الباحث القرآني
قوله: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ﴾، إلى قوله: ﴿وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾.
خطَّأ أبو حاتم من قرأ بـ: "الياء"، ووجهها عند غيره ظاهر حسن.
والمعنى في "الياء": ولا يَحْسَبَنَّ من خلفهم الذين كفروا سبقوا، فيكون ضمير الفاعل في ﴿يَحْسَبَنَّ﴾، يعود على ﴿مَّنْ خَلْفَهُمْ﴾ [الأنفال: ٥٧]، و ﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾: مفعول أول، و ﴿سَبَقُوۤاْ﴾ في موضع الثاني.
وقال الفراء التقدير: أن سَبَقوا.
وقال: وفي حرف عبد الله: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ﴾.
ورُوي عنه: "ولا يَحْسَبَ"، بفتح الباء، على إرادة النون [الخفيفة].
ومن فتح: ﴿إِنَّهُمْ﴾، وقرأ بـ "الياء" أو بـ: "التاء" فمعناه: لأنهم، ولا يجوز أن يكون مفعولاً ثانياً بـ: "حسب"، كما لا يجوز: حَسَبْتَ زيداً أنه قائم؛ لأن زيداً غير قيامه، ولو قلت: حسبت أمرك أنك قائم، جاز فتح "أن" لأن أمرك هو قيامك.
ومعنى ذلك: لا يحسب من ظفر بالخلاص مَنْ هذه الوقعة سبق.
* * *
ثم قال: ﴿إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ﴾، لا يفوتون.
ومن قرأ بـ: "الياء" فمعناه: لا يحسب مَنْ خلفهم الذين كفروا سبقوا،
أي: بالخلاص، ثم قال: ﴿إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ﴾، أي: لا يفوتون.
ثم حضّ المؤمنين على أن يُعِدُّوا لهؤلاء الذين خِيَف منهم نقض العهد ما استطاعوا ﴿مِّن قُوَّةٍ﴾.
أي: من الآلات التي تكون قوة في الحرب مثل: السلاح، والنبل، والخيل.
و "القوَّة: الرَّمْيُ"، روي ذلك عن النبي ﷺ.
قال عكرمة: ﴿مِّن قُوَّةٍ﴾: الحصون.
وقال مجاهد: ﴿مِّن قُوَّةٍ﴾: ذكور الخيل، ﴿وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ﴾: إناثها.
* * *
قوله: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ﴾.
أي: تخيفونهم به.
ورُوَي: أن النبي ﷺ، قال: "ألاَ إنَّ القُوةَ الرَّمْيُ"، وأعادها ثلاثاً.
قال عكرمة: [القُوّة]: ذكور الخيل، ورباطها: إناثها.
قال عقبة بن عامر الجُهَني: قال رسول الله ﷺ: "إن الله يُدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانِعُه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومُنْبِلَه، فارموا واركبوا، وأن تَرْمُوا أحب إلي من أن تركبوا، وليس اللهو إلا ثلاثة: تأديب الرجل فرسَه، وملاعبتَه امرأته، ورميه بقوسه ونَبْله. ومن ترك الرّمي من بعد ما علمه فإنه نعمة كفرها أو كفر بها
قال أبو نجيح السُّلَمي: حاصَرْنا قصر الطائف فسمعت رسول الله ﷺ، يقول: "مَنْ رمى بسهم في سبيل الله، فهو له عدل رقبة، ومن شاب شيبة في الإسلام فهو له عدل مُحَرَّرٍ من النار
وقال النبي ﷺ "الخَيْل مَعْقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْر إلى يوم القيامة: الأجر والمَغْنَمُ"، رواه عروة البَارِقِيُّ عنه، وكذلك رواه أبو هريرة وابن عمر.
وروى أنس بن مالك عنه أنه قال: "البَرَكَةُ في نواصي الخَيْل
وروى عنه أبو هريرة أنه قال: "من احتبس فرساً في سبيل الله، إيماناً بالله، وتصديقاً بوعد الله، كان شِبَعُهُ وَرِيُّهُ وَبَوْلُهُ ورَوْثُه حسناتٍ في ميزانه يوم القيامة
قوله: ﴿وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ﴾.
يعني بهم: بني قريظة.
قال السدي: هم أهل فارس.
وهذان القولان يردهما علم المؤمنين ببني قريظة وبفارس، وقد قال تعالى: ﴿لاَ تَعْلَمُونَهُمُ﴾.
وقال ابن زيد: هم المنافقون لا تعلمونهم؛ لأنهم [معكم]، يقولون: لا إله إلا الله، لا يعلمهم إلا الله.
وهذا قول حسن موافق لقوله: ﴿لاَ تَعْلَمُونَهُمُ﴾، فالله هو المطلع على سرائرهم.
وقيل: هم الجن.
وهو اختيار الطبري.
وهو أحسن الأقوال، لما رُوي أن الجن تفرُّ من صهيل الخيل.
ورُوِيَ: أن الجن لا تقرب داراً فيها فرس، وأيضاً: فإنا لا نعلمهم، كما قال عز وجل.
روى ابن مِقْسَمِ: أن رجلاً أتى ابن عباس، فشكا إليه ابنته تُعترى، فقال له: ارتبط فرساً، إن كنت ممن يركب الخيل وإلا فاتخذه، فإن الله جل اسمه، يقول: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾، فإن الجن من الذين لا تعلمونهم، ففعل الرجل ما أمره، فانصرف عن ابنته العارض.
* * *
وقوله: ﴿وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾.
أي: لا يضيع (لكم) عند الله أجره في الآخرة، ولا خَلَفه في الدنيا.
* * *
قوله: ﴿وَآخَرِينَ﴾.
منصوب على معنى ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُمْ﴾: وتَوَقَّوا آخرين، فلا تقف على ما قبله على هذا.
ويجوز أن يكون نصبه بإضمار فعل غير هذا، فتبتدئ به إن شئت.
وإن جعلته معطوفاً على: ﴿عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾، أي: وترهبون آخرين، لم تقف أيضاً قبله.
﴿لاَ تَعْلَمُونَهُمُ﴾ وقف.
{"ayahs_start":59,"ayahs":["وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ سَبَقُوۤا۟ۚ إِنَّهُمۡ لَا یُعۡجِزُونَ","وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ"],"ayah":"وَأَعِدُّوا۟ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةࣲ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَیۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِینَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ یَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق