الباحث القرآني

﴿بَدِیعُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ﴾ - تفسير

٣٥٤٠- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- ﴿بديع السموات والأرض﴾، يقول: ابْتَدَع خَلْقَهما، ولم يَشْرَكْه في خلقهما أحد[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٤. وعزاه السيوطي إلى ابن جرير.]]. (١/٥٧٣)

٣٥٤١- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- في الآية، قال: ابتدعها فخلقها، ولم يخلق مثلها شيء يتمثَّل به[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٦٥، وابن أبي حاتم ١/٢١٤.]]. (١/٥٧٣)

٣٥٤٢- عن مجاهد بن جبر، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٢١٤.]]. (ز)

٣٥٤٣- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿بديع السموات والأرض﴾، يقول: ابتدع خلقها، ولم يَشْرَكه في خلقها أحد[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٦٥، وابن أبي حاتم ١/٢١٤.]]٤٦٧. (ز)

٤٦٧ قال ابنُ جرير (٢/٤٦٥) مُستشهدًا بآثار السّلف في بيان قوله تعالى: ﴿بديع السموات والأرض﴾ الآية: «معنى الكلام: فسبحان الله، أنّى يكون لله ولد! وهو مالك ما في السماوات والأرض، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية، وتُقِرُّ له بالطاعة، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصلٍ ولا مثال احتذاها عليه، وهذا إعلام من الله عباده أنّ ممن يشهد له بذلك المسيح الذي أضافوا إلى الله بُنُوَّته، وإخبار منه لهم أنّ الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته، وهذا إعلام من الله -جل ثناؤه- عبادَه أنّ مما يشهد له بذلك: المسيح، الذي أضافوا إلى الله -جل ثناؤه- بنوته، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السموات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال هو الذي ابتدع المسيح من غير والد بقدرته». وأيَّده ابن كثير (٢/٣٩) بقوله: «وهذا من ابن جرير كلام جيد، وعبارة صحيحة».

٣٥٤٤- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ عَظَّم نفسه، فقال: ﴿بديع السماوات والأرض﴾، ابتدعهما ولم يكونا شيئًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٣-١٣٤.]]. (ز)

﴿وَإِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ ۝١١٧﴾ - تفسير

٣٥٤٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- ﴿كن فيكون﴾، قال: فهو خَلَق الإنسان[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٥.]]. (ز)

٣٥٤٦- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- قال: ﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾، وهذا من لغة الأعاجم، وهي بالعبرية: أصْنَعُ[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٥.]]. (ز)

٣٥٤٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإذا قضى أمرا﴾ في علمه أنّه كائن ﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾، لا يُثَنِّي قولَه كفعل المخلوقين، وذلك أنّ الله ﷿ قضى أن يكون عيسى ﵇ في بطن أمه من غير أب، فقال له: كن. فكان[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٤.]]. (ز)

٣٥٤٨- قال محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- ﴿إذا قضى أمرا﴾، يقول: مما يشاء، وكيف، فيكون كما أراد[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٥.]]٤٦٨. (ز)

٤٦٨ رجَّحَ ابن جرير (٢/٤٦٩-٤٧٠ بتصرف) بظاهر الآية، ودليل العقل، والنظائر عمومَ المعنى وشمولَه لكل ما يندرج تحته، فقال: «وأَوْلى الأقوال بالصواب في قوله: ﴿وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون﴾ أن يقال: هو عامٌّ في كل ما قضاه الله ودَبَّره؛ لأن ظاهر ذلك ظاهر عموم، وغير جائزة إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان، وإذ كان ذلك كذلك فأمر الله لشيء إذا أراد تكوينه موجودًا بقوله: ﴿كن﴾ في حال إرادته إياه مكونًا، لا يتقدم وجود الذي أراد إيجاده وتكوينه إرادته إياه، ولا أمره بالكون والوجود، ولا يتأخر عنه، فغير جائز أن يكون الشيء مأمورًا بالوجود مرادًا كذلك إلا وهو موجود، ولا أن يكون موجودًا إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك، ونظير قوله: ﴿وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون﴾ قوله: ﴿ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون﴾ [الروم:٢٥] بأن خروج القوم من قبورهم لا يتقدم دعاء الله، ولا يتأخر عنه».

﴿وَإِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ ۝١١٧﴾ - آثار متعلقة بالآية

٣٥٤٩- عن ابن سابط: أنّ داعيًا دعا في عهد النبي ﷺ، فقال: اللهم، إني أسألك باسمك الذي لا إله إلا أنت، الرحمن الرحيم، بديع السموات والأرض، وإذا أردت أمرًا فإنما تقول له: كن، فيكون. فقال النبي ﷺ: «لقد كِدت أن تدعوَ باسم الله الأعظم»[[أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٦/٤٧ (٢٩٣٦٢) مرسلًا. وأخرجه الحاكم في المستدرك ١/٦٨٣، والبيهقي في السنن الصغرى ص٢٨٩، من طريق حفص ابن أخي أنس، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ بنحوه. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يُخَرِّجاه، وقد روي من وجه آخر عن أنس بن مالك». وقال الذهبي: «على شرط مسلم».]]. (١/٥٧٤) ﴿وقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنا اللَّهُ أوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذَلِكَ قالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾[[جمعنا ما فصّله نقلة تفسير السلف في تفسير الآية لأنه أكثر فائدة.]] (ز)

﴿وَإِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرࣰا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ ۝١١٧﴾ - نزول الآية، وتفسيرها

٣٥٥٠- عن ابن عباس، قال: قال رافع بن حُرَيْمِلَة لرسول الله ﷺ: يا محمد، إن كُنتَ رسولًا من الله كما تقول؛ فقل لله فلْيُكلِّمُنا حتى نسمع كلامه. فأنزل الله في ذلك: ﴿وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٧٤، وابن أبي حاتم ١/٢١٥ (١١٤٠) من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. وقد قال ابن حجر عن هذا الإسناد في العجاب ١/٣٥١: «سند جيد».]]. (١/٥٧٤)

٣٥٥١- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- قوله: ﴿لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية﴾ قال: هو قول كفار العرب، ﴿كذلك قال الذين من قبلهم﴾ يعني: اليهود والنصارى، أو غيرهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٥-٢١٦.]]. (ز)

٣٥٥٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله﴾ الآية، قال: النصارى تقوله، والذين من قبلهم يهود، ﴿تشابهت قلوبهم﴾ قلوب النصارى واليهود[[تفسير مجاهد ص٢١٢، وأخرجه ابن جرير ٢/٤٧٣، ٤٧٧، وابن أبي حاتم ١/٢١٥، ٢١٦. وعلَّق شطره الأخير (عَقِب ١١٤٤). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]٤٦٩. (١/٥٧٥)

٤٦٩ رجَّحَ ابنُ جرير (٢/٤٧٥ بتصرف) أنّ القائلين ذلك هم النصارى، مستندًا إلى سياق الآيات، فقال: «وأَوْلى هذه الأقوال بالصحة والصواب قول القائل: إن الله عنى بقوله: ﴿وقال الذين لا يعلمون﴾ النصارى دون غيرهم؛ لأن ذلك في سياق خبر الله عنهم، وعن افترائهم عليه، وادعائهم له ولدًا، فقال مُخْبِرًا عنهم فيما أخبر عنهم من ضلالتهم أنهم مع افترائهم على الله الكذب بقوله: ﴿اتخذ الله ولدًا﴾ تَمَنَّوْا على الله الأباطيل، فقالوا جهلًا منهم بالله وبمنزلتهم عنده وهم بالله مشركون: ﴿لولا يكلمنا الله﴾ كما يُكَلِّم رسولَه وأنبياءَه، أو تأتينا آية كما أتتهم». واستدركَ على ذلك ابن كثير (٢/٤٠) بقوله: «وهو اختيار ابن جرير، قال: لأن السياق فيهم. وفي ذلك نظر».

٣٥٥٣- عن الحسن البصري -من طريق عَبّاد بن منصور- قوله: ﴿تشابهت قلوبهم﴾، قال: قلوب اليهود والنصارى. قال: وتشابههم أنّ اليهود قالت: ليست النصارى على شيء. وأن النصارى قالت: ليست اليهود على شيء. قال الله: ﴿كَذَ ٰ⁠لِكَ قَالَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَـٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ قَدۡ بَیَّنَّا ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٦.]]. (ز)

٣٥٥٤- عن قتادة بن دِعامة -من طرق- في قوله: ﴿وقال الذين لا يعلمون﴾ قال: هم كفار العرب، ﴿لولا يكلمنا الله﴾ قال: هَلّا يكلمنا٤٧٠، ﴿كذلك قال الذين من قبلهم﴾ يعني: اليهود والنصارى وغيرهم، ﴿تشابهت قلوبهم﴾ يعني: العرب اليهود والنصارى وغيرهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٧٤، ٤٧٦-٤٧٨ أوله وآخره من طريق سعيد، وأوسطه من طريق معمر. وعلَّقه ابن أبي حاتم غير قوله: فهَلّا يكلمنا الله، فرواه ١/٢١٥-٢١٦ من طريق معمر عنه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٥٧٤)

٤٧٠ ذَهَبَ ابن جرير (٢/٤٧٥-٤٧٦) إلى أنّ ﴿لولا﴾ في الآية بمعنى: هَلّا، مستندًا إلى لغة العرب، وأثرِ قتادة، ولم يذكر غيره، فقال: «وأما معنى قوله: ﴿لولا يكلمنا الله﴾، فإنه بمعنى: هَلّا يكلمنا الله».

٣٥٥٥- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- ﴿وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا كذلك قال الذين من قبلهم﴾، قال: أما الذين لا يعلمون: فهم العرب، قالوا كما قالت اليهود والنصارى من قبلهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٧٥، ٤٧٧، وابن أبي حاتم ١/٢١٦ مختصرًا.]]. (ز)

٣٥٥٦- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- ﴿وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله﴾، قال: هم كفار العرب٤٧١، ﴿كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم﴾ يعني: اليهود والنصارى، ﴿تشابهت قلوبهم﴾ يعني: العرب واليهود والنصارى وغيرهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٧٥، ٤٧٧، ٤٧٨، وابن أبي حاتم ١/٢١٥، ٢١٦ مختصرًا.]]٤٧٢. (ز)

٤٧١ بَيَّنَ ابن عطية (١/٣٣٤) المراد بالذين من قبلهم، فقال: «﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ اليهود والنصارى في قول مَن جعل ﴿الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ كفار العرب، وهم الأمم السالفة في قول مَن جعل ﴿الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ كفار العرب والنصارى واليهود، وهم اليهود في قول مَن جعل ﴿الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ النصارى».
٤٧٢ رجَّحَ ابن كثير (٢/٤٠-٤١ بتصرف) قولَ أبي العالية، والربيع، وقتادة، والسُّدِّيِّ بأنّ القائلين ذلك هم مشركو العرب، مُستندًا إلى النظائر، فقال: «ويؤيد هذا القول وأنّ القائلين ذلك هم مشركو العرب قولُه تعالى: ﴿وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله﴾ [الأنعام:١٢٣]، وقولُه تعالى: ﴿وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا* أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا* أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا* أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا﴾ [الإسراء:٩٠-٩٣]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على كفر مشركي العرب وعُتُوِّهم وعنادهم وسؤالهم ما لا حاجة لهم به، إنما هو الكفر والمعاندة، كما قال مَن قبلهم من الأمم الخالية من أهل الكتابين وغيرهم، كما قال تعالى: ﴿يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة﴾ [النساء:١٥٣]، وقال تعالى: ﴿وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة﴾ [البقرة:٥٥]». وانتَقَدَ ابنُ جرير (٢/٤٧٥) هذا القولَ بأنّه لا برهان على صحته، فقال: «وأمّا الزّاعم أنّ الله عنى بقوله: ﴿وقال الذين لا يعلمون﴾ العرب؛ فإنّه قائل قولًا لا خبر بصحته، ولا برهان على حقيقته في ظاهر الكتاب، والقولُ إذا صار إلى ذلك كان واضحًا خطؤُه؛ لأنه ادَّعى ما لا برهان على صحته، وادِّعاء مثل ذلك لن يَتَعَذَّر على أحد».

٣٥٥٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وقال الذين لا يعلمون﴾ بتوحيد رَبِّهم، يعني: مشركي العرب للنبي ﷺ ﴿لولا﴾ يعنون: هَلّا ﴿يكلمنا الله﴾ يخبرنا بأنك رسوله، ﴿أو تأتينا آية﴾ كما كانت الأنبياء تأتيهم الآيات تجيء إلى قومهم. يقول الله: ﴿كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم﴾ يقول: هكذا قالت بنو إسرائيل من قبلِ مشركي العرب، فقالوا في سورة البقرة [٥٥] والنساء [١٥٣] لموسى: ﴿أرنا الله جهرة﴾، وأُتُوا بالآيات، وسمعوا الكلام فحَرَّفوه، فهل هؤلاء إلا مثل أولئك؟! فذلك قوله سبحانه: ﴿تشابهت قلوبهم﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٤.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب