الباحث القرآني
﴿قُل لَّا یَعۡلَمُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَیۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا یَشۡعُرُونَ أَیَّانَ یُبۡعَثُونَ ٦٥﴾ - تفسير
٥٧٧٠٨- عن مسروق، قال: كنت مُتَّكِئًا عند عائشة، فقالت: ثلاثٌ مَن تكلَّم بواحدةٍ مِنهُنَّ فقد أعظم على الله الفِرْيَة. قلت: وما هُنَّ؟ قالت: مَن زعم أنّ محمدًا رأى ربَّه فقد أعظم على الله الفرية. قال: وكنت مُتَّكِئًا فجلستُ، فقلتُ: يا أم المؤمنين، أنظريني ولا تعجلي عليَّ، ألم يقل الله: ﴿ولقد رآه بالأفق المبين﴾ [التكوير:٣٢]، ﴿ولقد رآه نزلة أخرى﴾ [النجم:١٣]؟. فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن هذا رسولَ الله ﷺ، فقال: «جبريلُ لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين؛ رأيته منهبطًا مِن السماء، سادًّا عِظَم خَلْقه ما بين السماء إلى الأرض». قالت: أوَلَم تسمع اللهَ ﷿ يقول: ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾ [الأنعام:١٠٣]؟، أوَلَم تسمع الله يقول: ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا﴾ إلى قوله: ﴿علي حكيم﴾ [الشورى:٥١]؟. قالت: ومَن زعم أنّ محمدًا كتم شيئًا مِن كتاب الله فقد أعظم على الله الفِرْية، والله -جلَّ ذِكْرُه- يقول: ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾ إلى قوله: ﴿والله يعصمك من الناس﴾ [المائدة:٦٧]. قالت: ومَن زعم أنّه يخبر الناسَ بما يكون في غدٍ فقد أعظم على الله الفِرْيَة، والله تعالى يقول: ﴿قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله﴾[[أخرجه البخاري ٦/٥٢ (٤٦١٢)، ٦/١٤٠ (٤٨٥٥)، ٩/١١٦ (٧٣٨٠)، ٩/١٥٥ (٧٥٣١)، ومسلم ١/١٥٩-١٦٠ (١٧٧) واللفظ له، وابن جرير ٨/٥٧١، ٩/٤٦٢، ٢٢/٢٨-٢٩، ٢٢/٣١.]]. (١١/٣٩٤)
٥٧٧٠٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قل لا يعلم من في السماوات﴾ يعني: الملائكة ﴿والأرض﴾ الناس ﴿الغيبَ﴾ يعني: البعث، يعني: غيب الساعة إلا الله وحده ﷿. ثم قال ﷿: ﴿وما يشعرون أيان يبعثون﴾ يقول لكفار مكة: وما يشعرون متى يبعثون بعد الموت؛ لأنهم يكفرون بالبعث[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣١٥.]]. (ز)
٥٧٧١٠- قال يحيى بن سلّام: قوله ﷿: ﴿قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله﴾ الغيب هاهنا: القيامة، لا يعلم مجيئها إلا الله، ﴿وما يشعرون﴾ وما يشعر جميعُ الخلق ﴿أيان يبعثون﴾ متى يبعثون[[تفسير يحيى بن سلام ٢/٥٥٨.]]. (ز)
﴿قُل لَّا یَعۡلَمُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَیۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا یَشۡعُرُونَ أَیَّانَ یُبۡعَثُونَ ٦٥﴾ - آثار متعلقة بالآية
٥٧٧١١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: إنّ الله -تبارك وتعالى- إنّما جعل هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة للسماء، وجعلها يُهتدى بها، وجعلها رجومًا للشياطين، فمَن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال رأيَه، وأخطأ حظَّه، وأضاع نصيبَه، وتكلَّف ما لا عِلْم له به، وإنّ ناسًا جَهَلَةً بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة؛ مَن أعرس بنجم كذا وكذا، ومَن سافر بنجم كذا وكذا وكان كذا وكذا. ولَعَمْرِي ما مِن نجم إلا يُولَد به الأحمر والأسود، والطويل والقصير، والحسن والذميم، وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطائر بشيء من الغيب، وقضى الله أنّه لا يعلم مَن في السموات والأرض الغيبَ إلا الله، وما يشعرون أيان يبعثون، ولَعمري لو أنّ أحدًا علِم الغيب لعلِمه آدم الذي خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلَّمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة يأكل فيها رغدًا حيث شاء، ونُهِي عن شجرة واحدة، فلم يزل به البلاء حتى وقع بما نُهي عنه. ولو كان يعلم الغيب لعلمته الجن حين مات نبيُّ الله سليمان ﷺ، فلبثت تعمل له حولًا في أشدِّ الهوان، لا يشعرون بموته، ما دَلهَّم على موته إلا دابةُ الأرض تأكل منسأته، أي: تأكل عصاه، فلما خرَّ تبينت الجن -وهي في مصحف ابن مسعود: (تَبَيَّنَتِ الإنسُ والجِنَّ)- لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، وكانت الجن تقول قبل ذلك أنها تعلم الغيب، وتعلم ما في غد، فابتلاهم الله بذلك، وجعل موتَ سليمان للجن عِظَة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٢٩١٣.]]٤٨٩٨. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.