الباحث القرآني
﴿وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا فِیۤ أَكِنَّةࣲ مِّمَّا تَدۡعُونَاۤ إِلَیۡهِ وَفِیۤ ءَاذَانِنَا وَقۡرࣱ وَمِنۢ بَیۡنِنَا وَبَیۡنِكَ حِجَابࣱ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَـٰمِلُونَ ٥﴾ - تفسير
٦٨٢٩٢- عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن عمر- في قوله: ﴿وقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ﴾ الآية، قال: أقبلتْ قريشُ إلى النبي ﷺ، فقال لهم: «ما يمنعكم من الإسلام؛ فتسُودوا العرب؟». فقالوا: يا محمد، ما نفقه ما تقول، ولا نسمعه، وإنّ على قلوبنا لغُلْفًا. وأخذ أبو جهل ثوبًا، فمدّه فيما بينه وبين النبي ﷺ، فقال: يا محمد، ﴿قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ وفِي آذانِنا وقْرٌ ومِن بَيْنِنا وبَيْنِكَ حِجابٌ﴾. فقال لهم النبيُّ ﷺ: «أدعوكم إلى خَصلتين: أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني رسول الله». فلما سمعوا شهادة أن لا إله إلا الله ﴿ولَّوْا عَلى أدْبارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء:٤٦]، وقالوا: ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾ [ص:٥]. وقال بعضهم لبعض: ﴿امْشُوا واصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إنَّ هَذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهَذا فِي المِلَّةِ الآخِرَةِ إنْ هَذا إلّا اخْتِلاقٌ أأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ [ص:٦-٨]. فهبط جبريل، فقال: يا محمد، إنّ الله يقرئك السلام، ويقول: أليس يزعم هؤلاء أن على قلوبهم أكِنّة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقْر، فليس يسمعون قولك؟! كيف ﴿وإذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْآنِ وحْدَهُ ولَّوْا عَلى أدْبارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء:٤٦]، لو كان كما زعموا لم ينفروا، ولكنهم كاذبون، يسمعون ولا ينتفعون بذلك كراهية له. فلما كان من الغَد أقبل منهم سبعون رجلًا إلى النَّبِيّ ﷺ، فقالوا: يا محمد، اعْرض علينا الإسلام. فلما عرض عليهم الإسلام أسلموا عن آخرهم، فتبسم النبيُّ ﷺ، فقال: «الحمد الله، بالأمس تزعمون أنّ على قلوبكم غُلفًا، وقلوبكم في أكِنّة مما ندعوكم إليه، وفي آذانكم وقْرًا، وأصبحتم اليوم مسلمين». فقالوا: يا رسول الله، كذبنا -واللهِ- بالأمس، لو كان كذلك ما اهتدينا أبدًا، ولكن الله الصادق، والعباد الكاذبون عليه، وهو الغني، ونحن الفقراء إليه[[عزاه السيوطي إلى أبي سهل السري بن سهل الجنديسابوري في حديثه.]]. (١٣/٨٦)
٦٨٢٩٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿وقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ﴾، قالوا: كالجَعبة للنبل[[تفسير مجاهد ص٥٨٥، وأخرجه عبد الرزاق ٢/١٨٣ من طريق ابن جريج، وابن جرير ٢٠/٣٧٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٣/٨٦)
٦٨٢٩٤- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد- في قوله -جلَّ ذِكْرُه-: ﴿في أكنة﴾، يعني: الغطاء على القلب[[أخرجه إسحاق البستي ص٢٨٨.]]. (ز)
٦٨٢٩٥- عن إسماعيل السُّدّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿وقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنَّة﴾ قال: عليها أغطية، ﴿وفِي آذانِنا وقْرٌ﴾ قال: صمَم[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٣٧٧.]]. (ز)
٦٨٢٩٦- عن محمد بن قيس -من طريق أبي معشر- في قوله: ﴿وقالوا قلوبنا في أكنة﴾، قال: قالت قريشٌ لرسول الله ﷺ: إنّ ما تقول حقٌّ، واللهِ، إنّ قلوبنا لَفي أكِنّة منه ما نعقله، وفي آذاننا وقْر فما نسمعه، ومِن بيننا وبينك حجاب فما ندري ما تقول[[أخرجه ابن إسحاق في سيرته ص١٣٣.]]. (ز)
٦٨٢٩٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ﴾، وذلك أن أبا جهل بن هشام، وأبا سفيان بن حرب، وعُتبة وشيبة ابنا ربيعة، دخلوا على عليِّ بن أبي طالب ورسول الله ﷺ عنده، فقال لهم رسول الله ﷺ: «قولوا: لا إله إلا الله». فشقّ ذلك عليهم، ﴿وقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ﴾ يقولون: عليها الغطاء؛ فلا تَفْقَه ما تقول، ﴿وفِي آذانِنا وقْرٌ﴾ يعني: ثِقَلٌ؛ فلا تسمع ما تقول. ثم إن أبا جهل بن هشام جعل ثوبه بينه وبين النبي ﷺ، ثم قال: يا محمد، أنت من ذلك الجانب، ونحن من هذا الجانب، ﴿ومِن بَيْنِنا وبَيْنِكَ حِجابٌ﴾ يعني: سِتر، وهو الثوب الذي رفعه أبو جهل، ﴿فاعْمَلْ﴾ يا محمد لإلهك الذي أرسلك، ﴿إنَّنا عامِلُونَ﴾ لآلهتنا التي نعبدها[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٧٣٥-٧٣٦.]]٥٧٢٥. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.