الباحث القرآني
﴿وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَیۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُوا۟ حَكَمࣰا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمࣰا مِّنۡ أَهۡلِهَاۤ﴾ - تفسير
١٧٩٨٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة بن خالد- قال: بُعِثْتُ أنا ومعاويةُ حَكَمَيْن، فقيل لنا: إن رأيتُما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تُفَرِّقا فرَّقْتُما. والذي بعثهما عثمان[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٥٩، وابن جرير ٦/٧٢٥، وابن المنذر (١٧٣٩). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤٠٩)
١٧٩٨٦- عن ابن أبي مليكة: أنّ عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت ربيعة. قال: وكان قليلَ ذاتِ اليد، فقالت له: تصبِر لي وأُنفِقُ عليك. فكان إذا دخل عليها قالت له: أين عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة؟ فقال: على يسارِك في النار إذا دخلتِ. فقال: فوَلْوَلَتْ، وضربت على وجهها، ثم لبست ثيابها، وانطلقت إلى عثمان، فذكرت له ذلك، فضحِك، ثم أرسل إلى ابن عباس وإلى معاوية، فقال: اذهبا، فاحكما بينهما. قال ابن عباس: لأُفَرِّقن بينهما. وقال معاوية: ما كنت لِأُفَرِّق بين شيخين من بني عبد مناف. قال: فانطلقا، فوجداهما قد أغلقا عليهما بابهما، وأصلحا أمرهما، فرجعا[[أخرجه عبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص٩٢، وابن جرير ٦/٧٢٥ مختصرًا. وينظر أيضًا: قطعة من تفسير عبد بن حميد ص٩٢ بسياق مغاير من طريق محمد بن سيرين.]]. (ز)
١٧٩٨٧- عن علي بن أبي طالب، قال: إذا حكم أحدُ الحكمين، ولم يحكم الآخر؛ فليس حكمُه بشيء حتى يجتمعا[[أخرجه البيهقي ٧/٣٠٦.]]. (٤/٤١٠)
١٧٩٨٨- عن محمد بن كعب القُرَظِيِّ، قال: كان عليُّ بن أبي طالب يبعث الحَكَمين، حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فيقول الحكم من أهلها: يا فلان، ما تنقِم من زوجتك؟ فيقول: أنقِم منها كذا وكذا. فيقول: أرأيتَ إن نَزَعَتْ عمّا تكره إلى ما تُحِبُّ، هل أنت مُتَّقِي الله فيها، ومُعاشِرُها بالذي يَحِقُّ عليك في نفقتها وكسوتها؟ فإذا قال: نعم. قال الحكم مِن أهله: يا فلانة، ما تنقمين من زوجك؟ فتقول مثل ذلك، فإن قالت: نعم. جمع بينهما. قال: وقال عليُّ: الحكمان بهما يجمع الله، وبهما يُفَرِّق[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢١.]]. (٤/٤١٠)
١٧٩٨٩- عن عَبيدة السلماني، في هذه الآية، قال: جاء رجلٌ وامرأةٌ إلى عَلِيٍّ، ومع كل واحدٍ منهما فِئامٌ من الناس، فأمرهم عليٌّ فبعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، ثم قال للحَكَمَين: تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تُفَرِّقا أن تُفَرِّقا. قالت المرأة: رضِيتُ بكتاب الله بما عَلَيَّ فيه ولِيٌّ. وقال الرجل: أمّا الفُرقةُ فلا. فقال عليٌّ: كذبت، واللهِ، حتى تُقِرَّ بمثل الذي أقَرَّت به[[أخرجه الشافعي في الأم ٥/١٩٥، وعبد الرزاق في المصنف (١١٨٨٣)، وسعيد بن منصور (٦٢٨ - تفسير)، وابن جرير ٦/٧١٧-٧١٨، وابن المنذر (١٧٣٨)، وابن أبي حاتم ٣/٩٤٥، والبيهقي في سُنَنِه ٧/٣٠٥. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤٠٨)
١٧٩٩٠- قال مالك: بلغني: أنّ علي بن أبي طالب قال في الحَكَمَيْن اللَّذَيْنِ قال الله: ﴿حكما من أهله وحكما من أهلها﴾ أنّه قال: إليهما أن يفرقا بينهما، وأن يجمعا[[أخرجه أبو إسحاق المالكي في أحكام القرآن ص١٢٠.]]. (ز)
١٧٩٩١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- ﴿وإن خفتم شقاق بينهما﴾، قال: هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما، أمر الله أن يبعثوا رجلًا صالحا مِن أهل الرجل، ورجلًا مثله مِن أهل المرأة، فينظران أيهما المسيء، فإن كان الرجلُ هو المسيء حجبوا عنه امرأتَه، وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها، ومنعوها النفقة، فإن اجتمع رأيُهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرُهما جائِزٌ، فإن رأيا أن يجمعا فرَضِي أحدُ الزوجين، وكرِه ذلك الآخرُ، ثم مات أحدهما؛ فإنّ الذي رَضِيَ يَرِثُ الذي كَرِه، ولا يرث الكارِهُ الراضيَ[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٢-٧٢٣، وابن المنذر ٢/٦٩٥، ٦٩٧ وابن أبي حاتم ٣/٩٤٥، والبيهقي في سُنَنِه ٧/٣٠٦ مختصرًا.]]. (٤/٤٠٧)
١٧٩٩٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- ﴿واللاتي تخافون نشوزهن﴾، قال: هي المرأة التي تنشِز على زوجها، فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك، وهو بعدما تقول لزوجها: واللهِ، لا أبَرُّ لك قسمًا، ولآذَنَنَّ في بيتك بغير أمرك. ويقول السلطان: لا نُجِيز لك خُلعًا حتى تقول المرأة لزوجها: واللهِ، لا أغتسل لك من جنابة، ولا أُقيم لله صلاةً. فعند ذلك يُجيزُ السلطان خُلعَ المرأة[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢١-٧٢٢، وابن أبي حاتم ٣/٩٤٢.]]. (٤/٤٠٩)
١٧٩٩٣- عن عامر الشعبي: أنّ امرأة نشَزت على زوجها، فاختصموا إلى شريح، فقال شريح: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها. فنظر الحكمان في أمرهما، فرأيا أن يُفَرِّقا بينهما، فكره ذلك الرجلُ، فقال شريح: ففيم كانا اليوم؟! وأجاز قولَهما[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٥.]]. (ز)
١٧٩٩٤- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء- قوله: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما﴾، قال: التشاجر[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٤٥.]]. (ز)
١٧٩٩٥- عن سعيد بن جبير -من طريق أيوب- قال: يَعِظُها، فإن انتهت وإلّا هجرها، فإن انتهت وإلّا ضربها، فإن انتهت وإلّا رفع أمرها إلى السلطان، فيبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فيقول الحكم الذي مِن أهلها: يفعل بها كذا. ويقول الحكم الذي من أهله: تفعل به كذا. فأيهما كان الظالم ردَّه السلطان، وأخذ فوق يديه، وإن كانت ناشِزًا أمره أن يخلع[[أخرجه ابن جرير ٦/٧١٦، وأبو إسحاق المالكي في أحكام القرآن ص١١٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤٠٨)
١٧٩٩٦- عن عمرو بن مُرَّة، قال: سألتُ سعيد بن جبير عن الحَكَمَيْن اللَّذَيْن في القرآن، فقال: يبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، يكلمون أحدهما، ويعِظُونه، فإن رجع وإلا كلَّموا الآخر، ووعظوه، فإن رجع وإلّا حكما، فما حكما من شيء فهو جائز[[أخرجه عبد الرزاق (١١٨٨٨)، وسعيد بن منصور (٦٣٣ - تفسير)، وابن جرير ٦/٧٢٣-٧٢٤، والبيهقي في سُنَنِه ٧/٣٠٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤٠٨)
١٧٩٩٧- عن عمرو بن مرة، قال: سألتُ سعيد بن جبير عن الحَكَمَيْن. فقال: لم أُولَد إذ ذاك[[تبادر إلى ذهن سعيد أنهما الحكمان في أمر علي ومعاوية ﵄.]]. فقلت: إنّما أعني حُكْمَ الشقاق. قال: يُقْبِلان على الذي جاء التَّداري من عنده، فإن فعل وإلّا أقبلا على الآخر، فإن فعل وإلّا حكما، فما حكما من شيء فهو جائز[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٣.]]. (ز)
١٧٩٩٨- عن إبراهيم النخعي -من طريق داود- قال: ما حكما مِن شيء فهو جائز؛ إن فَرَّقا بينهما بثلاث تطليقات أو تطليقتين فهو جائز، وإن فرقا بتطليقة فهو جائز، وإن حكما عليه بهذا مِن ماله فهو جائز، فإن أصلحا فهو جائز، وإن وضعا من شيء فهو جائز[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٤، كما أخرج ٦/٧٢٤ نحوه من طريق المغيرة، كذلك أخرجه عبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص٩٠-٩١ مختصرًا من طريق منصور.]]. (ز)
١٧٩٩٩- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن -من طريق يحيى بن أبي كثير- قال: إن شاء الحكمان أن يُفَرِّقا فرَّقا، وإن شاءا أن يجمعا جمعا[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/١٥٩، وعبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص٩١، وابن جرير ٦/٧٢٥.]]. (ز)
١٨٠٠٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي هاشم- في قوله: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾، قال: وتخبره بأمرها، وتقول: إنّه يفعل كذا وكذا. وتقول: أرأيت إن تعظه على شيء فعِظه. ويبعث الرجلُ حكمًا من قِبَله، فيخبره أنّها تفعل كذا وكذا، ويأمرانهما بالفُرْقَةِ إن رأيا الفُرْقَة، أو الجمع إن رأيا الجمع[[تفسير الثوري ص٩٤.]]. (ز)
١٨٠٠١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾، قال: إن خافا ألا تطيعه ولا تواتيه، ولا يتركها ويسيء إليها، فإن لم يصطلحا بينهما اخْتَلَعَتْ، وقَبِل منها مالَه، ولا يصلح الخلع إلا في مثل هذا[[أخرجه أبو إسحاق المالكي في أحكام القرآن ص١٢١.]]. (ز)
١٨٠٠٢- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾، قال: يكونان عَدْلَيْن عليهما، وشاهِدَيْن. وذلك إذا تدارأ الرجل والمرأة، وتنازعا إلى السلطان، جعل عليهما حكمين: حكمًا من أهل الرجل، وحكمًا من أهل المرأة، يكونان أمينَيْن عليهما جميعًا، وينظران مِن أيِّهما يكون الفساد، فإن كان الأمرُ من قِبَل المرأةِ أُجْبِرَتْ على طاعة زوجها، وأُمِر أن يتقي الله، ويحسن صحبتها، وينفق عليها بقدر ما آتاه الله؛ إمساكٌ بمعروف، أو تسريحٌ بإحسان. وإن كانت الإساءةُ من قِبَل الرجل أُمِر بالإحسان إليها، فإن لم يفعل قيل له: أعطِها حقَّها، وخلِّ سبيلَها. وإنما يلي ذلك منهما السلطان[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٦، ٧٢٨ وفيه جزء منه بلفظ: لا، أنتما قاضيان تقضيان بينهما.]]. (ز)
١٨٠٠٣- عن عامر الشعبي -من طريق إسماعيل- في قوله: ﴿فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾، قال: ما قَضى الحكمان مِن شيء فهو جائز[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٤.]]. (ز)
١٨٠٠٤- قال الحسن البصري في قوله: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما﴾: إن نَشَزَت حتى تشاق زوجها[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٣٦٧-٣٦٨-.]]. (ز)
١٨٠٠٥- عن الحسن البصري -من طريق قتادة- قال: إنما يُبْعَثُ الحكمان لِيُصْلِحا، ويشهدا على الظالم بظلمه، وأمّا الفُرقة فليست بأيديهما[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٥٩، وعبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص٩٢، وابن جرير ٦/٧١٩-٧٢٠، وابن المنذر (١٧٤٦). وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٤٦، والبيهقي ٧/٣٠٧.]]. (٤/٤٠٩)
١٨٠٠٦- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد بن أبي عروبة-، نحوه[[أخرجه ابن جرير ٦/٧١٩-٧٢٠، وابن أبي حاتم ٣/٩٤٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤٠٩)
١٨٠٠٧- عن محمد بن سيرين -من طريق عوف-: أنّ الحكم من أهلها والحكم من أهله يُفَرِّقان ويجمعان إذا رأيا ذلك، ﴿فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٣.]]. (ز)
١٨٠٠٨- عن قيس بن سعد -من طريق شِبل- قال: سألتُ عن الحكمين، قال: ابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فما حكم الحكمان من شيء فهو جائز؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما﴾. قال: يخلو حَكَمُ الرجل بالزوج، وحَكَمُ المرأةِ بالمرأة، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: اصدقني ما في نفسك. فإذا صدق كلُّ واحد منهما صاحبَه اجتمع الحَكَمان، وأخذ كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه ميثاقًا لَتَصْدُقَنِّي الذي قال لك صاحِبُك، ولأَصْدُقَنَّك الذي قال لي صاحبي. فذاك حين أرادا الإصلاح ﴿يوفق الله بينهما﴾، فإذا فعلا ذلك اطَّلع كلُّ واحدٍ منهما على ما أفضى به صاحبُه إليه، فيعرفان عند ذلك مَن الظالم والناشِز منهما، فأتيا عليه، فحكما عليه، فإن كانت المرأةُ قالا: أنت الظالمة العاصية؛ لا ينفِق عليك حتى ترجعي إلى الحقِّ، وتطيعي الله فيه. وإن كان الرجل هو الظالم قالا: أنت الظالم المُضارُّ‹ لا تدخل لها بيتًا حتى تُنفِق عليها، وترجع إلى الحق والعدل. فإن كانت هي الظالمة العاصية أخذ منها مالها، وهو له حلال طيب، وإن كان هو الظالم المسيء إليها المضار لها طلَّقها، ولم يَحِلَّ له مِن مالها شيء، فإن أمسكها أمسكها بما أمر الله، وأنفق عليها، وأحسن إليها[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٠.]]. (ز)
١٨٠٠٩- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: إذا هجرها في المضجع، وضربها، فأبت أن ترجع، وشاقَّته؛ فليبعث حكمًا من أهله وتبعث حكمًا من أهلها، تقول المرأة لِحَكَمها: قد ولَّيْتُكَ أمري، فإن أمرتني أن أرجع رجعت، وإن فَرَّقْت تَفَرَّقْنا. وتخبره بأمرها إن كانت تريد نفقةً، أو كَرِهَتْ شيئًا من الأشياء، وتأمره أن يرفع ذلك عنها وترجع، أو تخبره أنها لا تريد الطلاق. ويبعث الرجل حكمًا من أهله يُوَلِّيه أمرَه، ويخبره، يقول له حاجته إن كان يريدها أو لا يريد أن يطلقها أعطاها ما سألت، وزادها في النفقة، وإلا قال له: خذ لي منها ما لها عَلَيَّ، وطلِّقْها. فيُوَلِّيه أمره، فإن شاء طلَّق، وإن شاء أمسك. ثم يجتمع الحكمان، فيُخْبِر كلُّ واحدٍ منهما ما يريد لصاحبه، ويجهد كل واحد منهما ما يريد لصاحبه، فإن اتَّفق الحكمان على شيءٍ فهو جائز، إن طلَّقا وإن أمسكا، فهو قول الله: ﴿فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما﴾. فإن بعثت المرأة حكمًا، وأبى الرجل أن يبعث؛ فإنّه لا يقربها، حتى يبعث حكمًا[[أخرجه ابن جرير ٦/٧١٩، وابن أبي حاتم ٣/٩٤٦.]]. (ز)
١٨٠١٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإن خفتم﴾ يعني: علمتم ﴿شقاق بينهما﴾ يعني: خلاف بينهما، بين سعد وامرأته، ولم يتَّفقا، ولم يُدْرَ مِن قِبَل مَن منهما النشوز، مِن قِبَل الرجل أو مِن قِبَل المرأة؟ ﴿فابعثوا﴾ يعني: الحاكم. يقول للحاكم: فابعثوا ﴿حكما من أهله وحكما من أهلها﴾، فينظرون في أمرهما في النصيحة لهما، إن كان من قِبَل النفقة أو إضرارٍ وعظا الرجل، وإن كان مِن قِبَلها وعظاها، لعلَّ الله أن يُصْلِح على أيديهما، فذلك قوله ﷿: ﴿إن يريدا إصلاحا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٧١.]]. (ز)
١٨٠١١- قال مالك بن أنس -من طريق عبد الله-: الأمرُ الذي يكون فيه الحكمان إنّما ذلك إذا قَبُح ما بين الرجل وامرأته، حتي لا يثبت بينهما بيِّنة، ولا يُستطاع أن يُتخلَّص إلى أمرهما، فإذا بلغ ذلك بعث الوالي رجلًا من أهل زوجها ورجلًا من أهلها عَدْلَيْن، فينظران في أمرهما، واجتهدا، فإن استطاعا الصلح أصلحا بينهما، وإلا فَرَّقا بينهما، ثم يجوز فراقهما دون الإمام، وإن رأيا أن يأخذا له من مالها حتي يكون خُلْعًا فَعَلا[[أخرجه أبو إسحاق المالكي في أحكام القرآن ص١٢٠.]]. (ز)
١٨٠١٢- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن﴾، قال: تعِظُها، فإن أبت وغلبت فاهجرها في مضجعها، فإن غلبت هذا أيضًا فاضربها، فإن غلبت هذا أيضًا بُعِث حكمٌ من أهله وحكمٌ من أهلها، فإن غلبت هذا أيضًا وأرادت غيره.= (ز)
١٨٠١٣- فإنّ أبي كان يقول: ليس بيد الحكمين من الفرقة شيء، إن رأيا الظلم من ناحية الزوج قالا: أنت يا فلان ظالم؛ انزع. فإن أبى رفعا ذلك إلى السلطان، وإن رآها ظالمة قال لها: أنتِ ظالمة؛ انزعي. فإن أبت رفعا ذلك إلى السلطان، ليس إلى الحكمين من الفراق شيء[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٢.]]١٦٦٩. (ز)
﴿إِن یُرِیدَاۤ إِصۡلَـٰحࣰا یُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَیۡنَهُمَاۤۗ﴾ - تفسير
١٨٠١٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- ﴿إن يريدا إصلاحا﴾ قال: هما الحكمان ﴿يوفق الله بينهما﴾، وكذلك كُلُّ مُصْلِحٍ يوفقه الله للحق والصواب[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٢٣، ٧٣٠، وابن المنذر ٢/٦٩٩، وابن أبي حاتم ٣/٩٤٦، والبيهقي في سُنَنِه ٧/٣٠٦ مختصرًا.]]. (٤/٤٠٧)
١٨٠١٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- ﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما﴾، قال: هما الحَكَمان[[أخرجه ابن المنذر (١٧٤٧)، وابن أبي حاتم ٣/٩٤٦، والبيهقي ٧/٣٠٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤١٠)
١٨٠١٦- وعن أبي صالح باذام= (ز)
١٨٠١٧- وأبي مالك غزوان الغفاري= (ز)
١٨٠١٨- وعامر الشعبي، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٤٦.]]. (ز)
١٨٠١٩- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء- ﴿إن يريدا إصلاحا﴾، قال: إن يُرِدِ الحَكَمان إصلاحًا أصلحا[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٣٠. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٤٦.]]. (ز)
١٨٠٢٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي هاشم- ﴿إن يريدا إصلاحا﴾ قال: أما إنّه ليس بالرجل والمرأة، ولكنه الحكمان ﴿يوفق الله بينهما﴾ قال: بين الحكمين[[أخرجه عبد الرزاق (١١٨٨٩)، وابن جرير ٦/٧٣٠-٧٣١، وابن المنذر (١٧٤٨). وعلَّقه ابن أبي حاتم ٣/٩٤٦ مختصرًا. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٣٦٨-. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٤١٠)
١٨٠٢١- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي هاشم- قال الله -جلَّ وعزَّ-: ﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما﴾، قال: يتصادفان، فيخبر كلُّ واحد منهما ما قال صاحبه، ثم ينظران، فإن كان الزُّرْقُ مِن قِبَلها أقبلا عليها، وإن كان الزُّرْقُ مِن قِبَله أقبلا عليه، وإن رأيا الفُرْقَة فرَّقا[[تفسير الثوري ص٩٤.]]. (ز)
١٨٠٢٢- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- ﴿إن يريدا إصلاحا﴾، قال: هما الحكمان إذا نَصَحا المرأةَ والرجلَ جميعًا[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٣١.]]. (٤/٤١١)
١٨٠٢٣- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما﴾، يعني بذلك: الحَكَمَيْن[[أخرجه ابن جرير ٦/٧٣٠.]]. (ز)
١٨٠٢٤- قال مقاتل بن سليمان: قوله ﷿: ﴿إن يريدا إصلاحا﴾ يعني: الحكمين ﴿يوفق الله بينهما﴾ للصلح، فإن لم يَتَّفِقا، وظنّا أنّ الفُرْقَة خيرٌ لهما في دينهما؛ فَرَّق الحكمان بينهما برضاهما[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٧١.]]١٦٧٠. (ز)
﴿إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا خَبِیرࣰا ٣٥﴾ - تفسير
١٨٠٢٥- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿إن الله كان عليما خبيرا﴾، قال: بمكانهما[[أخرجه ابن أبي حاتم ٣/٩٤٦.]]. (٤/٤١١)
١٨٠٢٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إن الله كان عليما﴾ بحكمهما، ﴿خبيرا﴾ بنصيحتهما في دينهما[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٣٧١.]]. (ز)
﴿إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا خَبِیرࣰا ٣٥﴾ - آثار متعلقة بالآية
١٨٠٢٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق سماك الحنفي- قال: لَمّا اعتزلت الحروريةُ، فكانوا في دار على حِدَتِهم؛ قلتُ لعَلِيٍّ: يا أمير المؤمنين، أبرِد عن الصلاة، لعَلِّي آتي هؤلاءَ القوم فأُكَلِّمهم. فأتيتُهم، ولبست أحسن ما يكون مِن الحُلَل، فقالوا: مرحبًا بك يا ابن عباس، فما هذه الحُلَّة؟ قلت: ما تعيبون عليَّ؟! لقد رأيتُ على رسول الله ﷺ أحْسَنَ الحُلَل، ونزل: ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ [الأعراف:٣٢]. قالوا: فما جاء بك؟ قلت: أخبِروني ما تنقمون على ابنِ عمِّ رسول الله ﷺ، وختَنِه، وأول مَن آمن به، وأصحابُ رسول الله ﷺ معه؟ قالوا: ننقِم عليه ثلاثًا. قلت: ما هُنَّ؟ قالوا: أولهن أنّه حَكَّم الرجال في دين الله، وقد قال الله تعالى: ﴿إن الحكم إلا لله﴾ [الأنعام:٥٧]. قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتَل ولم يَسْبِ ولم يَغْنَم، لئن كانوا كفارًا لقد حلَّت له أموالُهم، ولَئِن كانوا مؤمنين لقد حَرُمَتْ عليه دماؤُهم. قلت: وماذا؟ قالوا: ومحا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. قلت: أرأيتم إن قرأت عليكُم من كتاب الله المحكمِ، وحَدَّثتكم مِن سُنَّةِ نبيه ﷺ ما لا تَشُكُّون؛ أترجِعون؟ قالوا: نعم. قلت: أمّا قولكم: إنّه حَكَّم الرجال في دين الله. فإنّ الله تعالى يقول: ﴿يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم﴾ إلى قوله: ﴿يحكم به ذوا عدل منكم﴾ [المائدة:٩٥]، وقال في المرأة وزوجها: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها﴾. أنشدكم الله، أفحكم الرِّجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحقُّ أم في أرنبٍ ثمنُها ربعُ درهم؟! قالوا: اللَّهُمَّ في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم. قال: أخرجتُ مِن هذه؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم. وأَمّا قولكم: إنّه قاتل ولم يَسْبِ ولم يَغْنَم. أتَسْبُونَ أُمَّكُم؟! أمْ تَسْتَحِلُّون منها ما تَسْتَحِلُّون من غيرها؟! فقد كفرتم، وإن زعمتم أنّها ليست بأُمِّكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام؛ إنّ الله تعالى يقول: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم﴾ [الأحزاب:٦]، وأنتم تَتَرَدَّدُون بين ضلالتين، فاختاروا أيتهما شئتم. أخَرَجْتُ من هذه؟ قالوا: اللهم نعم. وأَمّا قولُكم: محا اسمَه من أمير المؤمنين. فإنّ رسول الله ﷺ دعا قريشًا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابًا، فقال: «اكتُب: هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله». فقالوا: واللهِ، لو كُنّا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله. فقال: «واللهِ، إنِّي لَرسول الله وإن كذَّبتموني، اكتب، يا علي: محمد بن عبد الله». ورسول اللهِ كان أفضلَ مِن عليٍّ، أخرجت مِن هذه؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم. فرجع منهم عشرون ألفًا، وبقي منهم أربعة آلاف، فقُتِلوا[[أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١٠/١٥٧-١٥٨ (١٨٦٧٨)، والطبراني في الكبير ١٠/٢٥٧ (١٠٥٩٨) واللفظ لهما، وقد أخرج قطعة منه أحمد ٥/٢٦٣ (٣١٨٧)، والحديث عند الحاكم ٢/١٦٤ (٢٦٥٦) بلفظ: فرجع منهم ألفان. وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه»، وقال الذهبي في التلخيص: «على شرط مسلم». وقال ابن تيمية في منهاج السنة ٨/٥٣٠: «فروى أبو نعيم بالإسناد الصحيح» ثم ذكره. وقال الهيثمي في المجمع ٦/٢٣٩-٢٤١ (١٠٤٥٠): «رواه الطبراني، وأحمد ببعضه، ورجالهما رجال الصحيح».]]. (٤/٤١١)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.