الباحث القرآني
قوله: ﴿ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾، إلى قوله: ﴿ٱلْفَاسِقِينَ﴾.
والمعنى: الذين يعيبون الذين تطوعوا بصدقاتهم على أهل المسكنة والحاجة فيقولون لهم: إنما تصدقون رياءً وسمعةً، ولم تريدوا وجه الله عز وجل.
* * *
﴿وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ﴾.
أي: من المؤمنين، ومن ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ﴾، عطفه على ﴿ٱلْمُطَّوِّعِينَ﴾، لأنَّ الاسم لم يتم، إذ قوله: ﴿فَيَسْخَرُونَ﴾ في الصلة عطف على ﴿يَلْمِزُونَ﴾.
و "الجُهْدُ و "الجَهْدُ" عند البصريين [بمعنى]، لغتان.
وقال بعض الكوفيين: الجُهدُ، بالضم: الطاقة، وبالفتح: المشقة.
والسُّخْريُّ من الله: الجزاء على فعلهم.
قال ابن عباس: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى النبي ﷺ، وجاء رجل من الأنصار بصاع من طعام، فقال بعض المنافقين: و [الله] ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلا رياءً، وقالوا: إن كان الله ورسوله لَغَنِيَّيْن عن هذا الصاع. فأنزل الله عز وجل: ﴿ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾، يعني: عبد الرحمن بن عوف، ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ﴾، يعني: الأنصاري الذي أتى بصاع من شعير.
وقال ابن عباس: جاء عبد الرحمن بمائة أوقية من ذهب، وترك لنفسه مائة، وقال: مالي ثمانية آلاف، أما أربعة آلاف فأُقرضُها الله، وأما أربعة آلاف فلي، فقال له النبي ﷺ: "بارك الله [لك] فيما أمسكت وما أعطيت" فلمزه المنافقون، وقالوا: ما أعطى عبد الرحمن بن عوف عطيته إلا رياء، وهم كاذبون، فأنزل الله عز وجل، عذره
وقال قتادة: جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف صدقته، وجاء رجل من الأنصار، يكنى بأبي عقيل، بصاع من تمر لم يكن له غيره، فقال: يا رسول الله، آجرت نفسي بصاعين، فانطلقت بصاع إلى أهلي وجئت بصاع من تمر، فلمزهُ المنافقون، وقالوا: إن الله غنيٌّ عن طياع هذا، فنزل فيه: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ﴾.
قال ابن زيد: أمر النبي ﷺ [المسلمين] أن يتصدَّقوا، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فأَلْفَى مالي ذلك كثيراً، فأخذت نصفه، فجئت أحمل مالاً كثيراً، فقال له رجل من المنافقين: تُرائي يا عمر، فقال: نعم أُرائي الله ورسوله، وأما غيرهما فلا، وأتى رجل من الأنصار لم يكن عنده شيء، فآجر نفسه بصاعين، فترك صاعاً لعياله، وجاء بصاع يحمله، فقال له بعض المنافقين: [إنّ] الله ورسوله عن صاعك لَغَنِيَّانِ، فأنزل الله عز وجل، عُذْرهما في قوله: ﴿ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ﴾.
ثم قال لنبيه عليه السلام، استغفر لهؤلاء المنافقين، أي: ادع الله لهم بالمغفرة أو لا تدع لهم بذلك، فلفظه لفظ الأمر ومعناه الجزاء، والجزاء خبر.
والمعنى: إن استغفرت لهم، أو لم تستغفر لهم، فلن يغفر الله لهم.
قال الضحاك: قال النبي ﷺ، حين نزلت هذه الآية: "لأزيدنَّ على السبعين"، فنزلت:
﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ [لَمْ] تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ﴾ [المنافقون: ٦]، فهي عنده منسوخة بهذه.
وقيل: إنها ليست بمنسوخة، وإنما هي على التهدد، وما كان النبي عليه السلام ليستغفر لمنافق؛ لأن المنافق كافر بنص الكتاب.
وهذه الآية نزلت في عبد الله بن أبيّ بن سلول، قال لأصحابه: لولا أنكم تنفقون على أصحاب محمد لانفضوا من حوله، وهو القائل: ﴿لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨].
رُوي أن عبد الله هذا لما حضرته الوفاة أرسل إلى النبي ﷺ، يسأله أحد ثوبَيْه، فأرسل إليه النبي ﷺ، أحد ثوبيه، فقال: إنما أريد الذي على جلدك من ثيابك، فبعث إليه به، فقيل للنبي ﷺ، في ذلك، فقال: "إن قميصي لن يغني عنه من الله شيئاً إذا كُفِّن فيه، وإني آمل أن يدخل في الإسلام خلق كثير بهذا السبب"
فَرُوِيَ أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه يطلب الاستشفاء بثوب النبي، عليه السلام.
وكان عبد الله هذا رأس المنافقين وسيِّدَهُم.
{"ayahs_start":79,"ayahs":["ٱلَّذِینَ یَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِینَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ وَٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَیَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ","ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِینَ مَرَّةࣰ فَلَن یَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ یَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِینَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فِی ٱلصَّدَقَـٰتِ وَٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَیَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق