الباحث القرآني
﴿قُلۡ یَـٰعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ أَسۡرَفُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ﴾ - قراءات
٦٧٤٨٥- عن أسماء بنت يزيد: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقرأ: (يا عِبادِي الَّذِينَ أسْرَفُواْ على أنفُسهِمْ لا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ولا يُبالِي إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ)[[أخرجه أحمد ٤٥/٥٤٩ (٢٧٥٦٩)، ٤٥/٥٧٤ (٢٧٥٩٦)، ٤٥/٥٨١ (٢٧٦٠٦)، ٤٥/٥٨٦ (٢٧٦١٣)، والترمذي ٥/٤٤٧ (٣٥١٨)، والحاكم ٢/٢٧٢ (٢٩٨٢)، والثعلبي ٨/٢٤٣. قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا مِن حديث ثابت عن شهر بن حوشب، وشهر بن حوشب يروي عن أم سلمة الأنصارية، وأم سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد». وقال الحاكم: «هذا حديث غريب عالٍ، ولم أذكر في كتابي هذا عن شهر غير هذا الحديث الواحد». وزيادة (ولا يُبالِي) في الآية قراءة شاذة، تروى أيضًا عن فاطمة ﵂. انظر: مختصر ابن خالويه ص١٣٢.]]. (١٢/٦٧٦)
﴿قُلۡ یَـٰعِبَادِیَ ٱلَّذِینَ أَسۡرَفُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ﴾ - نزول الآية، وتفسيرها
٦٧٤٨٦- عن ثوبان، قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «ما أُحِبُّ أنّ لي الدنيا وما فيها بهذه الآية: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾» إلى آخر الآية. فقال رجل: يا رسول الله، فمَن أشْركَ؟ فسكت النبي ﷺ، ثم قال: «ألا ومن أشْركَ» ثلاث مرات[[أخرجه أحمد ٣٧/٤٥ (٢٢٣٦٢)، وابن جرير ٢٠/٢٢٨-٢٢٩، والثعلبي ٨/٢٤٣. قال الهيثمي في المجمع ٧/١٠٠ (١١٣١٣): «فيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن». وقال في موضع آخر ١٠/٢١٤ (١٧٦٢٣): «رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن». وقال المناوي في التيسير ٢/٣٣٩: «إسناده حسن». وقال الألباني في الضعيفة ٩/٣٩٨ (٤٤٠٩): «ضعيف».]]. (١٢/٦٧٥)
٦٧٤٨٧- عن عمر بن الخطاب -من طريق ابنه عبد الله- قال: اتَّعَدْتُ أنا وعيّاش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل أن نُهاجِر إلى المدينة، فخرجتُ أنا وعيّاش، وفتُِن هشام فافتُتن، فقدم على عيّاش أخواه أبو جهل والحارث ابنا هشام، فقالا له: إن أمّك قد نذرتْ أن لا يُظلّها ظِلٌّ، ولا يمسّ رأسها غُسل حتى تراك. فقلتُ: واللهِ، إن يريداك إلا أن يفتناك عن دينك. وخرجا به، وفتنوه فافتُتن. قال: فنزلت فيهم: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾. قال عمر: فكتبتُها إلى هشام، فقدم[[أخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ١/٣١٩ (٢١٤)، بإسناده من طريق ابن مردويه، ثنا أحمد بن محمد بن عبد الله البزار، ثنا عبد الله بن أحمد بن موسى، ثنا خليفة بن خياط وعمرو بن العباس، قالا: ثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر، عن عمر به. إسناده حسن.]]. (١٢/٦٧٣)
٦٧٤٨٨- عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن عمر- نحوه مطولًا، وفي آخره: وكنا نقول: واللهِ، لا يقبل اللهُ مِمَّن افتُتِن صَرفًا ولا عدلًا، ولا تُقبل توبةُ قومٍ عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم، فلمّا قدِم رسولُ الله ﷺ المدينة أنزل الله فيهم وفي قولنا لهم وقولهم لأنفسهم: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ إلى قوله: ﴿وأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾. قال عمر: فكتبتُها في صحيفةٍ، وبعثتُ بها إلى هشام بن العاصي. قال هشام: فلم أزل أقرؤها بذي طُوى أصعد بها فيه حتى فهمتُها. قال: فأُلقي في نفسي أنها إنما أُنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا، فرجعتُ، فجلستُ على بعيري، فلحقتُ برسول الله ﷺ بالمدينة[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/٤٧٥-٤٧٦-، والبزار في مسنده ١/٢٥٨-٢٦٠ (١٥٥) مطولًا، وابن جرير ٢٠/٢٢٧ مختصرًا. قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عن النبي ﷺ إلا عمر، ولا نعلم رُوي عن عمر متصلًا إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد». وقال الهيثمي في المجمع ٦/٦١ (٩٩١٨): «رواه البزار، ورجاله ثقات».]]. (ز)
٦٧٤٨٩- عن عبد الله بن عمر -من طريق نافع- قال: كُنّا نقول: ما لِمُفتَتنٍ توبةٌ، وما اللهُ بقابلٍ منه شيئًا؛ عرفوا ذلك وآمنوا به وصدّقوا رسوله، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم، وكانوا يقولونه لأنفسهم. فلمّا قدِم رسولُ الله ﷺ المدينة أنزل الله فيهم: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ الآيات. قال ابنُ عمر: فكتبتُها بيدي، ثم بعثتُ بها إلى هشام بن العاص[[أخرجه الحاكم ٣/٢٦٨ (٥٠٥٤) بنحوه، والطبراني في الكبير ٢٢/١٧٧ (٤٦٢) واللفظ له. قال الذهبي متعقّبًا الحاكم: «عبد الرحمن بن بشير منكر الحديث». وقال الهيثمي في المجمع ٦/٦٢ (٩٩٢٠): «رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن بشير الدمشقي، ضعّفه أبو حاتم». وقال في ٦/٢٦٣ (١٠٥٨٤): «وفيه محمد بن إسحاق، وهو مدلس».]]. (١٢/٦٧١)
٦٧٤٩٠- عن عبد الله بن عمر -من طريق نافع- قال: إنّما نزلت هذه الآيات في عيّاش بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد، ونفر من المسلمين كانوا أسلموا، ثم فُتنوا وعُذِّبوا، فافتتنوا، فكنا نقول: لا يقبل الله من هؤلاء صَرفًا ولا عدلًا أبدًا؛ قومٌ أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عُذِّبوه؟! فنزلت هؤلاء الآيات، وكان عمر بن الخطاب كاتبًا، فكتبها بيده، ثم بعث بها إلى عيّاش والوليد وإلى أولئك النفر، فأسلموا، وهاجروا[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٧-٢٢٨.]]. (١٢/٦٧٥)
٦٧٤٩١- عن عبد الله بن عباس، قال: أُنزلت: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ الآية، في مشركي أهل مكة[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه. قال السيوطي: «بسند صحيح».]]. (١٢/٦٧١)
٦٧٤٩٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جُبير-: أنّ ناسًا مِن أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنَوا وأكثروا، فأَتَوا محمدًا ﷺ، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تُخبرنا أنّ لِما عملنا كفارةً! فنزل: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلها آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون﴾ [الفرقان:٦٨]، ونزلت: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله﴾[[أخرجه البخاري ٦/١٢٥-١٢٦ (٤٨١٠)، ومسلم ١/١١٣ (١٢٢)، وابن جرير ١٧/٥٠٦، وابن أبي حاتم ٨/٢٧٢٨ (١٥٣٩٨)، والثعلبي ٧/١٤٨.]]. (ز)
٦٧٤٩٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- قال: بعث رسولُ الله ﷺ إلى وحْشيّ بن حرب قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه: يا محمد، كيف تدعوني وأنت تزعم أنّ مَن قتل أو أشرك أو زنى ﴿يَلْقَ أثامًا يُضاعَفْ لَهُ العَذابُ يَوْمَ القِيامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانًا﴾ [الفرقان:٦٨-٦٩] وأنا صنعتُ ذلك فهل تجد لي مِن رخصة؟ فأنزل الله: ﴿إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان:٧٠]. فقال وحْشيّ: هذا شرط شديد؛ ﴿إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا﴾، فلعلي لا أقدر على هذا. فأنزل الله: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ [النساء:٤٨]. فقال وحْشيّ: هذا أرى بعد مشيئة، فلا أدري يَغفر لي أم لا، فهل غير هذا؟ فأنزل الله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ الآية. قال وحْشيّ: هذا نعم. فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله، إنّا أصبنا ما أصاب وحْشيّ. قال: «هي للمسلمين عامة»[[أخرجه الطبراني في الكبير ١١/١٩٧ (١١٤٨٠)، وابن عساكر في تاريخه ٦٢/٤١٣، والثعلبي ٨/٢٤١. قال الهيثمي في المجمع ٧/١٠١ (١١٣١٤): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبين بن سفيان، ضعّفه الذهبي».]]. (١٢/٦٧٢)
٦٧٤٩٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾، يقول: لا تيأسوا من رحمة الله، وذلك أن أهل مكة قالوا: يزعم محمدٌ أنّ مَن عبد الأوثان، ودعا مع الله إلهًا آخر، وقتل النفس التي حرّم الله، لم يُغفر له، فكيف نهاجر ونُسلم وقد عبدنا الآلهة، وقتلنا النفس التي حرّم الله، ونحن أهل الشرك؟! فأنزل الله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٤، من طريق محمد بن سعد العوفي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه عطية العوفي، عن ابن عباس به. وأورده الثعلبي ٨/٢٤١. إسناده ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (١٢/٦٧٤)
٦٧٤٩٥- عن أبي سعيد، قال: لما أسلم وحْشيّ أنزل الله: ﴿والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلّا بِالحَقِّ﴾ [الفرقان:٦٨]. قال وحْشيّ وأصحابه: فنحن قد ارتكبنا هذا كله. فأنزل الله: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ الآية[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٧٣١ (١٥٤١٨)، من طريق محمد بن أبي حماد، ثنا إبراهيم بن المختار وأبو زهير، عن الحجاج، عن عطية، عن أبي سعيد به. إسناده ضعيف؛ في إسناده إبراهيم بن المختار التميمي أبو إسماعيل الرازي. قال عنه ابن حجر في التقريب (٢٤٥): «صدوق ضعيف الحفظ». وفيه أيضًا حجاج بن أرطأة؛ قال عنه ابن حجر في التقريب (١١١٩): «صدوق كثير الخطأ والتدليس». وفيه أيضًا عطية بن سعد العوفي؛ قال عنه ابن حجر في التقريب (٤٦١٦): «صدوق يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًا مدلِّسًا».]]. (١٢/٦٧٢)
٦٧٤٩٦- عن وحْشيّ، قال: لَمّا كان في أمر حمزة ما كان ألقى اللهُ خوفَ محمدٍ ﷺ في قلبي، فخرجتُ هاربًا، أكمُن النهار وأسير الليل، حتى صرت إلى أقاويل[[الأقيال والأقوال: جمع قَيل، وهو الملك النافذ القول والأمر. النهاية (قيل)، والتاج (قول).]] حِمْيَر، فنزلتُ فيهم، فأقمتُ حتى أتاني رسولُ رسولِ الله ﷺ يدعوني إلى الإسلام، قلت: وما الإسلام؟ قال: تؤمن بالله ورسوله، وتترك الشرك بالله، وقتْل النفس التي حرّم الله، وشرْب الخمر، والزنا، والفواحش كلها، وتستحمّ من الجنابة، وتصلي الخمس. وقال: إن الله قد أنزل هذه الآية: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾. فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. فصافحني، وكنّاني بأبي حرب[[عزاه السيوطي إلى محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة.]]. (١٢/٦٧٣)
٦٧٤٩٧- عن عطاء بن يسار -من طريق بعض أصحابه- قال: نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحْشيّ وأصحابه: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿وأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٥.]]. (١٢/٦٧٥)
٦٧٤٩٨- عن أبي مِجْلَز لاحق بن حُميد السَّدُوسِيّ، قال: لَمّا نزلت على نبي الله ﷺ: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ إلى آخر الآية؛ قام نبيُّ الله ﷺ، فخطب الناس، وتلاها عليهم، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، والشرك بالله؟ فسكت، فأعاد ذلك ما شاء الله؛ فأنزل الله: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ﴾ [النساء:٤٨][[عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد مرسلًا.]]. (١٢/٦٨٠)
٦٧٤٩٩- قال الحسن البصري، قال: لَمّا نزل في قاتل المؤمن والزاني وغير ذلك ما نزل؛ خاف قومٌ أن يُؤاخذوا بما عملوا في الجاهلية، فقالوا: أيُّنا لم يفعل؟! فأنزل الله: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ بالشرك ﴿لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/١١٦-١١٧-.]]. (ز)
٦٧٥٠٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ ناسًا أصابوا في الشِّرك عِظامًا، فكانوا يخافون أن لا يُغفَر لهم، فدعاهم الله بهذه الآية: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ الآية[[أخرجه عبد الرزاق ٢/١٧٤ من طريق معمر، وابن جرير ٢٠/٢٢٥-٢٢٦. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر.]]. (١٢/٦٨٠)
٦٧٥٠١- عن إسماعيل السُّدّي -من طريق أسباط- في قوله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾، قال: هؤلاء المشركون من أهل مكة. قالوا: كيف نُجيبك وأنت تزعُم أنّه مَن زنى، أو قتل، أو أشرك بالرحمن كان هالِكًا مِن أهل النار؟! فكل هذه الأعمال قد عملناها. فأُنزلت فيهم هذه الآية: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٦.]]. (ز)
٦٧٥٠٢- عن محمد بن السّائِب الكلبي -من طريق سفيان بن عُيينة- قال: قال وحْشيّ: ليست لي توبة، قتلتُ حمزة. فأنزل الله -تبارك وتعالى-: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾[[أخرجه إسحاق البستي ص٢٦٤.]]. (ز)
٦٧٥٠٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ نزلت في مشركي مكة، وذلك أن الله ﷿ أنزل في الفرقان [٦٨]: ﴿والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ﴾ الآية، فقال وحْشيّ مولى المُطْعِم بن عَدِيّ بن نوفل: إنِّي قد فعلتُ هذه الخصال، فكيف لي بالتوبة؟ فنزلت فيه: ﴿إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان:٧٠]. فأسلم وحْشيّ، فقال مشركو مكة: قد قُبِلَ من وحْشيّ توبَتُهُ، وقد نزل فيه ولم ينزل فينا. فنزلت في مشركي مكة: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٨٣.]]. (ز)
٦٧٥٠٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه﴾ الآية، قال: كان قوم مسخوطين في أهل الجاهلية، فلما بعث الله نبيَّه قالوا: لو أتينا محمدًا ﷺ، فآمنّا به، واتّبعناه. فقال بعضهم لبعض: كيف يقبلكم الله ورسولُه في دينه؟ فقالوا: ألا نبعثُ إلى رسول الله ﷺ رجلًا! فلمّا بعثوا، نزل القرآن: ﴿قل يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه﴾، فقرأ حتى بلغ: ﴿فَأَكُونَ مِنَ المُحْسِنِين﴾[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٦.]]. (ز)
٦٧٥٠٥- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي الكَنُود- أنه مرّ على قاصٍّ يذكر النار، فقال: يا مذكِّر النار، لا تُقنِّط الناس. ثم قرأ: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/١٨٥، وابن أبي الدنيا في حُسن الظن (٥٠)، وابن جرير ٢٠/٢٢٨، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/٩٩-، والطبراني (٨٦٣٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٥٣). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١٢/٦٧٦)
٦٧٥٠٦- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾ الآية، قال: قد دعا اللهُ إلى مغفرته مَن زعم أنّ المسيح هو الله، ومَن زعم أنّ المسيحَ ابنُ الله، ومَن زعم أنّ عُزيرًا ابن الله، ومَن زعم أنّ الله فقير، ومَن زعم أنّ يد الله مغلولة، ومَن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله لهؤلاء: ﴿أفَلا يَتُوبُونَ إلى اللَّهِ ويَسْتَغْفِرُونَهُ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة:٧٤]، ثم دعا إلى توبته مَن هو أعظم قولًا من هؤلاء؛ من قال: ﴿أنا رَبُّكُمُ الأَعْلى﴾ [النازعات:٢٤]، وقال: ﴿ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِن إلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص:٣٨]. قال ابن عباس: مَن آيس العِباد مِن التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله، ولكن لا يقدر العبدُ أن يتوب حتى يتوب الله عليه[[عزاه السيوطي إلى ابن جرير، وابن المنذر.]]. (١٢/٦٧٧)
٦٧٥٠٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجِيح- في قول الله: ﴿الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾، قال: قتْل النفس في الجاهلية[[تفسير مجاهد ص٥٨٠، وأخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٥.]]. (ز)
٦٧٥٠٨- عن محمد بن كعب القُرَظيّ -من طريق أبي صخر- أنه قال في هذه الآية: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه﴾، قال: هي للناس أجمعين[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن ٢/٧٢ (١٣٨)، وابن جرير ٢٠/٢٢٨.]]. (ز)
٦٧٥٠٩- عن زيد بن أسلم -من طريق أبي صخر- في قوله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه﴾، قال: إنما هي للمشركين[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن ٢/٧٢ (١٣٨)، وابن جرير ٢٠/٢٢٥.]]. (ز)
٦٧٥١٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ﴾، يعني بالإسراف: الشِّرْك، والقتل، والزِّنا، فلا ذنبَ أعظم إسرافًا مِن الشِّرك[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٨٣.]]٥٦٤١. (ز)
﴿لَا تَقۡنَطُوا۟ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ﴾ - تفسير
٦٧٥١١- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾، يقول: لا تيأسوا من رحمة الله[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٤.]]. (١٢/٦٧٤)
٦٧٥١٢- قال مقاتل بن سليمان: يقول: ﴿لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه﴾ لأنهم ظنُّوا ألا توبة لهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٨٣.]]. (ز)
﴿لَا تَقۡنَطُوا۟ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٦٧٥١٣- عن أبي هريرة، قال: خرج النبيُّ ﷺ على رَهْطٍ مِن أصحابه يضحكون ويتحدثون، فقال: «والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلمُ لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا». ثم انصرف، وبكى القومُ، فأوحى الله إليه: يا محمد، لِمَ تُقنِّط عبادي؟ فرجع النبيُّ ﷺ، وقال: «أبْشِروا، وسدِّدوا، وقارِبوا»[[أخرجه ابن حبان ١/٣١٩ (١١٣)، ٢/٧٣-٧٤ (٣٥٨)، وبنحوه مختصرًا الحاكم ٤/٦٢٢. قال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة». وقال الألباني في الصحيحة ٧/٥٨٩ (٣١٩٤): «لا ينزل عن مرتبة الحسن؛ لما له من الشواهد المبثوثة في مختلف الأحاديث. وللشطر الأول من حديث الترجمة شواهد كثيرة، أصحّها حديث أنس بن مالك مرفوعًا به. أخرجه البخاري (٦٤٨٦)، ومسلم (٩٠١)».]]. (١٢/٦٧٣)
٦٧٥١٤- عن علي بن أبي طالب -من طريق يحيى- قال: إنّ الفقيه كلَّ الفقيه مَن لم يُقنِّط الناس مِن رحمة الله، ولم يُرَخِّص لهم في معاصي الله، ولم يُؤمِّنهم عذابَ الله، ولم يدع القرآنَ رغبة عنه إلى غيره، إنّه لا خير في عبادة لا عِلْمَ فيها، ولا عِلْمٍ لا فهْمَ فيه، ولا قِراءةٍ لا تدبُّرَ فيها[[أخرجه ابن الضريس (٦٩). وعزاه السيوطي إلى أبي القاسم بن بِشران في أماليه.]]. (١٢/٦٧٩)
٦٧٥١٥- عن عبيد بن عمير، عن عائشة، أنها قالت له: ألم أُحدَّث أنّك تجلس ويُجلَس إليك؟ قال: بلى. قالت: فإيّاك وإهلاكَ الناس وتقنيطَهم[[أخرجه عبد الرزاق (٢٠٥٦٠). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٢/٦٨٠)
٦٧٥١٦- عن ضَمْضَمِ بن جَوْسٍ، قال: دخلتُ مسجدَ المدينة، فناداني شيخ، فقال: يا يماني، تعال. وما أعرفه، فقال: لا تقولن لرجل: واللهِ، لا يغفر الله لك أبدًا، ولا يُدخلك الله الجنة. قلتُ: ومَن أنت، يرحمك الله؟ قال: أبو هريرة. قال: فقلت: إنّ هذه الكلمة يقولُها أحدُنا لبعض أهله إذا غضب، أو لزوجته، أو لخادمه. قال: فإنِّي سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: «إنّ رجلين كانا في بني إسرائيل متحابّين، أحدهما مجتهد في العبادة، والآخر يقول كأنه مذنب، فجعل يقول: أقْصِر أقْصِر عما أنت فيه. قال: فيقول: خلِّني وربي. قال: حتى وجده يومًا على ذنب استعظمه، فقال: أقْصِر. فقال: خلِّني وربي؛ أبُعِثْتَ عَلَيَّ رقيبًا؟ فقال: واللهِ، لا يغفر الله لك أبدًا، ولا يُدخلك الجنة أبدًا. قال: فبعث اللهُ إليهما مَلكًا، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عنده، فقال للمذنب: ادخل الجنة برحمتي. وقال للآخر: أتستطيع أن تحظر على عبدي رحمتي؟ فقال: لا، يا رب. فقال: اذهبوا به إلى النار». قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده، لتكلّم بكلمة أوْبَقَتْ دنياه وآخرته[[أخرجه أحمد ١٤/٤٦-٤٧ (٨٢٩٢)، وأبو داود ٤/٢٧٥ (٤٩٠١)، وابن حبان ١٣/٢٠-٢١ (٥٧١٢)، وابن المبارك في الزهد والرقائق ١/٣١٤ (٩٠٠) واللفظ له. إسناده حسن.]]. (ز)
٦٧٥١٧- كان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لِمَ تُقَنِّط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنّط الناس، والله ﷿ يقول: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ﴾، ويقول: ﴿وأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أصْحابُ النّارِ﴾ [غافر:٤٣]؟! ولكنكم تُحِبُّون أن تُبَشَّروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنّما بعث اللهُ محمدًا ﷺ مُبَشِّرًا بالجنة لمن أطاعه، ومُنذِرًا بالنار مَن عصاه[[علقه البخاري، في كتاب التفسير، عقب باب ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...﴾ ٤/١٨١٤.]]. (ز)
٦٧٥١٨- عن عطاء بن يسار، قال: إنّ لِلمُقَنِّطين جسرًا؛ يطأُ الناسُ يومَ القيامة على أعناقهم[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/١٩١.]]. (١٢/٦٧٩)
٦٧٥١٩- عن غالب، قلت للحسن البصري: ما القنوط؟ قال: ترْك فرائض الله في السر[[أخرجه إسحاق البستي ص٢٦٥.]]. (ز)
٦٧٥٢٠- عن زيد بن أسلم: أنّ رجلًا كان في الأمم الماضية يجتهد في العبادة، ويُشَدِّد على نفسه، ويُقَنِّط الناس مِن رحمة الله، ثم مات، فقال: أي ربّ، ما لي عندك؟ قال: النار. قال: فأين عبادتي واجتهادي؟ فقيل له: كنت تُقَنِّط الناس مِن رحمتي، وأنا أقنِّطك اليوم من رحمتي[[أخرجه عبد الرزاق (٢٠٥٦١). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٢/٦٨٠)
﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِیعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ ٥٣﴾ - قراءات
٦٧٥٢١- عن منصور عن عامر، قال: جلس مسروق بن الأجدع، وشُتَيْر بن شَكَل، فقال أحدهما للآخر: حدِّث ما سمعتَ من عبد الله [بن مسعود] وأصدّقك، أو أحدّث وتصدّقني. قال: سمعت عبد الله يقول: إنّ أكثر آية أو أكبر آية في القرآن آية في سورة الغُرف: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِّمَن يَّشَآءُ). قال: صدقتَ. قال منصور: وكذلك هي في مصحف عبد الله، أو كذلك قرأها عبد الله[[أخرجه إسحاق البستي ص٢٦٥. وزيادة (لِّمَن يَّشَآءُ) في الآية قراءة شاذة. انظر: مختصر ابن خالويه ص١٣٢.]]. (ز)
﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِیعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ ٥٣﴾ - تفسير الآية
٦٧٥٢٢- قال الحسن البصري: ﴿إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ التي كانت في الشرك، ﴿إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وأنزل: ﴿والَّذِين َلا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ﴾ أي: بعد إسلامهم، ﴿ولا يَقْتُلُون النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلّا بِالحَق﴾ أي: بعد إسلامهم ﴿ولا يَزْنُونَ﴾ أي: بعد إسلامهم، إلى قوله: ﴿إلّا مَن تابَ وآمَن َوَعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا﴾ الآية [الفرقان:٦٨-٧٠][[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٤/١١٦-١١٧-.]]. (ز)
٦٧٥٢٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ يعني: الشرك، والقتل، والزنا الذي ذُكر في سورة الفرقان، ﴿إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم﴾ لمن تاب منها[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٦٨٣.]]. (ز)
﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِیعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ ٥٣﴾ - آثار متعلقة بالآية
٦٧٥٢٤- عن ابن عمر: أنّ عمر بن الخطاب خرج ذات يوم إلى الناس، فقال: أيُّكم يخبرني بأعظم آية في القرآن، وأعدلها، وأخوفها، وأرجاها؟ فسكت القوم، فقال ابن مسعود: على الخبير سقطتَ؛ سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «أعظم آية في القرآن: ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾ [البقرة:٢٥٥]. وأعدل آية في القرآن: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾ إلى آخرها [النحل:٩٠]. وأخوف آية في القرآن: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ [الزلزلة:٧-٨]. وأرجى آية في القرآن: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله﴾»[[أخرجه المستغفري في فضائل القرآن ٢/٧٦١ (١١٥٢)، والجوزقاني في الأباطيل ٢/٣٦٣-٣٦٤ (٧١٢)، وأخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير ١/٦٧٦-، والواحدي في التفسير الوسيط ١/٣٦٥-٣٦٦ (١١٨) مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى الشيرازي في الألقاب، والهروي في فضائله. قال الألباني في الضعيفة ١٤/١١٢٤ (٧٠٢٥): «ضعيف»، وصحّح وقفه على ابن مسعود من قوله.]]. (٣/١٧١)
٦٧٥٢٥- عن أنس، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «والذي نفسي بيده، لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله؛ لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده، لو لم تُخطئوا لجاء الله بقوم يُخطئون، ثم يستغفرون الله، فيغفر لهم»[[أخرجه أحمد ٢١/١٤٦ (١٣٤٩٣). قال الهيثمي في المجمع ١٠/٢١٥ (١٧٦٢٤): «رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجاله ثقات». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٧/٤٢٤ (٧٢٤٠): «فيه عبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي، ولم أر من ذكره بعدالة ولا جرح، باقي رواته ثقات». وقال الألباني في الصحيحة ٤/٥٩٤ (١٩٥١): «الحديث حسن لغيره».]]. (١٢/٦٧٨)
٦٧٥٢٦- عن أبي أيوب الأنصاري: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «لولا أنّكم تُذنِبون لخلق الله خلْقًا يُذنِبون فيغفر لهم»[[أخرجه مسلم ٤/٢١٠٥ (٢٧٤٨).]]. (١٢/٦٧٨)
٦٧٥٢٧- عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ، قال: «كان في بني إسرائيل رجلٌ قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبًا، فسأله، فقال: هل لي مِن توبة؟ فقال: لا. فقتله، فكمّل به المائة. فقال له رجل: ائْتِ قريةَ كذا وكذا، فأدركَه الموتُ، فنأى بصدره نحوها. فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله تعالى إلى هذه: أن تقرّبي. وأوحى إلى هذه: أن تباعدي. وقال: قيسوا ما بينهما. فوُجد إلى هذه أقرب بشبر، فغُفر له»[[أخرجه البخاري ٤/١٧٤ (٣٤٧٠) واللفظ له، ومسلم ٤/٢١١٨-٢١١٩ (٢٧٦٦).]]. (ز)
٦٧٥٢٨- عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: «قال رجل -لم يعمل خيرًا قط- لأهله: إذا مات فحرّقوه، ثم اذْرُوا نصفه في البر ونصفه في البحر، فواللهِ لئن قدر الله عليه ليعذّبنه عذابًا لا يعذّبه أحدًا من العالمين. قال: فلما مات فعلوا ما أمرهم، فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر البرَّ فجمع ما فيه، ثم قال له: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: مِن خشيتك، يا رب، وأنت أعلم. فغفر له»[[أخرجه البخاري ٤/١٧٦ (٣٤٨١)، ومسلم ٤/٢١٠٩ (٢٧٥٦) واللفظ له.]]. (ز)
٦٧٥٢٩- عن عامر الشعبي، قال: تجالسَ شُتَيْر بن شَكَل ومسروق، فقال شُتَيْر: إمّا أن تُحَدِّث ما سمعتَ مِن ابن مسعود فأصدّقك، وإمّا أن أحدِّث فتصدّقني. فقال مسروق: لا، بل حدِّث فأصدّقك. فقال: سمعتُ ابن مسعود يقول: إن أكبر آية فرحًا في القرآن: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّه﴾. فقال مسروق: صدقتَ[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٦.]]. (ز)
٦٧٥٣٠- عن محمد بن سيرين، قال: قال عليٌّ: أيُّ آية أوسع؟ فجعلوا يذكرون آياتٍ مِن القرآن: ﴿ومَن يَعْمَلْ سُوءًا أوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ [النساء:١١٠]، ونحوها، فقال علي: ما في القرآن آية أوسع من: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٢٠/٢٢٨.]]. (١٢/٦٧٦)
٦٧٥٣١- عن عبيد بن عمير، قال: إنّ إبليس قال: يا ربِّ، إنّك أخرجتني مِن الجنة مِن أجل آدم، وإنِّي لا أستطيعه إلا بسلطانك. قال: فأنت مُسلَّط عليه. قال: يا ربّ، زِدني. قال: لا يُولد له ولد إلا وُلد لك مثله. قال: يا ربّ، زِدني. قال: صدورهم مساكن لكم، وتجرون منهم مجارى الدم. قال: يا ربّ، زِدني. قال: ﴿وأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ وشارِكْهُمْ فِي الأَمْوالِ والأَوْلادِ وعِدْهُمْ﴾ [الإسراء:٦٤]. فقال آدم: يا ربّ، قد سلّطتَه عَلَيَّ، وإنِّي لا أمتنع منه إلا بك. قال: لا يُولد لك ولد إلا وكّلتُ به مَن يحفظه مِن قرناء السوء. قال: يا ربّ، زِدني. قال: الحسنة عشرًا أو أزيد، والسيئة واحدة أو أمحوها. قال: يا ربّ، زِدني. قال: باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد. قال: يا ربّ، زِدني. قال: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٧/١٠٠- عن عبد الله بن عبيد بن عمير. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١٢/٦٧٧)
٦٧٥٣٢- عن أبي الجَوْزاء -من طريق عمرو بن مالك- قال: ما علمتُ أحدًا مِن أهل العلم ولا مِن أصحاب محمّد ﷺ يقول لذنب: إنّ الله لا يغفر هذا[[أخرجه الثعلبي ٨/٢٤٣.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.