الباحث القرآني
قوله: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ﴾، إلى قوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
ومعنى الآية: ومن القوم الذين حولكم، أي: حول المدينة ﴿مُنَٰفِقُونَ﴾، أي: قوم منافقون.
* * *
﴿مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ﴾.
أي: دربوا عليه وخَبُثُوْا.
وقيل معناه: عتوا، على النفاق. من قولهم: "شَيْطانٌ مَارِدٌ" أي: عاتٍ.
* * *
﴿وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ﴾.
أي: من أهلها مثلهم.
وقيل: المعنى: ومن أهل المدينة قوم ﴿مَرَدُواْ﴾. فلا يكن في الكلام على هذا تقديم ولا تأخير. وعلى القول الأول يكون فيه تقديم وتأخير.
قال ابن زيد ﴿مَرَدُواْ﴾: أقاموا عليه، ولم يتوبوا.
وقال ابن إسحاق ﴿مَرَدُواْ﴾، عليه، أي: لجوا فيه وأبوا غيره.
* * *
﴿لاَ تَعْلَمُهُمْ﴾.
أي: لا تعلمهم يا محمد، بصفتهم.
* * *
﴿نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ﴾.
قيل: هما فضيحتهم في الدنيا وإظهار سرائرهم، ثم عذاب القبر، ثم يردون إلى عذاب الآخرة. قاله ابن عباس. وذكر: أنَّ النبي ﷺ أخرج قوماً من المسجد يوم الجمعة، فقال: اخرج يا فلان، فإنك منافق، لناس منهم، فهذا عذابهم الأول، والثاني: عذاب القبر.
وقال مجاهد هما: عذاب السيف بالقتل وعذاب الجوع.
والآخر: عذاب القبر، ثم عذاب الآخرة.
وقال ابن زيد: العذاب الأول، عذابهم بالمصائب في أموالهم وأولادهم، والآخر: عذاب النار.
وقيل الأول: أخذ الزكاة من أموالهم، وإجراء الحدود عليهم، وهم غير راضين، والآخرة: عذاب القبر.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً﴾.
والمعنى: ومنهم آخرون، أي: من أهل المدينة منافقون آخرون، ﴿ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ﴾، أي: أقروا بها: ﴿خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً﴾، هو إقرارهم وتوبتهم، ﴿وَآخَرَ سَيِّئاً﴾، هو تخلفهم عن النبي ﷺ في غزوة تبوك.
والواو [في] قوله: ﴿وَآخَرَ﴾، بمعنى: "مع" عند البصريين، كما تقول: "استوى الماء والخشبة".
وقال قوم: هي بمعنى: "الباء"، وقدروا "الواو" في "والخشبة" بمعنى: بالخشبة.
وأنكر الكوفيون أن يكون هذا بمنزلة "استوى الماء والخشبة"؛ لأن هذا لا يجوز فيه تقديم الخشبة على الماء، وإنما هو عندهم بمنزلة "خلطت الماء واللبن"، أي: باللبن، فكل واحد منهما يجوز أن يتقدم، مثل الآية.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في عشرة أنفس تخلفوا عن النبي ﷺ، في غزوة تبوك، فلما رجع النبي عليه السلام أوثق سبعَةٌ منهم أنفسهم بسواري المسجد، وكان ممر النبي عليه السلام إذا رجع في المسجد عليهم. فلما رآهم قال: من هؤلاء؟
قالوا: أبو لُبابة وأصحابٌ له تخلفوا عنك، يا رسول الله، حتى تطلقهم وتعذرهم. فقال رسول الله ﷺ: "فأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم، حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، رغبوا عني، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين". فلما بلغهم ذلك قالوا: ونحن والله لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله الذي يطلقنا. فأنزل الله عز وجل: ﴿وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ الآية.
فأطلقهم النبي عليه السلام، و ﴿عَسَى﴾ من الله واجبة
وقيل: كانوا ستةً، والذين أوثقوا أنفسهم ثلاثة: أبو لُبابة ورجلان معه.
وقال زيد بن أسلم: الذين ربطوا أنفسهم ثمانية.
وقال قتادة: كانوا سبعة، وفيهم نزل: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾.
وقال مجاهد: هو أبو لُبابة وحده، اعترف بذنبه الذي كان في بني قريظة، إذ أشار لهم إلى حَلْقِهِ، يريد أن رسول الله ﷺ، ذابحكم إن نزلتم على حكم الله، سبحانه.
وقال الزهري: نزلت في أبي لُبابة إذ تخلف عن غزوة تبوك، يربط نفسه، حتى أنزل الله، عز وجل، توبته، ومكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى خَرَّ مغشيّاً عليه، فقيل له: قد تيب عليك يا أبا لُبابة، فقال: والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله ﷺ، هو الذي يحلني، فجاء رسول الله ﷺ، فحله بيده، ثم قال أبو لُبابة: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقةً إلى الله ورسوله، قال له النبي ﷺ: "يجزيك يا أبا لُبابة الثلث"
والعمل الصالح الذي عملوه، قيل: هو توبتهم.
وقيل: حضورهم بدراً مع النبي ﷺ.
﴿مُنَٰفِقُونَ﴾، وقف، إن جعلت ﴿مَرَدُواْ﴾، نعتاً لأهل المدينة، فإن جعلته نعتاً للمنافقين لم تقف دونه؛ لأنه ينوي به التقديم.
وقيل: كانوا ثلاثة، أبو لُبابة، ووداعة بن ثعلبة، وأوس بن خدام من الأنصار. لما رجع رسول الله ﷺ، أوثقوا أنفسهم في سواري المسجد، وكانو رسول الله ﷺ، إذا ابتدأ سفراً أو رجع منه ابتدأ بالمسجد، فصلى في ركعتين، فدخل فرأى فيه قوماً موثقين، فسأل عنهم، فأُخبر بخبرهم، وأنهم أقسموا ألاَّ يحلوا أنفسهم حتى يحلهم رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: "وأنا أقسم لا أطلق عنهم حتى أُومر، ولا أعذرهم حتى يعذرهم الله، فلما نزل فيهم القرآن حلهم النبي ﷺ.
{"ayahs_start":101,"ayahs":["وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَـٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِینَةِ مَرَدُوا۟ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَیۡنِ ثُمَّ یُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِیمࣲ","وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُوا۟ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُوا۟ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَءَاخَرَ سَیِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ"],"ayah":"وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَـٰفِقُونَۖ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِینَةِ مَرَدُوا۟ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَیۡنِ ثُمَّ یُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق