الباحث القرآني

﴿وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ ۝٨٨﴾ - قراءات

٢٨٢٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة- أنه كان يقرأ: (قُلوبُنا غُلُفٌ) مُثَقَّلةً[[أخرجه الطبراني في الأوسط (٤٦٣٦). المراد بالتثقيل: ضم اللام. انظر: السبعة ص١٦٤. والقراءة بضم اللام قراءة شاذة منسوبة إلى ابن عباس، وأبي عمرو، وابن محيصن، والأعرج، وابن هرمز. انظر: مختصر ابن خالويه ص٨، والبحر المحيط ١/٣٠١.]]٣٥٦. (١/٤٦١)

٣٥٦ وجَّه ابنُ جرير (٢/٢٣٠) قراءة (غُلُف) بقوله: «وأما الذين قرأوها (غلُف) بتحريك اللام وضمها، فإنهم تأولوها أنهم قالوا: قلوبنا غلف للعلم، بمعنى أنها أوعية لها، والغلُف على قراءة هؤلاء: جمع غلاف، كما يجمع الكتاب: كتب، والحجاب: حجب، والشهاب: شهب، فمعنى الكلام على تأويل قراءة من قرأ (غلُف) بتحريك اللام وضمها: وقالت اليهود: قلوبنا غلف للعلم، وأوعية له ولغيره». وقال ابن عطية (١/٢٧٩-٢٨٠): «وقرأ الأعمش والأعرج وابن محيصن: (غلف) بتثقيل اللام، جمع غلاف، ورويت عن أبي عمرو، فالمعنى: هي أوعية للعلم والمعارف بزعمهم، فهي لا تحتاج إلى علم محمد ﷺ. وقيل: المعنى: فكيف يعزب عنها علم محمد ﷺ؟! فرد الله تعالى عليهم بقوله: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾». وانتَقَد ابنُ جرير القراءةَ بضم اللام مستندًا إلى إجماع الحجة من القراء بقوله: «والقراءة التي لا يجوز غيرها في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ هي قراءة من قرأ ﴿غُلْف﴾ بتسكين اللام، بمعنى: أنها في أغشية وأغطية؛ لاجتماع الحجة من القَرَأَة وأهل التأويل على صحتها، وشذوذ من شذ عنهم بما خالفه من قراءة ذلك بضم اللام، وقد دللنا على أنّ ما جاءت به الحجة متفقة عليه حجة على من بلغه، وما جاء به المنفرد، فغير جائز الاعتراض به على ما جاءت به الجماعة التي تقوم بها الحجة نقلًا وقولًا وعملًا في غير هذا الموضع، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا المكان».

﴿وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ ۝٨٨﴾ - تفسير الآية

٢٨٢٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة- أنّه كان يقرأ: (قُلوبُنا غُلُفٌ) مُثَقَّلةٌ، كيف تتعلَّمُ؟ وإنما قلوبنا غلف للحكمة. أي: أوعية للحكمة[[أخرجه الطبراني في الأوسط (٤٦٣٦).]]. (١/٤٦١)

٢٨٢٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: (قُلوبُنا غُلُفٌ) مملوءة علمًا، لا تحتاج إلى علم محمد ولا غيره[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٣١، وابن أبي حاتم ١/١٧٠، ٤/١١٠٨.]]. (١/٤٦١)

٢٨٣٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: في غطاء[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٢٨، وابن أبي حاتم ١/١٧٠، ٤/١١٠٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٣١- عن سعيد بن جُبَير، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]. (ز)

٢٨٣٢- وعن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسْباط-، نحو ذلك[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٢٩، وابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]. (ز)

٢٨٣٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: في أكِنَّة[[أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام ١/٥٤١-، وابن جرير ٢/٢٢٨.]]٣٥٧. (١/٤٦٢)

٣٥٧ رجَّح ابنُ القيم (١/١٣٢) مستندًا إلى النظائر قول مجاهد، وقول ابن عباس، فقال: «قال ابن عباس وقتادة ومجاهد: على قلوبنا غشاوة، فهي في أوعية، فلا تعي ولا تفقه ما تقول. وهذا هو الصواب في معنى الآية؛ لتكرر نظائره في القرآن، كقولهم: ﴿قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ﴾ [فصلت:٥]، وقوله تعالى: ﴿كانَتْ أعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ [الكهف:١٠١]، ونظائر ذلك».

٢٨٣٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِيِّ- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: هي القلوب المطبوع عليها[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٢٨.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٣٥- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- ﴿قلوبنا غلف﴾، أي: لا تَفْقَهُ[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٢٩، وابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٣٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق عبد الله بن كثير- ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾، قال: عليها غِشاوة[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٢٨. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٣٧- عن عِكْرِمة مولى ابن عباس -من طريق النَّضْر بن عَرَبِيِّ- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: عليها طابَع[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٧١. وعزاه السيوطي إلى وكيع.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٣٨- عن الحسن البصري -من طريق قتادة- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: لم تُخْتَن[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]٣٥٨. (ز)

٣٥٨ وجَّه ابنُ كثير (١/٤٨٥) قول الحسن بقوله: «هذا القول يرجع معناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم، وأنها بعيدة من الخير».

٢٨٣٩- وعن عَطِيَّة [العوفي] -من طريق أسْباط بن محمد، عن فُضَيْل بن مرزوق- ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾، قال: أوعية للمنكر[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٧٠. كذا اللفظ في المطبوع والنسخة التي حققها د. أحمد الزهراني ص٢٧٤، وربما تصحفت عن رواية لابن جرير ٢/٢٣٠ من طريق أسباط به، بلفظ: أوعية للذكر.]]. (ز)

٢٨٤٠- عن عَطِيَّة [العوفي] -من طريق فُضَيْل بن مرزوق- في قوله: (قُلوبُنا غُلُفٌ)، قال: أوعية للعلم[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٣٠، وابن أبي حاتم ١/١٧٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وفي رواية لابن جرير: أوعية للذكر.]]. (١/٤٦١)

٢٨٤١- عن عطاء الخراساني، مثله[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]. (ز)

٢٨٤٢- عن عطاء [بن أبي رباح]، قال: أي: قلوبنا أوعية لكل علم؛ فلا تحتاج إلى علمك[[تفسير الثعلبي ١/٢٣٣، وتفسير البغوي ١/١٢٠.]]٣٥٩. (ز)

٣٥٩ نقل ابنُ القيم (١/١٣٢) انتَقاد ابن تيمية (ينظر ١/٢٦٩) لقول من فسر ﴿غلف﴾ بأنها: أوعية؛ الذي استندَ فيه إلى الدلالات العقلية، ومخالفته لدلالة اللفظ، وعدم وجود نظائر في القرآن تشهد له، فقال: «سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يضعف قول من قال: أوعية. جِدًّا، وقال: إنما هي جمع أغلف، ويقال للقلب الذي في الغشا: أغلف، وجمعه: غلف، كما يقال للرجل غير المختون: أقلف، وجمعه: قلف». وقال أيضًا: «وأما قول من قال: هي أوعية للحكمة. فليس في اللفظ ما يدل عليه البتة، وليس له في القرآن نظير يحمل عليه، ولا يقال مثل هذا اللفظ في مدح الإنسان نفسه بالعلم والحكمة، فأين وجدتم في الاستعمال قول القائل: قلبي غلاف، وقلوب المؤمنين العالمين غلف، أي: أوعية للعلم، والغلاف قد يكون وعاء للجيد والرديء، فلا يلزم من كون القلب غلافًا أن يكون داخله العلم والحكمة، وهذا ظاهر جِدًّا. فإن قيل: فالإضراب بـ﴿بل﴾ على هذا القول الذي قويتموه ما معناه؟. قيل: وجه الإضراب في غاية الظهور، وهو أنهم احتجوا بأن الله لم يفتح لهم الطريق إلى فهم ما جاء به الرسول ومعرفته، بل جعل قلوبهم داخلة في غلف فلا تفقهه، فكيف تقوم به عليهم الحجة؟ وكأنهم ادَّعَوْا أن قلوبهم خلقت في غلف، فهم معذورون في عدم الإيمان، فأكذبهم الله، وقال: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء:١٥٥]، وفي الآية الأخرى: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾، فأخبر سبحانه أن الطبع والإبعاد عن توفيقه وفضله إنما كان بكفرهم الذي اختاروه لأنفسهم، وآثروه على الإيمان، فعاقبهم عليه بالطبع واللعنة. والمعنى: لم نخلق قلوبهم غلفًا لا تعي ولا تفقه، ثم نأمرهم بالإيمان وهم لا يفهمونه ولا يفقهونه، بل اكتسبوا أعمالًا عاقبناهم عليها بالطبع على القلوب والختم عليها».

٢٨٤٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله ﴿وقالوا قلوبنا غلف﴾، قال: قالوا: لا تَفْقَه[[أخرجه ابن جرير١/٢٢٩. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٧٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٤٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: عليها طابَع، قال: هو كقوله: ﴿قلوبنا في أكنة﴾ [فصلت: ٥][[أخرجه عبد الرزاق ١/٥١ مختصرًا، وابن جرير ٢/٢٢٩. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/١٧٠.]]. (ز)

٢٨٤٥- عن الأعمش -من طريق شَرِيك- قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾، قال: هي في غُلُف[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٢٩.]]. (ز)

٢٨٤٦- قال محمد بن السّائِب الكَلْبِيِّ: معناه: أوعية لكل علم، فلا تسمع حديثًا إلا تعيه، إلا حديثك لا تعقله ولا تعيه، ولو كان فيه خير لوَعَتْه وفهمته[[تفسير الثعلبي ١/٢٣٤، وتفسير البغوي ١/١٢٠.]]. (ز)

٢٨٤٧- قال مقاتل بن سليمان: وقالوا للنبي ﷺ: ﴿قلوبنا غلف﴾، يعني: في غطاء، ويعنون: في أكنة عليها الغطاء، فلا تفهم ولا تفقه ما تقول يا محمد -كراهية لما سمعوا من النبي ﷺ من قوله: إنكم كذَّبتم فريقًا من الأنبياء وفريقًا قتلتم-، فإن كنت صادقًا فأَفْهِمْنا ما تقول[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٢١.]]. (ز)

٢٨٤٨- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿قلوبنا غلف﴾ قال: يقول: قلبي في غِلاف، فلا يخلص إليه ما تقول. وقرأ: ﴿وقالُوا قُلُوبُنا فِي أكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥][[أخرجه ابن جرير ٢/٢٣٠.]]. (ز)

﴿وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ ۝٨٨﴾ - آثار متعلقة بالآية

٢٨٤٩- عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: «القلوب أربعة: قلب أجْرَدُ[[أي: ليس فيه غلٌّ ولا غشٌّ، فهو على أصل الفطرة. النهاية في غريب الحديث والأثر (جرد).]]، فيه مثل السراج يُزهِرُ، وقلب أغْلَفُ مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مُصْفَح[[المُصفَح: الذي له وجهان؛ يَلْقى أهل الكفر بوجه، وأهل الإيمان بوجه. النهاية في غريب الحديث والأثر (صفح).]]؛ فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن، سراجه فيه نوره، وأما القلب الأَغْلف فقلب الكافر، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأما القلب المُصْفَح فقلب فيه إيمان ونفاق، ومَثَل الإيمان كمَثَل البَقْلَة يُمِدُّها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القُرحة يُمِدُّها القَيْح والدم، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه»[[أخرجه أحمد ١٧/٢٠٨ (١١١٢٩)، وابن أبي حاتم ٥/١٦٣٦ (٨٦٦٦) عن ليث بن أبي سُلَيْم، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البُحْتُرِيّ، عن أبي سعيد. قال ابن كثير في تفسيره ١/١٩٣: «وهذا إسناد جيد حسن». وقال الهيثمي في المجمع ١/٦٣ (٢٢٢): «وفي إسناده ليث بن أبي سليم». وقال السيوطي: «سند جيد». وقال الألباني في الضعيفة ١١/٢٦٣ (٥١٥٨): «ضعيف». وقد خالفَ الثقاتُ ليثًا؛ فرووه عن عمرو بن مرّة، عن أبي البُحْتُرِيّ، عن حذيفة موقوفًا عليه، كما سيأتي.]]. (١/٤٦٤)

٢٨٥٠- عن سلمان الفارسي، موقوفًا مثله سواء[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٦٣٦ (٨٦٦٧) فيه أبو سنان سعيد بن سنان البُرْجُمِيّ، صدوق له أوهام، وقد خالف الثقات فرواه عن سلمان الفارسي، والصواب: عن حذيفة موقوفًا عليه، كما سيأتي.]]. (١/٤٦٥)

٢٨٥١- عن حُذَيْفة [بن اليمان] -من طريق أبي البَخْتَري- قال: القلوب أربعة؛ قلب أغْلَف، فذلك قلب الكافر، وقلب مُصْفَحٌ، فذلك قلب المنافق، وقلب أجْرَد فيه مثل السراج، فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه إيمان ونفاق؛ فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب، ومثل النفاق كمثل قُرْحَةٍ يمدها القيح والدم، فأي المادتين غلبت صاحبتها أهلكته[[أخرجه ابن أبي شيبة ١١/٣٦، ١٥/١٠٨، وابن جرير ٢/٢٢٧. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص. وإسناده صحيح إلى أبي البَخْتَري، لكنه لم يدرك حذيفة. ينظر: جامع التحصيل ص١٨٣.]]. (١/٤٦٢)

٢٨٥٢- عن حُذَيْفة [بن اليمان] -من طريق نُبَيْط بن شَرِيط- قال: تعرض فتنة على القلوب، فأي قلب أنكرها نُكِتَت في قلبه نُكْتَة بيضاء، وأي قلب لم ينكرها نُكِتَت في قلبه نُكْتَة سوداء، ثم تعرض فتنة أخرى على القلوب، فإن أنكرها القلب الذي أنكرها نُكِتَت في قلبه نُكْتَة بيضاء، وإن لم ينكرها نُكِتَت نُكْتَة سوداء، ثم تعرض فتنة أخرى، فإن أنكرها ذلك القلب اشتدَّ وابيضَّ وصفا، ولم تضره فتنة أبدًا، وإن لم ينكرها في المرتين الأوليين اسودَّ وارْبدَّ[[الرُّبْدَة: الغُبرة. وقيل: لون إلى الغبرة. لسان العرب (ربد).]] ونكس، فلا يعرف حقًّا ولا ينكر منكرًا[[أخرجه الحاكم ٤/٤٦٨.]]. (١/٤٦٣)

٢٨٥٣- عن علي بن أبي طالب –من طريق عبد الله بن عمرو بن هند- قال: إنّ الإيمان يبدو لُمْظَةً[[أي: نُكْتَة. لسان العرب (لمظ).]] بيضاء في القلب، فكلما ازداد الإيمان عُظْمًا ازداد ذلك البياض، فإذا اسْتُكْمِل الإيمان ابيضَّ القلب كله، وإن النفاق لُمْظَة سوداء في القلب، فكلما ازداد النفاق عُظْمًا ازداد ذلك السواد، فإذا اسْتُكمِل النفاق اسودَّ القلب كله، وايْمُ الله، لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود[[أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (٨)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٨).]]. (١/٤٦٣)

٢٨٥٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جُبَير- قال: إنما سمي القلب لتقلبه[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/١٧٠، ٤/١١٠٨.]]. (١/٤٦١)

﴿بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِیلࣰا مَّا یُؤۡمِنُونَ ۝٨٨﴾ - تفسير

٢٨٥٥- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾، قال: لا يؤمن منهم إلا قليل[[أخرجه عبد الرزاق ١/٥١، وابن جرير ٢/٢٣٣، وابن أبي حاتم ١/١٧١.]]٣٦٠. (١/٤٦٥)

٣٦٠ وجَّه ابنُ عطية (١/٢٨٠) قول قتادة بقوله: «الضمير في ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ لحاضري محمد، ويتجه قلة هذا الإيمان: إما لأن من آمن بمحمد منهم قليل فيقل لقلة الرجال، قال هذا المعنى قتادة». وانتقد ابنُ جرير (٢/٢٣٤) قولَ قتادة مستندًا إلى مخالفته لغة العرب، فقال: «وأولى التأويلات في قوله: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ بالصواب: هو أن الله أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد، ولذلك نصب قوله: ﴿فقليلا﴾؛ لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره، ومعناه: بل لعنهم الله بكفرهم فإيمانًا قليلًا ما يؤمنون، فقد تبين إذًا بما بينا -أنهم قليلو الإيمان- فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك؛ لأن معنى ذلك لو كان على ما روي من أنه يعني به: فلا يؤمن منهم إلا قليل، أو فقليل منهم من يؤمن، لكان القليل مرفوعًا لا منصوبًا؛ لأنه إذا كان ذلك تأويله كان القليل حينئذ مرافعًا ﴿ما﴾ وإن نُصِبَ القليل -و﴿ما﴾ في معنى: مَن، أو الذي- فقد بقيت ﴿ما﴾ لا مُرافع لها. وذلك غير جائز في لغة أحد من العرب».

٢٨٥٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون﴾، قال: فلَعَمْرِي لَمَن رجع من أهل الشرك أكثر ممن رجع من أهل الكتاب، إنما آمن من أهل الكتاب رَهْطٌ يسير[[أخرجه ابن جرير ٢/٢٣٣.]]. (ز)

٢٨٥٧- عن محمد بن السّائِب الكَلْبِيِّ -من طريق مَعْمَر- قال: لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم، ويكفرون بما وراءه[[أخرجه عبد الرزاق ١/٥٢، وابن جرير ٢/٢٣٣ مبهمًا قال: قال مَعْمَر: وقال غيره: ... الأثر.]]٣٦١. (ز)

٣٦١ رجَّح ابنُ جرير (٢/٢٣٣-٢٣٤) مضمون هذا الأثر بقوله: «وأولى التأويلات في قوله: ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ بالصواب: ... هو أنّ الله أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد، ولذلك نصب قوله: ﴿فقليلا﴾ لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره، ومعناه: بل لعنهم الله بكفرهم فإيمانًا قليلًا ما يؤمنون».

٢٨٥٨- عن معمر، نحو ذلك[[تفسير الثعلبي ١/١٣٣، وتفسير البغوي ١/١٢٠.]]. (ز)

٢٨٥٩- قال مقاتل بن سليمان: يقول الله ﷿: ﴿بل لعنهم الله بكفرهم﴾ فطبع على قلوبهم؛ ﴿فقليلا ما يؤمنون﴾ يعني بالقليل: بأنهم لا يصدقون بأنه من الله، وكفروا بما سواه مما جاء به محمد ﷺ، فذلك قوله ﷿ في النساء: ﴿فلا يؤمنون إلا قليلا (٤٦)﴾، وإنما سمي اليهود من قِبَل يَهُوذا بن يعقوب[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٢٢.]]. (ز)

٢٨٦٠- قال الواقدي: معناه: لا يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا[[تفسير الثعلبي ١/١٣٣، وتفسير البغوي ١/١٢٠.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب