الباحث القرآني

﴿وَلَا تُؤۡتُوا۟ ٱلسُّفَهَاۤءَ أَمۡوَ ٰ⁠لَكُمُ ٱلَّتِی جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِیَـٰمࣰا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِیهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا ۝٥﴾ - نزول الآية

١٦١٥٤- عن حضرمي -من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه-: أنّ رجلًا عَمِد فدَفَع مالَه إلى امرأته، فوضعَتْهُ في غير الحقِّ؛ فقال الله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٣.]]. (٤/٢٢٨)

﴿وَلَا تُؤۡتُوا۟ ٱلسُّفَهَاۤءَ أَمۡوَ ٰ⁠لَكُمُ﴾ - تفسير

١٦١٥٥- عن أبي موسى، عن النبي ﷺ، قال: «ثلاثةٌ يَدْعُون اللهَ فلا يستجيبُ لهم: رجلٌ كانت تحته امرأةٌ سَيِّئَةُ الخُلُقِ فلم يُطَلِّقْها، ورجلٌ كان له على رجل مالٌ فلم يُشْهِد عليه، ورجلٌ أتى سفيهًا مالَه وقد قال الله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾»[[أخرجه الحاكم ٢/٣٣١ (٣١٨١)، وابن جرير ٦/٣٩٢، وابن المنذر ٢/٥٦٤ (١٣٥٨). وأورده الثعلبي ٣/٢٥٢. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه». وتابعه الذهبي. وقال المناوي في فيض القدير ٣/٣٣٦ (٣٥٥٤): «هو مع نكارته إسناده نظيف». وقال الألباني في الصحيحة ٤/٤٢٠ (١٨٠٥): «صحيح».]]. (٤/٢٣١)

١٦١٥٦- عن أبي موسى الأشعري، موقوفًا[[أخرجه ابن أبي شيبة ٤/٣٠٩، ٦/٩٧، وابن جرير ٦/٣٩٢، وابن المنذر ٢/٥٦٤.]]. (٤/٢٣١)

١٦١٥٧- عن عبد الله بن مسعود -من طريق السدي- ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾، قال: النساء، والصبيان[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٨٩، وابن المنذر ٢/٥٦٢. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (٤/٢٣٠)

١٦١٥٨- عن أبي هريرة -من طريق معاوية بن قُرَّة- ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾، قال:الخدم، وهم شياطين الإنس[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (٤/٢٢٩)

١٦١٥٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ الآية، يقول: لا تعمد إلى مالك وما خوَّلَّك اللهُ وجعلَهُ لك عِيشَةً، فتعطيه امرأتَك أو بنيك؛ ثم تُضطرَّ إلى ما في أيديهم، ولكن أمسِكْ مالَك، وأصلِحْهُ، وكُن أنتَ الذي تُنفِقُ عليهم في كسوتهم ورزقهم ومُؤْنتِهم[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٨، وابن المنذر ٢/٥٦١، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٤. وفي لفظ عند ابن جرير ٦/٣٩١: السفهاء: الولدان والنساء أسفه السفهاء.]]. (٤/٢٢٩)

١٦١٦٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في الآية، يقول: لا تُسَلِّطِ السفيهَ مِن ولدك على مالِك. وأمره أن يرزقه منه، ويكسوه. وزاد في رواية: فكان ابنُ عباس يقول: نزل ذلك في السفهاء، وليس اليتامى من ذلك في شيء[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٢ والزيادة له، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٢.]]. (٤/٢٢٩)

١٦١٦١- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾، قال: هم بنوك، والنِّساء[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (٤/٢٢٩)

١٦١٦٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: المرأة، تقول: أريد مِرْطًا[[المرط: الكساء. النهاية (مرط).]] بكذا، أريد شيئًا بكذا، ... هي أسفه السفهاء[[أخرجه سفيان الثوري في تفسيره ص٨٨.]]. (ز)

١٦١٦٣- عن عبد الله بن عمر -من طريق مُوَرِّق- قال: مَرَّت امرأةٌ بعبد الله بن عمر لها شارَةٌ[[الشارة: الهيئة الحسنة. النهاية (شور).]] وهَيْئَةٌ، فقال لها ابن عمر: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٤.]]. (٤/٢٣١)

١٦١٦٤- عن سعيد بن جبير -من طريق عبد الكريم- ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾، قال: اليتامى، والنساء[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٨٨، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٣ من طريق سالم. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٢٣٠)

١٦١٦٥- عن سعيد بن جبير -من طريق سالم- في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾ قال: هم اليتامى ﴿أموالكم﴾ قال: أموالهم، بمنزلة قوله: ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾ [النساء:٢٩][[أخرجه ابن المنذر ٢/٥٦٣، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (٤/٢٣١)

١٦١٦٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في الآية، قال: نهى الرجالَ أن يُعْطُوا النساءَ أموالهم وهُنَّ سفهاء، مَن كُنَّ؛ أزواجًا أو بنات أو أمهات، وأُمِرُوا أن يرزقوهُنَّ منه، ويقولوا لَهُنَّ قولًا معروفًا[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٣، ٤٠٠، ٤٠١، وابن المنذر ٢/٥٦١. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٢٣٠)

١٦١٦٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق حميد الأعرج- ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: النساء، والولد[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٠.]]. (ز)

١٦١٦٨- عن جابر، قال: سألتُ مجاهدًا عن السفهاء. فقال: السفهاءُ مِن الرجال، والنساء[[تفسير مجاهد ص٢٦٦.]]. (ز)

١٦١٦٩- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان، وجُوَيْبِر، وسلمة بن نبيط- قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، يعني بذلك: ولد الرجل، وامرأته، وهي أسفه السفهاء[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٨٩، زاد في رواية جويبر: فيكونوا عليكم أربابًا. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (ز)

١٦١٧٠- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق عثمان بن غياث- ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: هو مالُ اليتيمِ يكونُ عندك. يقول: لا تُؤْتِهِ إيّاه، وأنفِقْ عليه حتى يبلغ[[أخرجه ابن المنذر ٢/٥٦٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٢٣٠)

١٦١٧١- عن عكرمة مولى ابن عباس: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: النساء[[علَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (ز)

١٦١٧٢- عن الحسن البصري -من طريق هشيم، عن أبي حُرَّة- في الآية، قال: الصغار والنساء هُنَّ السفهاء[[أخرجه سعيد بن منصور (٥٦١ - تفسير)، وابن جرير ٦/٣٨٩، وابن المنذر ٢/٥٦٢ من طريق يونس. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٢٣٠)

١٦١٧٣- عن الحسن البصري -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: السفهاءُ: ابنك السفيه، وامرأتك السفيهة. وقد ذكر أنّ رسول الله ﷺ قال: «اتقوا اللهَ في الضعيفين: اليتيم، والمرأة»[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/٤٣٣ (٥٠٧-٥٠٨)، وابن جرير ٦/٣٨٩ مرسلًا.]]. (ز)

١٦١٧٤- عن الحسن البصري -من طريق يونس- في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، يقول: لا تَنْحَلوا الصغارَ أموالكم[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩١، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (ز)

١٦١٧٥- عن الحسن البصري -من طريق هشام- قال: المرأة[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٣.]]. (ز)

١٦١٧٦- عن عطاء بن أبي رباح -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: في أموال أهليهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (ز)

١٦١٧٧- عن الحكم بن عتيبة -من طريق ابن أبي غَنِيَّة- ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: النساء، والولد[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (ز)

١٦١٧٨- عن أبي مالك غَزْوان الغفاري -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- قال: النساء، والصبيان[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩١. وعلَّقه ابن المنذر ٢/٥٦٣.]]. (ز)

١٦١٧٩- عن أبي مالك غَزْوان الغفاري -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: لا تُعْطِ ولدَك السفيهَ مالَك فيُفْسِدَه، الذي هو قَوامُك بعد الله[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٢، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٣، وابن المنذر ٢/٥٦٣-٥٦٤.]]. (ز)

١٦١٨٠- عن قتادة بن دِعامة، قال: أمر اللهُ بهذا المال أن يُخْزَن فتُحْسَن خِزانَتُه، ولا تُمَلََّكه المرأةُ السفيهة والغلامُ[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٢٣١)

١٦١٨١- عن قتادة بن دعامة، في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: النساء[[علَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣.]]. (ز)

١٦١٨٢- قال محمد ابن شهاب الزهري: يقول: لا تُعْطِ ولدَك السفيهَ مالَك الذي هو قِيامُك بعد الله تعالى، فيُفْسِدَه[[تفسير الثعلبي ٣/٢٥٢، وتفسير البغوي ٢/١٦٤.]]. (ز)

١٦١٨٣- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: أمّا السفهاءُ: فالولد، والمرأة[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٨٩.]]. (ز)

١٦١٨٤- قال إسماعيل السُّدِّيّ: لا تُعْطِ المرأةَ مالَها حتى تتزوج، وإن قرأت التوراة والإنجيل والقرآن، ولا تُعْطِ الغلامَ مالَه حتى يَحْتَلِم[[تفسير الثعلبي ٣/٢٥٢.]]. (ز)

١٦١٨٥- عن زيد بن أسلم -من طريق ابنه عبد الرحمن- قال: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: لا يُعْطَوْن دارًا ولا عبدًا فيستهلكوه[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن ٢/١٦٧ (٣٥٣).]]. (ز)

١٦١٨٦- عن محمد بن السائب الكلبي، في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: يعني: النساء، والأولاد؛ إذا علم الرجلُ أنّ امرأتَه سفيهةٌ مُفْسِدةٌ، وأنّ ابنَه سفيهٌ مُفْسِدٌ؛ فلا ينبغي أن يُسَلِّط واحِدًا منهما على مالِه فيُفْسِدَه[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٣٤٧-، والثعلبي ٣/٢٥٢، والبغوي ٢/١٦٤.]]. (ز)

١٦١٨٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾ يعني: الجُهّال بموضع الحق في الأموال، يعني: لا تعطوا نساءَكم وأولادكم ﴿أموالكم﴾ ... فإنّهُنَّ سفهاء، يعني: جُهّالًا بالحق، نظيرُها في البقرة [٢٨٢]: ﴿سفيها أو ضعيفا﴾، ولا يدري الصغيرُ ما عليه مِن الحق في ماله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٥٧.]]. (ز)

١٦١٨٨- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، قال: لا تُعْطِ السفيهَ مِن مالك شيئًا هو لك[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٦.]]١٥٢٣١٥٢٤. (ز)

١٥٢٣ أفادت الآثار الاختلاف في المراد بالسفهاء في هذا الموضع على أقوال: أولها: أنّهم النساء والصبيان. وثانيها: أنهم النساء خاصَّةً. وثالثها: أنهم الصبيان خاصَّةً. ورابعها: أنهم السفهاء مِن ولَدِ الرجل. وخامسها: أنهم كلُّ سفيه استحقَّ في المال حَجْرًا. ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/٣٩٤-٣٩٥) أنّ الآية تصلح لجميع ما ذُكِر؛ استنادًا إلى دلالة العموم، والسياق، فقال: «والصوابُ مِن القول في تأويل ذلك عندنا: أنّ الله -عزَّ ذِكْرُه- عمَّ بقوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾، فلم يَخْصُصْ سفيهًا دون سفيه؛ فغيرُ جائز لأحدٍ أن يُؤْتِي سفيهًا مالَه، صبيًا صغيرًا كان أو رجلًا كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى. والسفيهُ الذي لا يجوز لوليه أن يؤتِيَه مالَه هو المستحِقُّ الحجرَ بتضييعه مالَه وفسادِه وإفسادِه وسوءِ تدبيره ذلك. وإنّما قلنا ما قلنا مِن أنّ المعنيَّ بقوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ هو مَن وصفنا دون غيره؛ لأنّ الله -عزَّ ذِكْرُه- قال في الآية التي تتلوها: ﴿وابْتَلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم﴾، فأمر أولياءَ اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا بلغوا النكاحَ وأُونِس منهم الرشد، وقد يدخل في»اليتامى«الذكورُ والإناث، فلم يخصص بالأمر بدفع ما لَهُم من الأموال الذكورَ دون الإناث، ولا الإناث دون الذكور. وإذْ كان ذلك كذلك فمعلومٌ أنّ الذين أُمِر أولياؤهم بدفعهم أموالهم إليهم، وأُجِيز للمسلمين مبايعتهم ومعاملتهم، غيرُ الذين أُمِر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحُظِر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم. فإذْ كان ذلك كذلك فبيِّنٌ أنّ السفهاء الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم هم المستحقون الحجرَ والمستوجبون أن يُولى عليهم أموالهم، وهم مَن وصفنا صفتهم قبل، وأنّ مَن عدا ذلك فغيرُ سفيه؛ لأنّ الحجر لا يستحقه مَن قد بلغ وأُونِس رشده». وظاهر كلام ابن القيم (١/٢٦٦) أنه يذهب إلى القول الأول؛ وهو قول ابن عباس من طريق عليّ، وقتادة، والحكم، والسديّ، وغيرهم، حيث قال: «السفهاء هم النساء والصبيان، وقد جعل الله سبحانه الأزواج قوّامين عليهم، كما جعل ولي الطفل قوّامًا عليه، والقوّام على غيره أمير عليه». وانتَقَدَ ابنُ جرير (٦/٣٩٥) قولَ مَن خصَّها بالنساء استنادًا إلى اللغة، وهو قول سليمان بن جعفر، ومجاهد من طريق حميد بن قيس، وابن أبي نجيح، ومرويّ عن ابن عمر ﵄، فقال: «أما قول مَن قال: عنى بالسفهاءِ النساءَ خاصَّة. فإنّه جعل اللغة على غير وجهها؛ وذلك أنّ العرب لا تكاد تجمع»فعيلًا«على»فُعَلاء«إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث، وأمّا إذا أرادوا جمعَ الإناث خاصة لا ذكران معهم جمعوه على:»فعائل«و»فعِيلات«، مثل: غريبة تجمع على غرائب وغريبات، فأما الغُرَباء فجمع غريب». وبنحوه قال ابنُ عطية (٢/٤٧٠).
١٥٢٤ أفادت الآثارُ أيضًا الاختلافَ في المراد بالأموال في قوله تعالى: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ على قولين: أحدهما: المراد بها: مال المخاطَبين. وهذا قول ابن عباس، وأبي موسى الأشعريِّ، والحسن، وقتادة. والآخر: المراد بها: أموال السفهاء، وأضافها للمخاطبين لأنّهم قُوّامُها ومُدَبِّرُوها. وهذا قول سعيد بن جبير، والسديّ. ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/٣٩٦-٣٩٧) أنّ الآية تشمل جميع ما ذُكِرَ استنادًا إلى اللغة، ودلالة العموم، فقال: «وأَوْلى الأقوال بتأويل ذلك أن يُقال: إنّ الله ﷿ نهى المؤمنين أن يُؤْتُوا السفهاءَ أموالَهم، وقد يدخل في قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ أموالُ المَنهِيِّين عن أن يؤتوهم ذلك وأموالُ السفهاء؛ لأنّ قوله: ﴿أموالكم﴾ غير مخصوص منها بعضُ الأموال دون بعض. ولا تمنع العربُ أن تخاطب قومًا خِطابًا، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم، وبعضه عن غَيَبٍ، وذلك نحو أن يقولوا: أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل، فيخاطب الواحد خطاب الجمع، بمعنى: أنك وأصحابك وقومك أكلتم أموالكم. فكذلك قوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء﴾ معناه: ولا تؤتوا أيها الناس سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم، فيضيعوها. وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله ﷿ قد عمَّ بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلَّها، ولم يخصص منها شيئا دون شيء؛ كان بيِّنًا بذلك أنّ معنى قوله: ﴿التي جعل الله لكم قيامًا﴾ إنّما هو: التي جعل الله لكم ولهم قيامًا. ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله: ﴿لكم﴾». وإلى ذلك ذَهَبَ ابنُ تيمية (٢/١٩٩)، مستندًا لظاهر الآية، حيث قال: «الآية تدلُّ على النَوْعَيْن كليهما، فقد نهى اللّهُ أن يجعل السفيه متصرفًا لنفسه، أو لغيره بالوكالة، أو الولاية. وصرفُ المالِ فيما لا ينفع في الدين ولا الدنيا من أعظم السَّفَه؛ فيكون ذلك منهِيًّا عنه في الشرع».

﴿وَلَا تُؤۡتُوا۟ ٱلسُّفَهَاۤءَ أَمۡوَ ٰ⁠لَكُمُ﴾ - آثار متعلقة بالآية

١٦١٨٩- عن أبي أُمامة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ النساءَ السفهاءُ، إلا التي أطاعت قَيِّمَها»[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٣ (٤٧٨٥). وأورده الثعلبي ٣/٢٥١. قال الألباني في الضعيفة ١٤/١٠٥٩ (٦٩٦١): «منكر».]]. (٤/٢٢٩)

﴿ٱلَّتِی جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِیَـٰمࣰا﴾ - قراءات

١٦١٩٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق بكر بن شرود- أنه قرأ: ﴿الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيامًا﴾ بالألف١٥٢٥[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٩. وهي قراءة العشرة ما عدا نافعًا وابن عامر، فإنهما قرآ ‹قِيَمًا›. ينظر: النشر ٢/٢٤٧، والإتحاف ص٢٣٧.]]. (٤/٢٣٢)

١٥٢٥ اختلفت القراءة في قوله تعالى: ﴿قياما﴾؛ فقرأها البعض: ‹قِيَمًا› بكسر القاف وفتح الياء بغير ألف، وهي قراءة نافع، وابن عامر. وقرأها آخرون: ﴿قِيامًا﴾ بالألف، وهي قراءة الباقين. ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/٣٩٨) قراءةَ ﴿قِيامًا﴾ بالألف؛ لأنها القراءة المعروفة المشهورة، فقال: «القراءة التي نختارها: ﴿قِيامًا﴾ بالألف؛ لأنها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فاسد. وإنما اخترنا ما اخترنا من ذلك لأنّ القراءات إذا اختلفت في الألفاظ واتفقت في المعاني فأعجبُها إلينا ما كان أظهرَ وأشهرَ في قِراءة أمصار الإسلام».

﴿ٱلَّتِی جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِیَـٰمࣰا﴾ - تفسير الآية

١٦١٩١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿قياما﴾، يعني: قوامَكم مِن معايشكم[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٨، وابن المنذر ٢/٥٦١، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٤.]]. (٤/٢٢٩)

١٦١٩٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق بكر بن شرود- أنّه قرأ: ﴿التي جعل الله لكم قياما﴾ بالألف، يقول: قيام عيشك[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٩.]]. (٤/٢٣٢)

١٦١٩٣- عن الضَّحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- ﴿جعل الله لكم قياما﴾، قال: عِصمة لدينكم، وقيامًا لكم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٤.]]. (٤/٢٣٢)

١٦١٩٤- قال الضحاك بن مُزاحِم: به يُقامُ الحَجُّ، والجهادُ، وأعمالُ البِرِّ، وبه فِكاكُ الرِّقاب مِن النار[[تفسير الثعلبي ٣/٢٥٣، وتفسير البغوي ٢/١٦٤.]]. (ز)

١٦١٩٥- عن أبي مالك غَزْوان الغِفارِيِّ -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- ﴿أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾، قال: الذي هو قوامُك بعد الله[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٤، وابن المنذر ٢/٥٦٣-٥٦٤ بلفظ: قيامك بعد الله.]]. (ز)

١٦١٩٦- عن الحسن البصري -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿قياما﴾، قال: قِيامُ عَيْشِك[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٤٦، وابن جرير ٦/٣٩٩.]]. (٤/٢٣٢)

١٦١٩٧- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾، قال: فإنّ المال هو قيام الناس؛ قوام معايشهم. يقول: كُن أنت قَيِّمَ أهلِك، ولا تُعْطِ امرأتَك وولدَك مالَك، فيكونوا هم الذين يَقُومُونَ عليك[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٨.]]. (ز)

١٦١٩٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿التي جعل الله لكم قياما﴾، يعني: قوامًا لمعاشكم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٥٧-٣٥٨.]]. (ز)

١٦١٩٩- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾، قال: لا تُعْطِ السفيهَ مِن ولدك شيئًا هو لك قِيَمٌ مِن مالك، وارزقهم[[أخرجه ابن جرير ٦/٣٩٩.]]. (ز)

﴿وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِیهَا وَٱكۡسُوهُمۡ﴾ - تفسير

١٦٢٠٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- ﴿وارزُقُوهُم﴾، يقول: كُن أنت الذي تُنفِقُ عليهم في كِسْوَتهم ومُؤْنَتِهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٤، وأخرجه ابن جرير ٦/٤٠٠، وابن المنذر ٢/٥٦٥ كلاهما من طريق ابن جريج مختصرًا.]]. (٤/٢٣٢)

١٦٢٠١- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿واكسوهم﴾، قال: أمَرَك أن تكسوه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٤.]]. (ز)

١٦٢٠٢- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيهاواكسوهم﴾، يقول: أطعِمْهُم مِن مالك، واكْسُهُم[[أخرجه ابن جرير ٦/٤٠٠.]]. (ز)

١٦٢٠٣- قال مقاتل بن سليمان: ولكن ﴿وارزقوهم فيها﴾، يقول: أعطوهم منها ﴿واكسوهم﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٥٨.]]١٥٢٦. (ز)

١٥٢٦ بيَّنَ ابنُ جرير (٦/٣٩٩-٤٠٠ بتصرف) معنى الآية على القولين السابقين، فقال: «أمّا الذين قالوا: إنّما عنى اللهُ -جل ثناؤه- بقوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ أموالَ أولياء السفهاء، لا أموال السفهاء، فإنهم قالوا: معنى ذلك: وارزقوا أيها الناس سفهاءَكم من نسائكم وأولادكم مِن أموالكم طعامَهم، وما لا بُدَّ لهم منه مِن مُؤنتهم وكسوتهم. وأمّا الذين قالوا: إنما عنى بقوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ أموالَ السفهاء ألا يؤتيَهموها أولياؤهم. فإنهم قالوا: معنى قوله: ﴿وارزقوهم فيها واكسوهم﴾: وارزقوا أيها الولاة -ولاة أموال السفهاء- سفهاءَكم من أموالهم طعامَهم وما لا بُدَّ لهم من مؤنهم وكسوتهم».

﴿وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا ۝٥﴾ - تفسير

١٦٢٠٤- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾، قال: أُمِرُوا أن يقولوا لهم قولًا معروفًا في البِرِّ والصِّلَة[[أخرجه ابن جرير ٦/٤٠١، وابن أبي حاتم ٣/٨٦٤.]]. (٤/٢٣٢)

١٦٢٠٥- قال الضَّحاك بن مُزاحِم: ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾ رُدُّوا عليهم رَدًّا جميلًا[[تفسير الثعلبي ٣/٢٥٣.]]. (ز)

١٦٢٠٦- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق حصين- ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾، قال: رزقكم اللهُ [لبس أناسي][[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٨٦٤. وما بين المعقوفين قال عنه د. حكمت بشير مُحَقِّق النسخة المرقومة بالآلة الكاتبة ٤/١٠٣١: في الأصل ليس واضحَ النقط. وقد نقطه اعتمادًا على ما تقدم من السياق في قوله تعالى: ﴿واكسوهم﴾.]]. (ز)

١٦٢٠٧- قال عطاء: ﴿قولا معروفا﴾، إذا ربحتُ أعطيتُكَ، وإن غنمتُ جعلتُ لكَ حظًّا[[تفسير الثعلبي ٣/٢٥٣، وتفسير البغوي ٢/١٦٤.]]. (ز)

١٦٢٠٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾، يعني: العِدَة الحسنة أنِّي سأفعل، وكنتَ أنت القائم على مالك[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٥٨.]]١٥٢٧. (ز)

١٥٢٧ قال ابن كثير (٣/٣٥٢): «هذه الآيةُ الكريمةُ تضمَّنت الإحسان إلى العائلة، ومَن تحت الحَجْر بالفعل، مِن الإنفاق في الكساوى، والأرزاق، والكلام الطيب، وتحسين الأخلاق».

١٦٢٠٩- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾، قال: عِدَةً تَعِدُونهم[[أخرجه ابن جرير ٦/٤٠٢.]]. (٤/٢٣٢)

١٦٢١٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾، قال: إن كان ليس مِن ولدك، ولا مِمَّن يَجِبُ عليك أن تُنفِق عليه؛ فقُل له قولًا معروفًا، قُل له: عافانا اللهُ وإيّاك، وبارك اللهُ فيك[[أخرجه ابن جرير ٦/٤٠٢.]]١٥٢٨. (٤/٢٣٣)

١٥٢٨ أفادت الآثار الاختلافَ في تأويل قوله تعالى: ﴿وقولوا لهم قولا معروفا﴾ على قولين: أحدهما: أنّ المراد: عِدُوهم عِدَةً جميلةً مِن البرِّ والصِّلَة. وهذا قول ابن جُريج، ومجاهد. والآخر: أنّ المراد: ادعوا لهم. وهذا قول ابن زيد. ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/٤٠٢) القولَ الأولَ مستندًا إلى أقوال أهل التأويل، فقال: «أوْلى هذه الأقوال في ذلك بالصحة ما قاله ابنُ جُرَيْج، وهو أنّ معنى قوله: ﴿وقولوا لهم قولا معروفًا﴾ أي: قولوا يا معشر ولاة السفهاء قولًا معروفًا للسفهاء: إن صَلحتم ورشدتم سلَّمنا إليكم أموالَكم، وخلَّينا بينكم وبينها، فاتقوا اللهَ في أنفسكم وأموالكم. وما أشبه ذلك من القول الذي فيه حثٌّ على طاعة الله، ونهيٌ عن معصيته». وساق ابنُ عطية (٢/٤٧١) القولين، ثم قال: «ومعنى اللفظ: كلُّ كلام تعرفُه النفوسُ، وتأنسُ إليه، ويقتضيه الشرع».
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب