قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ﴾، إلى قوله: ﴿وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ﴾.
* * *
قوله: ﴿إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾، إنما دخلت ﴿إِلاَّ﴾؛ لأن في الكلام معنى النفي، وهو: ﴿يَأْبَىٰ﴾، لأن قولك: "أبيت الفعل" كقولك: "لم أفعل"، فلذلك دخلت ﴿إِلاَّ﴾، وهي لا تدخل إلا بعد نفي.
وقال الزجاج التقدير: ﴿وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ﴾ كل شيء ﴿إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾.
وقال علي بن سليمان: إنما جاز دخول ﴿إِلاَّ﴾ ها هنا؛ لأن ﴿يَأْبَىٰ﴾ منع، فضارعت النفي.
ومعنى الآية: يريد أحبار هؤلاء ورهبانهم ﴿أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ﴾، (عز وجل)، ﴿بِأَفْوَٰهِهِمْ﴾، أي: يحاولون بتكذيبهم وصدهم الناس عن محمد ﷺ، أن يبطلوا القرآن الذي جعله الله ضياء لخلقه، وهو نور الله سبحانه، ﴿وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾، أي: يعلو دينه وتظهر كلمته.
قال السدي: يريدون أن يطفئوا الإسلام بكلامهم، والله مُتِم نوره ولو كره الكافرون إتمامه.
* * *
﴿هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ﴾.
وهو الإسلام وشرائعه ﴿وَدِينِ ٱلْحَقِّ﴾، الإيمان، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ﴾، أي: ليعلي الإسلام على الملل كلها، ﴿وَلَوْ كَرِهَ﴾، ذلك ﴿ٱلْمُشْرِكُونَ﴾.
قال أبو هريرة: ذلك عند خروج عيسى عليه السلام.
وقيل: المعنى ليعلمه شرائع الدين كلها، فيطلعه عليها.
فتكون "الهاء" للنبي ﷺ، وهو قول ابن عباس.
وفي القول الأول: "الهاء" تعود على: الدِّينِ.
{"ayahs_start":32,"ayahs":["یُرِیدُونَ أَن یُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَیَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّاۤ أَن یُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ","هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ"],"ayah":"یُرِیدُونَ أَن یُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَیَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّاۤ أَن یُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ"}