الباحث القرآني

﴿وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ﴾ - نزول الآية

٣٣٥١- عن كعب بن مالك -من طريق ابنه-: أنّ كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرًا، وكان يهجو رسول الله ﷺ، ويُحَرِّض عليه كفارَ قريش في شعره، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدم رسول الله ﷺ يؤذون رسول الله ﷺ وأصحابه أشدَّ الأذى، فأمر اللهُ رسولَه والمسلمين بالصبر على ذلك، والعفوِ عنهم، ففيهم أنزل الله: ﴿ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا﴾ الآية [آل عمران:١٨٦]. وفيهم أنزل الله: ﴿ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا﴾ الآية[[أخرجه أحمد ٣٩/٥٠٥ (٢٤٠٠٩/٦٥)، وأبو داود ٤/٦١٣-٦١٤ (٣٠٠٠) دون ذكر آية سورة البقرة، وأخرجه عبد الرزاق ١/٤٢٨ بنحوه، وابن المنذر ٢/٥٢٣. قال ابن حجر العُجاب في بيان الأسباب ١/٣٥٦ بعد أن ذكره بإسناد الذهلي في الزهريات، ومن طريقه الواحدي في أسباب النزول: «وهذا سند صحيح».]]. (١/٥٥٦)

٣٣٥٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- قال: كان حُيَيّ بن أخطب، وأبو ياسر ابن أخطب من أشد يهود حسدًا للعرب؛ إذ خَصَّهم الله برسوله ﷺ، وكانا جاهِدَيْن في ردِّ الناس عن الإسلام بما استطاعا، فأنزل الله فيهما: ﴿ود كثير من أهل الكتاب﴾ الآية[[أخرجه ابن إسحاق -كما أسنده ابن هشام عنه في السيرة ١/٥٤٨ عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس به-، ومن طريقه ابن جرير ٢/٤١٩، وابن أبي حاتم ١/٢٠٤ (١٠٨١). قال ابن حجر في العُجاب ١/٣٥١ عن هذا الإسناد: «سند جيد».]]٤٣٧. (١/٥٥٤)

٤٣٧ علَّقَ ابن عطية (١/٣١٩) على هذا القول مُبَيِّنًا أنه يشمل أتباعهما أيضًا؛ ليناسب الكثرة الواردة في الآية، فقال: «وفي الضمن الأتباع، فتجيء العبارة متمكنة».

٣٣٥٣- قال عبد الله بن عباس: نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم؟! ولو كنتم على الحق ما هُزِمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم[[أورده الواحدي في أسباب النزول ص٣٥. وقال الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف ص١٠: «لم أجده مسندًا، وهو في تفسير الثعلبي كذلك بلا سند ولا راوٍ». وقال في العجاب ١/٣٥٤: «هذا لعله من تفسير الكلبي».]]. (ز)

٣٣٥٤- عن قتادة بن دعامة= (ز)

٣٣٥٥- ومحمد بن مسلم الزهري -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿ود كثير من أهل الكتاب﴾، قالا: كعب بن الأشرف[[أخرجه عبد الرزاق ١/٥٥، وابن جرير ٢/٤١٩، وابن أبي حاتم ١/٢٠٥.]]٤٣٨. (١/٥٥٧)

٤٣٨ انتَقَدَ ابن جرير (٢/٤٢٠)، وابن عطية (١/٣١٩) استنادًا إلى السياق، ولغة العرب أن يكون المعنيُّ بقوله: ﴿ودَّ كثير من أهل الكتاب﴾ كعب بن الأشرف، كما نُسِبَ إلى الزهري، وقتادة. فقال ابن جرير: «وليس لقول القائل عنى بقوله: ﴿ودَّ كثير من أهل الكتاب﴾ كعب بن الأشرف، معنىً مفهوم؛ لأن كعب بن الأشرف واحد، وقد أخبر الله أن كثيرًا منهم يودون لو يَرُدُّون المؤمنين كفارًا بعد إيمانهم، والواحد لا يقال له: كثير، بمعنى الكثرة في العدد، إلا أن يكون قائل ذلك أراد بوجه الكثرة في هذه الآية الكثرةَ في العز ورفعة المنزلة في قومه وعشيرته، فإن كان أراد ذلك فقد أخطأ؛ لأن الله قد وصفهم بصفة الجماعة، فقال: ﴿لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا﴾، فذلك دليل على أنه عنى الكثرة في العدد، أو يكون ظن أنه من الكلام الذي يخرج مخرج الخبر عن الجماعة، والمقصود بالخبر عنه الواحد، فيكون ذلك أيضًا خطأ. وذلك أنّ الكلام إذا كان بذلك المعنى فلا بُدَّ من دلالة فيه تدل على أن ذلك معناه، ولا دلالة تدل في قوله: ﴿ود كثير من أهل الكتاب﴾ أنّ المراد به واحد دون جماعة كثيرة، فيجوز صرف تأويل الآية إلى ذلك، وإحالة دليل ظاهره إلى غير الغالب في الاستعمال». وقال ابن عطية: «وهذا تحامل، وقوله: ﴿يردونكم﴾ يرد عليه».

٣٣٥٦- قال مقاتل بن سليمان:﴿ودَّ كثير من أهل الكتاب﴾، وذلك أن نفرًا من اليهود منهم فِنْحاصُ، وزيد بن قيس -بعد قتال أحد- دَعَوا حذيفة وعمارًا إلى دينهم، وقالوا لهما: إنّكما لن تُصِيبا خيرًا لِلَّذي أصابهم يوم أحد من البلاء. وقالوا لهما: ديننا أفضل من دينكم، ونحن أهدى منكم سبيلًا. قال لهم عمار: كيف نَقْضُ العهد فيكم؟ قالوا: شديد. قال عمار: فإني عاهدتُ ربي أن لا أكْفُر بمحمد أبدًا، ولا أتَّبع دينًا غير دينه. فقالت اليهود: أمّا عمار فقد ضلَّ وصبأ عن الهُدى بَعْدَ إذ بصره الله، فكيف أنت يا حذيفة، ألا تبايعنا؟ قال حذيفة: الله ربي، ومحمد نبيي، والقرآن إمامي، أطيع ربي، وأقتدي برسولي، وأعمل بكتاب الله ربي، حتى يأتيني اليقين على الإسلام، والله السلام، ومنه السلام. فقالوا: وإلهِ موسى، لقد أُشْرِبَت قلوبُكم حبَّ محمد. فقال عمار: ربي أحمده، وربي أكرم محمدًا، ومنه اشتق الجلالة، إن محمدًا أحمد هو محمد. ثم أتَيا النبيَّ ﷺ فأخبراه، فقال: «ما رددتُما عليهما». فقالا: قلنا: الله ربنا، ومحمد رسولنا، والقرآن إمامنا، الله نطيع، وبمحمد نقتدي، وبكتاب الله نعمل. فقال النبي ﷺ: «أصبتما أخا الخير، وأفلحتما». فأنزل الله ﷿ يُحَذِّر المؤمنين: ﴿ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٠-١٣١. قال الزَّيْلَعِي في تخريج أحاديث الكشاف ١/٧٩: «غريب، وهو في تفسير الثعلبي هكذا من غير سند ولا راو». وقال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب ١/٣٥٦: «ذكره الثعلبي بغير إسناد».]]. (ز)

﴿وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم﴾ - تفسير

٣٣٥٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك-: إنّ رسولًا أُمِّيًا يخبرهم بما في أيديهم من الرسل والكتب والآيات، ثم يصدق بذلك عليه مثل تصديقهم أو أشد من تصديقهم، ولكنهم جحدوا ذلك كفرًا وحسدًا وبغيًا، وكذلك قال الله: ﴿كفارا حسدا من عند أنفسهم﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢٠٥.]]. (ز)

٣٣٥٨- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿حسدا من عند أنفسهم﴾، قال: من قِبَلِ أنفسهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢١، وابن أبي حاتم ١/٢٠٥.]]٤٣٩. (ز)

٤٣٩ قال ابن جرير (٢/٤٢١) في بيان معنى قوله: ﴿من عند أنفسهم﴾: «يعني بذلك: من قِبَلِ أنفسهم، كما يقول القائل: لي عندك كذا وكذا، بمعنى: لي قِبَلك». ولم يورد فيه إلا أثر الربيع بن أنس.

﴿مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ﴾ - تفسير

٣٣٥٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- ﴿من بعد ما تبين لهم﴾، يقول: من بعد ما أضاء لهم الحق لم يجهلوا منه شيئًا، ولكن الحسد حملهم على الجحود، فعيّرهم الله ووبّخهم ولامهم أشد الملامة، وشَرَع لنبيه ﷺ والمؤمنين ما هم عليه من التصديق والإيمان والإقرار بما أنزل الله عليهم، وما أنزل الله من قبلهم بكرامته وثوابه الجزيل ومعونته لهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٣ مختصرًا، وابن أبي حاتم ١/٢٠٥.]]. (ز)

٣٣٦٠- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾، قال: من بعد ما تبين لهم أنّ محمدًا رسول الله ﷺ يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، فكفروا به حَسَدًا وبَغْيًا؛ إذ كان من غيرهم[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢٠٥، وفي تفسير ابن جرير (ت: شاكر) ٤/٥٠٢ مثله من قول أبي العالية، أما في تفسير ابن جرير (ت: التركي) ٢/٤٢٣ فموقوف على الربيع من قوله كما سيأتي.]]. (ز)

٣٣٦١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾، قال: من بعد ما تبين لهم أنّ محمدًا رسول الله يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل؛ نَعتَه وأمرَه ونبوَّتَه، ومن بعد ما تبين لهم أنّ الإسلامَ دينُ الله الذي جاء به محمد ﷺ[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٢ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١/٥٥٨)

٣٣٦٢- عن إسماعيل السُّدِّي -من طريق أسباط- ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾، قال: الحق هو محمد ﷺ، فتبيَّنَّ لهم أنه هو الرسول[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٢، وابن أبي حاتم ١/٢٠٥.]]. (ز)

٣٣٦٣- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾، يقول: يتبين لهم أنّ محمدًا رسول الله، يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، فكفروا به حسدًا وبغيًا؛ إذْ كان من غيرهم[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٢، وابن أبي حاتم ١/٢٠٥.]]. (ز)

٣٣٦٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾ في التوراة أنّ محمدًا نبيٌّ، ودينه الإسلام[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣٠-١٣١.]]. (ز)

٣٣٦٥- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾، قال: قد تبين لهم أنّه رسول الله[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٣.]]٤٤٠. (ز)

٤٤٠ قال ابن جرير (٢/٤٢٢) في بيان معنى قوله: ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾: «يعني -جل ثناؤه- بقوله: ﴿من بعد ما تبين لهم الحق﴾: أي: من بعد ما تبين لهؤلاء الكثير من أهل الكتاب -الذين يودون أنهم يردونكم كفارًا من بعد إيمانكم- الحق في أمر محمد، وما جاء به من عند ربه، والملة التي دعا إليها فأضاء لهم: أن ذلك الحق الذي لا يمترون فيه». واستشهد بآثار السلف، ثم قال (٢/٤٢٣): «فدل بقوله ذلك: أنّ كفر الذين قص قصتهم في هذه الآية بالله وبرسوله عنادٌ، وعلى علم منهم ومعرفة بأنهم على الله مفترون». واستشهد عليه بأثر ابن عباس، ولم يورد غيره.

﴿فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ۝١٠٩﴾ - النسخ في الآية، وتفسيرها

٣٣٦٦- عن أسامة بن زيد، قال: كان النبي ﷺ وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله ﷿: ﴿ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا﴾ [آل عمران: ١٨٦] الآية، وقال الله: ﴿ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم﴾ [البقرة: ١٠٩] إلى آخر الآية، وكان النبي ﷺ يتأول العفو ما أمره الله به، حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله ﷺ بدرا، فقتل الله به صناديد كفار قريش[[أخرجه البخاري ٦/٣٩ (٤٥٦٦)، ٨/٤٥ (٦٢٠٧).]]. (١/٥٥٧)

٣٣٦٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿فاعفوا واصفحوا﴾، وقوله: ﴿وأعرض عن المشركين﴾ [الحجر:٩٤]، ونحو هذا في العفو عن المشركين، قال: نُسِخ ذلك كله بقوله: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله﴾ [التوبة:٢٩]، وقوله: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ [التوبة:٥][[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٤ مختصرًا، وابن أبي حاتم ١/٢٠٦، والبيهقي ٢/٥٨٢. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (١/٥٥٨)

٣٣٦٨- عن عبد الله بن عباس: ﴿فاعْفُوا واصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾: بعذابه؛ القتل والسبي لبني قُرَيْظة، والجلاء والنفي لبني النَّضِير[[تفسير الثعلبي ١/٢٥٨، وتفسير البغوي ١/١٣٦.]]. (ز)

٣٣٦٩- عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿فاعفوا واصفحوا﴾، يقول: اعفوا عن أهل الكتاب، واصفحوا عنهم حتى يحدث الله أمرًا. فأحدث الله بعد ذلك في سورة براءة: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله﴾ إلى قوله: ﴿وهم صاغرون (٢٩)﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ١/٢٠٦ (١٠٩٠).]]. (ز)

٣٣٧٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره﴾، قال: أمر الله نبيَّه أن يعفو عنهم ويصفح حتى يأتي الله بأمره، فأنزل الله في براءة وأمَرَه فقال: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله﴾ الآية [التوبة:٢٩]. فنسختها هذه الآية، وأمره الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يُسْلِموا، أو يُقِرُّوا بالجزية[[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٤. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وذكر يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/١٧٠- نحوه.]]. (١/٥٥٨)

٣٣٧١- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره﴾، قال: نسختها قوله: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ [التوبة:٥][[أخرجه عبد الرزاق ١/٥٥، وابن جرير ٢/٤٢٤.]]. (ز)

٣٣٧٢- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿فاعفوا واصفحوا﴾، قال: هي منسوخة، نسختها: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر﴾ [التوبة:٢٩][[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٤، والنحاس في ناسخه ص١٠٦.]]٤٤١. (١/٥٥٨)

٤٤١ ذَهَبَ ابن جرير (٢/٥٢٣-٥٢٤)، وابن كثير (٢/١٩) إلى نَسْخِ هذه الآية بقوله تعالى: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ...﴾ [التوبة:٢٩] استنادًا إلى السياق، وآثار السلف، فقال ابن جرير: «يعني بقوله: ﴿فاعفوا﴾ فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة وخطأ وعما سلف منهم من قيلهم لنبيكم: ﴿واسمع غير مسمع وراعنا ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدين﴾ [النساء:٤٦]، ﴿واصفحوا﴾ عما كان منهم من جهل في ذلك، ﴿حتى يأتي الله بأمره﴾ فيحدث لكم من أمره فيكم ما يشاء. فقضى فيهم -تعالى ذكره- وأتى بأمره، فقال لنبيه وللمؤمنين به: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾، فنسخ الله العفوَ عنهم والصفحَ بفرض قتالهم على المؤمنين، حتى تصير كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة، أو يؤدوا الجزية عن يد صغارًا». وقال ابن كثير: «ويرشد إلى ذلك أيضًا قوله: ﴿حتى يأتي الله بأمره﴾». وذكر ابن عطية (١/٣٢١) قولًا أنها منسوخة بقوله: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة:٥]، ثم قال مُضيفًا: «وقال قوم: ليس هذا حد المنسوخ، لأن هذا في نفس الأمر كان التوقيف على مدته». ثم علّق بقوله: «وهذا على من يجعل الأمر المنتظر أوامر الشرع، أو قتل قريظة وإجلاء النضير، وأمر من يجعله آجال بني آدم فيترتب النسخ في هذه الآية بعينها، لأنه لا يختلف أنّ آيات الموادعة المطلقة قد نسخت كلها».

٣٣٧٣- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره﴾، قال: اعْفُوا عن أهل الكتاب حتى يُحْدِث الله أمرًا. فأحدث الله بعدُ، فقال: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر﴾ إلى ﴿وهم صاغرون﴾ [التوبة:٢٩][[أخرجه ابن جرير ٢/٤٢٤، وابن أبي حاتم ١/٢٠٦ (عَقِب ١٠٩٠).]]. (ز)

٣٣٧٤- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال سبحانه: ﴿فاعفوا واصفحوا﴾ يقول: اتركوهم، ﴿واصفحوا﴾ يقول: وأعرضوا عن اليهود، ﴿حتى يأتي الله بأمره﴾ فأتى الله ﷿ بأمره في أهل قريظة؛ القتل والسبي، وفي أهل النضير الجلاء والنفي من منازلهم وجناتهم التي بالمدينة إلى أذْرَعات وأريحا من أرض الشام، ﴿إن الله على كل شيء قدير﴾ من القتل والجلاء قدير[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/١٣١.]]. (ز)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب