الباحث القرآني
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یُنَادُونَكَ مِن وَرَاۤءِ ٱلۡحُجُرَ ٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ ٤ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُوا۟ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَیۡهِمۡ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ٥﴾ - قراءات
٧١٦٠٧- عن عبد الله بن عباس، قال ... (إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن ورَآءِ الحُجُراتِ مِن بَنِي تَمِيمٍ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ). قال: هذا كان في القراءة الأولى[[أخرجه ابن مردويه مطولًا، وسيأتي بتمامه في روايات النزول. وأخرجه ابن جرير في تاريخه ٣/١٢٠ عن يزيد بن رومان من قوله. وزيادة (مِن بَنِي تَمِيمٍ) قراءة شاذة، وتروى أيضًا عن ابن مسعود. انظر: المحرر الوجيز ٥/١٤٦.]]. (١٣/٥٤٢)
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یُنَادُونَكَ مِن وَرَاۤءِ ٱلۡحُجُرَ ٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ ٤ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُوا۟ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَیۡهِمۡ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ٥﴾ - نزول الآية
٧١٦٠٨- عن الأقرع بن حابس -من طريق أبي سَلَمة بن عبد الرحمن- أنّه أتى النبيَّ ﷺ، فقال: يا محمد، اخرج إلينا. فلم يُجبْه، فقال: يا محمد، إنّ حمدي زَيْن، وإنّ ذَمي شيْن. فقال: «ذاك الله». فأنزل الله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٤٦ بلفظ: «ويلك، ذلك الله»، وبلفظ: «شتمي» بدل «ذمي». وأخرجه أحمد ٢٥/٣٦٩ (١٥٩٩١)، ٤٥/١٨٣ (٢٧٢٠٣، ٢٧٢٠٤) دون الآية، وبلفظ: «ذاكم الله ﷿». قال الهيثمي في المجمع ٧/١٠٨ (١١٣٥١): «رواه أحمد، والطبراني، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع، وإلا فهو مرسل كإسناد أحمد الآخر». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٦/٢٧٣ (٥٨٢٥): «هذا إسناد صحيح». وقال السيوطي: «سند صحيح ...، قال ابن منيع: لا أعلم روى الأقرع مسندًا غير هذا».]]. (١٣/٥٣٩)
٧١٦٠٩- عن عبد الله بن عباس، قال: قدِم وفد بني تميم -وهم سبعون رجلًا أو ثمانون رجلًا، منهم الزِّبْرِقان بن بدر، وعطارد بن مَعْبَد، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، وعمرو بن أهتم- المدينةَ على رسول الله ﷺ، فانطلَق معهم عُيينة بن حِصن بن بدر الفَزاري، وكان يكون في كلّ سَوْءة، حتى أتَوا منزل رسول الله ﷺ، فنادَوه من وراء الحجرات بصوتٍ جافٍ: يا محمد، اخرجْ إلينا، يا محمد، اخرجْ إلينا، يا محمد، اخرجْ إلينا. فخرج إليهم رسول الله ﷺ، فقالوا: يا محمد، إنّ مَدْحنا زَيْن، وإنّ شَتْمنا شَيْن، نحن أكرم العرب. فقال رسول الله ﷺ: «كذبتم، بل مِدْحة الله الزَّين، وشتْمه الشَّيْن، وأكرم منكم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم». فقالوا: إنّا أتيناك لنفاخرك. فذكره بطوله، وقال في آخره: فقام التميميون، فقالوا: واللهِ، إنّ هذا الرجل لَمصنوع له، لقد قام خطيبه فكان أخطب مِن خطيبنا، وقام شاعره فكان أشعر من شاعرنا. قال: ففيهم أنزل الله: (إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن ورَآءِ الحُجُراتِ مِن بَنِي تَمِيمٍ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ). قال: هذا كان في القراءة الأولى، ﴿ولَوْ أنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[[أخرجه ابن مردويه -كما في تخريج الكشاف ٣/٣٣٠-٣٣١-، من طريق ابن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس به. إسناده ضعيف جدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (١٣/٥٤٢)
٧١٦١٠- قال عبد الله بن عباس: بعث رسول الله ﷺ سَرِيّةً إلى حيٍّ مِن بني العنبر، وأمّر عليهم عُيينة بن حِصن الفَزاري، فلمّا علموا أنّه توجّه نحوهم هربوا، وتركوا عيالهم، فسباهم عُيينة، وقدم بهم على رسول الله ﷺ، فجاء بعد ذلك رجالهم يَفْدُون الذراري، فقَدِموا وقت الظهيرة، ووافقوا رسول الله في أهله قائلًا، فلمّا رأَتهم الذراري جهشوا إلى آبائهم يبكون، وكان لكلّ امرأة مِن نساء رسول الله ﷺ بيت وحجرة، فَعَجِلوا أن يخرج إليهم رسول الله ﷺ، وجعلوا ينادون: يا محمّد، اخرج إلينا. حتّى أيقَظوه من نومه، فخرج إليهم، فقالوا: يا محمّد، فادِنا عيالَنا. فنزل جبريل، فقال: يا محمّد، إنّ الله يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلًا. فقال لهم رسول الله ﷺ: «أترضون أن يكون بيني وبينكم سَبْرَةُ بن عمرو، وهو على دينكم؟». فقالوا: نعم. قال سَبْرَةُ: أنا لا أحكم بينهم وعمّي شاهد. وهو الأعور بن بَشامة، فرَضوا به. فقال الأعور: أرى أن يُفادي نصفهم، ويعتق نصفهم. فقال النبي ﷺ: «قد رضيتُ». ففادى نصفهم، وأعتَق نصفهم. فأنزل الله ﷾: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ...﴾ الآية[[أورده الثعلبي ٩/٧٦، والبغوي ٧/٣٣٧.]]. (ز)
٧١٦١١- عن جابر بن عبد الله، قال: جاءتْ بنو تميم إلى النبيّ ﷺ، فنادوا على الباب: يا محمّد، اخرج علينا، فإنّ مَدْحنا زَيْن وذمّنا شَيْن. قال: فسمعها النبيُّ ﷺ، فخرج عليهم وهو يقول: «إنّما ذلكم الله الذي مَدْحه زَيْن وذمّه شَيْن». قالوا: نحن ناس مِن بني تميم، جئنا بشاعِرنا وخطِيبنا نشاعِرُك ونفاخِرُك. فقال رسول الله ﷺ: «ما بالشعر بُعثتُ، ولا بالفخار أُمرتُ، ولكن هاتوا». فقال الزِّبْرِقان بن بدر لشابٍّ مِن شبابهم: قم، فاذكر فضلك، وفضْل قومك. فقام، فقال: الحمد لله الذي جعلنا خير خلْقه، وآتانا أموالًا نفعل فيها ما نشاء، فنحن مِن خير أهل الأرض، من أكثرهم عُدّة، ومالًا، وسلاحًا، فمَن أنكر علينا قولنا فليأتِ بقولٍ هو أحسن مِن قولنا، وفِعال هي خير من فِعالنا. فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس بن شَمّاس -وكان خطيب رسول الله-: «قُم، فأجِبه». فقام، فقال: الحمد لله أحمده، وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، ثمّ دعا المهاجرين مِن بني عمّه أحسن الناس وجوهًا وأعظمهم أحلامًا، فأجابوه، فقالوا: الحمد لله الذي جعلنا أنصاره، ووزراء رسوله، وعِزًّا لدينه، فنحن نقاتل الناس، حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله، فمَن قالها منع منّا ماله، ونفسه، ومَن أبى قتلناه، وكان زعمه في الله علينا هيّنًا، أقول قولي وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات. فقال الزِّبْرِقان بن بدر لشابٍّ من شبابهم: قُم يا فلان، فقُل أبياتًا تذكر فيها فضْلك، وفضْل قومك. فقام الشابُّ، فقال: نحن الكِرام فلا حَيٌّ يُعادلنا نحن الرُّؤوس وفينا تُقسَم الرُّبُعُ ونُطعم النّاس عند المحل كلّهمُ مِنَ السَّدِيف إذا لم يُؤنس القَزَعُ إذا أبَينا فلا يأبى لنا أحَدٌ إنّا كذلك عند الفخرِ نرتفِعُ قال: فأرسل رسول الله ﷺ إلى حسّان بن ثابت، فانطلّق إليه الرّسول، فقال: وما تريد منّي وكنت عنده؟ قال: جاءت بنو تميم بشاعرهم، وخطيبهم، فأمر رسول الله ﷺ ثابت بن قيس، فأجابه، وتكلّم شاعرهم، فأرسل إليك لتجيبه. وذكر له قول شاعرهم. قال: فجاء حسّان، فأمره رسول الله ﷺ أن يجيبه، فقال: يا رسول الله، مُره فليُسمعني ما قال. فقال النبي ﷺ: «أسْمِعه ما قلتَ». فأنشده ما قال، فقال حسّان: إنّ الذوائب من فِهْرٍ وإخوتهم قد شرَّعوا سنّة للنّاس تُتَّبع يرضى بها كلُّ مَن كانت سريرته تقوى الإله وكلّ الخير يُصطنع ثمّ قال حسّان: نصرنا رسولَ الله والدِّينَ عَنْوَةً على رَغْمِ عاتٍ مِن مَعَدٍّ وحاضرِ بِضَربٍ كإيزاع المخاض مُشاشَهُ وطعنٍ كأفواه اللِّقاح الصَّوادرِ وسَلْ أُحُدًا يَوْم استقلَّت شِعابُهُ بضربٍ لنا مثل اللُّيُوثِ الخوادرِ ألَسْنا نخوض الموتَ في حَوْمَةِ الوَغى إذا طاب وِرْدُ الموتِ بينَ العساكرِ ونضربُ هامَ الدّارعِين ونَنتَمِي إلى حَسَبٍ مِن جِذْمِ غَسّانَ قاهِرِ فَلوْلا حَياءُ اللهِ قُلنا تَكَرُّمًا على النّاسِ بِالخِيفَيْنِ: هَل مِن مُنافِرِ؟ فأحياؤُنا مِن خَيرِ مَن وطِئَ الحصى وأمواتنا مِن خَيْر أهل المقابِرِ قال: فقام الأقرع بن حابس، فقال: إنّي -واللهِ- لقد جئتُ لأمرٍ ما جاء له هؤلاء، وإنّي قد قلتُ شِعرًا، فاسمعه منّي. فقال: «هات». فقال: أتيناك كَيما يعرف الناسُ فضلَنا إذا خالفونا عند ذكر المكارمِ وإنّا رؤوس الناس من كلّ مَعشرٍ وأن ليس في أرض الحجاز كَدارمِ وإنّ لنا المرباعُ في كلّ غارةٍ تكون بنجدٍ أو بأرض التهائمِ فقال رسول الله ﷺ: «قم، يا حسّان، فأجبه». فقام حسّان، فقال: بني دارم لا تفخروا إنّ فخركم يعود وبالًا بعد ذكر المكارمِ هبَلْتُم علينا تفخرون وأنتمُ لنا خَوَلٌ من بين ظئرٍ وخادمِ فقال رسول الله ﷺ: «لقد كنتَ غنيًّا -يا أخا دارم- أن يُذكَر منك ما قد ظننتَ أنّ الناس قد نسوه». قال: فكان قول رسول الله ﷺ أشدّ عليهم من قول حسّان. ثمّ رجع حسّان إلى شعره. فقال: كأفضل ما نلتم من المجد والعلى ... رَدافتنا من بعد ذكر الأكارمِ فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم ... وأموالكم أن تُقسموا في المقاسمِ فلا تجعلوا لله نِدًّا وأسلموا ... ولا تفخروا عند النبيّ بِدارمِ وإلّا وربِّ البيت مالَتْ أكُفُّنا ... على هامكم بالمرهَفات الصوارمِ قال: فقام الأقرع بن حابس، فقال: إنّ محمّدًا المولى، إنه -والله- ما أدري ما هذا الأمر! تكلّم خطيبنا، فكان خطيبهم أحسن قولًا، وتكلّم شاعرنا، فكان شاعرهم أشعر، وأحسن قولًا! ثمّ دنا من النبيّ ﷺ، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسوله. فقال له النبيّ ﷺ: «ما يضرّك ما كان قبل هذا». ثمّ أعطاهم رسول الله ﷺ، وكساهم، وقد كان يخلف في رِكابهم عمرو بن الأهتم، وكان قيس بن عاصم يبغضه لحداثة سنه، فأعطاه رسول الله مثل ما أعطى القوم، فأزرى به قيس، وقال فيه أبيات شعر، وارتفعت الأصوات، وكثر اللّغط عند رسول الله ﷺ؛ فأنزل الله تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ إلى قوله: ﴿وأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾[[أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ١/٣٣٦-٣٣٩ (١٠٥٦)، والثعلبي ٩/٧٣-٧٥، والواحدي في أسباب النزول ص ٣٨٨-٣٩٠، من طريق معلى بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر بن عمر بن الحكم، عن جابر به. إسناده تالف؛ فيه معلّى بن عبد الرحمن الواسطي، قال عنه ابن حجر في التقريب (٦٨٠٥): «متّهم بالوضع، وقد رُمِي بالرفض».]]. (ز)
٧١٦١٢- عن زيد بن أرقم -من طريق أبي مسلم البَجَلِي- قال: اجتمع ناسٌ مِن العرب، فقالوا: انطلِقوا إلى هذا الرجل، فإن يكُ نبيًّا فنحنُ أسعد الناس به، وإن يكُ ملِكًا نعش بجناحه. فأتيتُ النبيَّ ﷺ، فأخبرتُه بما قالوا، فجاءوا إلى حجرته، فجعلوا ينادونه: يا محمد، يا محمد. فأنزل الله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾. فأخذ رسول الله ﷺ بأُذُني، وجعل يقول: «لقد صدّق الله قولك، يا زيد، لقد صدّق الله قولك، يا زيد»[[أخرجه الطبراني في الكبير ٥/٢١٠ (٥١٢٣)، وابن عساكر في تاريخه ١٩/٢٧٢ (٤٤٤٦)، وابن جرير ٢١/٣٤٥-٣٤٦، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/٣٦٩-. قال الهيثمي في المجمع ٧/١٠٨ (١١٣٥٠): «رواه الطبراني، وفيه داود بن راشد الطفاوي، وثّقه ابن حبان، وضعّفه ابن معين، وبقيّة رجاله ثقات». وقال السيوطي: «سند حسن».]]. (١٣/٥٤٠)
٧١٦١٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر-: أنّ رجلًا جاء إلى النبيِّ ﷺ، فقال: يا محمد، إن مَدْحي زَيْنٌ، وإنّ شَتمي شَيْنٌ. فقال ﷺ: «ذاك هو الله». فنَزَلتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾ الآية[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٣١، وابن جرير ٢١/٣٤٧. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (١٣/٥٤٠)
٧١٦١٤- قال محمد بن السّائِب الكلبي: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾ الآية، بلَغَنا: أنّ ناسًا مِن بني العنبر، وكان رسول الله وأصحابُه قد أصابوا مِن ذراريهم، فأقبلوا ليقادوهم، فقدِموا المدينة ظُهرًا، فإذا هم بذراريهم عند باب المسجد، فبكى إليهم ذراريهم، فنهضوا، فدخلوا المسجد، وعَجِلوا أن يخرج إليهم النبي، فجعلوا يقولون: يا محمد، اخرج إلينا[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٢٦١-.]]. (ز)
٧١٦١٥- قال مقاتل بن سليمان، في قوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾: نَزَلتْ في تسعة رهطٍ؛ ثمانية منهم من بني تميم، ورجل من قيس، فمنهم الأقرع بن حابس المُجاشعي، وقيس بن عاصم المِنقَرِيُّ، والزِّبْرِقان بن بدر ...، وخالد بن مالك، وسويد بن هشام النَّهْشَلِيين، والقعقاع بن مَعْبَد، وعطاء بن حابس، ووكيع بن وكيع مِن بني دارم، وعُيينة بن حِصن الفزاري، وذلك أنّ النبي ﷺ أصاب طائفة مِن ذراري بني العنبر، فقدموا المدينة في الظهيرة لفداء ذراريهم، فتذكّروا ما كان مِن أمرهم، فبكت الذراري إليهم، فنهضوا إلى المسجد والنبيُّ ﷺ في منزله، فاستعجلوا الباب لَمّا أبطأ عليهم النبي ﷺ، فنادى أكثرهم مِن وراء الحجرات: يا محمد -مرتين- ألا تخرج إلينا؛ فقد جئنا في الفداء. فقال النبي ﷺ: «ويلك، مالك حداك المنادي؟». فقال: أما -واللهِ- إنّ حَمْدي لك زَيْنٌ، وإنّ ذمّي لك شَيْنٌ. فقال النبي ﷺ: «ويلكم، ذلكم الله تعالى». فلم يصبروا حتى يخرج إليهم ﷺ، فذلك قوله: ﴿ولَوْ أنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٩١-٩٢.]]. (ز)
٧١٦١٦- قال محمد بن إسحاق: نَزَلتْ في جُفاة بني تميم، قدِم وفدٌ منهم على النبي ﷺ، فدخلوا المسجد، فنادوا النبيَّ ﷺ مِن وراء حجرته: أنِ اخرج إلينا، يا محمد، فإنّ مَدْحنا زَيْنٌ، وإنّ ذمّنا شَيْنٌ. فآذى ذلك مِن صياحهم النبي ﷺ، فخرج إليهم، فقالوا: إنّا جئناك -يا محمد- نفاخرك. ونزل فيهم: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾، وكان فيهم الأقرع بن حابس، وعُيينة بن حِصن، والزِّبْرِقان بن بدر، وقيس بن عاصم[[أسباب النزول للواحدي (ت: الفحل) ص٦١٤.]]. (ز)
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یُنَادُونَكَ مِن وَرَاۤءِ ٱلۡحُجُرَ ٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ ٤﴾ - تفسير
٧١٦١٧- عن سعد بن عبد الله -من طريق يعلى بن الأشدق- أنّ النبيَّ ﷺ سُئِل عن قوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾. قال: «هم الجُفاة مِن بني تميم، لولا أنهم مِن أشدّ الناس قتالًا للأعور الدَّجّال لدعوتُ الله عليهم أن يُهلِكهم»[[أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ٣/١٢٩٠-١٢٩١ (٣٢٤٣)، والثعلبي ٩/٧٧، من طريق يعلى بن الأشدق، ثنا سعد بن عبد الله به. قال أبو نعيم: «غريب، لا يُعرف إلا من هذا الوجه». وقال ابن حجر في الإصابة ٣/٥٧ (٣١٨١): «يعلى متروك الحديث».]]. (١٣/٥٤٢)
٧١٦١٨- عن البَراء بن عازب -من طريق أبي إسحاق- في قوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾، قال: جاء رجل، فقال: يا محمد، إنّ حَمْدي زَيْنٌ، وإنّ ذَمّي شَيْنٌ. فقال النبيُّ ﷺ: «ذاك الله»[[أخرجه الترمذي ٥/٤٦٨-٤٦٩ (٣٥٥٠)، وابن جرير ٢١/٣٤٥. قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب». وقال ابن كثير في البداية والنهاية ٧/٢٤٤ عن رواية ابن جرير: «وهذا إسناد جيد متصل».]]. (١٣/٥٣٩)
٧١٦١٩- عن سعيد بن جُبير -من طريق ابن جُرَيْج-: أنّ تميميًّا ورجلًا مِن بني أسد بن خزيمة استَبّا، فقال الأسدي: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾ أعراب بني تميم. فقال سعيد: لو كان التميميُّ فقيهًا! إنّ أوّلها في بني تميم، وآخرها في بني أسَد[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٣/٥٤١)
٧١٦٢٠- عن سعيد بن جُبير -من طريق قتادة- قال: قال رجل مِن بني أسَد لرجل من بني تميم، وتلا هذه الآية: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ﴾ بنو تميم ﴿لا يَعْقِلُونَ﴾. فلما قام التميميُّ وذهب قال سعيد بن جُبير: إنّ التميميَّ لو يعلم ما أُنزل في بني أسَد لتكلّم. قلنا: ما أُنزل فيهم؟ قال: جاءوا إلى النبيّ ﷺ، فقالوا: إنّا قد أسلمنا طائعين، وإنّ لنا حقًّا. فأنزل الله: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أنْ أسْلَمُوا﴾ الآية [الحجرات:١٧][[عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (١٣/٥٤١)
٧١٦٢١- عن حبيب بن أبي عَمرة، قال: كان بيني وبين رجل من بني أسَد كلام، فقال الأسدي: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾ بني تميم ﴿أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾. فذكرتُ ذلك لسعيد بن جُبير، فقال: أفلا تقول لبني أسَد: قال الله: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أنْ أسْلَمُوا﴾ [الحجرات:١٧]. قالوا: العرب لم تُسلم حتى قُوتِلت، ونحن أسْلَمنا بغير قتال. فأنزل الله هذا فيهم[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٤٧ بنحوه. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٣/٥٤١)
٧١٦٢٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾، قال: أعراب مِن بني تميم[[تفسير مجاهد ص٦١٠، وأخرجه ابن جرير ٢١/٣٤٦-٣٤٧، والبيهقي في شعب الإيمان (١٥١٦). وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (١٣/٥٤٢)
٧١٦٢٣- عن قتادة بن دعامة: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِن وراءِ الحُجُراتِ﴾، يعني: أعراب تميم، حيث نادوا: يا محمّد، اخرج علينا، فإنّ مَدْحنا زَيْنٌ، وذمّنا شَيْنٌ[[تفسير الثعلبي ٩/٧٦.]]. (ز)
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُوا۟ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَیۡهِمۡ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ٥﴾ - تفسير
٧١٦٢٤- عن الحسن البصري، قال: قال الله: ﴿ولَوْ أنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم، فعظّموك ووقّروك؛ لكان لهم خيرًا[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٢٦١-.]]. (ز)
٧١٦٢٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولَوْ أنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ يعني: بالخير، لو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لأطلقتهم مِن غير فداء، ﴿واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لقولهم: يا محمد، ألا تخرج إلينا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٩٢.]]. (ز)
﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُوا۟ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَیۡهِمۡ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ٥﴾ - آثار متعلقة بالآية
٧١٦٢٦- عن الحسن البصري -من طريق حُريث بن السائب- قال: كنت أدخل بيوت أزواج النبيِّ ﷺ في خِلافة عثمان بن عفان، فأتناول سقفها بيدي[[أخرجه ابن سعد ١/٥٠٠-٥٠١، والبخاري في الأدب (٤٥٠)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٧٣٤). وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا.]]. (١٣/٥٤٤)
٧١٦٢٧- عن عطاء الخُراسانيّ، قال: أدركت حُجَر أزواج رسول الله ﷺ مِن جَريد النَّخل، على أبوابها المُسُوح مِن شَعر أسود، فحضرتُ كتاب الوليد بن عبد الملك يُقرأ؛ يأمر بإدخال حُجَر أزواج رسول الله ﷺ في مسجد رسول الله ﷺ، فما رأيتُ يومًا أكثر باكيًا مِن ذلك اليوم،= (ز)
٧١٦٢٨- فسمعتُ سعيد بن المسيّب يقول يومئذ: واللهِ، لودِدتُ أنّهم تركوها على حالها، ينشأ ناسٌ مِن أهل المدينة، ويقدم القادم مِن أهل الأُفُق فيرى ما اكتفى به رسول الله في حياته، فيكون ذلك مما يُزَهِّد الناسَ في التكاثر والتفاخر فيها. = (ز)
٧١٦٢٩- وقال يومئذ أبو أُمامة بن سهل بن حنيف: لَيْتها تُرِكَتْ فلم تُهدم حتى يُقْصِر الناس عن البناء، ويرون ما رضي الله لنبيّه، ومفاتيح خزائن الدنيا بيده[[أخرجه ابن سعد ١/٤٩٩-٥٠٠.]]. (١٣/٥٤٤)
٧١٦٣٠- عن داود بن قيس، قال: رأيتُ الحُجُرات مِن جَريد النَّخل مُغَشًّى مِن خارجٍ بمُسوح الشَّعر، وأظنّ عَرضَ البيت مِن باب الحُجرة إلى باب البيت نحوًا مِن ستّة أو سبعة أذرع، وأحزِر البيت الداخل عشرة أذْرُع، وأظنّ سُمْكه بين الثمان والسبع[[أخرجه البخاري في الأدب (٤٥١)، والبيهقي (١٠٧٣٥). وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا.]]. (١٣/٥٤٤)
٧١٦٣١- عن سفيان [بن عُيينة] -من طريق ابن أبي عمر- قال: حدّثنا كوفيٌّ لنا وامرأةٌ أنّ حُجَرَ أزواج النبي ﷺ مِن وراء الحجاب، قال: رأيتُها جريدًا، ثم جُعِل عليها شِيح. قال سفيان: كانت العرب لا تتخذ الحُجَر إلا الشريف منهم. قال سفيان: جاء شبيب بن شيبة الأهتمي إلى الأعمش، فصاح به: ياسليمان، اخرج إلينا. فلما خرج قال شبيب[[كذا في المصدر، ولعله: لشبيب.]]: ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون﴾[[أخرجه إسحاق البستي ص٣٨٦.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.