الباحث القرآني

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ ۝٢﴾ - نزول الآية

٧١٥٧٤- عن عبد الله بن مسعود، في قوله: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ الآية، قال: نَزَلتْ في ثابت بن قيس بن شَمّاس[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٣/٥٣٧)

٧١٥٧٥- عن أنس بن مالك -من طريق ثابت- قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ إلى قوله: ﴿وأنتم لا تشعرون﴾ وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت، فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ﷺ، حبط عملي، أنا مِن أهل النار. وجلس في أهله حزينًا، فتفقَّده رسولُ الله ﷺ، فانطلق بعضُ القوم إليه، فقالوا له: تفقَّدك رسولُ الله ﷺ، ما لك؟ فقال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي، وأجهر بالقول، حبط عملي، وأنا من أهل النار. فأتوا النبيَّ ﷺ، فأخبروه بما قال، فقال: «لا، بل هو من أهل الجنّة». قال أنس: وكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس وقد تحنَّط ولبس كفنه، فقال: بئسما تُعوِّدون أقرانكم. فقاتلهم حتى قتل[[أخرجه أحمد ١٩/٤٦٢ (١٢٣٩٩)، ومسلم ١/١١٠ (١١٩) بنحوه.]]. (١٣/٥٣٢)

٧١٥٧٦- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق أيوب-، نحو ذلك[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٤١.]]. (ز)

٧١٥٧٧- عن عبد الله بن الزبير -من طريق ابن أبي مُلَيْكَة-: أنّ الأقرع بن حابس قدِم على النبيّ ﷺ، فقال أبو بكر: يا رسول الله، استَعمِلْه على قومه. فقال عمر: لا تستَعمِله، يا رسول الله. فتكلّما عند النبيِّ ﷺ حتى ارتفعتْ أصواتُهما، فقال أبو بكر لعمر: ما أردتَ إلا خلافي. قال: ما أردتُ خلافك. فنَزَلتْ هذه الآية: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾، فكان عمر بعد ذلك إذا تكلّم عند النبيِّ ﷺ لم يَسمَع كلامَه حتى يَستفهمه[[أخرجه الترمذي ٥/٤٦٨ (٣٥٤٩)، وابن جرير ٢١/٣٤٢، والثعلبي ٩/٧٠. قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مُلَيْكة مرسلًا، ولم يذكر فيه عن عبد الله بن الزبير». والحديث أخرجه البخاري، كما في التالي.]]. (١٣/٥٣٠)

٧١٥٧٨- عن ابن أبي مُلَيْكَة، قال: كاد الخيِّران أن يَهلِكا؛ أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبيِّ ﷺ حين قدم عليه رَكْبُ بني تميم، فأشار أحدُهما بالأقرع بن حابس، وأشار الآخرُ برجل آخر، فقال أبو بكر لعمر: ما أردتَ إلا خلافي. قال: ما أردتُ خلافك. فارتفعت أصواتهما في ذلك؛ فأنزل الله: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسْمِع رسولَ الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يَستفهمه[[أخرَجه البخاري (٤٨٤٥، ٧٣٠٢)، والطبراني (٢٧٦- قطعة من الجزء ١٣). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]٦٠٨٦. (١٣/٥٢٩)

٦٠٨٦ قال ابنُ عطية (٨/٥٢٠): «روي أن سببها كلام أبي بكر وعمر ﵄ المتقدم في أمر الأقرع والقعقاع، والصحيح أنها نَزَلتْ بسبب عادة الأعراب مِن الجفاء، وعلو الصوت، والعُنجهيَّة». ولم يذكر مستندًا.

٧١٥٧٩- عن الحسن البصري -من طريق المبارك بن فَضالة- قال: أتى أعرابيٌّ إلى النبي ﷺ مِن وراء حُجرته، فقال: يا محمد، يا محمد. فخرج إليه النبيُّ ﷺ، فقال: «ما لك؟ ما لك؟». فقال: تعلم، إنّ مَدْحي لَزَيْنٌ، وإنّ ذَمّي لَشَيْنٌ. فقال النبي ﷺ: «ذاكم الله». فنَزَلتْ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٤٧-٣٤٨.]]. (ز)

٧١٥٨٠- قال الحسن البصري: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ الآية: أنّ ناسًا من المنافقين كانوا يأتون النبيَّ، فيرفعون أصواتهم فوق صوته، يريدون بذلك أذاه والاستخفاف به، فنسبهم إلى ما أُعطوا مِن الإيمان في الظاهر، فقال: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٢٦٠-.]]. (ز)

٧١٥٨١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: كانوا يَجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم؛ فأنزل الله: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٣٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٣/٥٣١)

٧١٥٨٢- قال مقاتل بن سليمان: نَزَلتْ هذه الآية في ثابت بن قيس بن شَمّاس الأنصاري، مِن بني الحارث بن الخزرج، وكان في أُذُنيه وقْر، وكان إذا تكلَّم عند النبي ﷺ رفع صوته، ثم قال: ﴿ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ﴾، وفيه نَزَلتْ هذه الآية: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور:٦٣]، يقول: لا تَدْعُوه باسمه: يا محمد، ويا ابن عبد الله[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٨٩-٩٠.]]. (ز)

٧١٥٨٣- عن شِمْرِ بن عطية -من طريق حفص- قال: جاء ثابت بن قيس بن شَمّاس إلى النبيّ ﷺ وهو محزون، فقال: «يا ثابت، ما الذي أرى بك؟». قال: آية قرأتُها الليلة، فأخشى أن يكون قد حبِط عملي: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا فَوْقَ تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾. وكان في أُذنه صمم، فقال: يا نبي الله، أخشى أن أكون قد رفعتُ صوتي، وجهَرتُ لك بالقول، وأن أكون قد حبِط عملي وأنا لا أشعر. فقال النبي ﷺ: «امشِ على الأرض نشيطًا؛ فإنك من أهل الجنّة»[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٤٠.]]. (١٣/٥٣٤)

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ ۝٢﴾ - تفسير الآية

٧١٥٨٤- عن أبي بكر الصِّدِّيق -من طريق طارق بن شهاب- قال: لَمّا نَزَلتْ هذه الآية: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ قلت: يا رسول الله، واللهِ، لا أُكلّمك إلا كأخي السِّرار[[كأخي السرار: لخفض صوته. النهاية (سرر).]][[أخرجه ابن مردويه -كما في الفتح ٨/٥٩١-، والبزار (٥٦)، وابن عدي ٢/٨٠٣، والحاكم ٣/٧٤. قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/١٠٨: «فيه حصين بن عمر الأحمسي، وهو متروك، وقد وثقه العجلى، وبقية رجاله رجال الصحيح». وأخرجه إسحاق البستي ص٣٨٤ عن محمد بن إبراهيم التيمي، موقوفًا عليه.]]. (١٣/٥٣٠)

٧١٥٨٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾، قال: لا تنادوه نداءً، ولكن قولوا قولًا ليّنًا: يا رسول الله[[تفسير مجاهد ص٦١٠، وأخرجه ابن جرير ٢١/٣٣٨، والبيهقي في شعب الإيمان (١٥١٦)، وأخرجه إسحاق البستي بنحوه ص٣٨٢ من طريق ابن جريج. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر.]]. (١٣/٥٣١)

٧١٥٨٦- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد- يقول في قوله: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ الآية: هو كقوله: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور:٦٣]، نهاهم الله أن ينادوه كما ينادي بعضهم بعضًا، وأمرهم أن يُشَرِّفوه ويعظِّموه، ويَدْعوه إذا دَعَوه باسم النبوة[[أخرجه ابن جرير ٢١/٣٣٩.]]. (ز)

٧١٥٨٧- قال الحسن البصري: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾، يقول: لا تقولوا: يا محمد، وقولوا: يا رسول الله، ويا نبي الله ﴿أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ﴾[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٢٦٠-.]]. (ز)

٧١٥٨٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله تعالى: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾، قال: كانوا يرفعون ويجهرون عند النبي عليه الصلاة والسلام، فوُعِظوا، ونُهوا عن ذلك[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٣١، وابن جرير ٢١/٣٣٩.]]. (ز)

٧١٥٨٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ يعني: كلامكم ﴿فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ يعني: فوق كلام النبي ﷺ، يقول: احفظوا الكلام عنده؛ ﴿كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾ يقول: كما يدعو الرجل منكم باسمه: يا فلان، ويا ابن فلان، ولكن عظِّموه ووقِّروه وفخِّموه، وقولوا له: يا رسول الله، ويا نبي الله. يؤدّبهم ﴿أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ﴾ يعني: أن تبطل حسناتكم إن لم تحفظوا أصواتكم عند النبي ﷺ، وتعظِّموه، وتوقِّروه، وتَدْعوه باسم النبوة، فإنه يحبط أعمالكم ﴿وأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ أنّ ذلك يحبطها[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٨٩-٩٠.]]٦٠٨٧. (ز)

٦٠٨٧ قال ابنُ عطية (٨/٨): «قوله تعالى: ﴿أن تحبط﴾ مفعول من أجله، أي: مخافة أن تحبط. والحبط: إفساد العمل بعد تقرره، يقال: حبِط -بكسر الباء-، وأحبطه الله، وهذا الحبط إن كانت الآية معرِّضة بمن يفعل ذلك استخفافًا واستحقارًا وجرأةً فذلك كفر، والحبط معه على حقيقته. وإن كان التعريض للمؤمن الفاضل الذي يفعل ذلك غفلةً وجريًا على طبْعه، فإنما يحبط عمله البرَّ في توقير النبي ﷺ وغضّ الصوت عنده إن لو فعل ذلك، فكأنه قال: أن تحبط الأعمال التي هي معدَّة أن تعملوها فتؤجروا عليها. ويحتمل أن يكون المعنى: أن تأثموا ويكون ذلك سببًا إلى الوحشة في نفوسكم، فلا تزال معتقداتكم تتجرد القهقرى حتى يؤول ذلك إلى الكفر فيُحبط الأعمالَ حقيقة. وظاهر الآية أنها مخاطبة لفضلاء المؤمنين الذين لا يفعلون ذلك احتقارًا، وذلك أنه لا يقال لمنافق يعمل ذلك جرأة: وأنت لا تشعر. لأنه ليس له عمل يعتقده هو عملًا».

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰ⁠تَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ ۝٢﴾ - آثار متعلقة بالآية

٧١٥٩٠- عن سليمان بن حرب، يقول: كان حمّاد بن زيد إذا حدّث عن رسول الله ﷺ فسمع الناس يتكلّمون كفّ، ويقول: أخاف أن ندخُل في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾.= (ز)

٧١٥٩١- قال سليمان: فذكرته لابن عُيَينة، فأعجبه[[أخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٣/٥٢٢، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة ٢/٦٧١.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب