الباحث القرآني
قوله: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾، الآية.
قال الكسائي: "الكاف": نعت لمصدر: ﴿يُجَادِلُونَكَ﴾، والتقدير: يجادلونك في الحق مُجَادَلَةً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
وقال الأخفش: "الكاف" نعت لـ: "حق"، والتقدير: هم المؤمنون حقاً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
وقيل: "الكاف" في موضع رفع، والتقدير: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾ ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾، كأنه ابتداء وخبر.
وقال أبو عبيدة: هو قَسَمٌ، أي: لهم درجات ومغفرة ورزق كريم، والذي أخرجك من بيتك بالحق، فـ: "الكاف" بمعنى: "الواو".
وقال الزجاج: "الكاف" في موضع نصب، والتقدير: الأنفال ثابتة لك ثباتاً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾، والمعنى: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾ وهم كارهون، كذلك تَنْفُلُ من رأيت.
وقال الفراء التقدير: امض لأمرك في الغنائم، ونَفِّلْ من شئت وإن كرهوا ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾.
وقيل: "الكاف" في موضع رفع، والتقدير:
* * *
﴿إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، إلى: ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾، هذا وعد وحق ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾.
وقيل المعنى: ﴿وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ ذلك خير لكم ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾، فـ: "الكاف": نعت لخبر ابتداء محذوف هو الابتداء.
وقيل التقدير: ﴿قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
قال عكرمة في الآية: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾، أي: الطاعة خَيْرٌ لَكُمْ، كما كان إخراجك من بيتك بالحق خيراً لك.
* * *
وقوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾.
قال ابن عباس: لما سمع رسول الله ﷺ، بأبي سفيان أنه مقبل من الشام، ندب إليه من المسلمين، وقال: هذه عِيرُ قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها، لَعَلَّ الله أن يُنْفِلَكُمُوهَا! فانتدب الناس، فَخَفّ بعضهم وثَقُلَ بَعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ يلقى حرباً. فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾
قال السدي ﴿لَكَارِهُونَ﴾: لطلب المشركين.
﴿للَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾، وقف.
و ﴿مُّؤْمِنِينَ﴾، وقف.
ويكون تقدير الآية وتفسيرها: أنّ النبي ﷺ، لما نظر إلى قلة المسلمين يوم بدر وإلى كثرة المشركين قال: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وإِنْ أَسِرَ أَسِيراً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا"، ليرغبهم في القتال، فلما هزمهم الله، عز وجل وأَظْفَرَه بهم، قام إليه سعد بن عبادة، فقال له: يا رسول الله، إن أعطيت هؤلاء ما وعدتهم بقي خلق من المسلمين بغير شيء، فأنزل الله: ﴿قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾، أي: يصنع فيها ما يشاء. فأمسكوا لما سمعوا ذلك على كراهية منهم له، فَأَنْزَلَ الله، عز وجل،: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾، أي: امض لأمر الله في الغنائم، وهم كارهون لذلك، أي: بعضهم، كما مضيت لأمر الله عز وجل، في خروجك، وهم له كارهون، أي: بعضهم.
فإن جعلت التقدير: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ﴾ كما جادلوك يوم بدر، فقالوا: لم تخرجنا للقتال فنستعد له، إنما أخرجتنا للغنيمة، فلا يحسن الوقف على ما قبل "الكاف" على هذا.
وعلى قول أبي عبيدة أن "الكاف" في موضع: واو القسم، يحسن الوقف على ما قبل "الكاف" كأنه قال: والذي أخرجك من بيتك بالحق، كما قال: ﴿وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ﴾ [الليل: ٣]، أي: والذي خلق الذكر.
* * *
وقوله: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ﴾، الآية.
قال ابن عباس: لما شاور النبي ﷺ، في لقاء القوم، قال له سعد بن عبادة ما قال، وذلك يوم بدر، أمر الناس فتعبّوا للقتال، وأمرهم بالشوكة، فكره ذلك أهل الإيمان، فأَنْزَلَ الله، عز وجل، ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾، إلى ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
قال ابن اسحاق: خرجوا مع النبي ﷺ، يريدون العِيَر طمعاً بالغنيمة، فلما عرفوا أن قريشاً قد سارت إليهم، كرهوا ذلك، وكأنهم يساقون إلى الموت؛ لأنهم لم يخرجوا للقتال. فالذي عُني بهذا هم المؤمنون، فَأَنْزَلَ الله عز وجل، ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ﴾، إلى: ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
وقال ابن زيد: عني بذلك المشركون، قال: هم المشركون جادلوا في الحق، ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ﴾ حين يدعون إلى الإسلام، ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
قال الطبري: المراد بذلك المؤمنون. ودَلَّ عليه قوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾، لما كرهوا القتال جادلوا فقالوا: لم تعلمنا أنَّا نلقى العدو فنستعد لقتالهم، إِنَّمَا خرجنا لِلْعِير. وَيَدُلُّ على ذلك قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾، ففي هذا دليل أنّ القوم كانوا للشوكة كارهين، وأن جدالهم في القتال، [كما] قال مجاهد، كراهية منهم له.
وروي عن ابن عباس: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ﴾، أي: في القتال، ﴿بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ﴾، أي: بعد ما أمرت به.
{"ayahs_start":5,"ayahs":["كَمَاۤ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَیۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِیقࣰا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لَكَـٰرِهُونَ","یُجَـٰدِلُونَكَ فِی ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَیَّنَ كَأَنَّمَا یُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ یَنظُرُونَ"],"ayah":"یُجَـٰدِلُونَكَ فِی ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَیَّنَ كَأَنَّمَا یُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ یَنظُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق