الباحث القرآني
﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُوا۟ بَقَرَةࣰۖ﴾ - بسط القصة
٢٢٤٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جُبَيْر- قال: كانت مدينتان في بني إسرائيل إحداهما حصينة ولها أبواب، والأخرى خَرِبة، فكان أهل المدينة الحصينة إذا أمْسَوا أغْلَقوا أبوابَها، فإذا أصبحوا قاموا على سور المدينة، فنظروا هل حدث فيما حولها حادث، فأصبحوا يومًا فإذا شيخ قتيل مطروح بأصل مدينتهم، فأقبل أهل المدينة الخَربِة، فقالوا: قتلتم صاحبنا. وابنُ أخ له شاب يبكي عنده، ويقول: قتلتم عمي. وقالوا: واللهِ، ما فتحنا مدينتنا منذ أغلقناها، وما نَدَيْنا من دم صاحبكم هذا بشيء. فأتوا موسى، فأوحى الله إلى موسى: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾، إلى قوله: ﴿فذبحوها وما كادوا يفعلون﴾، قال: وكان في بني إسرائيل غلام شاب يبيع في حانوت له، وكان له أب شيخ كبير، فأقبل رجل من بلد آخر يطلب سِلْعَة له عنده، فأعطاه بها ثمنًا، فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه الذي طلب، والمفتاح مع أبيه، فإذا أبوه نائم في ظل الحانوت، فقال: أيقِظْه. قال ابنه: إنه نائم، وأنا أكره أن أُروِّعَه من نومه. فانصرفا، فأعطاه ضِعْف ما أعطاه على أن يوقظَه، فأبى، فذهب طالب السِّلْعَة، فاستيقظ الشيخ، فقال له ابنه: واللهِ، يا أبَه، لقد جاء ههنا رجل يطلب سِلْعَة كذا، فأعطى بها من الثمن كذا وكذا، فكرهت أن أروِّعَك من نومك. فلامه الشيخ، فعَوَّضه الله من برِّه بوالده أن نُتِجَت من بقره تلك البقرة التي يطلبها بنو إسرائيل، فأتوه، فقالوا له: بِعْناها. فقال: لا. قالوا: إذن نأخذها منك. فأتوا موسى، فقال: اذهبوا فأرضوه من سلعته. قالوا: حُكْمُك؟ قال: حكمي أن تضعوا البقرة في كفة الميزان، وتضعوا ذهبًا صامتًا في الكفة الأخرى، فإذا مال الذهب أخذتُه. ففعلوا، وأقبلوا بالبقرة حتى انتهوا بها إلى قبر الشيخ، واجتمع أهل المدينتين، فذبحوها، فضُرب ببضعةٍ من لحمها القبر، فقام الشيخ ينفض رأسه، يقول: قتلني ابنُ أخي؛ طال عليه عُمُري، وأراد أخذ مالي. ومات[[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت (٥٤). وقد وردت القصة كاملة بنحوها عن ابن عباس أيضًا عند ابن جرير ٢/١٢١ من طريق العوفي، لكن ذكر أنهم عدد من أبناء أخ القتيل. وأورده السيوطي في الدر المنثور ١/٤٠٦. وأخرج آدم ابن أبي إياس -كما في تفسير ابن كثير ١/٢٩٧-، وابن جرير ٢/٧٧ نحوه عن أبي العالية. وأخرج ابن جرير ٢/٧٨، وابن أبي حاتم ١/١٣٦-١٤٣ نحوه عن إسماعيل السدي. وعزا السيوطي في الدر المنثور ١/٤٠٦ نحوه عن عكرمة إلى سفيان بن عيينة. كما عزا نحوه في الدر المنثور ١/٤١٩-٤٢٦ عن وهب بن منبه إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ في العظمة بتفاصيل طويلة غريبة فيما يتعلق بصاحب البقرة.]]. (١/٤٠٢)
٢٢٤٧- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قول الله: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾، قال: كان رجل من بني إسرائيل، وكان غنيًّا ولم يكن له ولد، وكان له قريب، وكان وارثه، فقتله لِيَرِثَه، ثم ألقاه على مَجْمَع الطريق، وأتى موسى، فقال له: إنّ قريبي قُتِل، وأتى إلي أمر عظيم، وإني لا أجد أحدًا يُبَيِّن لي مَن قتله غيرك، يا نبي الله. قال: فنادى موسى في الناس: أنشد الله، مَن كان عنده مِن هذا علمٌ إلا بيَّنه لنا. فلم يكن عندهم علمه، فأقبل القاتل على موسى، فقال: أنت نبي الله، فاسأل لنا ربك أن يبين لنا[[أخرجه آدم ابن أبي إياس -كما في تفسير ابن كثير ١/٢٩٧-، وابن جرير ٢/٧٧.]]. (ز)
٢٢٤٨- عن مجاهد بن جَبْر -من طريق حَجّاج، عن ابن جُرَيج-= (ز)
٢٢٤٩- ومحمد بن كعب القُرَظِيّ= (ز)
٢٢٥٠- ومحمد بن قيس -من طريق حجاج، عن أبي مِعْشَر- دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قالوا: إنّ سِبْطًا من بني إسرائيل لَمّا رأوا كثرة شرور الناس بنوا مدينة، فاعتزلوا شرور الناس، فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدًا منهم خارجًا إلا أدخلوه، وإذا أصبحوا قام رئيسهم فنظر وتشرف، فإذا لم ير شيئًا فتح المدينة، فكانوا مع الناس حتى يمسوا، وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير، ولم يكن له وارث غير ابن أخيه، فطال عليه حياته، فقتله ليرثه، ثم حمله فوضعه على باب المدينة، ثم كَمَن في مكان هو وأصحابه، قال: فتشرف رئيس المدينة على باب المدينة فنظر فلم ير شيئًا، ففتح الباب، فلما رأى القتيل ردَّ الباب، فناداه ابن أخي المقتول وأصحابه: هيهات، قتلتموه ثم تَرُدُّون الباب. وكان موسى لَمّا رأى القتل كثيرًا في أصحابه بني إسرائيل كان إذا رأى القتيل بين ظَهْرَيِ القوم آخَذَهم، فكاد يكون بين أخي المقتول وبين أهل المدينة قتال؛ حتى لبس الفريقان السلاح، ثم كَفَّ بعضهم عن بعض، فأتوا موسى، فذكروا له شأنهم، فقالوا: يا رسول الله، إن هؤلاء قتلوا قتيلًا، ثم رَدُّوا الباب. وقال أهل المدينة: يا رسول الله، قد عرفت اعتزالنا الشرور، وبنينا مدينة كما رأيت نعتزل شرور الناس، ما قتلنا، ولا علمنا قاتلًا. فأوحى الله -تعالى ذكره- إليه أن يذبحوا بقرة، فقال لهم موسى: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾. قالوا: وما البقرة والقتيل؟ قال: أقول لكم: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾، وتقولون: ﴿أتتخذنا هزوا﴾؟![[أخرجه سُنَيْد -كما في تفسير ابن كثير ١/٣٠٠-، وابن جرير ٢/٨٢، ١٢٢.]]. (ز)
٢٢٥١- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسْباط- ﴿وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾، قال: كان رجل من بني إسرائيل مُكْثِرًا من المال، وكانت له ابنة، وكان له ابن أخ محتاج، فخطب إليه ابن أخيه ابنته، فأبى أن يزوجه إياها، فغضب الفتى، وقال: والله، لأقْتُلَنَّ عمي، ولآخُذَنَّ ماله، ولأَنكِحَنَّ ابنته، ولآكُلَنَّ دِيَتَه. فأتاه الفتى وقد قَدِم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل، فقال: يا عم، انطلق معي، فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلي أصيب منها، فإنهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العم مع الفتى ليلًا، فلما بلغ الشيخ ذلك السِّبط قتله الفتى، ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمه، كأنه لا يدري أين هو، فلم يجده، فانطلق نحوه، فإذا هو بذلك السِّبط مجتمعين عليه، فأخذهم وقال: قتلتم عمي، فأَدُّوا إلَيَّ دِيَتَه. وجعل يبكي، ويحثو التراب على رأسه، وينادي: واعَمّاه. فرفعهم إلى موسى، فقضى عليهم بالدِّيَة، فقالوا له: يا رسول الله، ادع لنا حتى يتبين له مَن صاحبُه، فيؤخذ صاحب الجريمة، فواللهِ، إنّ دِيَتَه علينا لَهَيِّنَة، ولكنا نستحي أن نُعَيَّر به. فذلك حين يقول الله -جل ثناؤه-: ﴿وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون﴾. فقال لهم موسى: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٨، وابن أبي حاتم ١/١٣٥.]]. (ز)
٢٢٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِي-= (ز)
٢٢٥٣- ومجاهد -من طُرُق-= (ز)
٢٢٥٤- ووهْب [بن مُنَبِّه]= (ز)
٢٢٥٥- وقتادة= (ز)
٢٢٥٦- ومحمد بن كعب القُرَظِي= (ز)
٢٢٥٧- ومحمد بن قيس= (ز)
٢٢٥٨- و[عبد الرحمن] بن زيد= (ز)
٢٢٥٩- ذكر جميعُهم أنّ السبب الذي من أجله قال لهم موسى: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾ نحو السبب الذي ذكره عَبِيدَة [السلماني]= (ز)
٢٢٦٠- وأبو العالية= (ز)
٢٢٦١- والسُّدِّي، غير أنّ بعضهم ذكر أنّ الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى كان أخا المقتول، وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه، وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورَثَة اسْتَبْطَأُوا حياته. إلا أنهم جميعًا مُجْمِعُون على أن موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذ احتكموا إليه، عن أمر الله إياهم بذلك[[ابن جرير ٢/٨٠.]]٢٩٤. (ز)
٢٢٦٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإذ قال موسى لقومه﴾: يا بني إسرائيل، ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾ بأرض مصر قبل الغَرَق، وذلك أن أخوين كانا في بني إسرائيل، فقتلا ابنَ عم لهما ليلًا بمصر لِيَرِثاه، ثم حملاه فألقياه بين القريتين ...= (ز)
٢٢٦٣- عن أبي مليكة[[كذا في المطبوع، ولعله ابن أبي مليكة، لأننا لم نجد لأبي مليكة رواية عن ابن عباس، ورواية ابن أبي مليكة عنه معروفة مشهورة.]]، عن ابن عباس أنّه قال: قاسوا ما بين القريتين فكانتا سواء، فلما أصبحوا أخذوا أهل القرية، فقالوا: واللهِ، ما قتلناه، ولا علمنا له قاتلًا. قالوا: يا موسى، ادع لنا ربك، يطلع على القاتل إن كنت نبيًا كما تزعم. فدعا موسى ربه ﷿، فأتاه جبريل ﵇، فأمره بذبح بقرة. فقال لهم موسى: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، فتضربوه ببعضها فيحيا، فيخبركم بقاتله. واسم المقتول: عاميل[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١١٣-١١٤.]]. (ز)
﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُوا۟ بَقَرَةࣰۖ﴾ - آثار متعلقة بالآيات
٢٢٦٤- عن عَبيدة، قال: أول ما قضي أنه لا يرث القاتل في صاحب بني إسرائيل[[أخرجه عبد الرزاق ١/٤٩.]]. (١/٤٠٤)
٢٢٦٥- عن محمد بن سِيرِين، قال: أول ما مُنِع القاتلُ الميراثَ لمكان صاحب البقرة[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/١١١.]]. (١/٤٠٥)
٢٢٦٦- قال الكَلْبِيُّ: ذلك قبل نزول القَسامَة في التوراة، فسألوا موسى أن يدعو الله ليبيّن لهم ذلك، فسأل موسى ربّه، فأمرهم بذبح بقرة[[تفسير الثعلبي ١/٢١٤.]]. (ز)
﴿قَالُوۤا۟ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوࣰاۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ ٦٧﴾ - تفسير
٢٢٦٧- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- قال: فسأل [موسى] ربه، فأوحى الله إليه: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾. فعجبوا، وقالوا: ﴿أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾[[أخرجه آدم ابن أبي إياس -كما في تفسير ابن كثير ١/٢٩٧-، وابن جرير ٢/٧٧.]]. (ز)
٢٢٦٨- وقال محمد بن سِيرِين: قتله القاتل، ثُمَّ احتمله، فوضعه على باب رجل منهم، ثمّ أصبح يطلب بثأره ودمه، ويدّعيه عليه، قال: فجاء أولياء القتيل إلى موسى، وأتوه بناس، وادّعوا عليه القتل، وسألوا القِصاص، فسألهم موسى عن ذلك، فجحدوا، فاشتبه أمر القتيل على موسى، ووقع بينهم خلاف[[تفسير الثعلبي ١/٢١٤.]]. (ز)
٢٢٦٩- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسْباط- قال لهم موسى: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾. قالوا: نسألك عن القتيل وعمن قتله، وتقول: اذبحوا بقرة! أتهزأ بنا؟! قال موسى: ﴿أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٧٨، وابن أبي حاتم ١/١٣٦.]]. (ز)
٢٢٧٠- قال مقاتل بن سليمان: قال لهم موسى: إنّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، فتضربوه ببعضها فيحيا، فيخبركم بقاتله ... فظنوا أنه يستهزئ بهم، فقالوا: نسألك عن القاتل لتخبرنا به فتأمرنا بذبح بقرة استهزاء بنا؟! فذلك قولهم لموسى: ﴿قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾. يعني: من المستهزئين[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١١٤.]]. (ز)
٢٢٧١- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- قتل قتيل من بني إسرائيل، فطُرِح في سِبْطٍ من الأسباط، فأتى أهل ذلك القتيل إلى ذلك السِّبط، فقالوا: أنتم –واللهِ- قتلتم صاحبنا. قالوا: لا، واللهِ. فأتوا موسى، فقالوا: هذا قتيلنا بين أظهرهم، وهم –والله- قتلوه. فقالوا: لا، واللهِ، يا نبي الله، طُرِح علينا. فقال لهم موسى: ﴿إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة﴾. فقالوا: أتستهزئ بنا؟! وقرأ قول الله -جل ثناؤه-: ﴿أتتخذنا هزوا﴾. قالوا: نأتيك فنذكر قتيلنا والذي نحن فيه، فتستهزئ بنا! فقال موسى: ﴿أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٨١.]]٢٩٥. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.