الباحث القرآني

﴿ٱللَّهُ یَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ﴾ - تفسير

٦٠٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾، قال: يسخر بهم للنِّقْمَة منهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣١٧، وابن أبي حاتم ١/٤٨ (١٤٣).]]٦٦. (١/١٦٥)

٦٦ ذكر ابنُ جرير (١/٣١٥-٣١٧ بتصرف) عدة أقوال في بيان معنى استهزاء الله بالمنافقين، ولم يُسْنِد منها غيرَ قول ابن عباس، ورجَّح معنى قول ابن عباس مُستندًا إلى كلامِ العربِ، وقولِ ابنِ عبّاس، فقال: «والصواب في ذلك من القول والتأويل عندنا: أنّ معنى الاستهزاء في كلام العرب: إظهارُ المستهزِئ للمستهزَأِ به من القول والفعل ما يُرضيه ظاهرًا، وهو بذلك من قِيله وفِعْله به مُورِثه مَساءة باطنًا، فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله -جَلَّ ثناؤُه- قد جعل لأهل النفاق في الدنيا من الأحكام أحكام المسلمين، حتى ظنُّوا في الآخرة إذْ حُشِرُوا في عِداد من كانوا في عِدادهم في الدنيا أنّهم وارِدُون موْرِدَهم، والله -جل جلاله- مُعِدٌّ لهم من أليم عقابه؛ كان معلومًا أنه -جلَّ ثناؤه- بذلك من فعلِه بهم مستهزئًا، وبهم ساخرًا». وقد نقل ابنُ كثير (١/٢٩٣) ترجيحه، ثم علَّق بقوله: «ثم شَرَع ابن جرير يُوَجِّه هذا القول وينصره؛ لأن المكر والخداع والسخرية على وجه اللعب والعبث منتفٍ عن الله ﷿ بالإجماع، وأما على وجه الانتقام والمقابلة بالعدل والمجازاة فلا يمتنع ذلك». ونقل ابن عطية (١/١٢٨، ١٢٩) في معنى الاستهزاء قولين آخرين: الأول: «هي تسمية العقوبة باسم الذنب»، ونسبه لجمهور العلماء. والثاني: «استهزاؤه بهم هو استدراجهم من حيث لا يعلمون»، ولم ينسبه، ووجَّهه بقوله: «وذلك أنهم بدرور نِعَم الله الدنيوية عليهم يظنون أنه راض عنهم، وهو تعالى قد حتَّم عذابهم، فهذا على تأمل البشر كأنه استهزاء».

٦١٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- في قوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ في الآخرة، يفتح لهم بابًا في جهنم من الجنة، ثم يقال لهم: تعالَوا. فيُقْبِلون يَسْبَحُون في النار، والمؤمنون على الأرائك -وهي السُّرُر في الحِجال[[الحِجال: بيت كالقبّة يُستر بالثياب، ويكون له أزرار كبار. لسان العرب (حجل).]]- ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب سُدَّ عنهم، فضحك المؤمنون منهم، فذلك قول الله: ﴿الله يستهزىء بهم﴾ في الآخرة، ويضحك المؤمنون منهم حين غُلِّقَت دونهم الأبواب، فذلك قوله: ﴿فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون﴾ [المطففين:٣٤][[أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (١٠١٨).]]. (١/١٦٥)

٦١١- قال عبد الله بن عباس – من طريق عطاء-: هو أن الله تعالى إذا قَسَم النور يوم القيامة للجواز على الصراط أعطى المنافقين مع المؤمنين نورًا، حتى إذا ساروا على الصراط طفئ نورهم. قال: فذلك قوله: ﴿الله يستهزئ بهم﴾، حيث يعطيهم ما لا يتم، ولا ينتفعون به[[علَّقه الواحدي في الوسيط ١/٩١.]]. (ز)

٦١٢- وقال الحسن [البصري]: معناه: الله يُظْهِر المؤمنين على نفاقهم[[تفسير الثعلبي ١/١٥٧، وتفسير البغوي ١/٦٨.]]. (ز)

٦١٣- عن أبي صالح [باذام] -من طريق الكَلْبِيِّ- في قوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾، قال: يُقال لأهل النار وهم في النار: اخرجوا. وتفتح لهم أبواب النار، فإذا رأوها قد فُتِحَت أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك، فإذا انتهَوا إلى أبوابها غلقت دونهم، فذلك قوله: ﴿الله يستهزئ بهم﴾، ويضحك منهم المؤمنون حين غُلِّقت دونهم، فذلك قوله: ﴿فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون﴾ [المطففين:٣٤-٣٥][[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب صفة النار -موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا ٦/٤٥٦ (٢٥٤)-. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١/١٦٨)

٦١٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ في الآخرة، إذا ضُرِب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب على الصراط، فيبقون في الظُّلْمَة، حتّى يُقال لهم: ﴿ارْجِعُوا وراءَكُمْ فالتَمِسُوا نُورًا﴾ [الحديد:١٣]. فهذا من الاستهزاء بهم، ثُمَّ قال سبحانه: ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩١.]]. (ز)

﴿ٱللَّهُ یَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ﴾ - آثار متعلقة بالآية

٦١٥- عن الحسن، قال: قال رسول الله ﷺ: «يُجاء بالمستهزئين يوم القيامة، يفتح لهم باب من أبواب الجنة، فيُدْعَون ليَدْخُلوا، فيجيئون، فإذا بَلَغُوا البابَ أُغْلِق، فيرجعون، ثم يُدْعَون ليدخلوا، فيجيئون، فإذا بلغوا الباب أُغْلِق، فيرجعون، ثم يُدْعَون ليدخلوا، فيجيئون، فإذا بلغوا الباب أُغْلِق، فيرجعون، ثم يُدْعَون، حتى إنهم يُدْعَوْن فلا يجيئون من اليأس»[[أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت ص١٦٨-١٦٩ (٢٨٥) مرسلًا. وأورده ابن أبي زمنين في تفسيره ١/١٢٣.]]. (ز)

﴿وَیَمُدُّهُمۡ﴾ - تفسير

٦١٦- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مُرَّة الهمداني-= (١/١٦٨)

٦١٧- وعبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّي، عن أبي مالك وأبي صالح- ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾: يُمْلِي لهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣١٨. وعزاه السيوطي إليه مقتصرًا على ابن مسعود.]]. (ز)

٦١٨- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- قوله: ﴿ويمدهم في طغيانهم يعمهون﴾، يعني: يترددون. يقول: زادهم ضلالةً إلى ضلالتهم، وعمًى إلى عماهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٨.]]. (ز)

٦١٩- عن مجاهد -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: ﴿ويمدهم﴾، قال: يزيدهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣١٩، وابن أبي حاتم ١/٤٨. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١/١٦٩)

٦٢٠- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾، يقول: يُمْلِي لهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٨.]]٦٧. (ز)

٦٧ أورد ابن جرير (١/٣١٩-٣٢٠) قولًا عن بعض نحاة البصرة: أنّ معنى ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾: يَمُدُّ لهم، ثم انتقده، ورجَّح عليه الآثار الواردة هنا عن السلف؛ مستندًا إلى النظائر، وجَمَع بين قول ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة والسدي، وبين قول مجاهد، فقال: «وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب في قوله: ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾: أن يكون بمعنى: يزيدهم، على وجه الإملاء والترك لهم في عُتوِّهم وتمردهم، كما وصف ربُّنا أنه فعل بنظرائهم في قوله: ﴿ونُقَلِّبُ أفْئِدَتَهُمْ وأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ ونَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام:١١٠]، يعني: نَذَرُهم ونتركهم فيه، ونُمْلِي لهم ليزدادوا إثمًا إلى إثمهم».

٦٢١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾: ويَلِجُّهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩١. ويَلِجُّهم أي: يجعلهم يتمادون في طغيانهم، لأن اللجَّ هو التمادي. القاموس المحيط (لجج).]]٦٨. (ز)

٦٨ نقل ابن عطية (١/١٣٠) عن بعض اللغويين أن معنى: ﴿ويَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ﴾ «أي: يمهلهم ويلجُّهم»، ثم علَّق عليه بقوله: «فتحتمل اللفظة أن تكون من المد الذي هو المطل والتطويل، كما فسر: ﴿في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة:٩]. ويحتمل أن تكون هي معنى الزيادة في نفس الطغيان».

﴿فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ﴾ - تفسير

٦٢٢- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (ز)

٦٢٣- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- ﴿في طغيانهم﴾: في كفرهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢١. وعزاه السيوطي إليه مقتصرًا على ابن مسعود.]]. (١/١٦٨)

٦٢٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: ﴿ويمدهم في طغيانهم﴾، قال: في كفرهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢١، وابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (١/١٦٥)

٦٢٥- عن إسماعيل السدي-من طريق أسباط-، نحوه[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٢٦- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿ويمدهم في طغيانهم﴾، يعني: في ضلالتهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٨.]]. (ز)

٦٢٧- عن مجاهد -من طريق ابن أبي نجيح- ﴿في طغيانهم﴾، يعني: في ضلالتهم[[تفسير مجاهد ص١٩٦.]]. (ز)

٦٢٨- عن قتادة -من طريق سعيد- ﴿في طغيانهم﴾: في ضلالتهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢١، وابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٢٩- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿في طغيانهم﴾: في ضلالتهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢١، وابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٣٠- عن مقاتل بن سليمان: ﴿فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾، يعني: في ضلالتهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩١.]]. (ز)

٦٣١- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: ﴿في طغيانهم﴾، قال: طغيانهم: كفرهم وضلالتهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢٢.]]. (ز)

﴿یَعۡمَهُونَ ۝١٥﴾ - تفسير

٦٣٢- عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي ﷺ -من طريق السدي، عن مرة الهمداني-= (١/١٦٨)

٦٣٣- وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- ﴿يَعْمَهُون﴾: يَتَمادَوْن في كفرهم[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢٣. وعزاه السيوطي إليه مقتصرًا على ابن مسعود.]]. (ز)

٦٣٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: ﴿يَعْمَهُون﴾، قال: يترددون[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢١، وابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (١/١٦٥)

٦٣٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿يَعْمَهُون﴾، قال: يتمادَوْن[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢٣، وابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (١/١٦٨)

٦٣٦- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-، كذلك[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٣٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- ﴿يعمهون﴾، قال: المُتَلَدِّد[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢٣. المتلدد: المتلفت يمينًا وشمالًا، والمتحير المتبلد. لسان العرب (لدد).]]. (ز)

٦٣٨- عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق قال له: أخبِرْني عن قوله ﷿: ﴿يَعْمَهُون﴾. قال: يَلْعَبُون، ويَتَرَدَّدُون. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعتَ قول الشاعر: أُراني قد عَمِهْتُ وشاب رأسي وهذا اللِّعْبُ شَيْنٌ بالكبير[[أخرجه الطستي -كما في الإتقان ٢/١٠٣-.]]. (١/١٦٨)

٦٣٩- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- قوله: ﴿يعمهون﴾، يعني: يتردَّدون[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٨-٤٩.]]. (ز)

٦٤٠- عن أبي مالك غَزْوان الغِفارِيّ، كذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٤١- عن مجاهد -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿في طغيانهم يعمهون﴾، يعني: يترددون. يقول: زادهم الله ضلالة إلى ضلالتهم، وعمًى إلى عماهم[[تفسير مجاهد ص١٩٦، وأخرجه ابن جرير ١/٣٢٤ مختصرًا. وعلَّقه ابن أبي حاتم ١/٤٩. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر بلفظ: يلعبون، ويترددون في الضلالة.]]. (١/١٦٩)

٦٤٢- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿يعمهون﴾، قال: يَتَرَدَّدون[[أخرجه ابن جرير ١/٣٢٤، وابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٤٣- عن سليمان الأعمش -من طريق سفيان- ﴿في طغيانهم يعمهون﴾، قال: يلعبون[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٤٩.]]. (ز)

٦٤٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يَعْمَهُونَ﴾: يترددون. ثُمَّ نعتهم فقال سبحانه: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدى﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٩١.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب