الباحث القرآني

﴿قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ كَلِمَةࣲ سَوَاۤءِۭ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُولُوا۟ ٱشۡهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ ۝٦٤﴾ - نزول الآية

١٣٢٤٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ النبي ﷺ دعا يهود أهل المدينة إلى الكلمة السواء، وهم الذين حاجُّوا في إبراهيم، وزعموا أنّه مات يهوديًّا، فأكذبهم الله، ونفاهم منه، فقال: ﴿يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم﴾ [آل عمران:٦٥] الآية[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٨٢، وابن المنذر ١/٢٤٣ (٥٧٠) مرسلًا.]]١٢٢٧. (٣/٦١٣)

١٢٢٧ رجّح ابنُ عطية (٢/٢٤٥) أن الآية وإن كانت قد نزلت أولًا في وفد نجران، إلا أنها تعم غيرهم أيضًا مِمَّن يشمله لفظ أهل الكتاب، مستندًا إلى سنّةِ النبي ﷺ، قال: «والذي يظهر لي: أنّ الآية نزلت في وفد نجران، لكن لفظ أهل الكتاب يعمهم وسواهم من النصارى واليهود، فدعا النبي ﷺ بعد ذلك يهود المدينة بالآية، وكذلك كتب بها إلى هرقل عظيم الروم، وكذلك ينبغي أن يدعى بها أهل الكتاب إلى يوم القيامة».

﴿قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ﴾ - تفسير

١٣٢٤٣- عن عمر بن عبد العزيز -من طريق الضحاك، عن عبد الرحمن بن أبي حَوْشَب-: أنّه كتب إلى ألْيُون طاغية الروم، قال: فيما أُنزِل على محمد ﷺ ﴿قل يا أهل الكتاب﴾، يعني: اليهود والنصارى، ﴿تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٩.]]١٢٢٨. (ز)

١٢٢٨ رجّح ابنُ جرير (٥/٤٧٦ بتصرف) مستندًا إلى دلالة ظاهر اللفظ على العموم: أنّ قوله: ﴿يا أهل الكتاب﴾ معني به أهل الكتابين جميعًا دون أحدهما، وقال مُعَلِّلًا ذلك: «وإنما قلنا: عنى بقوله: ﴿يا أهل الكتاب﴾ أهل الكتابين؛ لأنهما جميعًا من أهل الكتاب، ولم يخصص -جل ثناؤه- بقوله: ﴿يا أهل الكتاب﴾ بعضًا دون بعض، ولا دلالة على أنّ أحدهما مخصوص بذلك من الآخر، ولا أثر صحيح، فالواجب أن يكون كل كِتابيٍّ مَعْنِيًّا به؛ لأن إفراد العبادة لله وحده وإخلاص التوحيد له واجب على كل مأمور منهي مِن خلق الله، واسم أهل الكتاب يلزم أهل التوراة وأهل الإنجيل، فكان معلومًا بذلك أنه عني به الفريقان جميعًا».

١٣٢٤٤- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط بن نصر- قال: ثُمَّ دعاهم رسول الله ﷺ -يعني: الوفد من نصارى نجران- فقال: ﴿يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٥.]]. (٣/٦١٤)

١٣٢٤٥- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: ذُكِر لنا: أنّ النبي ﷺ دعا اليهود إلى الكلمة السواء[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٤ واللفظ له، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٠ (٣٦٣٢).]]. (٣/٦١٤)

١٣٢٤٦- عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- في قوله: ﴿قل يا أهل الكتاب تعالوا﴾ الآية، قال: فدعاهم إلى النَّصَف، وقَطَع عنهم الحجة، يعني: وفد نجران[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٥.]]. (٣/٦١٤)

١٣٢٤٧- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة-، مثله[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٧٠، وابن المنذر ١/٢٣٢ عن إبراهيم بن سعد من قوله، ويبدو أنه عن محمد بن إسحاق من قوله، لكن سقط في هذا الأثر.]]. (ز)

١٣٢٤٨- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق ابن ثور- في قوله: ﴿تعالوا إلى كلمة﴾ الآية، قال: بلغني: أنّ النبيَّ ﷺ دعا يهود أهل المدينة إلى ذلك، فأَبَوْا عليه، فجاهدهم حتى أقرُّوا بالجزية[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٦٩ (٣٦٢٨) مرسلًا.]]. (٣/٦١٣)

﴿تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ كَلِمَةࣲ سَوَاۤءِۭ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمۡ﴾ - تفسير

١٣٢٤٩- عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله: ﴿سواء بيننا وبينكم﴾. قال: عدل. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعتَ قول الشاعر: تلاقينا فقاضينا سواء ولكن جُرَّ عن حال بحال؟[[عزاه السيوطي إلى الطستي في مسائله، وكذا في الإتقان ٢/٨٠.]]. (٣/٦١٤)

١٣٢٥٠- عن أبي العالية الرِّياحِيّ -من طريق الربيع بن أنس- قال: كلمة السواء: لا إله إلا الله[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٦٩.]]١٢٢٩. (٣/٦١٥)

١٢٢٩ قال ابنُ جرير (٥/٤٧٦): «قوله: ﴿إلى كلمة سواء﴾ فإنّها الكلمة العدل»، واستشهد على هذا بآثار السلف، ثم ذكر قول مَن قال: إنها قول: لا إله إلا الله، ولم يعلق عليه. وذكر ابنُ عطية (٢/٢٤٤) أن جمهور المفسرين على أن الكلمة السواء هي ما فُسِّر بعد، وذكر قول مَن قال: هي لا إله إلا الله، ثم قال مُعَلِّقًا: «والقولان مجتمعان؛ لأنّ كل ما فُسر ينطبق عليه معنى: لا إله إلا الله».

١٣٢٥١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- ﴿تعالوا إلى كلمة سواء﴾، قال: لا إله إلا الله[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٣٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حُمَيد.]]. (٣/٦١٥)

١٣٢٥٢- عن عَبّاد بن منصور قال: سألت الحسن [البصري] عن قوله تعالى: ﴿يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة﴾. قال: دُعُوا إلى الإسلام، فأَبَوْا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٧٠.]]. (ز)

١٣٢٥٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿تعالوا إلى كلمة سواء﴾، قال: عَدْل[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٣/٦١٤)

١٣٢٥٤- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-، مثله[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٨، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٠.]]. (٣/٦١٤)

١٣٢٥٥- قال مقاتل بن سليمان: في قوله: ﴿قُلْ﴾ لهم، يا محمد: ﴿ياأهل الكتاب تَعالَوْاْ إلى كَلَمَةٍ سَوَآءٍ﴾، يعني: كلمة العدل، وهي: الإخلاص ﴿بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨١.]]١٢٣٠. (ز)

١٢٣٠ قال ابنُ عطية (٢/٢٤٥-٢٤٦) مستندًا إلى دلالة العقل بعد ذكره الأقوال المختلفة في معنى ﴿سواء﴾: «والذي أقوله في لفظة ﴿سواء﴾: إنّها ينبغي أن تفسر بتفسير خاصٍّ بها في هذا الموضع، وهو أنه دعاهم إلى معانٍ جميعُ الناس فيها مستوون، صغيرهم وكبيرهم، وقد كانت سيرة المدعُوِّين أن يَتَّخذ بعضُهم بعضًا أربابًا، فلم يكونوا على استواء حال، فدعاهم بهذه الآية إلى ما تألفه النفوس مِن حقٍّ لا يتفاضل الناس فيه، فـ﴿سواء﴾ على هذا التأويل بمنزلة قولك لآخر: هذا شريكي في مال سواء بيني وبينه. والفرق بين هذا التفسير وبين تفسير اللفظة بـ»عدل«: أنّك لو دعوت أسيرًا عندك إلى أن يسلم أو تضرب عنقه لكنت قد دعوته إلى السواء الذي هو العدل، وعلى هذا الحدِّ جاءت لفظة سواء في قوله تعالى: ﴿فانبذ إليهم على سواء﴾ [الأنفال:٥٨] على بعض التأويلات، ولو دعوت أسيرك إلى أن يؤمن فيكون حُرًّا مقاسمًا لك في عيشك لكنت قد دعوته إلى السواء، الذي هو استواء الحال على ما فسرته، واللفظة على كل تأويل فيها معنى العدل، ولكني لم أرَ لمتقدم أن يكون في اللفظة معنى قصد استواء الحال، وهو عندي حسن؛ لأن النفوس تألفه».

﴿أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ﴾ - تفسير

١٣٢٥٦- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحَكَم بن أبان- في قوله: ﴿ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا﴾، قال: سجود بعضهم لبعض[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٩-٤٨٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٠.]]. (٣/٦١٥)

١٣٢٥٧- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحَكَم بن أبان- في قوله: ﴿أربابا﴾: يعني: الأصنام[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٧٠.]]. (ز)

١٣٢٥٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ألاَّ نَعْبُدَ إلاَّ الله ولا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ مِن خلقه، ﴿ولا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضًا أرْبابًا مِّن دُونِ الله﴾؛ لأنهم اتَّخذوا عيسى ربًّا، ﴿فَإن تَوَلَّوْاْ﴾ يعني: فإن أبَوا التوحيد ﴿فَقُولُواْ﴾ لهم أنتم: ﴿اشهدوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ﴾ يعني: مُخلِصين بالتوحيد[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٨١-٢٨٢.]]. (ز)

١٣٢٥٩- عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حجاج- في قوله: ﴿ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله﴾، قال: لا يُطِيع بعضُنا بعضًا في معصية الله. ويقال: إنّ تلك الربوبية أن يُطِيع الناسُ سادتهم وقادتهم في غير عبادة، وإن لم يُصَلُّوا لهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٩، وابن المنذر ١/٢٤٢ من طريق ابن ثَوْر، وابن أبي حاتم ٢/٦٧٠ شطره الأخير بنحوه.]]. (٣/٦١٥)

١٣٢٦٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قال: -يعني: جل ثناؤه-: ﴿إن هذا لهو القصص الحق﴾ في عيسى -على ما قد بيَّنّاه فيما مضى-. قال: فأَبَوْا -يعني: الوفد من نجران-، فقال: ادعهم إلى أيسرَ مِن هذا، قل: ﴿يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم﴾، فقرأ حتى بلغ: ﴿أربابا من دون الله﴾، فأبوا أن يقبلوا هذا، ولا الآخر[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٧٥.]]. (ز)

﴿أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ﴾ - آثار متعلقة بالآية

١٣٢٦١- عن عبد الله بن عباس، قال: حدَّثني أبو سفيان: أنّ هِرَقْل دعا بكتاب رسول الله ﷺ، فقرأه، فإذا فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، مِن محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلامٌ على مَنِ اتَّبع الهدى، أمّا بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلِم يؤتِك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنّ عليك إثم الأَرِيسِيِّين[[أي: الأتباع. لسان العرب (أرس).]]، ﴿يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا﴾ -إلى قوله-: ﴿اشهدوا بأنا مسلمون﴾»[[أخرجه البخاري ١/٨ (٧)، ٤/٤٥ (٢٩٤١)، ٦/٣٥ (٤٥٥٣)، ٩/١٥٧ (٧٥٤١)، ومسلم ٣/١٣٩٣ (١٧٧٣).]]. (٣/٦١٢)

١٣٢٦٢- عن عبد الله بن عباس: أنّ كتاب رسول الله ﷺ إلى الكفار: ﴿تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم﴾ الآية[[أخرجه الطبراني في الكبير ١١/٣٩٣ (١٢١٠٣)، والأوسط ٥/٣٢٣ (٥٤٣٦)، من طريق أبي شيبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس به. قال ابن القيسراني في أطراف الغرائب ٣/٣٣٠ (٢٨١٥): «تفرَّد به أبو شيبة، عن الحكم، عن مقسم عنه» أي: ابن عباس. إسناده ضعيفٌ جدًّا؛ أبوشيبة هو إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي، متروك الحديث. تنظر ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي ٢/١٤٧. ثم لم يسمع الحكم بن عتيبة من مقسم غير خمسة أحاديث، وليس منها هذا الحديث، قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أحاديث، وذُكِرت. وينظر: شرح العلل لابن رجب ٢/٨٥٠، وجامع التحصيل للعلائي ص١٦٧.]]. (٣/٦١٣)

١٣٢٦٣- عن محمد بن إسحاق، قال: وهذا كتاب النبي ﷺ إلى النَّجاشِيِّ: «بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب مِن محمد النبيِّ إلى النجاشي الأَصْحَم[[الصُّحْمَة: سواد إلى صُفرة، أو غُبْرَة إلى سواد قليل، أو حُمْرَة إلى بياض. القاموس المحيط (صحم).]]، عظيم الحبشة. سلام على مَن اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتَّخِذ صاحبة ولا ولدًا، وأنّ محمدًا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله؛ فإني أنا رسوله، فأسلم تسلم، و﴿يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله﴾، فإن أبيتَ فعليك إثم النصارى قومك»[[سيرة ابن إسحاق ص٢١٠.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب