الباحث القرآني
قوله: ﴿قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ﴾، إلى قوله: ﴿وَهُمْ كَٰفِرُونَ﴾.
والمعنى: ﴿قُلْ﴾، يا محمد، لهؤلاء المنافقين: أنفقوا أموالكم كيف شئتم، طائعين أو كارهين، فإنها لا تقبل منكم، إذ أنتم في شك من دينكم، خارجون عن الإيمان بذلك.
وخرج قوله: ﴿أَنفِقُواْ﴾، مخرج الأمر، ومعناه الخبر، وإنما تفعل العرب ذلك في الموضع الذي يحسن فيه "إنْ" التي للجزاء، [و] منه قوله تعالى: ﴿ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠]، لفظه لفظ الأمر، ومعناه الجزاء، والجزاء خبر، ومنه قول كثير:
؎ أسيئ بِنَا أوْ أحْسِني، لاَ مَلُومَةً ∗∗∗ لَدَيْنَا وَلاَ مَقْلَّيةً إِنْ تَقلَّتِ.
فالمعنى: إن تنفقوا طائعين أو كارهين فلن يقبل منكم.
وجاز أن يقع لفظ الأمر بمعنى الخبر، كما جاز أن يقع لفظ الخبر بمعنى الطلب والأمر، تقول: "غَفَرَ اللهُ لِزَيْدٍ" معناه: الطلب والدعاء، ولفظه لفظ الخبر، والمعنى: "اللهم اغفر لزيد".
وهذه الآية نزلت في الجدّ بن قيس، لأنه لما عرض النبي عليه السلام [عليه] الخروج، سأل المقام، واعتذر بأنه لا يصبر إذا رأى النساء، وأنه يفتتن، ثم قال للنبي ﷺ: هذا مالي أعينك به.
ثم أخبر الله تعالى بالعلة التي من أجلها لم تقبل نفقاتهم، فقال: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ﴾، أي: بأن تقبل، ﴿إِلاَّ أَنَّهُمْ﴾، "أنّ" في موضع رفع، أي: ما منعهم من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا كفرهم.
وأجاز الزجاج، أن تكون "أَنَّ" في موضع نصب، على معنى: إلا لأنَّهم كفروا، ويكون الفاعل مضمراً في ﴿مَنَعَهُمْ﴾، والتقدير وما منعهم الله من أن تقبل منهم نفقاتهم إلا لأنهم كفروا.
ويجوز عند سبيويه، أن تكون في موضع جر، على تقدير حذف الخافض.
ومن قرأ: ﴿أَن تُقْبَلَ﴾ بـ: "الياء"، رده على معنى الإنفاق، لأنه والنفقات سواء.
فالذي منعهم من القبول هو كفرهم بالله، عز وجل، وبرسوله عليه السلام، وإتيانهم الصلاة وهم كسالى عنها؛ لأنهم لا يرجون بها ثواباً، ولا يخافون بالتفريط فيها عقاباً، إنما يقيمونها مخافة على أنفسهم رياء، وأنهم لا ينفقون شيئاً من أموالهم ﴿إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾، إذ لا يرجون ثوابه.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ﴾.
أي: لا تعجبك، يا محمد، أموالهم ولا أولادهم، إنما يريد الله، يا محمد ليعذبهم بها في الآخرة.
* * *
وقوله: ﴿فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا﴾، يريد به التقديم. والمعنى: ولا تعجبك يا محمد، أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة، هذا قول ابن عباس، وقتادة وغيرهما.
وقال الحسن: ليس في الكلام تقديم ولا تأخير، إنما المعنى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا﴾، أي: بما ألزمهم فيها من أخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله، عز وجل، وهو اختيار الطبري. على معنى: أنهم يخرجونها تقيةً وخوفاً، ويقلقهم عزمها، ويحزنهم خروجها من أيديهم، فهي لهم عذابٌ.
وقال ابن زيد المعنى: ﴿لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا﴾، أي: بالمصائب فيها، فهي لهم إثم، والمصائب للمؤمنين أجر.
* * *
﴿وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ﴾.
أي: تخرج وهم على كفرهم.
قال أبو حاتم: ﴿وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ﴾، وقف كاف.
فمن قال: في الكلام تقديم وتأخير، لم يجز الوقف.
ومن قال: ليس فيه تقديم ولا تأخير، حسن الوقف على: ﴿وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ﴾.
و ﴿فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا﴾، ليس بتمام؛ لأن ﴿وَتَزْهَقَ﴾، معطوف عليه.
{"ayahs_start":53,"ayahs":["قُلۡ أَنفِقُوا۟ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا لَّن یُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ","وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَـٰتُهُمۡ إِلَّاۤ أَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا یَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا یُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَـٰرِهُونَ","فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَ ٰلُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَـٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُعَذِّبَهُم بِهَا فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ"],"ayah":"قُلۡ أَنفِقُوا۟ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا لَّن یُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق