الباحث القرآني

﴿فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِیًّا﴾ - قراءات الآية، وتفسيرها

٥٢١٥٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾، وذلك أنّ رؤوس كفار قريش المستهزئين: أبا جهل، وعتبة، والوليد، وأمية، ونحوهم؛ اتَّخذوا فقراءَ أصحاب النبي ﷺ سخريًّا يستهزءون بهم، ويضحكون مِن خبّاب، وعمّار، وبلال، وسالم مولى أبي حذيفة، ونحوهم مِن فقراء العرب، فازْدَرَوْهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/١٦٧. و﴿سِخْرِيًّا﴾ بكسر السين قراءة متواترة، قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، ويعقوب، وقرأ بقية العشرة: ‹سُخْرِيًّا› بضم السين. انظر: النشر ٢/٣٢٩، والإتحاف ص٤٠٦.]]. (ز)

٥٢١٥٦- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- ﴿فاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾، قال: هما مختلفتان: سِخريًا، وسُخريًا، يقول الله: ﴿ورَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف:٣٢]. قال: هذا سُخريٌّ: يسخِّرونهم، والآخرون الذين يستهزئون بهم هم ﴿سِخْرِيًّا﴾، فتلك ﴿سُخْرِيًّا﴾ تسخِّرونهم -عبيدُك- تسخرةً: رفعك فوقه، والآخرون استهزءوا بأهل الإسلام؛ هي ﴿سِخْرِيًّا﴾، يسخرون منهم، فهما مختلفتان. وقرأ قول الله: ﴿كُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنهُ قالَ إن تَسْخَرُواْ مِنّا فَإنّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَما تَسْخَرُونَ﴾ [هود:٣٨]. وقال: يسخرون منهم كما سخر قومٌ نوح بنوح، اتخذوهم سِخريًّا: اتخذوهم هزؤًا، لم يزالوا يستهزئون بهم[[أخرجه ابن جرير ١٧/١٢٧، وابن أبي حاتم ٨/٢٥١٠ (١٤٠٥٣) من طريق أصبغ مختصرًا.]]٤٥٨٢. (١٠/٦٢٨)

٤٥٨٢ اختلف القراء في قراءة قوله تعالى: ﴿سخريّا﴾؛ فقرأها بعضهم بكسر السين، وقرأها البعض بضمّ السين. وبيَّنَ ابنُ جرير (١٧/١٢٧) أنّ كلتا القراءتين صواب، مستندًا للشهرة، ولغة العرب، وقراءة القراء، فقال: «الصواب مِن القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان، بمعنًى واحد، قد قرأ بكلّ واحدة منهما علماء مِن القرأة، فبأيتهما قرأ القارئ ذلك فمصيب، وليس يُعْرف مِن فَرْقٍ بين معنى ذلك إذا كُسِرَت السين، وإذا ضُمَّت». والظاهر مِن كلام ابن عطية (٦/٣٢٥) أنه مال إلى قراءة الكسر مستندًا للأكثر لغة، والأليق بظاهر اللفظ، والنظائر، حيث نقل عن أبي عليّ قوله: «قراءة كسر السين أوْجَه؛ لأنه بمعنى الاستهزاء، والكسر فيه أكثر، وهو أليق بالآية، ألا ترى إلى قوله: ﴿وكنتم منهم تضحكون﴾». ثم علَّقَ عليه، بقوله: «ألا ترى إلى إجماع القراء على ضم السين في قوله: ﴿ليتخذ بعضهم بعضا سخريا﴾ لَمّا تخلَّص الأمر للتخديم. قال يونس: إذا أُريد التخديم فضمُّ السين لا غير، وإذا أُريد الهُزْءُ فالضم والكسر».

٥٢١٥٧- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿فاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ يقوله لأهل النار ﴿حَتّى أنسَوْكُمْ ذِكْرِي وكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ كانوا يسخرون بأصحاب الأنبياء؛ يضحكون منهم[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٤١٩.]]. (ز)

﴿حَتَّىٰۤ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِی وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ ۝١١٠﴾ - تفسير

٥٢١٥٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿تضحكون﴾، قال: في الدنيا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٨/٢٥١٠ (١٤٠٥٦).]]. (ز)

٥٢١٥٩- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال: ﴿حتى أنسوكم ذكري﴾ حتى ترككم الاستهزاءُ بهم عن الإيمان بالقرآن، ﴿وكنتم منهم﴾ يا معشر كفار قريش، مِن الفقراء ﴿تضحكون﴾ استهزاء بهم. نظيرُها في «ص»[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/١٦٧. يشير إلى قوله تعالى: ﴿وقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرارِ (٦٢) أتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصارُ﴾ [ص:٦٢-٦٣].]]. (ز)

٥٢١٦٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قوله: ﴿حتى أنسوكم ذكري﴾، قال: أنسى هؤلاء اللهَ استهزاؤُهم بهم، وضحكُهم بهم. وقرأ: ﴿إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون﴾ حتى بلغ: ﴿إن هؤلاء لضالون﴾ [المطففين:٢٩-٣٢][[أخرجه ابن جرير ١٧/١٢٨.]]. (ز)

٥٢١٦١- قال يحيى بن سلّام: وقوله: ﴿حتى أنسوكم ذكري﴾ ليس يعني: أنّ أصحاب الأنبياء أنسوهم ذِكْرَ الله فأمروهم ألا يذكروه، ولكن جحودهم واستهزاءهم وضحكهم منهم هو الذي أنساهم ذكر الله، كقول الرجل: أنساني فلانٌ كُلَّ شيء. وفلان غائب عنه، بلغه عنه أمرٌ فشغل ذلك قلبَه. وهي كلمة عربية[[تفسير يحيى بن سلّام ١/٤١٩.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب