الباحث القرآني
﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ١٠٦﴾ - نزول الآية
٤٢١٣٩- عن عبد الله بن عباس، قال: لما أراد رسولُ الله ﷺ أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه: «تفرَّقوا عني، فمَن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل، ومَن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل، فإذا سمعتم بي قد استقرَّت بي الأرض فالحقوا بي». فأصبح بلالٌ المؤذن، وخبّاب، وعمّار، وجارية من قريش كانت أسلمت؛ فأصبحوا بمكة، فأخذهم المشركون وأبو جهل، فعرضوا على بلال أن يكفر، فأبى، فجعلوا يضعون دِرعًا مِن حديد في الشمس، ثم يُلبسونها إياه، فإذا ألبسوها إياه قال: أحد، أحد. وأَمّا خبّاب فجعلوا يَجُرُّونه في الشَّوْك، وأمّا عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تَقِيَّةً، وأما الجارية فوَتَّدَ لها أبو جهل أربعة أوتاد، ثم مَدَّها، فأدخل الحربة في قُبُلِها حتى قتلها، ثم خَلَّوا عن بلال وخباب وعمار، فلَحِقوا برسول الله ﷺ، فأخبروه بالذي كان من أمرهم، واشتد على عمار الذي كان تكلَّم به، فقال له رسول الله ﷺ: «كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت، أكان منشرحًا بالذي قلت أم لا؟». قال: لا. قال: فأنزل الله: ﴿إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مَرْدُويَه.]]٣٧٤٨. (٩/١١٩)
٤٢١٤٠- عن أبي المتوكل الناجي -من طريق إسماعيل بن مسلم-: أنّ رسول الله ﷺ بعث عمار بن ياسر إلى بئر للمشركين ليستقي منها، وحولها ثلاثة صفوف يحرسونها، فاستقى في قربة، ثم أقبل حتى أتى على الصف الأول، فأخذوه، فقال: دعوني؛ فإنما أستقي لأصحابكم. فتركوه، فذهب حتى أتى على الصف الثاني، فأخذوه، فقال: دعوني؛ فإنما أستقي لأصحابكم. فتركوه، فذهب حتى أتى على الصف الثالث، فأخذوه، فردوه إلى البئر، فصبوا ماءه، ثم نكسوه حتى قاء ما شرب، ثم قالوا له: لتكفرن أو لنقتلنك. فتكلم بما أرادوه عليه، ثم تركوه، فرجع الثانية، ففعلوا به مثل ذلك، وتركوه، ثم رجع الثالثة، ففعلوا به مثل ذلك، فلما أرادوه على أن يتكلم بالكفر أبى، فبعث نبيُّ الله الخيلَ، فاستنقذته. فأنزلت فيه: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾[[أخرجه يحيى بن سلام ١/٩٢. وأخرجه مختصرًا مسدد -كما في المطالب (٤٠٢٧). وكذا عزاه السيوطي إلى مسدَّد في مسنده، وابن المنذر، وابن مَرْدُويَه.]]. (٩/١٢٢)
٤٢١٤١- عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه حتى سبَّ النبيَّ ﷺ، وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى النبيَّ قال: «ما وراءك؟». قال: شرٌّ، ما تُرِكت حتى نِلْتُ منك، وذكرت آلهتهم بخير. قال: «كيف تجد قلبك؟». قال: مطمئنًّا بالإيمان. قال: «إن عادوا فعُد». فنزلت: ﴿إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾. قال: ذاك عمار بن ياسر، ﴿ولكن من شرح بالكفر صدرًا﴾ عبد الله بن أبي سَرْح[[أخرجه يحيى بن سلام ١/٩٢، وعبد الرزاق ١/٣٦٠، وابن سعد ٣/٢٤٩، وابن جرير ١٤/٣٧٤-٣٧٥، وابن أبي حاتم -كما في فتح الباري ١٢/٣١٢-، والحاكم ٢/٣٥٧، والبيهقي في الدلائل ٨/٢٠٨-٢٠٩، وابن عساكر ٤٣/٣٧٣-٣٧٤. وعزاه السيوطي إلى ابن مَرْدُويَه، ولفظ: «عن أبيه» ليس عند يحيى بن سلام وعبد الرزاق، وابن سعد، وابن جرير. وكلا الإسنادين مرسل، كما قال الحافظ في الفتح.]]. (٩/١٢٠)
٤٢١٤٢- عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، وفي قوله: ﴿ولكن من شرح بالكفر صدرًا﴾، قال: ذاك عبد الله بن أبي سَرْح[[أخرجه ابن سعد ٣/٢٤٩-٢٥٠.]]٣٧٤٩. (٩/١٢١)
٤٢١٤٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا، فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة: أن هاجِروا؛ فإنّا لا نرى أنكم منّا حتى تُهاجروا إلينا. فخرجوا يُريدون المدينة، فأدركتهم قريش في الطريق، ففتنوهم، فكفروا مُكرَهين، ففيهم نزلت هذه الآية[[أخرجه ابن جرير ١٤/٣٧٨، وأخرجه يحيى بن سلام ١/٩٣ من طريق ابن مجاهد. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (٩/١٢٢)
٤٢١٤٤- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق عمرو- قال: كان ناس بمكة قد أقرُّوا بالإسلام، فلما خرج الناس إلى بدر لم يبق أحدٌ إلا أخرجوه، فقُتل أولئك الذين أقروا بالإسلام؛ فنزلت فيهم: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ إلى قوله: ﴿وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا﴾ [النساء: ٩٧-٩٨] حيلة: نهوضًا إليها، وسبيلًا: طريقًا إلى المدينة. فكتب المسلمون الذين كانوا بالمدينة إلى مَن كان بمكة، فلما كُتِب إليهم خرج ناس ممن أقروا بالإسلام، فأتبعهم المشركون، فأكرهوهم حتى أعطوهم الفتنة؛ فأنزل الله ﷿ فيهم: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾[[ذكره في الإيماء ٧/٤٧١ (٧١٦١)، وقال: «روي موصولًا عن عكرمة عن ابن عباس». وعزاه إلى جزء سعدان (٤٧).]]. (ز)
٤٢١٤٥- عن محمد بن سيرين، قال: نزلت هذه الآية: ﴿إلا من أكره﴾ في عياش بن أبي ربيعة[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٩/١٢٢)
٤٢١٤٦- عن محمد بن سيرين: أنّ النبي ﷺ لَقِي عمّارًا وهو يبكي، فجعل يمسح عن عينيه ويقول: «أخذك الكفار فغَطّوك في الماء، فقلتَ كذا وكذا، فإن عادوا فقل ذلك لهم»[[أخرجه ابن سعد ٣/٢٤٩.]]. (٩/١٢٠)
٤٢١٤٧- عن أبي مالك غزوان الغفاري -من طريق حصين- في قوله: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾، قال: نزلت في عمار بن ياسر[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٢/١٢١، وابن جرير ١٤/٣٧٥، وابن عساكر ٤٣/٣٧٥. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٩/١٢١)
٤٢١٤٨- عن الحكم [بن عتيبة] -من طريق جابر- ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾، قال: نزلت في عمار[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٢/١٢١، وابن عساكر ٤٣/٣٧٥.]]. (٩/١٢١)
٤٢١٤٩- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ هذه الآية: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ نزلت في عمار بن ياسر، أخذه بنو المغيرة فغطّوه في بئر ميمون، وقالوا: اكفُرْ بمحمد. فتابعهم على ذلك وقلبه كاره؛ فنزلت[[أخرجه ابن جرير ١٤/٣٧٤، وابن عساكر ٤٣/٣٧٥.]]. (٩/١٢٢)
٤٢١٥٠- عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-: أنّ عبد الله بن أبي سَرْح أسلم، ثم ارتدَّ، فلحق بالمشركين، ووشى بعمار، وجَبْرٍ عبدِ ابن الحضرميِّ، أو ابن عبد الدّار، فأخذوهما، وعذَّبوهما حتى كفرا؛ فأنزل الله في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه: ﴿من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا﴾. فالذي أُكْرِه عمار وأصحابه، والذي شَرَح بالكفر صدرًا فهو ابن أبي سرح[[أخرجه ابن جرير مطولًا ٩/٤٠٥-٤٠٦.]]. (٩/١٢١)
٤٢١٥١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ﴾، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي، ومقيس بن ضبابة الليثي، وعبد الله بن أنس بن حنظل من بني تميم[[كذا في المصدر، وفي العجاب في بيان الأسباب لابن حجر ٢/٧١٢ نقلًا عن مقاتل بن سليمان أنه تيمي.]] بن مرة، وطعمة بن أبيرق الأنصاري من بني ظفر بن الحارث، وقيس بن الوليد بن المغيرة المخزومي، وقيس بن الفاكه بن المغيرة المخزومي، قتلا ببدر، ثم استثنى، فقال: ﴿إلّا مَن أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمانِ﴾ ... نزلت في جبر غلام عامر بن الحضرمي، كان يهوديًّا فأسلم حين سمع أمر يوسف وإخوته، فضربه سيده حتى يرجع إلى اليهودية. ثم قال ﷿: ﴿ولكِنْ مَن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا﴾ إلى أربع آيات، يعني: عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهؤلاء المسلمين[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٨٨-٤٨٩.]]. (ز)
٤٢١٥٢- قال يحيى بن سلّام: نزلت في عمار بن ياسر وأصحابه، أخذهم المشركون، فوقفوهم على الكفر بالله ورسوله، فخافوا منهم، فأعطوهم ذلك بأفواههم[[تفسير يحيى بن سلام ١/٩٢.]]. (ز)
﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ﴾ - تفسير
٤٢١٥٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿من كفر بالله﴾ الآية، قال: أخبر الله سبحانه أنّه مَن كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأمّا من أُكره، فتكلَّم بلسانه، وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوِّه فلا حرج عليه؛ لأن الله سبحانه إنما يأخُذُ العباد بما عقدت عليه قلوبهم[[أخرجه ابن جرير ١٤/٣٧٦، والبيهقي في سُنَنِه ٨/٢٠٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (٩/١٢٣)
٤٢١٥٤- تفسير إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله: ﴿من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾: راض بالتوحيد[[علَّقه يحيى بن سلام ١/٩١.]]. (ز)
٤٢١٥٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ﴾، ثم استثنى، فقال: ﴿إلّا مَن أُكْرِهَ﴾ على الكفر ﴿وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ﴾ يعني: راضٍ ﴿بِالإيمانِ﴾. كقوله ﷿: ﴿فَإنْ أصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ﴾ [الحج:١١][[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٨٨.]]. (ز)
٤٢١٥٦- قال يحيى بن سلّام: وقوله: ﴿وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ راضٍ بالإيمان[[تفسير يحيى بن سلام ١/٩٢.]]٣٧٥٠. (ز)
﴿وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ١٠٦﴾ - تفسير
٤٢١٥٧- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال ﷿: ﴿ولكِنْ مَن شَرَحَ﴾ مَن وسع ﴿بِالكُفْرِ صَدْرًا﴾ إلى أربع آيات، يعني: عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهؤلاء المسلمين؛ ﴿فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ ولَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ في الآخرة[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٨٩.]]. (ز)
٤٢١٥٨- قال يحيى بن سلّام: قال: ﴿ولهم عذاب عظيم﴾ في الآخرة[[تفسير يحيى بن سلام ١/٩٣.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.