الباحث القرآني
﴿وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُوا۟ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَاۤ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَـٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢﴾ - تفسير الآية
٦١٣٤٢- عن قتادة بن دعامة، في قوله: ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا﴾، قال: أبصروا حين لم ينفعهم البصرُ، وسمعوا حين لم ينفعهم السمعُ[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (١١/٦٨٧)
٦١٣٤٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولَوْ تَرى﴾ يا محمد ﴿إذِ المُجْرِمُونَ﴾ يعني ﷿: كُفّار مكة ﴿ناكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا فارْجِعْنا﴾ إلى الدنيا؛ ﴿نَعْمَلْ صالِحًا إنّا مُوقِنُونَ﴾ بالبعث[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٤٥٠.]]. (ز)
٦١٣٤٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾، قال: قد حزنوا واستحيوا[[أخرجه ابن جرير ١٨/٦٠٥.]]٥١٦٥. (ز)
٦١٣٤٥- قال يحيى بن سلّام: ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ﴾ المشركون ﴿ناكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ خزايا نادمين ﴿رَبَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا﴾ سمعوا حين لم ينفعهم السمع، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر؛ ﴿فارْجِعْنا﴾ إلى الدنيا ﴿نَعْمَلْ صالِحًا إنّا مُوقِنُونَ﴾ بالذي أتانا به محمد أنّه حق[[تفسير يحيى بن سلام ٢/٦٨٨.]]. (ز)
﴿وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُوا۟ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَاۤ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَـٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢﴾ - آثار متعلقة بالآية
٦١٣٤٦- عن محمد بن كعب القرظي -من طريق عمر بن أبي ليلى- يقول: بلغني، أو ذُكر لي: أنّ أهل النار استغاثوا بالخزنة، قال الله ﷿: ﴿وقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْمًا مِنَ العَذابِ﴾. سألوا يومًا واحدًا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم الخزنة: ﴿أوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فادْعُوا﴾، فردت عليهم الخزنة: ﴿فادْعُوا وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا فِي ضَلالٍ﴾ [غافر:٤٩-٥٠]. ولما يئسوا مما عند الخزنة، ﴿نادَوْا يا مالِكُ﴾ وهو عليهم، وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليه ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: ﴿يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ﴾ [الزخرف:٧٧]. سألوا الموت، قال: فمكث عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يومًا، واليوم ﴿كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ﴾ [الحج: ٤٧]؛ لحظ إليهم بعد الثمانين: ﴿إنَّكُمْ ماكِثُونَ﴾ [الزخرف:٧٧]. فلما سمعوا ما سمعوا يئسوا مما قبله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم مِن البلاء والعذاب ما قد ترون، فهلموا فلنصبرْ، فلعل الصبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. فأجمعوا رأيهم على الصبر، قال: فتصبروا، فطال صبرهم، ثم جزعوا، فنادوا: ﴿سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا ما لَنا مِن مَحِيصٍ﴾ [إبراهيم:٢١]، أي: ملجأ، فقام إبليس عند ذلك فخطبهم: ﴿إنَّ اللَّهَ وعَدَكُمْ وعْدَ الحَقِّ ووَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِن سُلْطانٍ إلّا أنْ دَعَوْتُكُمْ فاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أنْفُسَكُمْ ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ يقول: بمغنٍ عنكم شيئًا، ﴿وما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إنِّي كَفَرْتُ بِما أشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ﴾ [إبراهيم:٢٢]. فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم، فنودوا: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ أكْبَرُ مِن مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ إذْ تُدْعَوْنَ إلى الإيمانِ فَتَكْفُرُونَ. قالُوا رَبَّنا أمَتَّنا اثْنَتَيْنِ وأَحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ فاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِن سَبِيلٍ﴾. فرد عليهم: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إذا دُعِيَ اللَّهُ وحْدَهُ كَفَرْتُمْ وإنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فالحُكْمُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيرِ﴾ [غافر:١٠-١٢]. قال: هذه واحدة. قال: فنادوا الثانية: ﴿رَبَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا فارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحًا إنّا مُوقِنُونَ﴾. فرد عليهم: ﴿ولَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها﴾ يقول: لو شئت لهديت الناس جميعًا فلم يختلف منهم أحد، ﴿ولَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذا﴾ يقول: بما تركتم أن تعملوا ليومكم هذا، ﴿إنّا نَسِيناكُمْ﴾: إنا تركناكم، ﴿وذُوقُوا عَذابَ الخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فهذه اثنتان. قال: فنادوا الثالثة: ﴿رَبَّنا أخِّرْنا إلى أجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾. فرد عليهم: ﴿أوَلَمْ تَكُونُوا أقْسَمْتُمْ مِن قَبْلُ ما لَكُمْ مِن زَوالٍ. وسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ وتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وضَرَبْنا لَكُمُ الأَمْثالَ. وقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وإنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنهُ الجِبالُ﴾ [إبراهيم:٤٤-٤٦]. قال: هذه الثالثة. قال: ثم نادوا الرابعة: ﴿ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل﴾. قال: ﴿أوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ مِن نَصِيرٍ﴾ [فاطر:٣٧]. فمكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: ﴿ألَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾. فلما سمعوا ذلك قالوا: الآن يرحمنا ربنا. وقالوا عند ذلك: ﴿رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا﴾ [المؤمنون:١٠٥-١٠٦] أي: الكتاب الذي كتبت علينا ﴿وكُنّا قَوْمًا ضالِّينَ. رَبَّنا أخْرِجْنا مِنها فَإنْ عُدْنا فَإنّا ظالِمُونَ﴾. فقال عند ذلك: ﴿اخْسَئُوا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون:١٠٥-١٠٨]، فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض، ينبح بعضهم في وجه بعض، وأطبقت عليهم. فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله: ﴿هَذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. ولا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات:٣٥-٣٦][[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب صفة النار -موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا ٦/٤٥٤-٤٥٦ (٢٥١)-. وأخرج نحوه عبد الله بن وهب من طريق أبي معشر في الجامع لابن وهب -تفسير القرآن ٢/١١٨-١١٩ (٢٣٤).]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.