﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذۡنِی بِمَا نَسِیتُ﴾ - تفسير
٤٥٣٩٠- عن أبي بن كعب، عن رسول الله ﷺ، ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾، قال: «كانت الأولى مِن موسى نسيانًا»(١). (ز)
٤٥٣٩١- عن أبي بن كعب، في قوله: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾، قال: لم ينس، ولكنها مِن معاريض الكلام(٢). (٩/٦٠٩)
ابنُ عطية (٥/٦٣٧ بتصرف) هذا القول بقوله: «ومعنى هذا القول صحيح، ووجْهه عندي: أنّ موسى ﵇ إنما رأى العهد في أن يسأل، ولم ير إنكار هذا الفعل الشنيع سؤالًا، بل رآه واجبًا، فلما رأى الخضر قد أخذ العهد على أعمِّ وجوهه، فضمَّنه السؤال والمعارضة والإنكار وكل اعتراض -إذ السؤال أخف من هذه كلها- أخذ معه في باب المعاريض التي هي مندوحة عن الكذب، فقال له: ﴿لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ﴾. ولم يقل له: إني نسيت العهد. بل قال لفظًا يُعطِي للمتأول أنّه نسي العهد، ويستقيم أيضًا تأويله وطلبه، مع أنه لم ينس العهد؛ لأن قوله: ﴿لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ﴾ كلام جيد طلبه، وليس فيه للعهد ذكر، هل نسيه أم لا، وفيه تعريض أنه نسي العهد، فجمع في هذا اللفظ بين العذر والصدق». ثم مستندًا لمخالفته السنة، فقال: «وما يُخِلُّ بهذا القول إلا أن الذي قاله -وهو أبي بن كعب- روى عن النبي ﷺ أنه قال: «كانت الأولى من موسى نسيانًا»».
٤٥٣٩٢- عن عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾، قال: هذا من معاريض الكلام(٣). (٩/٦١٠)
٤٥٣٩٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- في قوله: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾، أي: بما تركتُ مِن عهدك(٤). (ز)
ابنُ جرير (١٥/٣٣٨) أنّ مَن قالوا بهذا القول فقد وجهوا معنى النسيان إلى الترك.
٤٥٣٩٤- تفسير إسماعيل السُّدِّيّ: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾، يعني: ذهب مِنِّي ذِكْرُه(٥). (ز)
اختُلِف في معنى قوله: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾؛ فقال بعضهم: كان هذا الكلام من موسى ﵇ للعالم معارضة، لا أنه كان نسي عهده. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تؤاخذني بتركي عهدك.
و ابنُ جرير (١٥/٣٣٩) القول الثاني مستندًا إلى السنة، فقال: «والصواب من القول في ذلك أن يُقال: إنّ موسى سأل صاحبه أن لا يؤاخذه بما نسي فيه عهدُه مِن سؤاله إيّاه عن وجْه ما فعل وسببه، لا بما سأله عنه، وهو لعهده ذاكر؛ للصحيح عن رسول الله ﷺ بأن ذلك معناه من الخبر».
و ابنُ عطية (٥/٦٣٧) أنّ القول الثاني قول الجمهور، ثم قال: «وفي كتاب التفسير من صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال: «كانت الأولى من موسى نسيانًا»».
و أنّ مجاهدًا قال: كانت الأولى نسيانًا، والثانية شرطًا، والثالثة عمدًا. و مستندًا إلى الدلالة العقلية، ومخالفته ظاهر الآية، فقال: «وهذا كلام مُعتَرَض؛ لأن الجميع شرط، ولأنّ العمد يَبعُد على موسى ﵇، وإنّما هو التأويل إذا جُنِّب صيغة السؤال والنسيان».
﴿وَلَا تُرۡهِقۡنِی مِنۡ أَمۡرِی عُسۡرࣰا ٧٣﴾ - تفسير
٤٥٣٩٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قال﴾ موسى: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني﴾ يعني: تُغَشِّيني ﴿من أمري عسرا﴾ يعني: مِن قولي عسرًا. ثم قعد موسى مهمومًا يقول في نفسه: لقد كنت غنيًّا عن اتِّباع هذا الرجل وأنا في بني إسرائيل أُقرِئُهم كتاب الله ﷿ غُدوةً وعَشِيًّا. فعلم الخضِر ما حدَّث به موسى نفسَه، وجاء طير يدور، يرون أنه خَطّاف، حتى وقع على ساحل البحر، فنكث بمنقاره في البحر، ثم وقع على صدر السفينة، ثم صَوَّت، فقال الخضِر لموسى: أتُدْرِك ما يقولُ هذا الطائر؟ قال موسى: لا أدري. قال الخضِر: يقول: ما عِلْمُ الخضِر وعِلْمُ موسى في عِلْمِ الله إلا كقدر ما رفعتُ بمنقاري مِن ماء البحر في قَدْر البحر. ثم خرجا من السفينة على بحر أيْلَة(٦). (ز)
(١) أخرجه ابن جرير ١٥/٣٣٩.
(٢) أخرجه ابن جرير ١٥/٣٣٨.
(٣) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه ابن جرير ١٥/٣٣٩.
(٥) علقه يحيى بن سلام ١/١٩٨.
(٦) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٩٦.