﴿قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥۤ ءَالِهَةࣱ كَمَا یَقُولُونَ إِذࣰا لَّٱبۡتَغَوۡا۟ إِلَىٰ ذِی ٱلۡعَرۡشِ سَبِیلࣰا﴾ [الإسراء ٤٢]
﴿قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥۤ ءَالِهَةࣱ كَمَا یَقُولُونَ إِذࣰا لَّٱبۡتَغَوۡا۟ إِلَىٰ ذِی ٱلۡعَرۡشِ سَبِیلࣰا ٤٢﴾ - قراءات
٤٣١٤٤- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ﴾، وهي تقرأ أيضًا بالتاء. فمن قرأها بالتاء فيقول للنبي: قل لهم: لو كان معه آلهة. ثم أقبل على النبي ﷺ، فقال: كما تقولون. ومن قرأها بالياء يقول للنبي ﷺ: قل لهم: لو كان معه آلهة كما يقولون(١). (ز)
﴿قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥۤ ءَالِهَةࣱ كَمَا یَقُولُونَ إِذࣰا لَّٱبۡتَغَوۡا۟ إِلَىٰ ذِی ٱلۡعَرۡشِ سَبِیلࣰا ٤٢﴾ - تفسير الآية
٤٣١٤٥- عن سعيد بن جبير، في قوله: ﴿إذًا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلًا﴾، قال: على أن يُزيلوا مُلكَه(٢). (٩/٣٤٩)
٤٣١٤٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- وفي قوله: ﴿قل لو كان معه آلهة﴾ الآية، يقول: لو كان معه آلهة إذن لعرَفوا فضلَه ومَزِيَّتَه عليهم، فابتغوا ما يقربهم إليه، مع أنه ليس كما يقولون(٣). (٩/٣٤٩)
لم يذكر ابنُ جرير (١٤/٦٠٣) في معنى: ﴿إذًا لابْتَغَوْا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلًا﴾ سوى قول قتادة.
واختُلِف في معنى: ﴿إذًا لابْتَغَوْا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلًا﴾ في هذه الآية على قولين: الأول: لطلب هؤلاء الآلهة الزلفى إلى ذي العرش، والقربة إليه بطاعته. الثاني: لابتَغَوْا إليه سبيلًا في إفساد مُلْكِه، ومُضاهاته في قدرته. و ابنُ عطية (٥/٤٨٤) القول الأول بقوله: «فيكون السبيل -على هذا التأويل- بمعناها في قوله تعالى: ﴿فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [المزمل:١٩]». و (٥/٤٨٥) القول الثاني بقوله: «وعلى هذا التأويل تكون الآية بيانًا للتمانع، وجاريةً مع قوله تعالى: ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتا﴾ [الأنبياء:٢٢]».
و ابنُ تيمية (٤/٢١٧) مستندًا إلى القرآن، ودلالة ظاهر اللفظ، والدلالة العقلية القول الأول، فقال: «والأول هو الصحيح، فإنه قال: ﴿لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ﴾، وهم لم يكونوا يقولون: إنّ آلهتهم تمانعه وتغالبه، بخلاف قوله: ﴿وما كانَ مَعَهُ مِن إلَهٍ إذًا لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بِما خَلَقَ ولَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ [المؤمنون:٩١]، فهذا في الآلهة المنفية، ليس فيه أنها تعلو على الله، وأن المشركين يقولون ذلك. وأيضًا فقوله: ﴿لابْتَغُوا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلا﴾ يدل على ذلك، فإنه قال تعالى: ﴿إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلا﴾ [المزمل:١٩]، والمراد به: اتخاذ السبيل إلى عبادته وطاعته، بخلاف العكس، فإنه قال: ﴿فَإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ [النساء:٤٣]، ولم يقل: إليهن سبيلًا. وأيضًا فاتخاذ السبيل إليه مأمور به، كقوله: ﴿وابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ﴾ [المائدة:٣٥]، وقوله: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِن دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ولا تَحْوِيلا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أيُّهُمْ أقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ﴾ [الإسراء:٥٦-٥٧]. فبين أن الذين يُدعَون من دون الله يطلبون إليه الوسيلة، فهذا مناسب لقوله: ﴿لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إذًا لابْتَغُوا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلا﴾».
٤٣١٤٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قل﴾ لكفار مكة: ﴿لو كان معه آلهة كما يقولون﴾ حين يزعمون أن الملائكة بنات الرحمن، فيعبدونهم ليشفعوا لهم عند الله ﷿ في الآخرة؛ ﴿إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا﴾ ليغلبوه ويقهروه، كفعل ملوك الأرض بعضهم ببعض، يلتمس بعضهم أن يقهر صاحبه ويعلوه(٤). (ز)
٤٣١٤٨- قال يحيى بن سلّام: ﴿إذا لابتغوا﴾ يعني: الآلهة لو كانت آلهة ﴿إلى ذي العرش سبيلا﴾ إذًا لطلبوا إليه الوسيلة والقربة(٥). (ز)
(١) تفسير يحيى بن سلام ١/١٣٧.
﴿كَما يَقُولُونَ﴾ هي قراءة متواترة، قرأ بها ابن كثير، وحفص عن عاصم، وقرأ بقية العشرة: ﴿كَما تَقُولُونَ﴾ بتاء الخطاب. انظر: النشر ٢/٣٠٧، والإتحاف ص٣٥٧.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ١/٣٧٨، وابن جرير ١٤/٦٠٢-٦٠٣. وعلَّقه يحيى بن سلام ١/١٣٧ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٢.
(٥) تفسير يحيى بن سلام ١/١٣٧.