الباحث القرآني

﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ - نزول الآية

٣٤٥٨- عن عامر بن ربيعة، قال: كُنّا معَ رسول الله ﷺ في ليلة سوداء مظلمة، فنزلنا منزلًا، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدًا فيصلي فيه، فلما أن أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله، لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة. فأنزل الله: ﴿ولله المشرق والمغرب﴾ الآية. فقال: «مضت صلاتكم»[[أخرجه الترمذي ١/٤٠٠ (٣٤٥)، وابن ماجه ٢/١٤٧ (١٠٢٠) دون لفظ: «مضت صلاتكم»، وابن جرير ٢/٤٥٤. وأورده الثعلبي ١/٢٦٢. قال الترمذي: «هذا حديث ليس إسناده بذاك، ولا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وهو يضعف في الحديث». وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار ٢/٣١٦: «حديث ضعيف، لم يثبت فيه إسناد». وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١/٣١٣-٣١٤: «قد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أشعث بن سعيد، وعمر بن قيس، عن عاصم بن عبيد الله، وهو يقوي رواية أشعث، ويزيل تفرده به، ... وبعض هذه الطرق مما يغلب على القلب أنّ الحديث له أصل وهو محفوظ». وقال ابن كثير في تفسيره ١/٣٩٤: «وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يَشُدُّ بعضها بعضًا». وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام ٣/٣٥٨ (١١٠٤): «وموضع العلة منه عاصم بن عبيد الله، فإنه مضطرب الحديث، تنكر عليه أحاديث. وأشعث السمان، سيئ الحفظ، يروي المنكرات عن الثقات. وقال: فيه عمرو بن علي، متروك». وقال الهيثمي في المجمع ٢/١٥ (١٩٨١): «فيه أبو عبلة والد إبراهيم، ذكره ابن حبان في الثقات، واسمه شمر بن يقظان». وقال الألباني في الإرواء ١/٣٢٣ (٢٩١): «وعلته عاصم هذا، فإنه سَيُّء الحفظ، وبقية رجاله عند الطيالسي ثقات رجال مسلم، عدا أشعث بن سعيد السمان، وقد تابعه عنده عمرو بن قيس وهو الملائي، احتج به مسلم، وللحديث شاهد من حديث جابر ...».]]. (١/٥٦٦)

٣٤٥٩- عن جابر بن عبد الله، قال: بعث رسول الله ﷺ سرية كنت فيها، فأصابتنا ظُلْمَة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفةٌ منا: القبلة ههنا قِبَل الشمال. فصلوا، وخَطُّوا خطًّا، وقال بعضنا: القبلة ههنا قِبَل الجنوب. فصلوا، وخَطُّوا خطًّا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قَفَلْنا من سفرنا سألنا النبيَّ ﷺ، فسكت، وأنزل الله: ﴿ولله المشرق والمغرب﴾ الآية[[أخرجه الدارقطني ٢/٦ (١٠٦٢)، والبيهقي في الكبرى ٢/١٨ (٢٢٤٣). قال البيهقي: «ولم نعلم لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا قويًّا؛ وذلك لأن عاصم بن عبيد الله بن عمر العمري، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، ومحمد بن سالم الكوفي كلهم ضعفاء». وقال القطان في بيان الوهم والإيهام ٣/٣٥٩ (١١٠٥): «هذا حديث قائم بنفسه، علته الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري وأبيه، والجهل بحال أحمد المذكور، وما مس به أيضًا عبيد الله بن الحسن العنبري من المذهب، على ما ذكر ابن أبي خيثمة وغيره». وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٤/٣١٤ على إسناد هذا الحديث: «وهو إسناد مقارب». وقال ابن كثير ٢/٣٢: «وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضًا».]]. (١/٥٦٦)

٣٤٦٠- عن ابن عباس: أنّ رسول الله ﷺ بعث سرية، فأصابتهم ضبابة، فلم يهتدوا إلى القبلة، فصلوا لغير القبلة، ثم استبان لهم بعدما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاءوا إلى رسول الله ﷺ حدثوه، فأنزل الله: ﴿ولله المشرق والمغرب﴾ الآية[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. وذكر ابن كثير في تفسيره ١/١٦٠ أنه من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. ثم قال ابن كثير بعد ذكر هذا الإسناد وغيره: «وهذه الأسانيد فيها ضعف». والإسناد فيه الكلبي وهو محمد بن السائب، تركوه واتُّهم بالكذب، وأبو صالح هو: باذام، وهو ضعيف. ينظر: المغني للذهبي ١/١٠٠، ٢/٥٨٤، وتهذيب الكمال للمزي ٤/٦، ٢٥/٢٤٦. وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١/٣١٤ على هذا الحديث: «هذا وإن لم يكن مما يحتج به منفردًا فإنه يشد تلك الروايات ويقويها». وقال السيوطي: «بسند ضعيف».]]. (١/٥٦٧)

٣٤٦١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله ﷺ لما هاجر إلى المدينة -وكان أكثر أهلها اليهود- أمره الله ﷿ أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله ﷺ بضعة عشر شهرًا، فكان رسول الله ﷺ يحب قبلة إبراهيم ﵇، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء﴾ إلى قوله: ﴿فولوا وجوهكم شطره﴾ [البقرة: ١٤٤]. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ﴿ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها﴾. فأنزل الله ﷿: ﴿قل لله المشرق والمغرب﴾ [البقرة: ١٤٢]، وقال: ﴿أينما تولوا فثم وجه الله﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٠. إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (ز)

٣٤٦٢- وعن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-، نحوه[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٠.]]. (ز)

٣٤٦٣- عن عبد الله بن عمر، قال: كان النبي ﷺ يصلي على راحلته تطوعًا أينما توجهت به، ثم قرأ ابن عمر هذه الآية: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾. وقال ابن عمر: في هذا أنزلت هذه الآية[[أخرجه مسلم ١/٤٨٦ (٧٠٠)، وأخرجه البخاري ٢/٢٥-٢٦ (١٠٠٠) بمعناه.]]. (١/٥٦٤)

٣٤٦٤- عن عبد الله بن عمر -من طريق سعيد بن جبير- قال: أنزلت: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٣، وابن أبي حاتم ١/٢١٢، والدارقطني ١/٢٧١، والحاكم ٢/٢٦٦.]]٤٥٧. (١/٥٦٥)

٤٥٧ ذَهَبَ ابن تيمية (١/٣١٤-٣١٥) إلى أن الآية نزلت فيمن تحرّى القبلة، ثم صلى لغيرها. وعلَّقَ على حديث ابن عمر قائلًا: «فإن قيل: ففي حديث ابن عمر أنّ هذه الآية نزلت في صلاة التطوع في السفر. قلنا: لا منافاة بين هذين؛ فإن الآية الجامعة العامة تنزل في أشياء كثيرة، إما أن يراد به جميع تلك المعاني بإنزال واحد، وإما أن يتعدد الإنزال إما بتعدد عرض النبي القرآن على جبريل أو غير ذلك، وفي كل مرة تنزل في شيء غير الأول لصلاح لفظها لذلك كله، على أن قول الصحابة: نزلت الآية في ذلك. قد لا يعنون به سبب النزول، وإنما يعنون به أنه أريد ذلك المعنى منها وقصد بها، وهذا كثير في كلامهم».

٣٤٦٥- قال أبو العالية: لما صُرِفَت القبلة إلى الكعبة عَيَّرت اليهودُ المؤمنين، وقالوا: ليست لهم قبلة معلومة؛ فتارة يستقبلون هكذا، وتارة هكذا. فأنزل الله تعالى هذه الآية[[تفسير الثعلبي ١/٢٦٣، وتفسير البغوي ١/١٤٠.]]. (ز)

٣٤٦٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- قال: لَمّا نزلت: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ [غافر:٦٠]، قالوا: إلى أين؟ فنزلت: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١/٥٦٧)

٣٤٦٧- قال عكرمة مولى ابن عباس: نزلت في تحويل القبلة[[تفسير الثعلبي ١/٢٦٢، وتفسير البغوي ١/١٤٠.]]. (ز)

٣٤٦٨- وقال الضحاك بن مزاحم= (ز)

٣٤٦٩- والحسن البصري: لَمّا نزلت: ﴿وقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:٦٠]، قالوا: أين ندعوه؟ فأنزل الله ﷿: ﴿ولِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ﴾ الآية[[تفسير الثعلبي ١/٢٦٣، وتفسير البغوي ١/١٤٠ دون ذكر الضحاك.]]. (ز)

٣٤٧٠- عن عطاء-من طريق حجاج-: أنّ قومًا عُمِّيَت عليهم القبلة، فصَلّى كل إنسان منهم إلى ناحية، ثم أتوا رسول الله ﷺ، فذكروا ذلك له، فأنزل الله: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾[[أخرجه سعيد بن منصور (٢١٠ - تفسير). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر. وضعَّفه البيهقي في السنن ٢/١٢، وابن كثير في تفسيره ١/٢٢٩.]]. (١/٥٦٦)

٣٤٧١- عن قتادة بن دعامة -من طريق هشام- أنّ النبي ﷺ قال: «إن أخًا لكم قد مات -يعني: النجاشي- فصَلُّوا عليه». قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟! فنزلت: ﴿وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله﴾ الآية [آل عمران:١٩٩]. قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة! فأنزل الله: ﴿ولله المشرق والمغرب﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٥، ٦/٣٢٨. وأورده الثعلبي ١/٢٦٣. قال ابن كثير ١/٣٩٤: «وهذا غريب». وقال الألباني في الصحيحة ٧/٩٧ عند حديث (٣٠٤٤): «وهو مرسل صحيح».]]٤٥٨. (١/٥٦٧)

٤٥٨ علَّقَ ابن عطية (١/٣٢٩) على هذا الحديث بقوله: «أي: أن النجاشي كان يقصد وجه الله، وإن لم يبلغه التوجه إلى القبلة". وقد زاد ابن عطية (١/٣٢٩) في نزول الآية قولين آخرين، أحدهما: أن الآية عامة، عزاه للنخعي، والمعنى: «أينما تولوا في متصرفاتكم ومساعيكم فثم وجه الله، أي موضع رضاه وثوابه وجهة رحمته التي يوصل إليها بالطاعة». الثاني: أنها نزلت حين صُدَّ رسول الله ﷺ عن البيت، عزاه للمهدوي.

٣٤٧٢- عن عطاء، نحوه[[أورده الثعلبي ١/٢٦٣.]]. (ز)

٣٤٧٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولله المشرق والمغرب﴾، وذلك أن ناسًا من المؤمنين كانوا في سفر، فحضرت الصلاة في يوم غيم، فتَحَيَّروا؛ فمنهم من صَلّى قبل المشرق، ومنهم من صَلّى قبل المغرب، وذلك قبل أن تُحَوَّل القبلة إلى الكعبة، فلما طَلَعَت الشمسُ عرفوا أنهم قد صلوا لغير القبلة، فقدموا المدينة، فأخبروا النبيَّ ﷺ بذلك، فأنزل الله ﷿: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٣ (١١٤).]]٤٥٩. (ز)

٤٥٩ ذكر ابنُ جرير (٢/٤٥٥-٤٥٦ بتصرف) اختلافَ المفسرين في السبب الذي من أجله خصَّ الله المشرق والمغرب بالخبر عنهما أنهما له دون سائر الأشياء، ثم قال مرجِّحًا بعادةِ العربِ: «والصواب من القول في ذلك: أن الله إنّما خَصَّ الخبر عن المشرق والمغرب في هذه الآية بأنهما له ملك -وإن كان لا شيء إلا وهو له ملك- إعلامًا منه عباده المؤمنين أنّ له ملكهما وملك ما بينهما من الخلق، وأن على جميعهم؛ إذ كان له ملكهم طاعته فيما أمرهم ونهاهم، وفيما فرض عليهم من الفرائض، والتوجه نحو الوجه الذي وجهوا إليه، إذ كان من حكم المماليك طاعة مالكهم. فأخرج الخبر عن المشرق والمغرب، والمراد به من بينهما من الخلق، على النحو الذي قد بينت من الاكتفاء بالخبر عن سبب الشيء من ذكره والخبر عنه. ومعنى الآية إذًا: ولله ملك الخلق الذي بين المشرق والمغرب يتعبدهم بما شاء، ويحكم فيهم ما يريد عليهم طاعته، فولوا وجوهكم -أيها المؤمنون- نحو وجهي، فإنكم أينما تولوا وجوهكم فهنالك وجهي».

﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ - النسخ في الآية

٣٤٧٤- عن ابن مسعود، وناس من الصحابة، في قوله: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله﴾، قال: كان الناس يصلون قِبَل بيت المقدس، فلَمّا قَدِم النبي ﷺ المدينة على رأس ثمانية عشر شهرًا من مُهاجَرِه، وكان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء فنظر ما يؤمر، فنسختها قِبَل الكعبة[[أخرجه النسائي في السنن الكبرى ١٠/١٧ (١٠٩٣٦) بنحوه من حديث البراء، بلفظ: ستة عشر شهرًا، وابن جرير ٢/٦٥٧. ورواية النسائي تدور على أبي إسحاق السبيعي، وقد عنعنه عن البراء، وهو مشهور بالتدليس. وفي إسناد الطبري أسباط بن نصر عن السدي، وكلاهما فيه مقال. ينظر: طبقات المدلسين لابن حجر ص٤٢، وتنظر ترجمتهما في: تهذيب الكمال ٢/٣٥٧، ٣/١٣٢.]]. (١/٥٦٤)

٣٤٧٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- قال: أول ما نُسِخ من القرآن -فيما ذُكِر والله أعلم- شأن القبلة، قال الله تعالى: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله﴾، فاستقبل رسول الله ﷺ، فصَلّى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق، ونسخها، فقال: ﴿ومن حيث خرجت فول وجهك﴾ الآية [البقرة:١٤٩-١٥٠][[أخرجه الحاكم ٢/٢٩٤ (٣٠٦٠)، وابن أبي حاتم ١/٢١٢ (١١٢٣). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة». وقال الذهبي: «على شرط البخاري ومسلم».]]. (٣/٥٦٤)

٣٤٧٦- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس-، نحوه[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٢.]]. (ز)

٣٤٧٧- عن عكرمة مولى ابن عباس= (ز)

٣٤٧٨- والحسن البصري= (ز)

٣٤٧٩- وزيد بن أسلم= (ز)

٣٤٨٠- وعطاء الخراساني، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٢١٢.]]. (ز)

٣٤٨١- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-، نحوه[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٠، وابن أبي حاتم ١/٢١٢.]]. (ز)

٣٤٨٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في هذه الآية، قال: هي منسوخة، نسخها قوله: ﴿فول وجهك شطر المسجد الحرام﴾ [البقرة:١٤٩]، أي: تلقاءه[[أخرجه الترمذي (٢٩٥٨)، وابن جرير ٢/٤٥١ بنحوه. وعلقه ابن أبي حاتم ١/٢١٢ بنحوه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٥٦٨)

٣٤٨٣- قال محمد ابن مسلم الزهري: أوّل ما نُسخ من القرآن من سورة البقرة القبلة، كانت نحو بيت المقدس، تحولتْ نحو الكعبة، فقال الله ﷿: ﴿ولِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللهِ إنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾، نُسخ بقوله تعالى: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ [البقرة:١٤٤][[الناسخ والمنسوخ للزهري ص١٨.]]. (ز)

٣٤٨٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال: قال ﷿ لنبيه ﷺ: ﴿فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾، قال: فقال رسول الله ﷺ: «هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتًا من بيوت الله، لو أنّا استقبلناه». فاستقبله النبي ﷺ ستة عشر شهرًا، فبلغه أن يهود تقول: والله، ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم. فكره ذلك النبيُّ ﷺ، ورفع وجهه إلى السماء، فقال الله ﷿: ﴿قد نرى تقلب وجهك في السماء﴾ الآية[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٢. وأورده الثعلبي ٢/١١. الحديث من مرسل عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيفٌ، قال الذهبي في المغني في الضعفاء ٢/٣٨٠: «ضعّفه أحمد، والدارقطني». والخبر مرسل من جهته، فهاتان علّتان لتضعيف إسناده.]]٤٦٠. (ز)

٤٦٠ رجَّحَ ابن جرير (٢/٤٥٦-٤٥٨ بتصرف) أن الآية غير منسوخة، وانتَقَدَ مَن ذهب إلى النسخ في الآية، بعدم وجود حجة دالَّةٍ على النسخ، فقال: «الصواب أن يقال: إنها جاءت مجيء العموم والمراد الخاص، وذلك أن قوله: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ محتمل: أينما تولوا في حال سيركم في أسفاركم، في صلاتكم التطوع، وفي حال مسايفتكم عدوكم، في تطوعكم ومكتوبتكم، فثَمَّ وجه الله، ومحتمل: فأينما تولوا من أرض الله فتكونوا بها فثَمَّ قبلة الله التي تُوَجِّهُون وجوهَكم إليها؛ لأن الكعبة ممكن لكم التوجه إليها منها، ومحتمل: فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم، فإذا كان قوله: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ محتملًا ما ذكرنا من الأوجه؛ لم يكن لأحد أن يزعم أنها ناسخة أو منسوخة إلا بحجة يجب التسليم لها، وقد دَلَّلْنا على أن لا ناسخ من آي القرآن وأخبار رسول الله ﷺ إلا ما نفى حكمًا ثابتًا، وأُلْزِم العبادُ فرضَه، غير محتمل بظاهره وباطنه غير ذلك، فأما إذا ما احتمل غيرَ ذلك من أن يكون بمعنى الاستثناء أو الخصوص والعموم، أو المجمل، أو المفسر، فمن الناسخ والمنسوخ بمعزل، ولا منسوخ إلا المنفي الذي كان قد ثبت حكمه وفرضه، ولم يصح واحد من هذين المعنيين لقوله: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ بحجة يجب التسليم لها، فيقال فيه: هو ناسخ أو منسوخ».

﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ - تفسير الآية

٣٤٨٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾، قال: قبلةَ الله أينما توجهت شرقًا أو غربًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٢.]]. (١/٥٦٧)

٣٤٨٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق النَّضْر بن عَرَبِيّ- ﴿فثم وجه الله﴾، قال: قبلة الله، فأينما كنتم في شرق أو غرب فاستقبلوها[[أخرجه الترمذي (٢٩٥٨)، وابن جرير ٢/٤٥٧،، والبيهقي ٢/١٣. كما أخرج نحوه ابن جرير ٢/٤٥٧، وابن أبي حاتم ١/٢١٢ من طريق ابن جُرَيْج عن إبراهيم بن أبي بكر.]]. (١/٥٦٧)

٣٤٨٧- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق أبي سنان-، نحو ذلك[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٧.]]. (ز)

٣٤٨٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق إبراهيم بن أبي بكر- في قوله: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾، قال: حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها الكعبة[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢١٢.]]. (ز)

٣٤٨٩- عن الحسن البصري، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ١/٢١٢.]]. (ز)

٣٤٩٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ﴾، قال: هي القبلة، ثم نسختها القبلة إلى المسجد الحرام[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥١.]]. (ز)

٣٤٩١- قال الكلبي: فثَمَّ الله يعلم ويرى[[تفسير الثعلبي ١/٢٦٣، وتفسير البغوي ١/١٤٠.]]. (ز)

٣٤٩٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا﴾ تُحَوِّلُوا وجوهكم في الصلاة ﴿فثم وجه الله﴾ فثَمَّ الله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٣.]]. (ز)

٣٤٩٣- عن مقاتل بن حيان، قال: فثَمَّ قبلة الله[[تفسير الثعلبي ١/٢٦٣، وتفسير البغوي ١/١٤٠.]]٤٦١. (ز)

٤٦١ رجَّحَ ابن جرير (٢/٤٥٩) في معنى ﴿تولوا﴾ أن يكون: تولون نحوه وإليه؛ استنادًا لإجماع الحجة على ذلك، قال: «أما قوله: ﴿تولوا﴾ فإن الذي هو أولى بتأويله أن يكون: تولون نحوه وإليه، كما يقول القائل: وليته وجهي ووليته إليه. بمعنى: قابلته وواجهته، وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية لإجماع الحجة على أن ذلك تأويله، وشذوذ من تأوله بمعنى: تولون عنه فتستدبرونه، ففي الذي تتوجهون إليه وجه الله، بمعنى: قبلة الله».

﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ - من أحكام الآية

٣٤٩٤- عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله ﷺ في غزوة أنْمار يُصَلِّي على راحلته متوجهًا قِبَل المشرق تَطَوُّعًا[[أخرجه البخاري ٥/١١٦ (٤١٤٠).]]. (١/٥٦٥)

٣٤٩٥- عن جابر بن عبد الله: أنّ النبي ﷺ كان يصلي على راحلته قِبَل المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل، واستقبل القبلة، وصَلّى[[أخرجه البخاري ٢/٤٥ (١٠٩٩).]]. (١/٥٦٥)

٣٤٩٦- عن أنس: أنّ النبي ﷺ كان إذا سافر وأراد أن يتطوع بالصلاة استقبل بناقته القبلة، وكبَّر، ثم صلّى حيث تَوَجَّهت الناقة[[أخرجه أحمد ٢٠/٣٧٧ (١٣١٠٩)، وأبو داود ٢/٤١٦ (١٢٢٥) وهذا لفظه. قال ابن الملقن في البدر المنير ٣/٤٣٨: «وهذا إسناد صحيح، كل رجاله ثقات». وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ١/٥٣٠ (٣١٨): «صححه ابن السكن». وقال الألباني في صحيح أبي داود ٤/٣٨٥ (١١١٠): «إسناده حسن».]]. (١/٥٦٥)

٣٤٩٧- عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة»[[أخرجه الترمذي ١/٣٩٨، ٣٩٩ (٣٤٢، ٣٤٤)، وابن ماجه ٢/١٤١ (١٠١١)، والحاكم ١/٣٢٣ (٧٤١، ٧٤٢). قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». وقال الحاكم في الموضع الأول: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فإن شعيب بن أيوب ثقة، وقد أسنده، ورواه محمد بن عبد الرحمن بن محبر -وهو ثقة- عن نافع، عن ابن عمر ﵄ مسندًا». وقال الذهبي في التلخيص: «على شرطهما». وقال الحاكم في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح، قد أوقفه جماعة عن عبد الله بن عمر». وصحَّحه الألباني في الإرواء ١/٣٢٤-٣٢٦ (٢٩٢).]]. (١/٥٦٨)

٣٤٩٨- عن ابن عمر، مثله[[أخرجه الحاكم ١/٣٢٣ (٧٤١، ٧٤٢). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين». وقال في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح، قد أوقفه جماعة عن عبد الله بن عمر». وقال الذهبي في التلخيص: «على شرطهما». وقال ابن أبي حاتم في علله ٢/٤٧٣ (٥٢٨): «قال أبو زرعة: هذا وهم؛ الحديث حديث ابن عمر، موقوف». وقال الدارقطني في علله ٢/٣٢ (٩٤): «والصحيح من ذلك قول عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر». وقال ابن كثير ١/٣٩٥: «وقد رواه الدارقطني، والبيهقي، وقال: المشهور عن ابن عمر، عن عمر قوله». وقال ابن حجر في إتحاف المهرة ٩/٣٢٩ (١١٣١٨) بعد نقل كلام الحاكم: «قلت: بل ضَعَّفه ابن معين، والبخاري، وأبو زُرعة». وقال في التلخيص ١/٥٢٦-٥٢٧: «ذكره الدارقطني في العلل، وقال: الصواب: عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن عمر قوله».]]. (١/٥٦٨)

٣٤٩٩- عن عمر، قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا تَوَجَّهْتَ قِبَل البيت[[أخرجه ابن أبي شيبة ٢/٣٦٢، والبيهقي ٢/٩.]]. (١/٥٦٨)

٣٥٠٠- عن حَمّاد، قال: قلت للنخعي: إني كنت استيقظت -أو قال:أُيْقظتُ، شك أبو جعفر-، فكان في السماء سحاب، فصَلَّيْتُ لغير القبلة؟ قال: مضت صلاتك، يقول الله ﷿: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٥٤.]]. (ز)

﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَ ٰ⁠سِعٌ عَلِیمࣱ ۝١١٥﴾ - تفسير

٣٥٠١- قال الكلبي: ﴿إنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ واسع المغفرة[[تفسير الثعلبي ١/٢٦٣، وتفسير البغوي ١/١٤٠.]]. (ز)

٣٥٠٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إن الله واسع﴾ لتوسيعه عليهم في ترك القبلة حين جهلوها، ﴿عليم﴾ بما نووا. وأنزل الله ﷿: ﴿ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب﴾ [البقرة:١٧٧] إلى آخر الآية[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٣.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب