الباحث القرآني

﴿لِلۡفُقَرَاۤءِ ٱلَّذِینَ أُحۡصِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ﴾ - تفسير

١١٠٧٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- في قوله: ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: هم أصحابُ الصُّفَّة[[أخرجه ابن المنذر (٧).]]. (٣/٣٣٣)

١١٠٧١- عن سعيد بن جبير -من طريق جعفر بن أبي المغيرة- ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: قومٌ أصابَتهم الجِراحات في سبيل الله، فصاروا زَمْنى[[الزَّمْنى: جمع زَمِن. والزَّمانة: العاهة. لسان العرب (زمن).]]، فَجُعِلَ لهم في أموال المسلمين حقًّا[[أخرجه ابن المنذر (١٠)، وابن أبي حاتم ٢/٥٤٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٣/٣٣٥)

١١٠٧٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: هم مهاجرُو قريش بالمدينة مع النبي ﷺ، أُمِروا بالصدقة عليهم[[تفسير مجاهد ص٢٤٥، وأخرجه ابن جرير ٥/٢٣، وابن أبي حاتم ٢/٥٤٠. وابن المنذر (٨) من طريق ابن جريج. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٦٢-. وعزاه السيوطي إلى سفيان بن عيينة، وعبد بن حميد.]]. (٣/٣٣٥)

١١٠٧٣- عن محمد بن كعب القُرَظِيِّ -من طريق عمر بن عبد الله- في قوله: ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: هم أصحاب الصُّفَّة، وكانوا لا منازل لهم بالمدينة ولا عشائر، فحثَّ الله عليهم الناسَ بالصدقة[[أخرجه ابن سعد ١/٢٥٥.]]. (٣/٣٣٥)

١١٠٧٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: فقراء المهاجرين[[أخرجه ابن جرير ٥/٢٣.]]١٠٤٩. (ز)

١٠٤٩ علَّقَ ابنُ عطية (٢/٨٧) فقال: «قال مجاهد، والسدي، وغيرهما: المراد بهؤلاء الفقراء: فقراء المهاجرين من قريش وغيرهم. ثم تتناول الآيةُ كلَّ مَن دخل تحت صفة الفقر غابرَ الدهر، وإنما خص فقراء المهاجرين بالذِّكْر لأنّه لم يكن هناك سواهم؛ لأن الأنصار كانوا أهل أموال وتجارة في قطرهم».

١١٠٧٥- عن الربيع بن أنس، ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: هم فقراء المهاجرين بالمدينة[[عزاه السيوطي لابن جرير، وفي المطبوع من تفسير ابن جرير ٥/٢٣ منسوب إلى أبي جعفر الرازي من قوله. وقد أورد السيوطي ٣/٣٣٣-٣٣٤ عَقِب تفسير هذه الآية أحاديث وآثارًا عن أصحاب الصُّفَّة.]]. (٣/٣٣٥)

﴿ٱلَّذِینَ أُحۡصِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لَا یَسۡتَطِیعُونَ ضَرۡبࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ﴾ - تفسير

١١٠٧٦- قال سعيد بن جبير: قوم أصابتهم جراحات مع رسول الله ﷺ في الجهاد في سبيل الله، فصاروا زَمْنى، أحصرهم المرض والزَّمانَة عن الضرب في سبيل الله للجهاد[[تفسير البغوي ١/٣٣٧.]]. (ز)

١١٠٧٧- قال الحسن البصري: أحصرهم الفقر، وهم أهل تَعَفُّف[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٦٢-.]]. (ز)

١١٠٧٨- عن رجاء بن حَيْوَة -من طريق مطر- في قوله: ﴿لا يستطيعون ضربا في الأرض﴾، قال: لا يستطيعون تجارة[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٤٠.]]. (٣/٣٣٦)

١١٠٧٩- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: حصَروا أنفسَهم في سبيل الله للغَزْو، فلا يستطيعون تجارةً[[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/١٠٩، وابن جرير ٥/٢٤، وابن المنذر (٩)، وابن أبي حاتم ٢/٥٤٠. وفي تفسير الثعلبي ٢/٢٧٦، وتفسير البغوي ١/٣٣٧ بلفظ: حبسوا أنفسهم على الجهاد في سبيل الله.]]١٠٥٠. (٣/٣٣٥)

١٠٥٠ ذَهَبَ ابنُ جرير (٥/٢٤) إلى ما ذهب إليه قتادة، والسدي، وابن زيد، من أنّ المقصود بقوله -جلّ ثناؤه-: ﴿لا يستطيعون ضربًا في الأرض﴾: التجارة، فقال: «يعني بذلك -جل ثناؤه-: لا يستطيعون تَقَلُّبًا في الأرض، وسفرًا في البلاد، ابتغاءَ المعاش وطَلَبَ المكاسب، فيَسْتَغْنُوا به عن الصدقات؛ رَهْبَةَ العدو، وخوفًا على أنفسهم منهم».

١١٠٨٠- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾ قال: حصرهم المشركون في المدينة١٠٥١، ﴿لا يستطيعون ضربا في الأرض﴾ يعني: التجارة، ﴿يحسبهم الجاهل﴾ بأمرهم[[أخرجه ابن جرير ٥/٢٥، وابن أبي حاتم ٢/٥٤٠.]]. (٣/٣٣٦)

١٠٥١ انتَقَدَ ابنُ جرير (٥/٢٥) ما ذهب إليه السُّدي مستندًا إلى اللغة، فقال: «لو كان تأويل الآية على ما تأوله السُّدِّيُّ لكان الكلام: للفقراء الذين حُصِرُوا في سبيل الله. ولكنه ﴿أُحْصِرُوا﴾، فدَلَّ ذلك على أنّ خوفهم من العدو الذي صير هؤلاء الفقراء إلى الحال التي حَبَسُوا -وهم في سبيل الله- أنفسَهم، لا أنّ العدو هم كانوا الحابِسِيهِم، وإنما يُقالُ لمن حَبَسَهُ العدو: حَصَرَهُ العدو. وإذا كان الرجل المُحْبَسُ من خوف العدو قيل: أحْصَرَهُ خوفُ العدو».

١١٠٨١- قال مقاتل بن سليمان: ثم بيَّن على من يُنفَق، فقال: النفقة ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾ يقول: حُبِسوا. نظيرها: ﴿فإن أحصرتم﴾ [البقرة:١٩٦]، يعني: حُبِستم، وأيضًا: ﴿وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا﴾ [الإسراء:٨]، يعني: محبسًا، ﴿الذين أحصروا﴾ حَبَسوا أنفسهم بالمدينة في طاعة الله ﷿، فهم أصحاب الصُّفَّة ... منهم ابن مسعود، وأبو هريرة، والموالي أربعمائة رجل، لا أموال لهم بالمدينة، فإذا كان الليل آوَوْا إلى صُفَّة المسجد، فأمر الله ﷿ بالنفقة عليهم، ﴿لا يستطيعون ضربا في الأرض﴾ يعني: سيرًا، كقوله سبحانه: ﴿وإذا ضربتم في الأرض﴾ [النساء:١٠١]، يعني: إذا سرتم في الأرض، يعني التجارة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٢٤-٢٢٥.]]. (ز)

١١٠٨٢- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله﴾، قال: كانت الأرض كلُّها كفرًا؛ لا يستطيع أحد أن يخرج يبتغي من فضل الله، إذا خَرَج خَرَج في كُفْر[[أخرجه ابن جرير ٥/٢٤. وفي تفسير الثعلبي ٢/٢٧٦، وتفسير البغوي ١/٣٣٧ بلفظ: مِن كثرة ما جاهدوا صارت الأرض كلها حربًا عليهم، فلا يستطيعون ضربًا في الأرض من كثرة أعدائهم.]]١٠٥٢. (٣/٣٣٦)

١٠٥٢ ذَهَبَ ابنُ جرير (٥/٢٤) إلى ما ذهب إليه قتادة، وابن زيد، فقال: «يعني -تعالى ذِكْرُه- بذلك: الذين جعلهم جهادُهم عدوَّهم يَحْصُرُونَ أنفسَهم، فيحبسونها عن التصرُّف، فلا يستطيعون تصرُّفًا». وعلَّقَ ابنُ عطية (٢/٨٨) على تأويل ابن جرير، بقوله: «هذا مُتَّجِهٌ، كأن هذه الأعذار أحصرتهم، أي: جعلتهم ذوي حصر، كما قالوا: قَبَرَه: أدخله في قبره، وأقبره: جعله ذا قبر. فالعدو وكُلُّ محيط يُحصِر، والأعذار المانعة تُحصِر -بضم التاء وكسر الصاد-، أي: تجعل المرء كالمحاط به».

﴿یَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِیَاۤءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ﴾ - تفسير

١١٠٨٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿يحسبهم الجاهل أغنياء﴾، يقول: يحسبهم الجاهلُ بأمرِهم أغنياءَ من التعفف[[أخرجه ابن جرير ٥/٢٦. وعلَّقه ابن المنذر ١/٤٣.]]١٠٥٣. (ز)

١٠٥٣ ذَهَبَ ابنُ جرير (٥/٢٦)، وابنُ عطية (٢/٨٨)، وابنُ كثير (٢/٤٧٧) إلى أن المراد بالجاهل في الآية: الجاهل بحالهم. فقال ابنُ جرير مستدلًا بقولِ قتادة: «يعني بذلك: يحسبهم الجاهل بأمرهم وحالهم أغنياء من تعففهم عن المسألة، وتَرْكِهِم التَّعَرُّضَ لِما في أيدي الناس؛ صبرًا منهم على البأساء والضراء». وقال ابنُ كثير: «وفي هذا المعنى الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس المسكين بهذا الطَّوّاف الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنِيه، ولا يُفْطَنُ له فَيُتَصَدق عليه، ولا يسأل الناس شيئًا»».

١١٠٨٤- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط-: ﴿يحسبهم الجاهل﴾ بأمرهم ﴿أغنياء من التعفف﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٤١ (٢٨٧٠).]]. (٣/٣٣٦)

١١٠٨٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يحسبهم الجاهل﴾ بأمرهم وشأنهم ﴿أغنياء من التعفف﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٢٥.]]. (ز)

١١٠٨٦- عن عبد الملك ابن جريج –من طريق ابن ثور- ﴿يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف﴾، قال: الجاهل بشأنهم[[أخرجه ابن المنذر ١/٤٣.]]. (ز)

﴿تَعۡرِفُهُم بِسِیمَـٰهُمۡ﴾ - تفسير

١١٠٨٧- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- ﴿تعرفهم بسيماهم﴾، قال: التَّخَشُّع[[تفسير مجاهد ص٢٤٥، وأخرجه ابن جرير ٥/٢٧-٢٨، وابن المنذر ١/٤٤، وابن أبي حاتم ٢/٥٤١، كما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/١٠٩ من طريق معمر. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٣/٣٣٦)

١١٠٨٨- قال الضحاك بن مزاحم: صفرة ألوانهم من الجوع والضُرِّ[[تفسير الثعلبي ٢/٢٧٧، وتفسير البغوي ١/٣٣٨.]]. (ز)

١١٠٨٩- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- قوله: ﴿تعرفهم بسيماهم﴾ للفقر عليهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٤١ (٢٨٧٣).]]. (ز)

١١٠٩٠- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿تعرفهم بسيماهم﴾، يقول: تعرفُ في وجوههم الجَهْدَ[[الجهد: المشقة. لسان العرب (جهد).]] من الحاجة[[أخرجه ابن جرير ٥/٢٨، وابن أبي حاتم ٢/٥٤١.]]. (٣/٣٣٧)

١١٠٩١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿تعرفهم بسيماهم﴾، يعني: بسِيما الفقر عليهم لتركهم المسألة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٢٥.]]. (ز)

١١٠٩٢- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- ﴿تعرفهم بسيماهم﴾، قال: رَثاثَة ثيابهم[[أي: ثيابهم بالية. لسان العرب (رثث).]]، والجوع خفيٌّ على الناس، ولم تستطع الثياب التي يخرجون فيها تخفى على الناس[[أخرجه ابن جرير ٥/٢٩.]]١٠٥٤. (٣/٣٣٧)

١٠٥٤ ذَهَبَ ابنُ جرير (٥/٢٩) إلى جواز أن يكون المراد بـ﴿سيماهم﴾ جميعَ ما ذُكِر، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إنّ الله ﷿ أخبر نبيه ﷺ أنه يعرفهم بعلاماتهم، وآثار الحاجة فيهم، وإنما كان النبي ﷺ يُدْرِك تلك العلامات والآثار منهم عند المشاهدة بِالعِيان، فيعرفهم وأصحابُه بها، كما يُدْرَكُ المريضُ فيُعْلَمُ أنه مريض بالمُعايَنَة. وقد يجوز أن تكون تلك السِّيما كانت تَخَشُّعًا منهم، وأن تكون كانت أثَرَ الحاجَةِ والضُّرِّ، وأن تكون كانت رَثاثَةَ الثياب، وأن تكون كانت جميع ذلك، وإنما تُدْرَكُ علامات الحاجة وآثارُ الضر في الإنسان، ويُعْلَمُ أنها من الحاجة والضر بالمُعايَنَةِ دون الوَصْفِ، وذلك أنّ المريض قد يصير به في بعض أحوال مرضه من المرض نَظَيرُ آثار المَجْهُودِ من الفاقَةِ والحاجَةِ، وقد يَلْبَسُ الغني ذو المال الكثير الثيابَ الرَّثَّةَ، فَيَتَزَيّا بِزِيِّ أهل الحاجة، فلا يكون في شيء من ذلك دَلالَةٌ بالصِّفَةِ على أن الموصوف به مُخْتَلٌّ ذو فاقَةٍ، وإنما يدرك ذلك عند المُعايَنَةِ بِسِيماهُ، كما وصفهم الله به، نَظِيرَ ما يُعْرَفُ أنه مريض عند المُعايَنَةِ دونَ وصفه بصفته». وإلى مثله ذَهَبَ ابن كثير (٢/٤٧٨) فقال: «وقوله: ﴿تعرفهم بسيماهم﴾ أي: بما يظهر لذوي الألباب من صفاتهم».

﴿لَا یَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافࣰاۗ﴾ - تفسير

١١٠٩٣- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس المسكين الذي تردُّه التَّمرة والتَّمرتان، واللقْمَة واللقْمَتان، إنما المسكين الذي يَتَعفَّفُ، واقرأوا إن شئتم: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾»[[أخرجه البخاري ٦/٣٢ (٤٥٣٩) واللفظ له، وأخرجه مسلم ٢/٧١٩ (١٠٣٩) دون ذكر الآية.]]. (٣/٣٣٧)

١١٠٩٤- عن يزيد بن قاسط السَّكْسَكيِّ، قال: كنت عند عبد الله بن عمر إذ جاءه رجل يسأَلُه، فدعا غلامَه، فسارَّهُ، وقال للرجل: اذهب معه. ثم قال لي: أتقولُ: هذا فقير؟ فقلت: واللهِ، ما سأل إلا مِن فقر. قال: ليس بفقيرٍ مَن جمع الدرهم إلى الدرهم، والتمرة إلى التمرة، ولكن مَن أنقى نفسَه وثيابَه لا يَقْدِرُ على شيء: ﴿يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا﴾، فذلك الفقير[[أخرجه ابن المنذر (١٢)، وابن أبي حاتم ٦/١٨١٨.]]. (٣/٣٣٧)

١١٠٩٥- عن سلمة بن الأَكْوَع: أنّه كان لا يسألُه أحدٌ بوجه الله شيئًا إلا أعطاه، وكان يَكْرَهُها، ويقول: هي مسألةُ الإلحاف[[أخرجه ابن سعد ٤/٣٠٧، وابن أبي شيبة ٣/٢٢٨ واللفظ له.]]. (٣/٣٣٩)

١١٠٩٦- قال عطاء: إذا كان عندهم غداءٌ لا يسألون عَشاءً، وإذا كان عندهم عَشاءٌ لا يسألون غداء[[تفسير الثعلبي ٢/٢٧٧، وتفسير البغوي ١/٣٣٨.]]. (ز)

١١٠٩٧- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾، قال: لا يُلْحِفُون في المسألة[[أخرجه ابن جرير ٥/٣١.]]١٠٥٥. (ز)

١٠٥٥ بيَّن ابنُ عطية (٢/٩٠-٩١) أنّ النفي في قوله تعالى: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾ يحتمل معنيين: نفي السؤال، أو نفي الإلحاف فيه. ثمَّ وجَّه كِلا المعنيين بقوله: «أما الأولى -يعني: نفي السؤال- فعلى أن يكون التعفف صفة ثابتة لهم، ويحسبهم الجاهل بفقرهم لسبب تعففهم أغنياء من المال، وتكون ﴿من﴾ لابتداء الغاية، ويكون قوله: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾ لم يُرِد به أنهم يسألون غير إلحاف، بل المراد به التنبيه على سوء حالة مَن يسأل إلحافًا من الناس، كما تقول هذا رجل خَيِّرٌ لا يقتل المسلمين. فقولك:»خَيِّر«قد تضمن أنه لا يقتل، ولا يعصي بأقل من ذلك، ثم نَبَّهْت بقولك:»لا يقتل المسلمين«على قبح فعل غيره ممن يقتل، وكثيرًا ما يُقال مثل هذا إذا كان المنبَّه عليه موجودًا في القضية، مُشارًا إليه في نفس المتكلم والسامع. وسؤال الإلحاف لم تَخْلُ منه مدة، وهو مما يُكْرَه؛ فلذلك نَبَّه عليه. وأما المعنى الثاني فعلى أن يكون التعفف داخلًا في المحسبة، أي: إنهم لا يظهر لهم سؤال، بل هو قليل. وبإجمالٍ فالجاهل به مع علمه بفقرهم يحسبهم أغنياء عِفَّةً؛ فـ﴿من﴾ لبيان الجنس على هذا التأويل، ثم نفى عنهم سؤال الإلحاف، وبقي غيرُ الإلحاف مقررًا لهم حسبما يقتضيه دليل الخطاب، وهذا المعنى في نفي الإلحاف فقط هو الذي تقتضيه ألفاظ السدي».

١١٠٩٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿لا يسئلون الناس إلحافا﴾ فيُلْحِفُون في المسألة[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٢٥.]]. (ز)

١١٠٩٩- عن عبد الملك ابن جريج -من طريق ابن ثَوْر- في قوله: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾، قال: الكَدُّ[[أخرجه ابن المنذر ١/٤٥. والكَدُّ: هو الشِّدة، والإلحاح، والطلب. القاموس المحيط (كدد).]]. (ز)

١١١٠٠- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب-: في قوله: ﴿إلحافا﴾، قال: هو الذي يُلِحُّ في المسألة[[أخرجه ابن جرير ٥/٣١.]]. (٣/٣٣٩)

﴿لَا یَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافࣰاۗ﴾ - آثار متعلقة بالآية

١١١٠١- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «ليسَ المسكينُ بالطَّوّاف عليكم فتُعْطُونه لُقْمة لُقْمة، إنما المسكين المُتَعَفِّفُ الذي لا يَسألُ الناس إلحافًا»[[أخرجه أحمد ١٦/٣٣٥ (١٠٥٦٩)، وابن أبي حاتم ٢/٥٤١ (٢٨٧٥) واللفظ له.]]. (٣/٣٣٨)

١١١٠٢- عن رجل من بني أسد، قال: قال رسول الله ﷺ: «من سأل وله أُوقِيَّةٌ[[الأُوقِيَّةُ: زِنَة سبعة مثاقيل، وزِنَةُ أربعين درهمًا. لسان العرب (وقي).]] أو عَدْلُها؛ فقد سأل إلحافًا»[[أخرجه أحمد ٢٦/٣٣٧ (١٦٤١١)، وأبو داود ٣/٧٠ (١٦٢٧)، والنسائي ٥/٩٨ (٢٥٩٥). قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار ١/١٧١: «وليس بمنقطع ... لأنّ الرجل صحابي؛ فلا يضرّ عدم تسميته». وقال الألباني في الصحيحة ٤/٢٩٦ (١٧١٩): «وهذا إسناد صحيح». وقال في صحيح أبي داود ٥/٣٣٠ (١٤٣٩): «إسناده صحيح، وصحّحه ابن الجارُود».]]. (٣/٣٣٨)

١١١٠٣- عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَن سأل وله قيمةُ وُقِيَّة[[الوُقِيَّةُ -بضم الواو، وفتح الياء مشددة-: لغة في الأُوقِيَّة. القاموس المحيط (وقي).]] فهو مُلْحِف»[[أخرجه أحمد ١٧/٩٧ (١١٠٤٤)، وأبو داود ٣/٧١ (١٦٢٨)، والنسائي ٥/٩٨ (٢٥٩٥)، وابن خزيمة ٤/١٦٨ (٢٤٤٧)، وابن حبان ٨/١٨٤ (٣٣٩٠)، وابن أبي حاتم ٢/٥٤٢ (٢٨٧٧). قال الألباني في صحيح أبي داود ٥/٣٣١ (١٤٤٠): «إسناده حسن صحيح».]]. (ز)

١١١٠٤- عن قتادة -من طريق سعيد- قوله: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾ ذُكِرَ لنا: أنّ النبي ﷺ كان يقول: «إنّ الله يُحِبُّ الحليم الحَيِيَّ الغَنِيَّ المُتَعَفِّف، ويُبْغِض الفاحش البذيء السائل المُلْحِف». قال: وذُكِرَ لنا: أنّ النبي ﷺ كان يقول: «إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، فإذا شئت رأيته في قيل وقال يومه أجمع، وصدرَ ليلته حتى يُلقى جيفةً على رأسه، لا يَجعَلُ اللهُ له من نهارِه ولا ليلتِه نصيبًا، وإذا شئتَ رأيتَه ذا مال في شهوته ولَذّاته وملاعبه ويَعْدِلُه عن حق الله، فذلك إضاعة المال، وإذا شئتَ رأيتَه باسطًا ذراعيه يسألُ الناسَ في كفَّيْه، فإذا أُعْطِيَ أفرَط في مدحهم، وإن مُنِعَ أفرَط في ذمِّهم»[[أخرجه ابن جرير ٥/٣١-٣٢، وابن المنذر ١/٤٥ (١٥) الشطر الأول منه مرسلًا. وقد رُوي الحديث مرفوعًا من حديث أبي هريرة وابن مسعود. انظر تخريجهما في كلام الزيلعي في: تخريج أحاديث الكشاف ١/١٦٤، وينظر أيضًا: سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني ٣/٣١٠.]]١٠٥٦. (٣/٣٥٧)

١٠٥٦ قال ابنُ جرير (٥/٢٩-٣٠) مبينًا المراد بـ﴿إلحافًا﴾ في قوله تعالى: ﴿لا يَسْأَلُونَ النّاسَ إلْحافًا﴾: «يعني -جلّ ثناؤه- بذلك: لا يسألون الناس إلحاحًا. يُقالُ: قد ألْحَفَ السائل في مسألته إذا ألَحَّ، فهو يُلْحِفُ فيها إلْحافًا». وذهبَ (٥/٣١) إلى أنّ المعنى: أنّه لا يقعُ منهم سؤالٌ أصلًا؛ لظاهرِ لفظِ الآية، حيث وصفهم الله تعالى بالتّعفّف، والمُتعفّفُ لا يسألُ، ولدلالة العقل؛ إذْ لو كان السؤال من حالهم لم تكن بالنبي ﷺ حاجةٌ إلى معرفتهم بالأدلة والعلامات؛ إذ كانت مسألتهم الظاهرةُ تُنبِئُ عن حالهم وأمرهم، ثم استشهدَ عليه بأثر أبي هريرة، والسّدّيّ، وقتادة، وابن زيد.

١١١٠٥- عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبيَّ ﷺ قال: «مَن استغنى أغناه الله، ومَن استعفف أعَفَّه الله، ومَن اسْتَكْفى كفاه الله، ومَن سأل وله قيمة أوقية فقد ألْحَفَ»[[أخرجه أحمد ١٧/١١٤ (١١٠٦٠)، وأبو داود ٣/٧١ (١٦٢٨) جزءًا منه، والنسائي ٥/٩٨ (٢٥٩٥). قال الألباني في صحيح أبي داود ٥/٣٣١ (١٤٤٠): «إسناده حسن صحيح».]]. (٣/٣٥٣)

١١١٠٦- عن معاوية بن أبي سفيان، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تُلْحِفوا في المسألة، فواللهِ، ما يسألني أحد منكم شيئًا فتُخْرِج له مسألتُه مني شيئًا وأنا له كارهٌ فيُبارك له فيما أعْطَيْتُه»[[أخرجه مسلم ٢/٧١٨ (١٠٣٨).]]. (٣/٣٥٣)

١١١٠٧- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تُلْحِفوا في المسألة، فإنه من يستخرج مِنّا بها شيئًا لم يُبارَك له فيه»[[هكذا في الدر من حديث أبي هريرة، وعزاه لأبي يعلى، وهو وهم، فقد أخرجه أبو يعلى ٩/٤٧٨ (٥٦٢٨) من حديث ابن عمر، وكذا عزاه المنذري والهيثمي إليه من حديث ابن عمر. قال المنذري في الترغيب والترهيب ١/٣٣٨: «رواته مُحْتَجٌّ بهم في الصحيح». وقال الهيثمي في المجمع ٣/٩٥ (٤٥١٩): «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح».]]. (٣/٣٥٣)

١١١٠٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق هارون بن عنترة، عن أبيه- قال: من تَغَنّى[[التَّغَنِّي: الاستغناء. لسان العرب (غنا).]] أغْناه الله، ومن سأل الناسَ إلحافًا فإنما يَسْتَكْثِرُ من النار[[أخرجه ابن المنذر (١٦). وقد حشد السيوطي عند تفسير هذه الآية ٣/٣٣٨-٣٥٧ أحاديث كثيرة في ذم المسألة، ومدح التعفف والقناعة.]]. (٣/٣٣٨)

﴿وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمٌ ۝٢٧٣﴾ - تفسير

١١١٠٩- عن عَبّاد بن منصور، قال: سألتُ الحسن عن قول الله تعالى: ﴿لا يسألون الناس إلحافا﴾. فقال: دلَّ اللهُ المؤمنين عليهم، وجعل نفقاتهم لهم، وأمرهم أن يضعوا نفقاتهم فيهم، ورضِي عنهم، وقال: ﴿وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٤٢ (٢٨٧٨).]]. (٣/٣٣٦)

١١١١٠- عن قتادة -من طريق شَيْبان- ﴿وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم﴾، قال: محفوظ ذلك عند الله، عالم به، شاكر له، وإنّه لا شيءَ أشكرُ من الله، ولا أجزى لخير من الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٥٤٢.]]. (٣/٣٥٧)

١١١١١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وما تنفقوا من خير﴾ يعني: من مال -كقوله ﷿: ﴿إن ترك خيرا﴾ [البقرة:١٨٠]، يعني: مالًا-، للفقراء أصحاب الصُّفَّة؛ ﴿فإن الله به عليم﴾ يعني: بما أنفقتم عليم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٢٥.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب