الباحث القرآني

﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ إِصۡرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ ۝٨١ فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ۝٨٢﴾ - قراءات

١٣٥٣٨- عن سعيد بن جبير أنّه قال: قلت لابن عباس: إنّ أصحاب عبد الله يقرؤون: (وإذْ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِين أُوتُوا الكِتابَ لَما آتَيْتُكُم مِّن كِتابٍ وحِكْمَةٍ)، ونحن نقرأ: ﴿ميثاق النبيين﴾؟ فقال ابن عباس: إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٣٩، وابن المنذر ١/٢٧٠-٢٧١، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٣. والقراءة المذكورة قراءة شاذة. انظر: البحر المحيط ٢/٥٠٨.]]١٢٦٣. (٣/٦٤٦)

١٢٦٣ علَّق ابنُ عطية (٢/٢٧١) على قول ابن عباس بقوله: «هو أخْذٌ لميثاق الجميع».

١٣٥٣٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيج- في قوله: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة﴾، قال: هي خطأ من الكُتّابِ، وهي قراءة ابن مسعود: (وإذْ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ)[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٣٨-٥٣٩، وابن المنذر ١/٢٧٢. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، والفريابي.]]١٢٦٤. (٣/٦٤٦)

١٢٦٤ انتقد ابنُ عطية (٢/٢٧٠) قول مجاهد؛ لمخالفته إجماع الصحابة على مصحف عثمان، فقال: «وهذا لفظ مردود بإجماع الصحابة على مصحف عثمان». وانتقده ابنُ تيمية (٢/٨٩) لمخالفته ما تواتر في القرآن، فقال: «وهذا قول باطل، ولولا أنه ذُكِرَ لما حكيته، فإن ما بين لَوْحَيِ المصحف متواتر. والقرآن صريح في أن الله أخذ الميثاق على النبيين، فلا يلتفت إلى من قال: إنما أخذ على أنبيائهم».

١٣٥٤٠- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- أنّه قرأ: (وإذْ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ).= (ز)

١٣٥٤١- قال: وكذلك كان يقرؤها أُبَيّ بن كعب. قال الربيع: ألا ترى أنه يقول: ﴿ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه﴾، يقول: لتؤمنن بمحمد ﷺ ولتنصرنه، قال: هم أهل الكتاب[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٣٩.]]١٢٦٥. (٣/٦٤٦)

١٢٦٥ على هذه القراءة يكون المقصود: أن الله أخذ الميثاق على أهل الكتاب دون أنبيائهم. ونقل ابن جرير (٥/٥٣٨) حجة قائلي هذا القول، وهم مجاهد والربيع، فقال: «واستشهدوا لصحة قولهم بذلك بقوله: ﴿لتؤمنن به ولتنصرنه﴾. قالوا: فإنما أمر الذين أرسلت إليهم الرسل من الأمم بالإيمان برسل الله، ونصرتها على من خالفها، وأما الرسل فإنه لا وجه لأمرها بنصرة أحد؛ لأنها المحتاجة إلى المعونة على من خالفها من كفرة بني آدم، فأما هي فإنها لا تعين الكفرة على كفرها ولا تنصرها. قالوا: وإذا لم يكن غيرها وغير الأمم الكافرة، فمن الذي ينصر النبي، فيؤخذ ميثاقه بنصرته؟!». ثم انتقده (٥/٥٤٢-٥٤٣) مستندًا إلى القرآن فقال: «ولا معنى لقول من زعم: أن الميثاق إنما أخذ على الأمم دون الأنبياء؛ لأن الله ﷿ قد أخبر أنه أخذ ذلك من النبيين، فسواء قال قائل: لم يأخذ ذلك منها ربها. أو قال: لم يأمرها ببلاغ ما أرسلت، وقد نص الله ﷿ أنه أمرها بتبليغه؛ لأنهما جميعًا خبران من الله عنها، أحدهما أنه أخذ منها، والآخر منهما أنه أمرها، فإن جاز الشك في أحدهما جاز في الآخر. وأما ما استشهد به الربيع بن أنس فإن ذلك غير شاهد على صحة ما قال؛ لأن الأنبياء قد أمر بعضها بتصديق بعض، وتصديق بعضها بعضًا، نصرة من بعضها بعضًا». وبنحوه قال ابن تيمية (٢/٨٩).

١٣٥٤٢- عن سعيد بن جبير: أنه قرأ: (لَمَّآ آتَيْتُكُم)، ثَقَّل (لَمّا)[[عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦٤٩)

١٣٥٤٣- عن عاصم [بن أبي النجود]: أنّه قرأ: ﴿لما﴾ مخففة ﴿آتيتكم﴾ بالتاء، على واحدة، يعني: أعطيتكم[[عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد. القراءة بتشديد (لَمّا) هي قراءة شاذة منسوبة إلى سعيد بن جبير، والحسن، والأعرج. انظر: المحتسب ١/٢٦٠، والبحر المحيط ٢/٥٠٩. وقراءة ﴿آتيتكم﴾ قراءة عشرية متواترة؛ قرأ الجمهور بالتاء المضمومة موحدًا، وقرأ نافع وأبو جعفر بالنون والألف جمعًا. انظر: التيسير ص٨٩، والنشر ٢/٢٤١.]]. (٣/٦٤٩)

﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ إِصۡرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ ۝٨١ فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ۝٨٢﴾ - نزول الآية

١٣٥٤٤- قال مقاتل بن سليمان: ... قال الأصبغ بن زيد، وكَرْدَم بن قيس: أيأمرنا بالكفر بعد الإيمان. فأنزل الله ﷿: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨٦-٢٨٧.]]. (ز)

﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ﴾ - تفسير

١٣٥٤٥- عن علي بن أبي طالب -من طريق أبي أيوب- قال: لم يبعث الله نبيًّا -آدم فمن بعده- إلا أخذ عليه العهد في محمد؛ لَئِن بُعِث وهو حيٌّ ليؤمنن به ولينصرنه، ويأمره فيأخذ العهد على قومه. ثم تلا: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٠.]]. (٣/٦٤٧)

١٣٥٤٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- في الآية، قال: ثم ذكر ما أخذ عليهم -يعني: على أهل الكتاب- وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه –يعني: بتصديق محمد ﷺ- إذا جاءهم، وإقرارهم به على أنفسهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤١-٥٤٢، وابن المنذر (٦٥٣).]]١٢٦٦. (٣/٦٤٨)

١٢٦٦ اختلف المفسرون في من أخذ ميثاقه بالإيمان بمن جاءه من رسل الله مصدقًا لما معه؛ فذهب بعضهم إلى أنّ الله إنّما أخذ الميثاق من أهل الكتاب دون أنبيائهم، وذهب البعض إلى أن الميثاق أخذ من الأنبياء دون الأمم، وقال آخرون بأخذ الميثاق من الاثنين. ورجَّح ابنُ جرير (٥/٥٤٢-٥٤٣) القول الثالث الذي قال به علي بن أبي طالب وابن عباس، مستندًا إلى دلالة عقلية، وهي: أنّ الأنبياء لا يكذب بعضهم بعضًا، ويلزم الأتباع الإقرار بنبوة من ثبتت نبوته، فهو ميثاق يقر به الجميع، فقال: «لأنّ الأنبياء ﵈ بذلك أرسلت إلى أممها، ولم يَدَّعِ أحد ممن صدَّق المرسلين أنّ نبيًّا أرسل إلى أمة بتكذيب أحد من أنبياء الله ﷿، وحججه في عباده، بل كلها -وإن كذب بعض الأمم بعض أنبياء الله بجحودها نبوته- مُقِرٌّ بأن من ثبتت صحة نبوته فعليها الدينونة بتصديقه، فذلك ميثاق مُقِرٌّ به جميعهم». وذكر ابن جرير (٥/٥٤١) أنه اكتفي -على هذا القول- بذكر الأنبياء عن ذكر أممها؛ لأن في ذكر أخذ الميثاق على المتبوع دلالة على أخذه على التباع؛ لأن الأمم تباع أنبيائها. وقال ابنُ تيمية (٢/٨٩): «وحقيقة الأمر: أن الميثاق إذا أخذ على الأنبياء دخل فيه غيرهم؛ لكونه تابعًا لهم، ولأنه إذا وجب على الأنبياء الإيمان به ونصره فوجوب ذلك على من اتبعهم أولى وأحرى؛ ولهذا ذكر عن الأنبياء فقط». وذكر ابن عطية (٢/٢٧٠) أن أخذ هذا الميثاق يحتمل احتمالين: الأول: حين أخرج بني آدم من ظهر آدم نسمًا. الثاني: أن يكون هذا الأخْذ على كل نبي في زمنه ووقت بعثه.

١٣٥٤٧- عن طاووس بن كيسان -من طريق ابن جريج، عن ابن طاووس- في الآية، قال: أخذ الله ميثاق الأَوَّل مِن الأنبياء ليصدقن وليؤمنن بما جاء به الآخر منهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٠، وابن المنذر ١/٢٧١. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦٤٧)

١٣٥٤٨- عن طاووس بن كيسان -من طريق معمر، عن ابن طاووس- في قول الله تعالى: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة﴾، قال: أخذ الله ميثاق النبيين أن يُصَدِّق بعضهم بعضًا، ثم قال: ﴿ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه﴾ قال: هذه الآية لأهل الكتاب، أخذ الله ميثاقهم أن يؤمنوا لمحمد ويصدقوه[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٢٤، وابن جرير ٥/٥٤٣، وابن المنذر ١/٢٧١، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٣-٦٩٤.]]١٢٦٧. (٣/٦٤٧)

١٢٦٧ سبق معنا الخلاف الوارد فيمن عُنِي بأخذ الميثاق، وهذا القول لطاووس يجعل صدر الآية أخذ الميثاق على النبيين، وآخرها مخاطبة لأهل الكتاب بأخذ الميثاق عليهم، وعلّق عليه ابنُ تيمية (٢/٩٠) بقوله: «يعني بذلك: أن من أدرك نبوة محمد منهم، يعني: هم الذين أدركهم العمل بالآية، وإلا فذكر أن الميثاق أخذ على النبيين بعضهم على بعض، لكن ذلك عهد وإقرار مع العلم بأنهم لا يدركون». وانتقده ابنُ عطية (٢/٢٧١) لمخالفته للغة، فقال: «وهو قول يفسده إعراب الآية». وأفاد ابن كثير (٣/١٠٠) عدم معارضته لمن قال بأخذ الميثاق على الأنبياء والأمم، فقال: «وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس [من أن أخذ الميثاق هنا على الأنبياء والأمم]، ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه. ولهذا رواه عبد الرازق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه مثل قول علي وابن عباس».

١٣٥٤٩- عن الحسن البصري -من طريق عَبّاد بن منصور- في الآية، قال: أخذ الله ميثاق النبيين لَيُبَلِّغَنَّ آخرَكم أولُكم، ولا تختلفوا[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤١.]]. (٣/٦٤٨)

١٣٥٥٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضًا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته، فبلَّغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد ﷺ، ويُصَدِّقوه، وينصروه[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٠. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦٤٧)

١٣٥٥١- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في الآية، قال: لم يبعث الله نبيًّا قط من لدن نوح إلا أخذ الله ميثاقه؛ ليؤمنن بمحمد ولينصرنه إن خرج وهو حي، والأخذ على قومه أن يؤمنوا به وينصروه إن خرج وهم أحياء[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤١، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٤.]]. (٣/٦٤٨)

١٣٥٥٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط بن نصر- قوله: ﴿لما آتيتكم﴾: يقول لليهود: أخذت ميثاق النبيين بمحمد ﷺ، وهو الذي ذكر في الكتاب عندكم[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٤.]]١٢٦٨. (ز)

١٢٦٨ ذكر ابنُ جرير (٥/٥٤٥) أن تأويل الآية على قول السدي يكون: واذكروا -يا معشر أهل الكتاب- إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم أيها اليهود من كتاب وحكمة، وانتقده مستندًا إلى اللغة، فقال: «وهذا الذي قاله السدي كان تأويلًا لا وجه غيره لو كان التنزيل: بما آتيتكم، ولكن التنزيل باللام ﴿لما آتيتكم﴾، وغير جائز في لغة أحد من العرب أن يقال: أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم، بمعنى: بما آتيتكم».

١٣٥٥٣- عن عطاء الخراساني -من طريق ابنه عثمان- يعني قوله: ﴿ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم﴾، قال: أخذ ميثاق أهل الكتاب لئن جاءهم رسول مصدق بكتبهم التي عندهم التي جاء بها الأنبياء ليؤمنن به ولينصرنه، فأقروا بذلك، وأشهدوا الله على أنفسهم، فلما جاءهم محمد ﷺ صدق بكتبهم الأنبياء التي كانت قبله، ﴿فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٤.]]. (ز)

١٣٥٥٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين﴾ على أن يعبدوا الله، ويبلغوا الرسالة إلى قومهم، ويدعوا الناس إلى دين الله ﷿، فبعث الله موسى ومعه التوراة إلى بني إسرائيل، فكان موسى أول رسول بعث إلى بني إسرائيل، وفى التوراة بيان أمر محمد ﷺ، فأقروا به، ﴿لمآ﴾ يعني: للذي ﴿آتيتكم﴾ يعني: بني إسرائيل ﴿من كتاب﴾ يعني: التوراة، ﴿وحكمة﴾ يعني: ما فيها من الحلال والحرام، ﴿ثم جاءكم﴾ يعني: بني إسرائيل ﴿رسول﴾ يعني: محمدًا ﷺ ﴿مصدق لما معكم﴾ يعني: تصديق محمد ﷺ لما معكم في التوراة، ﴿لتؤمنن به﴾ يعني: لتصدقن به إن بعث، ﴿ولتنصرنه﴾ إذا خرج. يقول ﷿ لهم: ﴿قال أأقررتم﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨٦-٢٨٧.]]. (ز)

١٣٥٥٥- عن محمد بن إسحاق -من طريق زياد- قال: بعث الله ﷿ محمدًا ﷺ رحمة للعالمين، وكافة للناس، وقد كان الله ﷿ أخذ له الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به والتصديق له، وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل مَن آمن بهم وصدقهم، فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه، يقول الله ﷿ لمحمد ﵇: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم﴾ قرأ إلى ﴿الشاهدين﴾، فأخذ الله له ميثاق النبيين جميعًا بالتصديق له، والنصر له ممن خالفه، وأدوا ذلك إلى مَن آمن منهم وصدقهم، فبعثه الله بعد بنيان الكعبة بخمس سنين، ورسول الله ﷺ يومئذ ابن أربعين سنة[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٧١-٢٧٢، وابن إسحاق في السيرة ص١٠٩.]]١٢٦٩. (ز)

١٢٦٩ علّق ابن عطية (٢/٢٧١) على الأقوال الواردة فيمن أخذ منه الميثاق بقوله: «وهذه الأقوال كلها ترجع إلى ما قاله علي بن أبي طالب وابن عباس؛ لأن الأخذ على الأنبياء أخذ على الأمم».

﴿قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ إِصۡرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ ۝٨١﴾ - تفسير

١٣٥٥٦- عن علي بن أبي طالب -من طريق أبي أيوب- في قوله: ﴿قال فاشهدوا﴾ يقول: فاشهدوا على أممكم بذلك، ﴿وأنا معكم من الشاهدين﴾ عليكم، وعليهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٦،٥٤٧.]]. ١٢٧٠ (٣/٦٤٩)

١٢٧٠ لم يذكر ابن جرير (٥/٥٤٦) غير هذا القول. وذكر ابن عطية (٢/٢٧٤) أن الآية تحتمل معنيين: أحدهما: هذا القول. والثاني هو: بثوا الأمر عند أممكم واشهدوا به. ثم قال: «وشهادة الله تعالى هذا التأويل، وهي التي في قوله: ﴿وأَنا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ هي إعطاء المعجزات، وإقرار نبوءاتهم». ثم علّق (٢/٢٧٤) بقوله: «القول الأول هو إيداع الشهادة واستحفاظها، والقول الثاني هو الأمر بأدائها».

١٣٥٥٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: ﴿إصري﴾، قال: عهدي[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥.]]. (٣/٦٤٩)

١٣٥٥٨- قال عبد الله بن عباس: ﴿فاشهدوا﴾، يعني: فاعلموا[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٥، وتفسير البغوي ٣/٦٢.]]. (ز)

١٣٥٥٩- قال سعيد بن المسيب: قال الله تعالى للملائكة: فاشهدوا عليهم[[تفسير الثعلبي ٣/١٠٥، وتفسير البغوي ٣/٦٢.]]. (ز)

١٣٥٦٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجيح- في قوله: ﴿إصري﴾، قال: عهدي[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٧٤. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥.]]. (ز)

١٣٥٦١- عن الضحاك بن مزاحم، نحوه[[علَّقه ابن المنذر ١/٢٧٤.]]. (ز)

١٣٥٦٢- عن قتادة بن دعامة= (ز)

١٣٥٦٣- وإسماعيل السُّدِّيّ= (ز)

١٣٥٦٤- والربيع بن أنس، في قوله: ﴿إصري﴾، قالوا: عهدي[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥، وابن المنذر ١/٢٧٤ عن قتادة.]]. (ز)

١٣٥٦٥- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قوله: ﴿قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين﴾، قال: هم أهل الكتاب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥.]]. (ز)

١٣٥٦٦- قال مقاتل بن سليمان: يقول ﷿ لهم: ﴿قال أأقررتم﴾ بمحمد في التوراة بتصديقه ونصره، ﴿وأخذتم على ذلكم إصري﴾ يقول: وقبلتم على الإيمان بمحمد وعهدي وميثاقي في التوراة، ﴿قالوا أقررنا﴾. يقول الله: ﴿قال فاشهدوا﴾ على أنفسكم بالإقرار. يقول الله ﷿: ﴿وأنا معكم﴾ أي: إقراركم بمحمد ﷺ ﴿من الشاهدين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨٦-٢٨٧.]]١٢٧١. (ز)

١٢٧١ ذكر ابن عطية (١/٤٦٥) أن القول بأن الإشارة بقوله: ﴿رسول﴾ إلى محمد ﷺ، قاله كثير من المفسرين. ورجَّح ابن تيمية (٢/٩٠) أنه الرسول محمد ﷺ، فقال: «وهو الصواب».

١٣٥٦٧- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قوله: ﴿أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري﴾، أي: ثِقَل ما حملتم مِن عهدي[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٩٥. وعلَّقه ابن المنذر ١/٢٧٤.]]١٢٧٢. (ز)

١٢٧٢ علّق ابنُ كثير (٣/١٠٠) على قول محمد بن إسحاق بقوله: «أي: ميثاقي الشديد المؤكد».

﴿فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ۝٨٢﴾ - تفسير

١٣٥٦٨- عن علي بن أبي طالب -من طريق أبي أيوب- في قوله: ﴿فمن تولى﴾ عنك -يا محمد- بعد هذا العهد من جميع الأمم ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾ هم العاصون في الكفر[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٧.]]. (٣/٦٤٩)

١٣٥٦٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿فمن تولى بعد ذلك﴾ يقول: بعد العهد والميثاق الذي أخذ الله عليهم ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٧٥، وابن أبي حاتم ٢/٦٩٥ من طريق شيبان.]]. (ز)

١٣٥٧٠- قال أبو جعفر الرازي -من طريق ابنه-: ﴿فمن تولى بعد ذلك﴾ بعد العهد والميثاق الذي أخذ عليهم ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٧.]]. (ز)

١٣٥٧١- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي-، مثله[[أخرجه ابن جرير ٥/٥٤٧.]]. (ز)

١٣٥٧٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فمن تولى بعد ذلك﴾ يعني: فمَن أعرض عن الإيمان بمحمد ﷺ بعد إقراره فى التوراة ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾ يعني: العاصين[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨٦-٢٨٧.]]١٢٧٣. (ز)

١٢٧٣ ساق ابن عطية (٢/٢٧٤) هذا القول، ثم قال: «ويحتمل أن يريد: بعد الشهادة عند الأمم بهذا الميثاق، على أن قوله: ﴿فاشهدوا﴾ أمر بالأداء».

﴿فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ۝٨٢﴾ - آثار متعلقة بالآية

١٣٥٧٣- عن عبد الله بن ثابت، قال: جاء عمر إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع مِن التوراة، ألا أعرضها عليك؟ فتغير وجه رسول الله ﷺ، فقال عمر: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا. فسُرِّي عن رسول الله ﷺ، وقال: «والذي نفس محمد بيده، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه لضللتم، إنكم حَظِّي من الأمم، وأنا حَظُّكم من النبيين»[[أخرجه أحمد ٢٥/١٩٨ (١٥٨٦٤)، ٣٠/٢٨٠ (١٨٣٣٥)، من طريق جابر الجعفي، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت به. قال الهيثمي في المجمع ١/١٧٣ (٨٠٦): «ورجاله رجال الصحيح، إلا أن فيه جابرًا الجعفي، وهو ضعيف». وقال ابن حجر في فتح الباري ١٣/٣٣٤: «فى سنده جابر الجعفي، وهو ضعيف». وقال الألباني في الصحيحة ٧/٦٣٢ عند حديث (٣٢٠٧): «وجابر الجعفي لا يحتج به مع علمه وتوثيق شعبة والثوري وغيرهما له؛ فإنه ضعيف رافضي، لكنه يمكن الاستشهاد به في مثل هذا الحديث ...» أي حديث: «أنا حظُّكُم من الأنبياء، وأنتم حظِّي من الأمم».]]. (٣/٦٤٨)

١٣٥٧٤- عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، إنكم إما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق، وإنه -والله- لو كان موسى حيًّا بين أظهركم ما حَلَّ له إلا أن يتبعني»[[أخرجه أحمد ٢٢/٤٦٨ (١٤٦٣١)، من طريق مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله به. قال الهروي في ذم الكلام وأهله ٣/٨١: «هذا غريب، والمحفوظ إنما هو من قول عبد الله بن مسعود». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ١/٢٤٨: «مجالد ضعيف».]]. (٣/٦٤٩)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب