الباحث القرآني
﴿سَیَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَاۤ أَمۡوَ ٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ یَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَیۡسَ فِی قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرَۢا ١١﴾ - نزول الآية، وتفسيرها
٧١١٧٤- قال عبد الله بن عباس: يعني: أعراب غِفار، ومُزينة، وجُهَينة، وأشْجَع، وأسْلَم، وذلك أنّ رسول الله ﷺ حين أراد المسير إلى مكة عام الحُدَيبية معتمرًا استنفر مَن حول المدينة مِن الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه؛ حذَرًا مِن قريش أن يعرضوا له بحرب، أو يصدّوه عن البيت، فأحرم بالعمرة، وساق معه الهَدْي؛ ليُعلِم الناس أنه لا يريد حربًا، فتثاقل عنه كثيرٌ مِن الأعراب، وتخلّفوا، واعتلّوا بالشّغل؛ فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إنْ أرادَ بِكُمْ ضَرًّا﴾[[تفسير البغوي ٧/٣٠٠-٣٠١.]]. (ز)
٧١١٧٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿سَيَقُولُ لَكَ المُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرابِ﴾، قال: أعراب المدينة؛ جُهَينة ومُزينة، استتبعهم لخروجه إلى مكة، فقالوا: نذهب معه إلى قومٍ جاءوه فقتلوا أصحابَه، فنقاتلهم في ديارهم! فاعتلّوا له بالشّغل ...[[تفسير مجاهد ص٦٠٧، وأخرجه ابن جرير ٢١/٢٥٧، والبيهقي ٤/١٦٤-١٦٥. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر.]]. (١٣/٤٧٥)
٧١١٧٦- قال الحسن البصري: ﴿شَغَلَتْنا أمْوالُنا وأَهْلُونا﴾ خِفنا عليهم الضّيعة، فذلك الذي منَعنا أن نكون معك في الجهاد[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/٢٥٢-.]]. (ز)
٧١١٧٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿سَيَقُولُ لَكَ المُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرابِ﴾ مخافة القتال، وهم مُزينة، وجُهَينة، وأسْلَم، وغِفار، وأشْجَع: ﴿شَغَلَتْنا أمْوالُنا وأَهْلُونا﴾ في التخلّف، وكانت منازلهم بين مكة والمدينة؛ ﴿فاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ يعني: يتكلّمون بألسنتهم ﴿ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ مِن أمْر الاستغفار، لا يبالون استغفر لهم النبي ﷺ أم لا، ... وذلك أنّ النبي ﷺ مرّ بهم، فاستنفرهم، فقال بعضهم لبعض: إنّ محمدًا وأصحابه أكلة رأس لأهل مكة، لا يرجع هو وأصحابه أبدًا، فأين تذهبون؟! أتقتلون أنفسكم؟! انتظروا حتى تنظروا ما يكون من أمْره. فأنزل الله ﷿ لقولهم له: ﴿شَغَلَتْنا أمْوالُنا وأَهْلُونا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٧١.]]. (ز)
﴿قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرَۢا ١١﴾ - قراءات
٧١١٧٨- عن الأعمش: في قراءة عبد الله [بن مسعود]: (إنْ أرادَ بِكُمْ ضَرًّا أوْ أرادَ بِكُمْ رَحْمَةً)[[أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ١/٣٣٦. وهي قراءة شاذة.]]. (ز)
﴿قُلۡ فَمَن یَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرَۢا ١١﴾ - تفسير الآية
٧١١٧٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد: ﴿فَمَن يَمْلِكُ﴾ يعني: فمَن يقدر ﴿لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ نظيرها في الأحزاب[[لعله يشير إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ مَن ذا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إنْ أرادَ بِكُمْ سُوءًا أوْ أرادَ بِكُمْ رَحْمَةً ولا يَجِدُونَ لَهُمْ مِن دُونِ اللَّهِ ولِيًّا ولا نَصِيرًا﴾ [الأحزاب:١٧].]]، ﴿إنْ أرادَ بِكُمْ ضَرًّا﴾ يعني: الهزيمة، ﴿أوْ أرادَ بِكُمْ نَفْعًا﴾ يعني: الفتْح والنصر، يعني: حين يقول: فمن يملك دفْع الضّر عنكم، أو منْع النَّفع غير الله؟! بل الله يملك ذلك كلّه، ثم استأنف: ﴿بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ في تخلُّفكم وقولكم: إنّ محمدًا وأصحابه كُلّفوا شيئًا لا يطيقونه، ولا يرجعون أبدًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٧١.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.