الباحث القرآني
﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبِعُوا۟ سَبِیلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَـٰیَـٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَـٰمِلِینَ مِنۡ خَطَـٰیَـٰهُم مِّن شَیۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ ١٢ وَلَیَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالࣰا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ وَلَیُسۡـَٔلُنَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ عَمَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ ١٣﴾ - نزول الآية
٥٩٦١٩- عن محمد بن الحنفية -من طريق منذر- قال: كان أبو جهل وصناديدُ قريش يَتَلَقَّون الناسَ إذا جاءوا إلى النبي ﷺ يُسلِمون، يقولون: إنّه يُحَرِّم الخمر، ويُحَرِّم الزنا، ويُحَرِّم ما كانت تصنع العرب، فارجعوا، فنحن نحمل أوزارَكم. فنزلت هذه الآية: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٤/٣٠١. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١١/٥٣٤)
٥٩٦٢٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وقال الذين كفروا﴾ يعني: أبا سفيان ﴿للذين آمنوا﴾ نزلت في عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وخبّاب بن الأرَتِّ؛ ختن عمر بن الخطاب على أخته أم جميل: ﴿اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم﴾. وذلك أن أبا سفيان بن حرب بن أمية قال لهؤلاء النفر: اتبعوا مِلَّة آبائنا، ونحن الكفلاء بكل تَبِعَةٍ مِن الله تصيبكم، وأهل مكة علينا شهداء. فذلك قوله تعالى: ﴿ولنحمل خطاياكم﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٧٦.]]. (ز)
﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟﴾ - تفسير
٥٩٦٢١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم﴾، قال: قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم قالوا: لا نبعث نحن ولا أنتم، فاتبعونا، فإن كان عليكم شيء فهو علينا[[أخرجه ابن جرير ١٨/٣٦٨، وابن أبي حاتم ٩/٣٠٣٩. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والفريابي.]]. (١١/٥٣٣)
٥٩٦٢٢- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد-: ﴿وقال الذين كفروا﴾ هم القادة من الكفار ﴿للذين آمنوا﴾ لِمَن آمن مِن الأتباع[[أخرجه ابن جرير ١٨/٣٦٨، وإسحاق البستي في تفسيره ص٦٨، وابن أبي حاتم ٩/٣٠٣٩.]]٥٠٢٦. (١١/٥٣٣)
٥٩٦٢٣- عن محمد بن السائب الكلبي، في قوله: ﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا﴾: قاله أبو سفيان لِمَن آمَن مِن قريش[[تفسير البغوي ٦/٢٣٥.]]. (ز)
٥٩٦٢٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وقال الذين كفروا﴾، يعني: أبا سفيان[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٧٦. وفي تفسير البغوي ٦/٢٣٥ عن مقاتل-دون تعيينه- في قوله: ﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا﴾: قاله أبو سفيان لمن آمن من قريش.]]. (ز)
﴿ٱتَّبِعُوا۟ سَبِیلَنَا﴾ - تفسير
٥٩٦٢٥- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد- ﴿اتبعوا سبيلنا﴾: ديننا، واتركوا دين محمد[[أخرجه ابن جرير ١٨/٣٦٨، وإسحاق البستي في تفسيره ص٦٨، وابن أبي حاتم ٩/٣٠٣٩.]]. (١١/٥٣٣)
٥٩٦٢٦- قال يحيى بن سلّام: ﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا﴾ التي نحن عليها[[تفسير يحيى بن سلّام ٢/٦١٩.]]. (ز)
﴿وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَـٰیَـٰكُمۡ﴾ - تفسير
٥٩٦٢٧- قال يحيى بن سلّام: ﴿ولنحمل خطاياكم﴾ فيما اتَّبعتمونا فيه، أي: ما كان فيه مِن إثم فهو علينا. وهذا منهم إنكارٌ للبعث والحساب[[تفسير يحيى بن سلّام ٢/٦١٩.]]. (ز)
﴿وَمَا هُم بِحَـٰمِلِینَ مِنۡ خَطَـٰیَـٰهُم مِّن شَیۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ ١٢﴾ - تفسير
٥٩٦٢٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿وما هم بحاملين﴾، قال: بفاعلين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٣٠٣٩-٣٠٤٠، من طريق شيبان بن عبد الرحمن بلفظ: ما هم بعاملين. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير.]]. (١١/٥٣٤)
٥٩٦٢٩- قال مقاتل بن سليمان: يقول الله ﷿: ﴿وما هم بحاملين من خطاياهم من شيءٍ إنهم لكاذبون﴾ فيما يقولون[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٧٦.]]. (ز)
٥٩٦٣٠- قال يحيى بن سلّام: ﴿وما هم﴾ يعني: الكفار ﴿بحاملين من خطاياهم﴾ المؤمنين ﴿من شيء﴾ لو اتبعوهم، ﴿إنهم لكاذبون﴾ لا يحملون خطاياهم[[تفسير يحيى بن سلّام ٢/٦٢٠.]]. (ز)
﴿وَلَیَحۡمِلُنَّ أَثۡقَالَهُمۡ وَأَثۡقَالࣰا مَّعَ أَثۡقَالِهِمۡۖ﴾ - تفسير
٥٩٦٣١- عن أبي أُمامة: أنّ رسول الله ﷺ قال: «إيّاكم والظُّلم، فإنّ الله يقول يوم القيامة: وعِزَّتي، لا يجيزني اليوم ظلمٌ. ثم يُنادي مُنادٍ فيقول: أين فلان ابن فلان؟ فيأتي يتبعه مِن الحسنات أمثال الجبال، فيشخص الناسُ إليها أبصارهم، حتى يقوم بين يدي الرحمن، ثم يأمر المنادي ينادي: مَن كانت له تِباعةٌ[[التِّباعة: الشيء الذي لك فيه بغية، شبه ظلامة ونحوها. التاج (تبع).]] أو ظُلامةٌ عند فلان ابن فلان فهَلُمَّ. فيُقْبِلون حتى يجتمعوا قيامًا بين يدي الرحمن، فيقول الرحمن: اقضوا عن عبدي. فيقولون: كيف نقضي عنه؟ فيقول: خذوا لهم مِن حسناته. فلا يزالون يأخذون منها حتى لا تبقى له حسنة، وقد بقي من أصحاب الظلامات، فيقول: اقضوا عن عبدي. فيقولون: لم تبق له حسنة. فيقول: خذوا من سيئاتهم فاحملوها عليه». ثم نزع النبي ﷺ بهذه الآية: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٣٠٣٩-٣٠٤٠ (١٧١٨٦). قال الذهبي في كتاب العلو ص١١٦ (٣١٠): «الحديث منكر، وإسناده وسط». وقال ابن كثير في تفسيره ٦/٢٦٧: «وهذا الحديث له شاهد في الصحيح مِن غير هذا الوجه».]]. (١١/٥٣٥)
٥٩٦٣٢- عن عوف بن مالك الأشجعي، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «أمتي ثلاثة أثلاث: ثُلَّة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وثُلَّة يحاسبون حسابًا يسيرًا ثم يدخلون الجنة، وثُلَّة يمخضون ويكشفون، ثم تأتي الملائكة فيقولون: وجدناهم يقولون: لا إله إلا الله وحده. فيقول الله: صَدَقوا، لا إله إلا أنا، أدْخِلوهم الجنة بقولهم: لا إله إلا الله وحده، واحملوا خطاياهم على أهل النار. فهي التي قال الله: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾، وتصديقها في التي ذكر الله فيها الملائكة، قال الله: ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه﴾ يكشف ويمخض، ﴿ومنهم مقتصد﴾ وهو الذي يحاسب حسابًا يسيرًا، ﴿ومنهم سابق بالخيرات﴾ [فاطر:٣٢] فهذا الذي يَلِجُ الجنة بغير حساب ولا عذاب، بإذن الله يدخلونها جميعًا لم يفرق بينهم، ﴿يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير﴾ [فاطر:٣٣]، ﴿وقالوا﴾ جميعًا ﴿الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب﴾ [فاطر:٣٥]، ثم قال: ﴿والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا﴾ الآية [فاطر: ٣٦]»[[أخرجه الروياني في مسنده ١/٣٨٧-٣٨٨ (٥٨٩)، والطبراني في الكبير ١٨/٧٩ (١٤٩). قال ابن كثير في تفسيره ٦/٥٤٩: «غريب جدًّا». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٩٦ (١١٢٩٢): «رواه الطبراني، وفيه سلامة بن روح؛ وثَّقه ابنُ حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات».]]. (ز)
٥٩٦٣٣- عن مجاهد بن جبر، ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾، قال: هي مثل التي في النحل: ﴿ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم﴾ [النحل:٢٥][[عزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد.]]. (١١/٥٣٤)
٥٩٦٣٤- عن مجاهد بن جبر، ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾، قال: حملهم ذنوب أنفسهم، وذنوب مَن أطاعهم، ولا يُخَفِّف ذلك عمَّن أطاعهم مِن العذاب شيئًا[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١١/٥٣٥)
٥٩٦٣٥- عن الحسن البصري، أنّ النبي ﷺ قال: «أيما داعٍ دعا إلى هُدًى، فاتُّبِع عليه وعُمِل به، فله مثل أجور الذين اتبعوه، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، وأيما داعٍ دعا إلى ضلالة، فاتُّبِع عليها وعمل بها، فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه، ولا ينقص ذلك مِن أوزارهم شيئًا». قال عون: وكان الحسن مما يقرأ عليها: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾ إلى آخر الآية[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٥٩، ٢/٨٠٢ دون ذكر الآية. وأورده الثعلبي ٧/٢٧٤.]]. (١١/٥٣٥)
٥٩٦٣٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿وليحملن أثقالهم﴾ قال: أوزارهم، ﴿وأثقالا مع أثقالهم﴾ قال: أوزار مَن أضَلُّوا[[أخرجه ابن جرير ١٨/٣٦٩، وابن أبي حاتم ٩/٣٠٣٩-٣٠٤٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١١/٥٣٤)
٥٩٦٣٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم﴾، يعني: وليحملن أوزارهم التي عملوا، وأوزارًا مع أوزارهم، لقولهم للمؤمنين: ﴿اتبعوا سبيلنا﴾. ﴿مع﴾ يعني: إلى أوزارهم التي عملوا لأنفسهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٧٦.]]. (ز)
٥٩٦٣٨- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم﴾. وقرأ قوله: ﴿ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون﴾ [النحل:٢٥]، قال: فهذا قوله: ﴿وأثقالا مع أثقالهم﴾[[أخرجه ابن جرير ١٨/٣٦٩.]]. (ز)
٥٩٦٣٩- قال يحيى بن سلّام: ﴿وليحملن أثقالهم﴾ يعني: آثامهم؛ آثام أنفسهم، ﴿وأثقالا مع أثقالهم﴾ مع آثام أنفسهم يحملون مِن ذنوب مَن اتَّبعهم على الضلالة، ولا ينقص ذلك مِن ذنوب الذين اتبعوهم شيئًا[[تفسير يحيى بن سلّام ٢/٦٢٠.]]. (ز)
﴿وَلَیُسۡـَٔلُنَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ عَمَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ ١٣﴾ - تفسير
٥٩٦٤٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قوله: ﴿يفترون﴾، قال: ما كانوا يكذبون في الدنيا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٣٠٤٠.]]. (ز)
٥٩٦٤١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿عما كانوا يفترون﴾، قال: أي: يُشرِكون[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٣٠٤١.]]. (ز)
٥٩٦٤٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون﴾ مِن الكذب؛ لقولهم: نحن الكُفلاء بكلِّ تَبِعَةٍ تصيبكم مِن الله ﷿[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٧٦.]]. (ز)
﴿وَلَیُسۡـَٔلُنَّ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ عَمَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ ١٣﴾ - آثار متعلقة بالآية
٥٩٦٤٣- عن حذيفة بن اليمان، قال: سأل رجلٌ على عهد رسول الله ﷺ، فأمسك القومُ، ثم إنّ رجلًا أعطاه، فأعطى القومُ، فقال النبي ﷺ: «مَن سنَّ خيرًا، فاسْتُنَّ به؛ كان له أجرُه، ومِن أجور مَن يتبعه غير منتقص مِن أجورهم شيئًا، ومَنَّ سن شرًّا، فاسْتُنَّ به؛ كان عليه وِزرُه، ومِن أوزار مَن يتبعه غير منتقصٍ مِن أوزارهم شيئًا»[[أخرجه أحمد ٣٨/٣٢٥ (٢٣٢٨٩)، والحاكم ٢/٥٦١ (٣٩٠٦). قال الطبراني في الأوسط ٤/٩٤ (٣٦٩٣): «لم يروِ هذا الحديث عن خالد الحذاء، إلا علي بن عاصم». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا على حديث جرير بن عبد الله ﵁: «مَن سنَّ في الإسلام» فقط». وقال الهيثمي في المجمع ١/١٦٧ (٧٧٠): «رواه أحمد، والبزار، والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، إلا أبا عبيدة بن حذيفة، وقد وثَّقه ابن حبان». وقال الهيتمي في الزواجر ١/١٦٣: «صح».]]. (١١/٥٣٦)
٥٩٦٤٤- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «أيما داع دعا إلى هدى، فاتُّبع عليه؛ كان له مثل أجر مَن اتبعه مِن غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، وأيما داع دعا إلى ضلالة، فاتُّبِع عليها؛ كان له مثل أوزار مَن اتبعه مِن غير أن ينقص مِن أوزارهم شيئًا»[[أخرجه مسلم ٤/٢٠٦٠ (٢٦٧٤)، ويحيى بن سلّام ٢/٦٢٠-٦٢١.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.