. فاصطلحوا بينهم عقوبة دون الرجم، وتركوا الرجم. فقال رسول الله ﷺ: «فإني أقضي بما في التوراة». فأنزل الله في ذلك: ﴿يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾ إلى قوله: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٤١٦-٤١٨. ينظر: الكلام على الحديث السابق.]]٢٠٧٨. (ز)
٢٢٤٥٠- عن البراء بن عازب، قال: مُرَّ على النبي ﷺ بيهوديٍّ مُحَمَّمًا مجلودًا، فدعاهم ﷺ، فقال: «هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟». قالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم، فقال: «أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟». قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كَثُر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تَعالَوْا فلْنَجْتَمِع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع. فجعلنا التَّحْمِيم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ، إنِّي أولُ مَن أحيا أمرَك إذْ أماتوه». فأمر به، فرُجم؛ فأنزل الله ﷿: ﴿يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾ إلى قوله: ﴿إن أوتيتم هذا فخذوه﴾ [المائدة:٤١]. يقول: ائتوا محمدًا ﷺ، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. فأنزل الله تعالى: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾، ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون﴾، ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون﴾ في الكفار كلها[[أخرجه مسلم ٣/١٣٢٧ (١٧٠٠)، وابن جرير ٨/٤١٥-٤١٦، ٤٦٠، وابن أبي حاتم ٤/١١٣٢ (٦٣٦٥)، ٤/١١٤٨ (٦٤٦١).]]٢٠٧٩. (٥/٣٠٢)
٢٢٤٥١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا﴾، قال: هم اليهود، زنت منهم امرأة، وقد كان حُكمُ الله في التوراة في الزِّنا الرجم، فنَفِسُوا[[نَفِسوا: ضَنّوا وبخلوا. لسان العرب (نفس).]] أن يَرْجموها، وقالوا: انطلقوا إلى محمد، فعسى أن يكون عنده رخصة، فإن كانت عنده رخصة فاقبلوها. فأتَوه، فقالوا: يا أبا القاسم، إنّ امرأة مِنّا زنت، فما تقول فيها؟ فقال لهم النبي ﷺ: «كيف حُكمُ الله في التوراة في الزاني؟». قالوا: دعْنا من التوراة، ولكن ما عندك في ذلك؟ فقال: «ائْتُوني بأعلمكم بالتوراة التي أُنزِلت على موسى». فقال لهم: «بالذي نجّاكم من آل فرعون، وبالذي فلق البحر فأنجاكم وأغرق آل فرعون، إلا أخبرتموني ما حُكمُ الله في التوراة في الزاني؟». قالوا: حُكمُه الرجم. فأمر بها رسول الله ﷺ، فرُجِمت[[أخرجه الطبراني في الكبير ١٢/٢٥٧ (١٣٠٣٣)، وابن جرير ٨/٤٢٥-٤٢٦. إسناده جيد. ينظر: مقدمة الموسوعة.]]٢٠٨٠. (٥/٣٠٤)
٢٢٤٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة- قال: إنّ الله أنزل: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾، ﴿الظالمون﴾، ﴿الفاسقون﴾. أنزلها الله في طائفتين من اليهود، قَهَرَتْ إحداهما الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضَوا واصطَلَحوا على أنّ كل قتيلٍ قَتَلتْه العزيزة من الذَّليلة فَدِيَتُه خمسونَ وسْقًا، وكل قتيلٍ قَتَلتْه الذّليلة من العزيزة فَدِيتُه مائةُ وسْقٍ، فكانوا على ذلك حتى قَدِم رسول الله ﷺ المدينة، فذلَّت الطائفتان كلتاهما لمقدِم رسول الله ﷺ، ورسول الله ﷺ يومئذٍ لم يَظهرْ عليهم، فقتَلتِ الذَّليلة من العزيزة قتيلًا، فأرسَلَتِ العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق. فقالت الذَّليلة: وهل كان هذا في حَيَّيْنِ قَطُّ، دينُهما واحد، ونسَبُهما واحد، وبلدُهما واحد، وديةُ بعضهم نصفُ ديةِ بعضٍ؟! إنما أعطيناكم هذا ضَيْمًا منكم لنا، وفَرَقًا منكم، فأمّا إذ قَدِم محمدٌ فلا نعطيكم ذلك. فكادت الحرب تَهِيج بينهم، ثم ارْتَضَوا على أن جعلوا رسول الله ﷺ بينهم، ففكرت العزيزة، فقالت: واللهِ، ما محمد بمُعْطِيكم منهم ضعفَ ما يُعْطِيهم منكم، ولقد صدَقوا، ما أعطونا هذا إلا ضَيْمًا وقهرًا لهم، فَدُسُّوا إلى محمد مَن يَخبُرُ لكم رأيَه، فإن أعطاكم ما تريدون حكَّمتُموه، وإن لم يُعْطِكموه حَذِرتموه فلم تُحكِّموه. فَدَسَّوا إلى رسول الله ﷺ ناسًا من المنافقين يَختَبِروا لهم رأي رسول الله ﷺ، فلما جاءوا رسول الله صلى الله عليه أخبر اللهُ رسوله ﷺ بأمرهم كلِّه وماذا أرادوا؛ فأنزل الله: ﴿يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾ إلى قوله: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون﴾. ثم قال: فيهم -واللهِ- أُنزِلت، وإياهم عَنى الله[[أخرجه أحمد ٤/٨٨-٨٩ (٢٢١٢)، وابن جرير ٨/٤٦١ بنحوه وأوقفه على عبيد الله. قال الهيثمي في المجمع ٧/١٦: «روى أبو داود بعضه، رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عبدالرحمن بن أبي الزناد، وهو ضعيف، وقد وثّق، وبقية رجال أحمد ثقات». وقال الألباني في الصحيحة ٦/١٠٩ (٢٥٥٢): «تحسين هذا الإسناد هو الذي تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف».]]. (٥/٢٩٨)
٢٢٤٥٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿آمنا بأفواههم﴾، قال: يقول: المنافقون[[تفسير مجاهد ص٣٠٨، وأخرجه ابن جرير ٨/٤١٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٠ (٦٣٥٢) وذلك في بيان أنهم المنافقون.]]. (ز)
٢٢٤٥٤- عن عامر الشَّعْبِيّ -من طريق زكريا- في قوله: ﴿لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾، قال: كان رجل من اليهود قتَل رجلًا من أهل دينه، فقالوا لحلفائهم من المسلمين: سلُوا محمدًا؛ فإن كان يقضي بالدِّيَة اختصمنا إليه، وإن كان يقضي بالقتل لم نأْتِه[[أخرجه ابن جرير ٨/٤١٣-٤١٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٠٨١. (٥/٢٩٩)
٢٢٤٥٥- عن عبد الله بن كثير المكي -من طريق ابن جريج- في قوله: ﴿يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم﴾، قال: هم المنافقون[[أخرجه ابن جرير ٨/٤١٨.]]. (ز)
٢٢٤٥٦- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- في قوله: ﴿لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾، قال: نزلت في رجل من الأنصار، زعموا أنه أبو لبابة، أشارت إليه بنو قريظة يوم الحِصارِ: ما الأمرُ، عَلامَ ننزِلُ؟ فأشار إليهم: إنّه الذبح[[أخرجه ابن جرير ٨/٤١٣، وابن أبي حاتم ٤/١١٣٠ (٦٣٥٣). وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٢٠٨٢. (٥/٣٠٥)
٢٢٤٥٧- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قوله: ﴿ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم﴾، فإنّ بني إسرائيل أنزل الله عليهم: إذا زنى منكم أحدٌ فارجموه. فلم يزالوا بذلك حتى زنى رجلٌ مِن خيارهم، فلما اجتمعت بنو إسرائيل يرجمونه، قام الخيار والأشراف فمنعوه، ثم زنى رجل من الضعفاء، فاجتمعوا ليرجموه، فاجتمعت الضعفاء، فقالوا: لا ترجموه حتى تأتوا بصاحبكم فترجمونهما جميعًا. فقالت بنو إسرائيل: إنّ هذا الأمر قد اشتدَّ علينا، فتعالوا فلنصلحه. فتركوا الرجم، وجعلوا مكانه أربعين جلدة بحبل مُقَيَّرٍ، ويحملونه على حمار، ووجهه إلى ذَنَبه، ويُسَوِّدون وجهه، ويطوفون به. فكانوا يفعلون ذلك حتى بُعِث النبي ﷺ وقدم المدينة، فزنت امرأة من أشراف اليهود يُقال لها: بُسْرَةُ، فبعث أبوها ناسًا من أصحابه إلى النبي ﷺ، فقال: سلوه عن الزنا، وما نزل إليه فيه؛ فإنا نخاف أن يفضحنا ويخبرنا بما صنعنا، فإن أعطاكم الجلد فخذوه، وإن أمركم بالرجم فاحذروه. فأتوا رسول الله ﷺ فسألوه، فقال: «الرجم». فأنزل الله ﷿: ﴿ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه﴾ حين حرَّفوا الرجم فجعلوه جلدًا[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢١-٤٢٢. إسناده ضعيفٌ، فمع كون السدي أرسله ولم يسنده، فإن أسباط بن نصر والسدي فيهما مقال كما سبق. تنظر ترجمتهما في: تهذيب الكمال ٢/٣٥٧، ٣/١٣٢.]]٢٠٨٣٢٠٨٤. (ز)
٢٢٤٥٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الرسول لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ﴾ يعنى: صدقنا بألسنتهم، ﴿ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾ في السر. نزلت في أبي لبابة، اسمه مروان بن عبد المنذر الأنصاري من بني عمرو بن عوف، وذلك أنه أشار إلى أهل قريظة إلى حَلْقِه: أنّ محمدًا جاء يحكم فيكم بالموت، فلا تنزِلوا على حكم سعد بن مُعاذ، وكان حليفًا لهم. ثم قال سبحانه: ﴿ومِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ أي: ولا يحزنك الذين هادوا، يعني: يهود المدينة، ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ يعني: قوّالون للكذب، منهم كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، وأبو لبابة، وسعيد بن مالك، وابن صوريا، وكنانة ابن أبي الحقيق، وشاس بن قيس، وأبو رافع بن حريملة، ويوسف بن عازر ابن أبي عازب، وسلول بن أبي سلول، والبخام بن عمرو، وهم ﴿سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ يعني: يهود خيبر، ﴿لَمْ يَأْتُوكَ﴾ يا محمد، ﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ﴾ يعني: أمر الرجم ﴿مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ عن بيانه في التوراة، وذلك أنّ رجلًا من اليهود يُسَمّى: يهوذا، وامرأة تُسَمّى: بسرة، من أهل خيبر من أشراف اليهود؛ زَنَيا، وكانا قد أُحْصِنا، فكرهت اليهود رجمهما من أجل شرفهما وموضعهما، فقالت يهود خيبر: نبعث بهذين إلى محمد ﷺ، فإنّ في دينه الضرب، وليس في دينه الرَّجْم، ونوليه الحُكْم فيهما، فإن أمركم فيهما بالضرب فخذوه، وإن أمركم فيهما بالرجم فاحذروه. فكتب يهود خيبر إلى يهود المدينة؛ إلى كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف، وأبي لبابة، وبعثوا نفرًا منهم، فقالوا: سلوا لنا محمدًا ﵇ عن الزّانِيَيْن إذا أُحْصِنا ما عليهما؟ فإن أمركم بالجلد فخذوا به، والجلد: الضَّرب بحبل من لِيف مَطْلِيٍّ بالقار، وتُسَوَّد وجوههما، ويحملان على حمار، وتُجعل وجوههما مما يلي ذَنَب الحمار، فذلك التَّجْبِيهُ، ﴿يَقُولُونَ﴾ أي: اليهود: ﴿إنْ أُوتِيتُمْ هَذا فَخُذُوهُ وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا﴾ أي: إن أمركم بالرجم فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه. قال: فجاء كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف، وكعب بن أسيد، وأبو لبابة إلى النبي ﷺ، فقالوا: أخبرنا عن الزانيين إذا أحصنا ما عليهما؟ فأتاه جبريل ﵇، فأخبره بالرجم، ثم قال جبريل ﵇: اجعل بينك وبينهم ابن صوريا، وسَلْهم عنه. فمشى رسول الله ﷺ حتى أتى أحبارَهم في بيت المِدْراس، فقال: «يا معشر اليهود، أخْرِجوا إلَيَّ علماءَكم». فأخرجوا إليه عبد الله بن صُوريا، وأبا ياسر بن أخطب، ووهب بن يهوذا، فقالوا: هؤلاء علماؤنا. ثم حصر أمرهم[[كذا أثبته محقق المصدر، وذكر أن في بعض نسخه: «ثم حصَّل أمرهم»، وهو أشبه، ويعضده رواية أبي هريرة المتقدمة.]] إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا: هذا أعلم مَن بَقِي بالتوراة. فجاء به رسول الله ﷺ، وكان ابْن صوريا غلامًا شابًّا، ومع رسول الله ﷺ عبد الله بن سلام، فقال رسول الله ﷺ: «أنشدك بالله الذي لا إله إلا هو إله بني إسرائيل، الذي أخرجكم من مصر، وفلق لكم البحر، وأنجاكم، وأغرق آل فرعون، وأنزل عليكم كتابه يبين لَكُمْ حلاله وحرامه، وظلَّل عليكم المنَّ والسلوى، هل وجدتم في كتابكم أنّ الرجم على مَن أُحْصِن؟». قال ابن صوريا: اللَّهُمَّ نعم، ولولا أنِّي خفت أن أحترق بالنار أو أهلك بالعذاب لكتمتك حين سألتني، ولَم أعترف لك. قال رسول الله ﷺ: «الله أكبر، فأنا أول مَن أحيا سُنَّةً مُن سنن الله ﷿». ثم أمر بهما فرُجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار، فقال عبد الله بن صوريا: واللهِ، يا محمد، إنّ اليهود لتعلم أنّك نبي حقٍّ، ولكنهم يحسدونك. ثم كفر ابن صوريا بعد ذلك؛ فأنزل الله ﷿: ﴿يا أهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رسولنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتابِ﴾ [المائدة:١٥] يعني: مما في التوراة من أمر الرجم، ونعت محمد ﷺ. ثم قال: ﴿ويَعْفُوا عَن كَثِيرٍ﴾ فلا يخبر به، فقال النبي ﷺ لليهود: «إن شئتم أخبرتكم بالكثير». قال ابن صوريا: أنشدك بالله أن تخبرنا بالكثير مما أُمِرْت أن تعفو عنه. ثم قال ابن صوريا للنبي ﷺ: أخبرني عن ثلاث خصال لا يعلمهن إلا نبي. فقال رسول الله ﷺ: «هات، سَلْ عما شئت». قال: أخبرني عن نومك. قال: «تنام عيني وقلبي يقظان». قال ابن صوريا: صدقت. قال: فأخبرني عن شبه الولد؛ مِن أين يشبه الأب أو الأم؟ قال: «أيهما سبقت الشهوة له كان الشبه له». قال: صدقت. قال: فأخبرني ما للرجل وما للمرأة من الولد؟ ومِن أيِّهما يكون؟ قال النبي ﷺ: «اللحم والدم والظفر والشعر للمرأة، والعظم والعصب والعروق للرجل». قال: صدقت. قال: فمَن وزيرك من الملائكة، ومن يجيئك بالوحي؟ قال: «جبريل ﵇». قال: صدقتَ، يا محمد. وأَسْلَم عند ذلك،... ولَمّا أرادوا القيام قالت بنو قريظة؛ أبو لبابة، وشعبة بن عمرو، ورافع بن حريملة، وشاس بن عمرو للنبي ﷺ: إخواننا بني النضير، كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف، وغيرهم، أبونا واحد، وديننا واحد، إذا قتل أهلُ النضير مِنّا قتيلًا أعطونا سبعين وسقًا من تمر، وإن قتلنا منهم قتيلًا أخذوا مِنّا مائة وأربعين وسقًا من تمر، وجراحاتنا على أنصاف جراحاتهم، فاقضِ بيننا وبينهم، يا محمد. فقال رسول الله ﷺ: «إنّ دم القُرَظِيِّ وفاءٌ مِن دم النَّضِيري، وليس للنَّضيري على القُرَظِيِّ فضل في الدم ولا في العقل». قال كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف، وكعب بن أسيد، وأصحابهم: لا نرضى بقضائك، ولا نطيع أمرك، ولَنَأْخُذَنَّ بالأمر الأول؛ فإنّك عدوُّنا، وما تَأْلُو أن تَضَعَنا وتَضُرَّنا. وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿أفَحُكْمَ الجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ يعني: حكمهم الأول، ﴿ومَن أحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا﴾ يقول: فلا أحد أحسن من الله حكمًا ﴿لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ وعد الله ﷿، ووعيده[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٤-٤٨٠.]]. (ز)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ﴾ - تفسير
٢٢٤٥٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر﴾ قال: هم اليهود، ﴿من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم﴾ قال: هم المنافقون[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٠ (٦٣٥١، ٦٣٥٢). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٢٩٨)
٢٢٤٦٠- عن جابر بن عبد الله -من طريق الشعبي- في قوله: ﴿ومن الذين هادوا سماعون للكذب﴾ قال: يهود المدينة، ﴿سماعون لقوم آخرين لم يأتوك﴾ قال: يهود فَدَك[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٠، ٤٢١، وابن أبي حاتم ٤/١١٣٠، ١١٣١ (٦٣٥٤، ٦٣٥٧). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٥/٣٠٤)
٢٢٤٦١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿آمنا بأفواههم﴾ قال: يقول: المنافقون، ﴿سماعون لقوم آخرين لم يأتوك﴾ قال: هم سماعون لليهود[[تفسير مجاهد ص٣٠٨، وأخرجه ابن جرير ٨/٤١٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٠ (٦٣٥٢) وذلك في بيان أنهم المنافقون.]]. (ز)
٢٢٤٦٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿سماعون لقوم آخرين﴾، قال: هم أيضًا سمّاعون ليهود[[تفسير مجاهد ص٣٠٨، وأخرجه ابن جرير ٨/٤١٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٥/٣٠٦)
٢٢٤٦٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- قال: ﴿سماعون لقوم آخرين لم يأتوك﴾ مع مَن أتوك[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٠.]]. (ز)
٢٢٤٦٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿ومن الذين هادوا سماعون للكذب﴾، قال: هم أبو بُسْرةَ وأصحابُه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٠ (٦٣٥٦).]]. (٥/٣٠٥)
٢٢٤٦٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الرسول لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ﴾ يعنى: صَدَّقنا بألسنتهم، ﴿ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ﴾ في السِّرِّ. ثم قال سبحانه: ﴿ومِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ أي: ولا يحزنك الذين هادوا، يعني: يهود المدينة، ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ يعني: قوّالون للكذب، منهم كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، وأبو لبابة، وسعيد بن مالك، وابن صوريا، وكنانة ابن أبي الحقيق، وشاس بن قيس، وأبو رافع بن حريملة، ويوسف بن عازر ابن أبي عازب، وسلول بن أبي سلول، والبخام بن عمرو، وهم ﴿سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ يعني: يهود خيبر، ﴿لَمْ يَأْتُوكَ﴾ يا محمد[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٤.]]. (ز)
٢٢٤٦٦- عن مقاتل بن حيان -من طريق بكير بن معروف- قوله: ﴿سماعون للكذب﴾ فهم يهود أهل قريظة والنضير، فيهم لبابة بن سَعَفَةَ، وكعب بن الأشرف، وسعيد بن عمرو، ﴿سماعون لقوم آخرين﴾ يهود خيبر، وذلك حين زنت المرأة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣١ (٦٣٥٨).]]. (٥/٣٠٦)
٢٢٤٦٧- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين﴾، قال: لقوم آخرين لم يأتوك من أهل الكتاب، هؤلاء سماعون لأولئك القوم الآخرين الذين لم يأتوه، يقولون لهم الكذب: محمد كاذب، وليس هذا في التوراة، فلا تؤمنوا به[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٢، وابن أبي حاتم من طريق أصبغ بن الفرج ٤/١١٣١ (٦٣٥٩).]]٢٠٨٥. (ز)
﴿یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟ۚ﴾ - قراءات
٢٢٤٦٨- كان إبراهيم النخعي يقرَؤُها: (يُحَرِّفُونَ الكَلامَ عَن مَّواضِعِهِ)[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ. وهذه قراءة شاذة، تروى أيضًا عن أبي عبد الرحمن. انظر: المحرر الوجيز ٢/١٦٩، والبحر ٣/٤٦١، ولم يذكراها عند هذه الآية بل عند الآية رقم (١٣).]]. (٥/٣٠٦)
﴿یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟ۚ﴾ - تفسير الآية
٢٢٤٦٩- عن الزهري، قال: سمعت رجلًا مِن مُزَيْنَة يُحَدِّث سعيد بن المسيب: أنّ أبا هريرة حدَّثهم في قصة ذكرها: ﴿ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك﴾ قال: بعثوا، وتخلفوا، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الكلم عن مواضعه، فقال: ﴿يحرفون الكلم من بعد مواضعه، يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه﴾ للتَّجْبِيهِ، ﴿وإن لم تؤتوه فاحذروا﴾ أي: الرجم[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٤.]]. (ز)
٢٢٤٧٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا﴾، قال: هم اليهود، زنت منهم امرأة، وقد كان حُكمُ الله في التوراة في الزِّنا الرجم، فنَفِسوا أن يَرْجموها، وقالوا: انطلقوا إلى محمد، فعسى أن يكون عنده رخصة، فإن كانت عنده رخصة فاقبلوها...[[تقدم بتمامه مع تخريجه في نزول الآية.]]. (٥/٣٠٤)
٢٢٤٧١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿يحرفون الكلم﴾ يعني: حدود الله في التوراة، وفي قوله: ﴿يقولون إن أوتيتم هذا﴾ قال: يقولون: إنْ أمَركم محمدٌ بما أنتم عليه فاقْبَلوه، وإن خالَفَكم فاحْذَروه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣١-١١٣٢ (٦٣٦٢، ٦٣٦٨)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٣٢٣). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٣٠٧)
٢٢٤٧٢- عن البراء بن عازب -من طريق عبد الله بن مرة- قال:... ﴿إن أوتيتم هذا فخذوه﴾، يقولون: ائتُوا محمدًا، فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. إلى قوله: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ قال: في اليهود، ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون﴾ قال: ثم صار إلى قوله: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون﴾ قال: في الكفار كلُّها[[تقدم بتمامه مع تخريجه في نزول الآية.]]. (٥/٣٠٢)
٢٢٤٧٣- عن جابر بن عبد الله -من طريق الشعبي- في قوله: ﴿يحرفون الكلم﴾، قال: يهود فَدَكَ يقولون ليهود المدينة: إن أُوتيتم هذا الجلد فخذوه، وإن لم تُؤْتَوه فاحذروا الرَّجم[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٥، وابن أبي حاتم ٤/١١٣٠، ١١٣١ (٦٣٥٤، ٦٣٥٧). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٥/٣٠٤)
٢٢٤٧٤- عن إبراهيم النخعي في قوله: ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾، قال: كان يقول: يا بني إسرائيل، يا بني أحباري. فحرَّفوا ذلك، فجعلوه: يا بني أبكارى. فذلك قوله: ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٥/٣٠٦)
٢٢٤٧٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه﴾، قال: إن وافَقكم، وإن لم يوافِقْكم فاحْذَروه. يهود تقوله للمنافقين[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٤، وابن أبي حاتم ٤/١١٣٢ (٦٣٦٦). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٣٠٧)
٢٢٤٧٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿يحرفون الكلم من بعد مواضعه﴾ الآية، قال: ذُكِر لنا: أنّ هذا كان في قتيل بني قريظة والنَّضِير؛ رجل من قريظة قَتَله النضير، وكانت النضير إذا قَتَلت من بني قريظة لم يُقِيدوهم، إنما يُعْطُونهم الدِّيةَ لفضْلِهم عليهم في أنفسهم تعوُّذًا، فقَدِم نبي الله ﷺ المدينة، فسألهم، فأرادوا أن يَرْفعوا ذلك إلى نبي الله ﷺ ليحكمَ بينهم، فقال لهم رجل من المنافقين: إنّ قتيلَكم هذا قتيلُ عمدٍ، وإنّكم متى ما تَرْفعون أمرَه إلى محمد أخشى عليكم القَوَدَ، فإن قَبِل منكم الدِّيةَ فخذوه، وإلا فكونوا منه على حَذَر[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٦. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/٢٨-. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٥/٣٠٧)
٢٢٤٧٧- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿يحرفون الكلم من بعد مواضعه﴾ حين حرَّفوا الرجم فجعلوه جلدًا، يقولون: ﴿إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا﴾[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٥، وابن أبي حاتم ٤/١١٣١ (٦٣٦٣).]]. (ز)
٢٢٤٧٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ﴾ يقول ذلك يهود خيبر ليهود المدينة؛ كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف، وكعب بن أسيد، وأبي لبابة: إن أمركم محمد بالجلد فاقبلوه، ﴿وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ﴾ يعني: الجلد، وإن أمركم بالرجم ﴿فاحْذَرُوا﴾ فإنّه نبي[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٧-٤٧٨.]]. (ز)
٢٢٤٧٩- عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿يحرفون الكلم﴾ يزيدون فيه، وينقصونه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣١ (٦٣٦١).]]. (ز)
٢٢٤٨٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله: ﴿يحرفون الكلم من بعد مواضعه﴾، يقول: يُحَرِّف هؤلاء الذين لم يأتوك الكلم عن مواضعه، لا يضعونه على ما أنزله الله. قال: وهؤلاء كلهم يهود، بعضهم من بعض[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٦، وابن أبي حاتم ٤/١١٣٢ (٦٣٦٤).]]٢٠٨٦. (ز)
﴿وَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ﴾ - تفسير
٢٢٤٨١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿ومن يرد الله فتنته﴾ قال: ضلالته؛ ﴿فلن تملك له من الله شيئا﴾ يقول: لن تُغْنِيَ عنه شيئًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٣ (٦٣٧٠، ٦٣٧١)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٣٢٣). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٥/٣٠٧)
٢٢٤٨٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ، مثل ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٣ (٦٣٧٠) في شطره الأول.]]. (ز)
٢٢٤٨٣- عن الضحاك بن مزاحم: ﴿ومَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ﴾: هلاكه[[تفسير الثعلبي ٤/٦٦.]]. (ز)
٢٢٤٨٤- عن قتادة بن دعامة: ﴿ومَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ﴾: عذابه[[تفسير الثعلبي ٤/٦٦.]]. (ز)
٢٢٤٨٥- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا﴾ مَن يُرِد الله ضلالته[[علَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٣ (عقب ٦٣٧٠). وأخرج ابن جرير ٨/٤٢٧ نحوه، وليس فيه نص الأثر، وذكر الشيخ شاكر في تحقيقه ١٠/٣١٧ أنّه سقط من المخطوطة والمطبوعة. ويدل عليه كلام ابن جرير قبله.]]. (ز)
﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ﴾ - تفسير
٢٢٤٨٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ﴾ يعني: اليهود ﴿لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾ من الكفر حين كتموا أمر الرجم، ونعت محمد ﷺ[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٨.]]. (ز)
﴿لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ٤١﴾ - تفسير
٢٢٤٨٧- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق علي بن الأقمر، وغيره- في قوله: ﴿لهم في الدنيا خزي﴾، قال: مدينة تفتحُ بالروم فيُسْبَوْن[[أخرجه ابن جرير ٨/٤٢٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٠٨٧. (٥/٣٠٨)
٢٢٤٨٨- عن قتادة بن دعامة، قال: مدينة تفتح بالروم[[علَّقه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٣ (٦٣٧٣).]]. (ز)
٢٢٤٨٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿لهم في الدنيا خزي﴾، قال: يُعْطُون الجزيةَ عن يدٍ وهم صاغرون[[أخرجه عبد الرزاق (٩٨٧٩).]]. (٥/٣٠٨)
٢٢٤٩٠- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿لهم في الدنيا خزي﴾، قال: أمّا خِزْيُهم في الدنيا فإنّه إذا قام المهْدِيُّ فتحَ القُسطنطِينيةَ فقتَلهم، فذلك الِخزْي[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٣ (٦٣٧٣).]]. (٥/٣٠٨)
٢٢٤٩١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ﴾ يعني: به اليهود، وهم أهل قريظة، أما الخزي الذي نزل بهم فهو القَتْل والسَّبْيُ، وأما خزي أهل النَّضِير فهو الخروج من ديارهم وأموالهم وجناتهم، فأُجلوا إلى الشام؛ إلى أذرعات، وأريحا، ﴿ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ يعني: ما عظُم من النار[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٨.]]. (ز)
﴿لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ٤١﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٢٤٩٢- عن عبد الله بن عمر، قال: إنّ اليهود جاءوا إلى رسول الله ﷺ، فذكروا له أنّ رجلًا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله ﷺ: «ما تَجِدون في التوراة؟». قالوا: نفضحُهم، ويُجْلَدون. قال عبد الله بن سلام: كَذَبْتُم، إنّ فيها آية الرجم. فأَتَوا بالتوراة، فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقال ما قبلها وما بعدها، فقال عبد الله بن سلام: ارْفَع يدك. فرفَع يدَه، فإذا آية الرجم، قالوا: صدَق. فأمرَ بهما رسول الله ﷺ فرُجِما[[أخرجه البخاري ٤/٢٠٦ (٣٦٣٥)، ٨/١٦٥ (٦٨١٩)، ٨/١٧٢ (٦٨٤١)، ومسلم ٣/١٣٢٦ (١٦٩٩).]]. (٥/٣٠٣)
﴿سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ﴾ - تفسير
٢٢٤٩٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿سَمّاعُونَ﴾ يعني: قوّالون ﴿لِلْكَذِبِ﴾ للزُّور، منهم كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف، ووهب بن يهوذا[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٧٨.]]. (ز)
٢٢٤٩٤- عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: ﴿سماعون للكذب﴾ هو كعب الأشراف[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١١٣٣ (٦٣٧٦).]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.