الباحث القرآني
قوله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ﴾، إلى قوله: ﴿حَلِيمٌ﴾.
والمعنى: ما ينبغي للنبي ﷺ، والمؤمنين: ﴿أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ﴾ منهم، ﴿مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ﴾، أي: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله سبحانه، وقد قضى القرآن (أنّ) من مات على الشرك، أنَّه من أهل النار.
وهذه الآية نزلت في شأن أبي طالب، أراد النبي عليه السلام، أن يستغفر له بعد موته، فنهاه الله، عز وجل، عن ذلك.
وروى الزهري عن ابن المسيب عن أبيه، أنه قال: لما حضرت أبا طالبٍ الوفاة، دخل عليه النبي ﷺ، وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أمية: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أُحاجُّ لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شيءٍ تكلم به: أنا على ملة عبد المطلب، فقال النبي ﷺ: لأستغفرنَّ لك ما لم أُنه عنك. فنزلت: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ﴾، الآية، ونزلت ﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾، الآية
الزهري عن ابن المسَيَّب قال: لما أحتضر أبو طالب أتاه النبي عليه السلام، وعنده عبد الله بن أبي أمية، وأبو جهل بن هشام، فقال له رسول الله ﷺ، أي عم إنك أعظم الناس عليّ حقاً، وأحسنهم يداً، لأنت أعظم من والدي، فقل كلمة تجب لي يوم القيامة بها الشفاعة لك، قل: لا إله إلا الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فسكت، فأعادها عليه رسول الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ ومات.
فقال النبي ﷺ: والله لأستغفرنَّ له ما لم أُنه عن ذلك، فأنزل الله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ﴾، الآية.
وقال مجاهد قال المؤمنون: ألا نستغفر لآبائنا، وقد استغفر إبراهيم لأبيه كافراً؟ فأنزل الله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ﴾، الآية.
وقال عمرو بن دينار: قال النبي عليه السلام، استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني الله عنه.
فقال أصحابه: فلنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي عليه السلام، لعَمِّه، فأنزل الله، عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ﴾، إلى: ﴿حَلِيمٌ﴾.
وقيل: نزلت في أُمِّ رسول الله عليه السلام أراد أن يستغفر لها، فمنع من ذلك.
رُوي أن النبي ﷺ، لما قدم مكة، وقف على قبر أُمه حتى سَخِنَت عليه الشمس، رجاء أن يُؤْذن له فيستغفر لها ، حتى نزلت: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾، الآية قال ذلك ابن عباس، وغيره.
ولم يختلف أهل العلم في الدعاء للأبوين ما داما حيين، على أيّ دين كانا، يدعى لهما بالتوفيق والهداية، فإذا ماتا على كفرهما لم يستغفر لهما.
رُوي أن الآية نزلت في أبوي النبي عليه السلام، وذلك أنه ﷺ، سأل جبريل، عليه السلام، عن قبر أبويه، فأرشده إليهما، فذهب إليهما، فكان يدعو لهما، وعلي رضي الله عنه، يُؤَمِّنُ، فنهي عن ذلك، وأُعلم أنّ إبراهيم، صلوات الله عليه، إنما أستغفر لأبيه؛ لأن أباه وعده أن يُسْلِمَ، ويترك عبادة الأصنام، فكان إبراهيم يستغفر له طمعاً أن يُؤْمن، فلما مات على كفره، تبرأ منه.
و "المَوْعِدَةُ" التي وعد إبراهيم أبوه هو أنه وعده أن يؤمن.
وقيل: بل هي كانت من إبراهيم لأبيه وعده أن يستغفر له، حكى الله عنه أنه قال: ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ﴾ [مريم: ٤٧]، فلزمه إتمام وعده.
* * *
وقوله: ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ﴾.
فنهى الله، عز وجل، عن الاستغفار له تبرؤاً منه.
وقيل: لما مات على كفره تبرأ منه.
[فدل قوله: ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾] على هذا المعنى، أنه (إنما) استغفر له وهو حي لوعد وعده، أنه يؤمن، فلما رآه لا يؤمن، وأنه متماد على الكفر تبرأ منه.
وقيل: لما مات على كفره، (ولم يؤمن)، تبرأ منه، وترك الاستغفار له، قال ذلك ابن عباس، وغيره.
وقال ابن جبير: إنما تبرأ منه في الآخرة، وذلك أنَّ إبراهيم عليه السلام يسأل في والده يوم القيامة ثلاث مرات، فإذا كانت الثالثة، أخذ بيده، فيلتفت إليه، فيتبرأ منه.
و "الأَوَّاهُ" الدَّعَّاء.
وقيل: الرحيم. قال ذلك قتادة، والحسن، وروي ذلك عن ابن مسعود.
وعن ابن عباس: أنَّه: الموفق، بلسان الحبشة، (وكذلك قال مجاهد وعطاء.
وعن ابن عباس أيضاً: "الأوّاه" بلسان الحبشة)، المؤمن التواب.
وقال كعب: "الأوَّاهُ" الذي إذا ذكر النار تأوّه.
وعن ابن جبير: أنه المُسبِّحُ، الكثير الذكر لله عز وجل.
وروي ذلك عن النبي عليه السلام.
وروي عن النبي ﷺ، أنه قال لرجل: "يرحمك الله إن كنت لأواهاً"يعني تلاءً للقرآن.
وقال كعب "الأوَّاه" الكثير التَّأوُّهِ.
وعن مجاهد أيضاً: أنه الفقيه..
وروى شَدَّاد بن الهادي، قال رجل لرسول الله ﷺ،: ما الأواه فقال: المتضرع
وفي حديث آخر: الخاشع المتضرع
ومعنى ﴿حَلِيمٌ﴾، أي: حليم عمن ظلمه.
وعن النبي ﷺ، أيضاً "الأوّاه"، الدَّعّاء.
وقاله ابن مسعود.
وأصل "التأوه": الترجُّع والتوجع بحزنه.
{"ayahs_start":113,"ayahs":["مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن یَسۡتَغۡفِرُوا۟ لِلۡمُشۡرِكِینَ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ أُو۟لِی قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ","وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَأَوَّ ٰهٌ حَلِیمࣱ"],"ayah":"مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن یَسۡتَغۡفِرُوا۟ لِلۡمُشۡرِكِینَ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ أُو۟لِی قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق